مي سمير تكتب: شاب إخواني يقترب من حكم أول ولاية أمريكية
ينفى أى صلة له بالجماعة
تقارير صحفية تسميه «أوباما القادم».. وأدلة كثيرة تشير إلى أنه «مجاهد شبح»
والد زوجته قيادى بجمعية إخوانية.. والكنيسة الكاثوليكية تدعمه والحزب الديمقراطى سيرشحه
أطلق الطبيب المصرى الأصل عبدالرحمن السيد، 32 عاماً، حملته لخوض الانتخابات على منصب حاكم ميتشجان، والمقررة فى نوفمبر المقبل، وإذا فاز سيكون أول حاكم مسلم فى الولايات المتحدة الأمريكية، والأدق أول حاكم أمريكى من جماعة الإخوان، والذى سيسعى لتنفيذ أفكارها.
وتحت عنوان «قابل أوباما القادم»، بدأ الصحفى الأمريكى ليو هوهمان تقريره على موقع «ويند اليمينى» عن الحاكم المحتمل لميتشجان، والذى وصفه التقرير بأنه أوباما القادم، وذلك بالإشارة إلى أن عبدالرحمن السيد، يتحدث الإنجليزية بطلاقة ويجمع خطابه بين اللباقة والدعابة، ولديه دعم كامل من شبكة المنظمات الإسلامية القوية التابعة لجماعة الإخوان فى أمريكا، فى نسخة شبيهة بأوباما، شاب وجذاب، ويتحدث بصيغة البديهية عن الاحتفال بالشمولية والتنوع.
عمل عبدالرحمن مديراً تنفيذياً لقسم الصحة فى ديترويت وفى عام 2015 أصبح المسئول الصحى فى المدينة بناء على ترشيح من العمدة مايك دوجان، ليكون أصغر مدير للصحة فى مدينة أمريكية كبرى.
وحسب عبدالرحمن، تأثر قراره بترشيح نفسه لمنصب حاكم ميتشجان من المخاوف الناتجة عن سياسات الرئيس دونالد ترامب، حيث قال فى حوار سابق له مع قناة الجزيرة القطرية، إن رئاسة ترامب وقراراته تتناقض مع قيم الديمقراطية الأمريكية.
ويتوقع ديك ماناسيرى، المتحدث باسم منظمة «سيميت ميتشجان»، وهى مجموعة تقوم بتوعية سكان ميتشجان حول خطر تأثير جماعة الإخوان على المجتمع الأمريكى، أن الطبيب المصرى سيكون مرشح الديمقراطيين للمنصب.
يقول عبدالرحمن عن نفسه إنه محارب من أجل العدالة البيئية، ويريد الوقوف فى وجه الشركات الملوثة للبيئة، وأنه تعلم فى عائلته أن الحب والتعاطف مع الضعفاء أكثر أهمية من المكان الذى أتيت منه.
ولكن من وجهة نظر ماناسيرى، فإن أفكار عبدالرحمن تتناسب مع قيم وأفكار الحزب الديمقراطى، متسائلاً: «كيف يمكن لأى ديمقراطى تقدمى جيد أن يصوت ضد هذا المرشح مع ضمير مرتاح؟».
ولكن خلف هذه الصورة النموذجية لشاب مسلم يروج لأفكار التنوع وقبول الآخر والحافظ على البيئة، يحمل تاريخ عبدالرحمن علاقات وثيقة مع جماعة الإخوان، تكشف أنه ليس إلا مجرد دمية تحركها الجماعة لاقتحام عالم السياسة الأمريكى من خلال شخص تصفه بعض الصحف بـ«أوباما القادم».
1- من الإسكندرية إلى ميتشجان
فى 25 فبراير الماضى، أطلق عبدالرحمن حملته الانتخابية بالسوق الشرقية لديترويت، وتحدث عن والده الذى نشأ ضمن عائلة كبيرة تضم ستة أطفال، وتعيش فى شقة بغرفة نوم واحدة فى الإسكندرية، وأن والده هاجر إلى الولايات المتحدة لدراسة الهندسة فى جامعة واين ستيت.
وبعد الوصول إلى أمريكا انفصل والده عن والدته فاتن الكومى التى تعمل ممرضةً فى ميسورى، ونشأ عبدالرحمن فى منطقة ديترويت مع والده محمد السيد وزوجته جاكلين التى تحولت إلى الإسلام وارتدت الحجاب، وكلاهما يعملان فى مجال الهندسة.
