منال لاشين تكتب: المشير والوريث.. حكايات خاصة
اللقاء لم يكن الأول ولم يتحدثا مطلقا عن أسرار ثورة يناير
سوزان مبارك طلبت من المشير أن يقنع ابنها جمال بالزواج ورفض الزواج من إيرانية
ما أن نشرت اليوم السابع صورا تجمع ما بين المشير حسين طنطاوى ونجلى مبارك جمال وعلاء حتى اشتعلت النار فى هشيم وسائل التواصل الاجتماعى فضول قاتل و(قلش) سخيف. بالنسبة للبعض بدت الصورة كمواجهة تاريخية بين عصرين عصر أجبر عصرا آخر على الرحيل. ولكنهم نسيوا أن الشعب هو الذى أجبر مبارك على الرحيل وأن عقيدة الجيش المصرى دفعته لدعم الشعب لأن جيشنا العظيم لا يرفع سلاحا فى وجه مصرى.
الصور التقطت فى فرح نجل المدرب شوقى غريب. والمفاجأة الأولى أنها ليست المرة الأولى التى يلتقى فيها المشير بنجلى مبارك، ولكنها المرة الأولى التى تلتقط لهم صور تفتح باب الخيال الخصب عما دار.
المفاجأة الثانية أن كل ما دار بينهم لم يتطرق أبدا لما جرى فى ثورة يناير أو بالأحرى دور المشير فى ثورة يناير. فمن يعرف المشير جيدا يعرف أنه رجل وطنى عسكرى منضبط لا يتحدث عن أسرار العمل أبدا خارج الاجتماعات المخصصة لذلك.
ومن ناحية أخرى فإن نجلى مبارك حريصان جدا فيما يبدر منهما فيما يتعلق بالسياسة.
فالحوار الذى دار غلب عليه الطابع الاجتماعى العادى جدا وأقرب إلى كلمات البروتوكول بين أشخاص لا يلتقون إلا نادرا.
ولكن المشير طنطاوى أشاد بالوضع الذى وصلت إليه مصر تحت قيادة الرئيس السيسى وشاركه فى الرأى الحضور.
ولكن قبل سنوات عديدة كان هناك حكايات كثيرة تروى بين المشير والوريث الذى كان أحد أسباب ثورة 25 يناير.
1- احترام وتقدير
يتمتع المشير طنطاوى باحترام وتقدير كل من حوله ولا يستثنى من ذلك جمال مبارك. وكان جمال يستمع إلى كلام ونصائح المشير. وأكثر من مرة تلجأ سوزان مبارك للمشير فى أمور تخص ابنها جمال خاصة فى موضوع الزواج، لأنها كانت تدرك أن جمال يقدر المشير. وطلبت سوزان التدخل لإقناع جمال بالزواج مرة، ومرة أخرى لجأت سوزان إلى المشير لإقناع جمال بالعدول عن الزواج من فتاة إيرانية. لأن أسرة مبارك كانت ترفض زواجه بإيرانية.
وعندما سقط الرئيس مبارك مريضا فى الجلسة الافتتاحية بمجلس الشعب، وحملوه إلى غرفة رئيس الوزراء بالبرلمان. ومنع الدخول فى هذه الغرفة. انهار جمال الذى كان حاضرا الجلسة وظل يطالب بأن يرى (بابا). فقد أسكته المشير قائلا : (هنا مفيش بابا دا رئيس الجمهورية). فهدأ جمال واستجاب لإجراءات الأمن القصوى التى فرضت فى هذه اللحظة العصيبة.
2- مواقف صارمة
ولكن على الجانب السياسى شهدت هذه الفترة تدخلات حاسمة من جانب المشير لوقف بعض مخططات شلة الوريث جمال مبارك. ولكن لم تحدث مواجهة مباشرة بين جمال والمشير أبدا. إذ لم يجرؤ جمال على إجراء هذه المواجهة. ولكن مجلس الوزراء كان يشهد مواجهات بين شلة جمال من وزراء البيزنس من ناحية والمشير طنطاوى من ناحية أخرى.
