منال لاشين تكتب: لا تقاطعوا اليونسكو
أزمة "شوكان" متكررة ولكن المواجهة الآن مع مؤسسة لا يمكن خسارتها
نواب دعوا إلى الانسحاب من اليونسكو وآخرون طالبوا بعدم توقيع اتفاقيات معها
شوكان هو الاسم الصحفى للشاب محمود أبوزيد عمره 31 عاما وخلف القضبان منذ عام 2013 وتحديدا أغسطس من العام، وحتى الأسبوع الماضى لم يكن شوكان يتصور بأن ينتقل اسمه إلى البرلمان، فمن المستحيل أن يدافع نائب عن صحفى مثل شوكان الذى قبض عليه فى أحداث اعتصام رابعة، ولكن شوكان دخل المجلس عبر أزمة كبرى بين المجلس والحكومة واليونسكو.
1- أزمة متكررة
انفجر الخلاف بين مصر «حكومة وبرلمان» واليونسكو بسبب منح اليونسكو جائزة حرية الصحافة الدولية والتى تحمل اسم مناضل غييرموكانو، وقالت رئيسة لجنة الجائزة إن اليونسكو منح الجائزة لشوكان تقديرا لشجاعته ومقاومته والتزامه بحرية الصحافة، ولكن الحكومة المصرية ترى أنه مجرم ومتهم بالقتل المتعمد والإرهاب والتصدى لرجال الشرطة باختصار قائمة جرائم جنائية قد تصل بشوكان إلى حبل الإعدام.
وبعيدا عن التدخل فى أى أعمال قضائية فإن الخلاف حول قضية شوكان متكرر فى أكثر من حالة، خاصة فى مجال العمل المدنى الحقوقى، فأغلب من تم منعهم من السفر والتحفظ على أموالهم فى قضية المنظمات الأهلية المعروفة إعلاميا بالتمويل الأجنبى قد تم تكريمهم من مؤسسات أممية ودولية وحصلوا على جوائز فى مجال الدفاع عن حقوق الإنسان، ومن لم يتمكن من السفر لاستلام جائزته جاءته الجائزة بنفسها إلى القاهرة فى احتفال بإحدى السفارات الأجنبية.
إذن الخلاف بيننا وبين العالم الخارجى فى هذه القضايا متكرر ويحدث من حين إلى آخر، وقضية محررى الجزيرة من الأجانب والمصريين خير دليل على حساسية حبس الصحفيين والإعلاميين والحقوقيين بالنسبة للعديد من الدول والمؤسسات الدولية والتابعة للأمم المتحدة.
شوكان مصور صحفى وعمل لفترة فى جريدة الأهرام المسائى ثم أصبح يعمل مصورا حرا ويراسل وكالة «ديموتيكس» البريطانية، واعتقال شوكان فى اعتصام رابعة، اعتبرته التحريات من إخوان رابعة، ولذلك كان من البديهى أن تضم قائمة اتهامات شوكان كوكتيل من الجرائم الخطيرة، ولكن شوكان نفسه والوكالة البريطانية يصران على أن تواجده فى رابعة كان للتغطية الصحفية، وليس كعضو من أعضاء الجماعة المحظورة الإرهابية، ولذلك اعتبرته منظمات حقوقية محلية ودولية مناضلا فى سبيل حرية الصحافة، وتوجت هذه النظرة بجائزة اليونسكو.
وهو ما أثار غضب الحكومة المصرية متمثلة فى الخارجية والبرلمان المصرى، ووصل الأمر إلى تهديد المنظمة الأممية التابعة للامم المتحدة.
باختصار تم التعامل مع المؤسسة الأممية بنفس منطق وطريقة تعاملنا مع منظمات حقوق الإنسان والحريات الدولية.تكذيب وتهديد بالمقاطعة وهجوم حاد لايؤدى إلى تفاهم أو حوار بقدر ما يؤدى إلى شقاق.
2- حالة فريدة
وعلى الرغم من تكرار الحالات المشابهة لحالة شوكان، فإننا أمام حالة فريدة بالنسبة للجهة التى منحت الجائزة، فاليونسكو منظمة تهتم بالآثار والثقافة والتعليم، وهى ثلاثة مجالات تتقاطع مع احتياجات مصر بقوة. ولذلك يجب أن تتعامل بطريقة مختلفة مع اليونسكو.أنا ضد دعوات بعض النواب بالانسحاب من المنظمة، وبالمثل أرفض مطالبات البعض بعدم التصديق على اتفاقيات اليونسكو.
اتفاقيات اليونسكو مع مصر لصالح مصر بنسبة 100%، ومنذ عشرات السنين فإن اليونسكو صاحبة فضل على الحفاظ على آثار مصر، ويكفى أن نذكر دور اليونسكو فى إنقاذ معبد أبوسمبل وآثار النوبة فى الستينيات من القرن الماضى أيام الزعيم جمال عبد الناصر، وفى مجال الآثار فإن اليونسكو دعمت مئات المشروعات من آثار مصر جنوبا وشرقا وشمالا وغربا من الإسكندرية للأقصر ويندر أن تجد محافظة فى مصر لم تتدخل اليونسكو بدعمها لإنقاذ أثر أو بناء مدرسة أو إصلاح مكتبة، فاليونسكو كانت ولا تزال من أهم المنظمات التى تساند وتدعم مجالات التعليم والآثار والثقافة.
ولذلك يجب أن يحرص الجميع حكومة وأهالى ووزارات وبرلمان عند الخصام أو الزعل من اليونسكو. لا يجب أن يجرنا الغضب إلى إحداث شقاق مع واحدة من أهم المنظمات المؤسسية فى العالم خاصة لمصر بلد الآثار المترامية الأطراف فى كل مكان فى مصر، بالإضافة إلى الآثار فإن مصر تعانى من نقص التمويل فى ملف التعليم ونقص الخبرات العالمية، واليونسكو هى داعم رئيسى فى ملف التعليم. بالمثل فإن ملف الثقافة يظل مهما خاصة لأحد مقومات مكافحة الإرهاب، ولم نجد خيرا من اليونسكو لتدعمنا فى ملف الثقافة.
ولذلك أنصح الجميع بالحفاظ على شعرة معاوية فى الخلاف مع اليونسكو، وأن نسعى إلى الآخرين لعرض وجهة نظرنا فى القضايا دون تشنج أو عنف، فإذا كنا نريد أن نكسب قضية سواء مع اليونسكو أو غيرها من المؤسسات فيجب أن نتعلم أن نعرض وجهة نظرنا بهدوء، وأن نتعلم لغة التحاور ولغة الاختلاف، أن نقوى أجهزة التواصل مع الغرب لعرض وجهة نظرنا للجميع، واقترح أن نكلف رئيس الهيئة العامة للاستعلامات ضياء رشوان بملف الخلاف مع اليونسكو.مرة أخرى اليونسكو حالة فريدة وصديق لا يجب أن نسعى لخسارته.