تخرج عبدالرحمن عام 2003، فى مدرسة بلومفيلد هيلز أندوفر الثانوية، حيث اشتهر بحبه للرياضة وكان يشارك مع 3 فرق مختلفة هى كرة القدم والمصارعة واللاكروس، وأصبح قائد الفريق فى كل رياضة جماعية شارك فيه.
بعد ذلك درس عبدالرحمن فى جامعة ميتشجان حيث تخصص فى علم الأحياء والعلوم السياسية، وحصل على منحة الدكتوراة كاملة للالتحاق بكلية الطب فى جامعة ميتشجان، حيث أكمل سنته الأولى ثم قاد بعثة طلابية طبية إلى بيرو وأسس منظمة طلابية جمعت الأموال ونسقت الخدمات المجتمعية لعيادة مجانية محلية، ثم حصل على منحة مارشال ومنحة رودس فى عام 2009 كطالب فى السنة الثانية فى الطب.
والتحق عبدالرحمن بجامعة أكسفورد كباحث، وأكمل دراسته فى الصحة العامة فى عام 2011، ودراسة الدكتوراة فى الطب فى كلية الأطباء والجراحين بجامعة كولومبيا فى عام 2014، وحصل على زمالة سوروس للأمريكيين الجدد، وهو زميل برنامج تدريب العلماء الطبيين الممول من خلال المعاهد الوطنية للصحة.
فى عام 2014، التحق عبدالرحمن بكلية ميلمان للصحة العامة فى كولومبيا كأستاذ مساعد فى قسم علم الأوبئة، شغل منصب مدير برنامج علوم الأنظمة فى كولومبيا وتحليلات الأبحاث العالمية لصحة السكان.
وباعتباره باحث، ألف أكثر من 100 منشور علمى، بما فى ذلك المقالات والتعليقات وفصول الكتب والملخصات حول التفاوتات الصحية ونتائج الولادة وزيادة الوزن، وحصد العديد من الجوائز وتم تكريمه فى أكثر من مناسبة عن جهوده فى مجال الصحة العامة والأبحاث العلمية.
وأنشأ عبدالرحمن ودرس فى أول دورة تدريبية فى كلية ميلمان للصحة العامة حول علوم الأنظمة وصحة السكان، شارك فى تحرير كتاب دراسى حول الموضوع الذى نشرته فى عام 2017 مطبعة جامعة أكسفورد تحت عنوان «علم النظم والصحة السكانية.»
يقول ماناسيرى، عن عبدالرحمن، إنه مستعد بشكل جيد للغاية لخوض الحياة السياسة، حيث حقق إنجازات أكثر بكثير من أوباما»، وفى إعلان الفيديو الذى نشره عبدالرحمن لإطلاق حملته الدعائية قال إنه بصفته مدير الصحة فى ديترويت، كان أول ما فعله هو تنفيذ برنامج حكومى لشراء نظارات لكل طفل يحتاج إليها، لأن لكل طفل الحق فى رؤية الموجود على السبورة».
يركز عبدالرحمن فى خطابه الانتخابى على فكرة التعددية والتنوع الثقافى فى ميتشجان، ويقدم نفسه بأنه نموذج للحلم الأمريكى أو كما يروج لنفسه باعتباره قصة أمريكية غير عادية إلى حد ما.
يتحدث عبدالرحمن عن والديه اللذين أتيا إلى الولايات المتحدة الأمريكية وهما يحلمان بحياة مختلفة وجديدة،: «عندما أتيا إلى هنا، كان رهانهما أن أمريكا كانت كبيرة بما فيه الكفاية لهما أيضاً.. وكانا يؤمنان ببلد من شأنه أن يمنحهما وظائف كريمة ذات رواتب جيدة، تساعدهما فى تربية أطفالهما جيداً». يقدم عبدالرحمن نفسه باعتباره شخصا منفتحا على مختلف الثقافات والديانات، حيث يؤكد أن طاولة العشاء فى منزله فى عيد الشكر تضم شخصيات من مختلف الديانات والثقافات المختلفة بما فى ذلك إمام إسلامى من مصر، ورجل دين مسيحى من فلينت، وعالم بولندى ملحد يعمل فى جامعة ميتشجان، بجانب زوجته سارة الطيب وهى مسلمة أمريكية وتعمل كطبيبة نفسية.
