محمد مسعود يكتب: رمضان إذا هوى

مقالات الرأي



تعاقد مع mbc على 3 مسلسلات بـ 200 مليون جنيه وحصل على 30% ويرفض تنفيذ العقد أو رد الأموال

موهبة رمضان فى الفن لا تقل عن موهبة صلاح فى الرياضة.. لكن العقلية تختلف

صلاح ورمضان «قدوة» الأول يدفع الشباب للأمام والثانى يجرهم للخلف


لا يمنح الله الموهبة لمن لا يستحق، فمنح من أبدع السماوات والأرض، تأتى فى محلها، ونصابها الصحيح، ومعنى أن يكون الشخص موهوبا.. فذا، فثمة مسئولية كبيرة تقع على عاتقه، وبحكم الحجم والمكانة التى خصصها الله فى قلوب محبيه، يجب أن يتوافق معها سلوك النجم الموهوب، الذى أصبح – رغما عن إرادته - قدوة لملايين من الشباب.

وفى مصر، نماذج كثيرة، لموهوبين أثروا فى مجتمعاتهم، لكن ثمة تشابها بين بداية اثنين منهم، ورغم هذا التشابه، توجد هوة ساحقة بين سلوكهما وعقليتهما، الأول محمد صلاح "ملك إنجلترا" ونجم ليفربول الانجليزى الحاصل على جائزة أفضل لاعب فى الدورى الإنجليزى، والثانى "ملك الترسو" الجديد محمد رمضان.. الذى حاز بنسبة مشاهدة ساحقة فى مسلسله الأخير "الأسطورة"، جعلت من اسم المسلسل لقبا يتمتع به بطله حتى الآن.

صلاح ورمضان.. كلاهما حباه الله الموهبة فى مجاله، وكلاهما عاش ظروفا صعبة، وكانا ممن ينطبق عليهم مقولة "القادمون من الخلف"، الاثنان جاءا من الصفوف الخلفية مثلهما مثل أى مصرى يحاول، ويبذل الجهد والعرق فى سبيل أحلامه.. ليتصدرا المشهد.. الرياضى، والفنى.. تحت عنوان "صنع فى مصر".

والمؤكد أن مصر تفخر بنجومها، كل فى مجاله، لذا كان الاثنان وجهين لحملة «لا للمخدرات»، فالرياضة لغة التواصل بين الشعوب، بينما الفن هو القوة الناعمة التى تتسلل إلى العقول، وتبث فيها ثوابت التاريخ والثقافة والهوية.

وبنجاحهما منقطع النظير، صار النجمان بمثابة قدوة للشباب فى مجتمع وجد فيهما أمله المفقود، وحلمه المستحيل، تمنى الجميع لو كان مثل صلاح، تمنوا تحقيق أحلامهم، وتسجيل أهدافهم، بدلا من مرور العمر فى حال من الفرص الضائعة، وتمنوا أن يتمتعوا بشهرة ونجومية وموهبة محمد رمضان الذى تحبه فى جميع أدواره وهو الامتداد الحقيقى والوريث الشرعى لفذ الموهبة الراحل العبقرى أحمد زكى.. وبين نجاحهما.. بقى الشباب عالقون فى قطار البحث عن قدوة، بين من يدفعهم للأمام دفعا، أو يسحبهم للخلف سحبا!.

الفارق بين صلاح ورمضان كبير.. شاسع.. الأول يتحدث عنه العالم بأسره، عن أخلاقه قبل مهارته، وإنجازاته، قبل ممتلكاته، وعقليته وثقافته وتفانيه فى عمله، قبل الحديث عن خصومه، محمد صلاح الذى سعى لإصلاح مجتمعه، وكان خير ممثل لمصر فى جميع الدول التى لعب فيها من سويسرا لإيطاليا لإنجلترا، وحاز على حب الجميع حتى منافسيه.

أما الثانى، فرغم تمتعه بموهبة نادرة أيضا، فقد اختلف الكثيرون فى أمره، تارة بأنه صاحب مدرسة الفن الهابط "عبده موتة" وخلافه، وتارة بأن ما يخفيه هذا الشاب من موهبة، أكبر مما يظهره، لكن ما يعيبه هو اختياراته الفنية، وأسلوب إدارته لنفسه، فلو كان لمحمد رمضان مدير أعمال محترف ينظم له أسلوب عمله وتعاقداته لكان من نجوم هوليوود وليس مصر فحسب.. كان سيجعله يعمل ويحافظ على اسمه وموهبته، ولا يعرضهما لتجريح أو شائبة كالتى حدثت فى تعاقده مع قناة mbc .

كيف تعامل صلاح فى أزمته مع الشركة الراعية لاتحاد الكرة؟، وكيف تعامل رمضان فى تعاقده مع قناة mbc، الأول حافظ على حقوق شركة الاتصالات التى وقع معها عقدا، التزاما واحتراما لاسمه ولبلده ولمكانته كنجم عالمى يحمل الجنسية المصرية، وحل الموضوع على طريقته الخاصة وبأسلوبه الهادئ المهذب، وليس خوفا من الشرط الجزائى، فما يدفعه فى أعمال الخير تفوق الشرط الجزائى بمراحل، أما الثانى.. فضرب بتعاقده الأكبر فى تاريخ الفنى المصرى، عرض الحائط، وقع عقودا، ورفض تنفيذها أو حتى رد المبالغ التى تقاضاها.

