تهريب السائل المنوي.. وسيلة الأسرى الفلسطينيين لمقاومة الصهاينة

عربي ودولي



 “المقاومة بالنطفة” شعار يرفعه الفلسطينيون في مواجهة الاحتلال الصهيوني الغاشم، حيث يرفض الأسرى الفلسطينيون أن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام سجّانهم الذي يحرمهم الحق في الإنجاب وتكوين أسرة، ولذلك جاءت فكرة “تهريب النطف” أو السائل المنوي من داخل السجون إلى زوجاتهم لتكون هي الحل الوحيد الذي من خلاله يتمكن الأسير المتزوج من الإنجاب.

 

وبدأت فكرة تهريب النطف من الأسرى الفلسطينيين تراود قيادة حركة الأسرى مع بدايات عام 2000، مستفيدين من التقدم الطبي. حينذاك، هُرّبت رسالة من السجون تسأل عن موقف الشرع الإسلامي من الفكرة. وبرغم التباين في موقف الأسرى من المسألة، أصبحت القضية محل اهتمام وقبول من المجتمع خاصة بعد أن حصلوا على فتاوى شرعية من الدكتور يوسف القرضاوي وعلماء مسلمين آخرين تجيز الإنجاب عبر “النطف المهربة”.

 

وبعد ذاك، سمحت قيادات الفصائل بالأمر حتى أصبح مقبولاً اجتماعياً. في هذه الظروف المستجدّة انطلق الأسرى نحو تكوين أسر برغم بعدهم عن زوجاتهم.

 

قصص نجاح

وسُجلّت أول قصة نجاح عندما هرّب الأسير الفلسطيني عمار الزبن، من الضفة الغربية، نطفة إلى زوجته بداية عام 2012 ورُزق مولوده الأول مهند. وحذا حذوه عشرات الأسرى الذين تمكنوا من الإنجاب بالطريقة نفسها.

 

وفي قطاع غزة، أثمرت الفكرة حتى الآن، ست حالات نجاح. وأيضا من بين قصص النجاح قصة الأسير أحمد السكني، من سكان قطاع غزة، وزوجته شيرين العتّال هما أصحاب آخر قصة نجاح في الإنجاب عبر نطفة مهرّبة.

 

واعتقل السكني قبل 13 عاماً وحُكم عليه بالسجن 27 عاماً، ترك خلفه زوجته وطفله الأول طارق، 12 عاماً، ولكن قبل عامين، توفى الفتى في حادث سير بعد عودته من رحلة ترفيهية ضمت عدداً من أبناء الأسرى.

 

وتقول زوجته شيرين:”لم أفكر قبل خسارة ابني بالإنجاب عبر النطف المهربة، سبق أن طرح زوجي ومَن حولي الفكرة عليّ، وكنت أرفض بشدة لأنها مسؤولية، كما أنه لا يمكن تعويض فراغ الأب بالنسبة للأطفال، لكن بعد وفاة ابني بدأت أتقبل الفكرة وخضعت لعلاج وتهيئة نفسية لمدّة ثلاثة أشهر قبل عملية الزرع، وتمت العملية بنجاح وأنجبت توأمين هما معتز وسوار”.

 

ولم تُفصح السكني عن كيفية تهريب النطف، لكنّها أشارت إلى أن الأسير يستغل أيّة وسيلة تُتاح له برغم بساطتها للتهريب. واعتبرت “أن إنجاب الأسير وهو داخل السجن، أقوى رسالة منه إلى سجانّه عن حبّه للحياة ورفضه للقيود التي تُكبله”.

 

رسالة أمل حياة

 

ويرى مراقبون أن “تهريب النطف هو ثورة إنسانية كبيرة يخوضها الأسرى ضد غطرسة الاحتلال، وأثمرت قصص نجاح عدّة كان لقطاع غزة جزء منها”.

 

فيما يؤكد صابر أبو كرش، مسؤول في وزارة الأسرى والمحررين الفلسطينية في غزة، أن “إنجاب عشرات الأطفال عبر النطف المهرّبة هو إنجاز كبير لا يمكن تجاهله، وهو الأول من نوعه على مستوى العالم، مما يدلّ على تحدي ظروف العزل والقهر المفروضة على الفلسطينيين في سجون الاحتلال”.

 

غضب صهيوني

وعن موقف الكيان الصهيوني، من قضية التهريب أوضح أنه “يرفضها بل يرفض أي إنجاز للأسير مهما كان بسيطاً، فما بالك بالإنجاب”. وشرح “أن الاحتلال اتبع إجراءات عنصرية بحق أبناء الأسرى الذين وُلدوا بهذه الطريقة من خلال منعهم من زيارة آبائهم وعدم الاعتراف بهم، لكنّ ذلك لا يُثني الأسير عن الاستمرار في ثورته الإنسانية وانتزاع حقوقه”.

 

وأشار إلى أن إدارة السجون الإسرائيلية لم تتمكن حتى الآن من الكشف عن الطرق التي يستخدمها الأسرى لتهريب النطف و”معرفة الاحتلال عن القضية كانت من خلال وسائل الإعلام فقط مما دفعه إلى تشديد الإجراءات الأمنية على الأسرى”.