2- رجل الإخوان
يقول ماناسيرى إن جماعة الإخوان لن يدعموا أى مرشح لا يعتقدون أن لديه فرصة حقيقية للفوز، مشيراً إلى أنه رغم إدراك الجميع لعلاقات عبدالرحمن الواسعة مع جماعة الإخوان فى أمريكا إلا أن الحزب الديمقراطى خائف من مواجهته بهذه الصلات مع الإخوان، خاصة فى ظل إيمان الحزب بقدراته على تحقيق الكثير من النجاحات السياسية.
حسب ماناسيرى فإن عبدالرحمن سيحظى أيضاً بدعم الكنيسة الكاثوليكية، وهى قوية جدا فى ولاية ميتشجان، مشيراً إلى وجود تنسيق غير متوقع بين الكنيسة الكاثوليكية فى ميتشجان وبين جماعة الإخوان، ممثلة فى مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية «كير» أدى لاستبعاد تشريع من المجلس التشريعى للولاية، يدعم تطبيق القانون الأمريكى للمحاكم الأمريكية، والذى يعتبر على نطاق واسع قانوناً معادياً للقوانين المستوحاة من الدين.، للقضاء عليه.
ويتوقع ماناسيرى أن تتحد الكنيسة وكير خلف مرشح من شأنه أن يصنع التاريخ كأول حاكم إسلامى فى أمريكا، و«إذا كانت شعبية هذا الرجل ترتفع فى استطلاعات الرأى، فإننى أتوقع أن تدعم الكنيسة الكاثوليكية ترشيحه تماما مثل أوباما».
كثير من المواقع الغربية تناولت علاقة عبدالرحمن السيد، بالإخوان وكيف يتم إعداده من قبل الملياردير اليسارى المتطرف جورج سوروس، ليصبح «باراك أوباما القادم».
وسوروس هو رجل أعمال أمريكى يسارى معروف بدعمه للجماعات الراديكالية، وحسب تقرير لجريدة لوفيجارو الفرنسية فإن العديد من منظمات الإخوان الأوروبية المتخفية فى هيئة جماعات الحقوق المدنية تلقت تمويلا من «مؤسسة المجتمع المفتوح» التى أسسها سوروس، وتشير التقديرات إلى أن سورس منح المنظمات التابعة للإخوان فى أوروبا نحو 2 مليون دولار تبرعات مالية مباشرة.
ينكر عبدالرحمن أى علاقة له بالإخوان رغم حصوله على زمالة لدخول كلية الطب من مؤسسة بول وديزى سوروس «الأخ الأكبر لجورج سوروس وزوجته»، إلا أنه يؤكد أن ليس هناك ما يدل على ارتباط جورج سوروس بالمؤسسة.
وحسب موقع كريستان بوست، فإنه رغم الإنكار الشديد والأدلة غير الحاسمة التى تربط عبدالرحمن بسوروس، فإن الأول لديه صلات كبيرة مع الإخوان بالماضى والحاضر لذا فإن الشك أنه يخفى انتماء قوياً للجماعة وأنه بمثابة حصان طروادة للجماعة فى أنظمة الحكم الأمريكية، له أساس قوى، خصوصاً فى ضوء حقيقة ما أطلق عليه البعض «الجهاد الشبح».
وفقا لمنتدى الشرق الأوسط، يختلف الإخوان عن الجماعات الجهادية المتطرفة الأخرى فى الاستراتيجية، وليس فى الأهداف، ولهذا يمكن وصف استراتيجية الإخوان بـ الجهاد الشبح، حيث تسعى مثل داعش إلى تدمير الغرب وتطبيق أفكارها المتطرفة، ولكن ليس بطريقة داعش التى تميل للوسائل العسكرية، ولكن من خلال اختراق المجتمع الغربى من الداخل كما ورد فى وثائقها الداخلية.
وتميل جماعة الإخوان إلى أن تكون «أكثر خداعا فى اللغة والمظهر»، حيث تعمل بنشاط على تجنيد المحترفين والمثقفين المسلمين الذين يمكنهم اختراق الأنظمة القانونية والاجتماعية الغربية دون الكشف عن حقيقتهم.