المملكة العربية السعودية ترى أن صلاح نجما فوق العادة وخير من يمثل العرب، لذا خصصت له قطعة أرض كبيرة تكون وقفا باسمه تقديرا له ولدوره الملموس فى الدفع بالكرة المصرية والعربية والإفريقية نحو الأمام، وقناة mbc السعودية أيضا قررت وقف التعامل مع محمد رمضان واللجوء للقضاء للحصول على ما يرفض رمضان رده.. وفى النهاية سواء صلاح أو رمضان يحملان اسم مصر، يحملان اسم وسمعة اللاعب والفنان المصرى.

محمد رمضان كان قد تعاقد مع مجموعة mbc على تقديم عملين دراميين، قدم الأول منهما فقط، وهو مسلسل "الأسطورة" الذى حقق نجاحا منقطعا النظير ورسخ لكون رمضان أحد أهم نجوم مصر، فى التليفزيون أسوة بالسينما، لكنه بعد تقديم الأسطورة تعاقد على مسلسل درامى مع قناة النهار لتقديمه فى العام التالى، وهنا أصدرت mbc بيانا تدين رمضان وتهدد باللجوء للقضاء حماية لحقوقها التى أهدرها رمضان حينذاك.. وانتهت الأزمة بالتصالح بزيارة رمضان لمقر المجموعة بدبى فى أكتوبر 2016 وإبرام تعاقد جديد يمتد لثلاثة مسلسلات نظير 200 مليون جنيه، ليكون أجره فى العمل الواحد يفوق الـ60 مليون جنيه، حصل منها فعليا على نحو 30%، وتم الاتفاق على تقديم عمل درامى فى رمضان للعام 2017، وبالفعل بدأ رمضان التحضير لمسلسل بعنوان "مرزوق وإيتو" كان من المفترض أن يكتبه أيمن بهجت قمر، قبل أن يعتذر ليحل محله، عمرو محمود يس، وكان من المفترض أن يخرجه، طارق رفعت.

واعتذر رمضان عن تصوير المسلسل، نظرا لشرف التحاقه بالقوات المسلحة، وهو مجال فخر وواجب واعتزاز، ومر رمضان 2017 دون ظهور محمد رمضان الذى اكتفى بأعماله السينمائية "آخر ديك فى مصر"، الذى فشل تجاريا ولم يحقق فى شباك التذاكر سوى ستة ملايين جنيه، و"جواب اعتقال" الذى حل ثالثا فى الإيرادات بتحقيق 16 مليونا، بعد تامر حسنى الذى حقق بفيلم "تصبح على خير" 25 مليون جنيه، وأحمد السقا الذى تخطى حاجز الخمسين مليون جنيه فى فيلم "هروب اضطرارى"، ثم ظهر رمضان مرة أخرى من خلال الجزء الأول لفيلم "الكنز" للمخرج شريف عرفة والمؤلف عبدالرحيم كمال، وحقق المركز الثانى فى الإيرادات خلفا لأحمد عز الذى تصدر القائمة بفيلم "الخلية".

وانتهت المواسم السينمائية، وجاء عام 2018، وظنت mbc أن رمضان سيقوم بتنفيذ التعاقد بعمل جديد يظهر على القناة فى رمضان، خاصة أن ثمة عقودا إعلانية بملايين الجنيهات جاءت للقناة خصيصا على اسم النجم المحبوب، لكن رمضان فاجأ الجميع ووقع عقدا مع المنتج الكبير جمال العدل، ليقدم مسلسلا جديدا بعنوان " نسر الصعيد"، تعرضه قناة dmc على شاشتها فى رمضان المقبل، وظن المسئولون فى مجموعة mbc أن العدل سيبيع المسلسل لهم، كأضعف الإيمان تعويضا عن تعاقدهم مع محمد رمضان، لكن ما حدث غير ذلك وفازت القناة المصرية بالعرض.. وقال محمد عبدالمتعال رئيس قناة mbc مصر إن المجموعة رفضت عرض مسلسل " نسر الصعيد" على شاشتها وترفض التعامل نهائيا مع محمد رمضان الذى يرفض تنفيذ تعاقده أو رد الدفعة المالية التى حصل عليها.

ليس الهدف من السطور السابقة هدم محمد رمضان، فهو نجم مصرى نعتز به، لكننا ندق له جرس إنذار بأن سمعتك كفنان أهم من الأموال، وسمعة الفن المصرى والصناعة المصرية التى تراجعت فى الخليج، أهم من مصالحك الشخصية، فعليه إما أن ينفذ تعاقده حتى لا يكون فى مأزق قضائى أو أن يرد المبلغ الذى حصل عليه حتى لا يكون نجما فى حجمه وموهبته متهما بالنصب، وحتى لا يكون رمضان نجما هوى فى هوة المال.. وعليه أن يرى فى سمعة محمد صلاح أسوة حسنة.