ذات اجتماع بمجلس الوزراء عرض وزير النقل فى ذلك الوقت المهندس محمد منصور على مجلس الوزراء مشروع إنشاء طريق دولى. وكان المشروع مع شركة إسبانية لم تكن فوق مستوى الشبهات. وكان المشروع يتكلف نحو 3 مليارات جنيه مصرى، بالإضافة إلى ارتفاع تكلفة المشروع كانت هناك شروط مجحفة بمصر فى بنود المشروع. وعلى الرغم من ذلك سكت الوزراء ولم يعترضوا على المشروع لمعرفتهم أن جمال مبارك يؤيد المشروع. لكن المشير طنطاوى تدخل وكان غاضبا. وقال إن القوات المسلحة أنجزت طريق العين السخنة بـ700 مليون جنيه وبشروط أفضل ووقت أقل. وكانت معارضة المشير سببا فى توقف مشروع الشركة الإسبانية نهائيا.
مرة أخرى طلبت وزارة الاستثمار الحصول على رخصة إنشاء مصنع حديد وبنفس شروط شركات القطاع الخاص، إلا أن وزير الصناعة والتجارة فى ذلك الوقت المهندس رشيد محمد رشيد رفض طلب وزير الاستثمار فى ذلك الوقت الدكتور محمود محيى الدين. وكان معروفا فى مجلس الوزراء أن هذه توجهات وتعليمات جمال مبارك. ولذلك كادت الرخصة أن تضيع من القطاع العام لولا تدخل المشير طنطاوى. والذى كان يشغل فى ذلك الوقت منصب وزير الدفاع. فقد أصدر تعليمات بأن تدخل شركة النحاس (قطاع عام ) مع جهاز الخدمة الوطنية لإنشاء مصنع حديد. وبهذه التعليمات خرست أصوات شلة جمال مبارك المعارضة لأى استثمار عام والتى كانت تريد أن تبيع كل الشركات المملوكة للدولة والشعب للأجانب ورجال الأعمال.
ومرة ثالثة تدخل المشير طنطاوى وأوقف دعوات أو بالأحرى محاولات بيع شركة الحديد والصلب ومجمع نجع حمادى للألومنيوم لأسباب تتعلق بالأمن القومى.
وغضب جمال وشلته من قيام وزير الاستثمار محمود محيى الدين بإنشاء مصنع للأسمنت (مصنع النهضة) بمساهمات شركات قطاع عام. ووقف المشير مع حق القطاع العام فى إنشاء المصنع. بل إن المشير أراد أن يستفيد الشعب المصرى من طفرة الأسمنت التى شهدتها مصر قبل ثورة يناير فأمر بإنشاء أكبر مصنع أسمنت فى مصر. ومن مفارقات القدر أن المشير افتتح المصنع بعد ثورة 25 يناير وعندما تولى حكم البلاد كرئيس للمجلس الأعلى للقوات المسلحة. وذلك خلال الفترة الانتقالية الأولى بعد الثورة.
وحتى خلال المفاوضات مع مبارك للتنحى فإن المشير لم يكن يتحدث مع جمال فى هذا الشأن. وأكثر مسئول كان يتحدث مع جمال أيام الثورة هو وزير الإعلام فى ذلك الوقت أنس الفقى. ربما لأنه لم يفهم أن أول واحد انتهى دوره السياسى هو جمال مبارك. وربما يسمح التاريخ والظروف يوما لنا أن نقرأ مذكرات المشير بخط يديه عن هذه الفترة المهمة والحاسمة فى تاريخ مصر. بدلا من انفجار التصورات والشائعات على مواقع الفيس بوك لمجرد نشر صور تجمع بين المشير والوريث. وإن كانت الصورة مثيرة للخيال فعلا.