وكما قال أحد مراسلى منتدى الشرق الأوسط، فإن الإخوان والتكفيريين لديهم نفس الفكر والأهداف، ولكن هناك طرفا يرتدى لباسه الإسلامى البدائى ولحيته غير المرتبة، بينما الآخر سيكون حامل دكتوراه من جامعة أكسفورد أو جامعة السوربون، وسيفعل ذلك بحذر وسرية أثناء ارتدائه بدلته الألمانية أو الفرنسية مع لحيته المرتبة.
لذا فإن السياسى المثالى للإخوان سيكون شخصاً مقتنعا سراً بقناعات إسلامية راديكالية، لكن يبدو من خلال حديثه وأفعاله كمرشح مثالى للحزب الحاكم. ولن يخفى هذا المرشح هويته الإسلامية، ولكن بدلاً من ذلك سيستغلها لتحقيق مكاسب سياسية، ما يجعل أفكاره تبدو مثالية ومنطقية مثل التعددية الثقافية.
فى هذا الإطار حرص عبدالرحمن على تبنى أفكار تبعده تماماً عن الإخوان المسلمين مثل دفاعه عن فصل الدين عن الدولة، وكذلك تأييده لحق المرأة فى الإجهاض وغيرها من الحقوق التى تعكس فكرا ليبراليا.
بشكل علنى، يتبنى عبدالرحمن فكرا متحررا يتقبل معه الآخر مهما بلغت درجة اختلافه، ومع ذلك، لا يبدو أن هذه القناعات الليبرالية المتسقة تتطابق مع بعض من ارتباطات عبدالرحمن فبينما كان طالباً بجامعة ميتشجان، كان عضواً نشطاً ونائباً لرئيس جمعية الطلاب المسلمين «MSA»، وهى جماعة أسسها أعضاء الجماعة بهدف للتعبير الصريح عن الأفكار المتطرفة ونشر الأيديولوجية الوهابية. ووفقاً لخبير الإرهاب باتريك بول، فإن جمعية الطلاب المسلمين بمثابة مصنع إرهابى افتراضى، وأغلب أعضائها وقادتها تورطوا فى الإرهاب، حيث كان أنور العولقى مؤسس تنظيم القاعدة فى شبه الجزيرة العربية رئيس جمعية الطلاب المسلمين فى جامعة ولاية كولورادو، وكان أول مواطن أمريكى يتم استهدافه وقتله فى غارة جوية أمريكية بدون طيار أثناء تواجده فى اليمن.
بالمثل، كان رامى زمزم، الذى أدين فى باكستان لمحاولته الانضمام إلى طالبان وقتل القوات الأمريكية، رئيساً لجمعية الطلاب المسلمين فى واشنطن، كما تخلى عمر شفيق حمامى، الرئيس السابق لـ جمعية الطلاب المسلمين فى جامعة جنوب ألاباما، عن زوجته وابنته الرضيعة للانضمام إلى جماعة الشباب الإرهابية فى الصومال.
إن شعار جمعية الطلاب المسلمين فى أمريكا متطابق لحد كبير مع إعلان الإخوان: « الإسلام هو حياتى، الجهاد هو روحى، الجنة هى هدفى، سأموت لإرساء الإسلام»، وبوصفه مسئولاً تنفيذياً فى جمعية الطلاب المسلمين، من المؤكد أن عبدالرحمن قرأ هذا الشعار مرارا وتكرارا.
ومع ذلك، فإن انضمام عبدالرحمن للجمعية لم يكن بالارتباط الوحيد مع جمعية ترفع شعارات إخوانية، إذ إن والد سارة زوجته هو الدكتور جاكاكو، الرئيس السابق، عضو مجلس الإدارة الحالى فى مجلس العلاقات الأمريكية- الإسلامية «كير» فى ميتشجان، وفى عام 2007، تم تعيين عدد من أعضاء مجلس العلاقات الإسلامية- الأمريكية بالفعل من قبل المدعين الفيدراليين على أنهم «متآمرون غير متعاونين» فى مؤامرة إجرامية لدعم حركة حماس الإرهابية. يقترب عبدالرحمن السيد من كرسى حاكم ميتشجان، خاصة أن هذه الولاية الأمريكية تضم عدداً كبيراً من المسلمين، وبذلك سيكون أول مسلم يحتل مثل هذا المنصب فى تاريخ الولايات المتحدة. ولكن تبقى علاقاته القوية مع جماعة الإخوان بمثابة علامة تحذيرية كبيرة حول اختراق الإخوان للحياة السياسية الأمريكية.