باحثون: السعودية تمتلك فرصة فريدة للحد من الأمراض الوراثية المسببة للإعاقة
أكد عدد من الباحثين في مجال الإعاقة والوراثة، أن المملكة العربية السعودية تمتلك فرصة فريدة مقارنة بمعظم الدول الأخرى، للحد من الأمراض الوراثية عن طريق برنامج المسح المطور لاكتشاف حاملي الطفرات المرضية.
واستعرض عالم الأبحاث وأستاذ الوراثة البشرية بمستشفى الملك فيصل التخصصي الدكتور فوزان الكريع، خلال جلسة علمية بعنوان "الإعاقة والوراثة"، ضمن فعاليات المؤتمر الدولي الخامس للإعاقة والتأهيل، الذي ينظمه مركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة بالتعاون مع عدد من الجهات المعنية، ورقة علمية بعنوان "الوقاية من الإعاقة في المملكة باستخدام تقنيات الجينوم"، ناقش فيها استخدام تقنية الجينومكس في تشخيص السعوديين المصابين بالأمراض الوراثية. وفق صحيفة "سبق"
وأشار الكريع إلى أن هذه التقنية ساهمت في إحداث ثروة معلوماتية حول طبيعة هذه الأمراض، ومدى انتشارها وانتشار الطفرات المسببة لها.
وقال، لقد تمكنا من إصدار أول تقييم مبني على بيانات لحجم المشكلة المتعلقة بالأمراض الوراثية المتنحية في الوطن، وكان من بين النتائج الهامة أن الاعتلالات الوراثية المتعلقة بالتأخر العقلي والوظيفي لدى الأطفال شائعة بشكل كبير، ينافس بقوة شيوع أمراض الدم، وهذا ينبغي أن يدعو لإعادة التفكير في برنامج فحص ما قبل الزواج و تطويره للاستفادة من هذه المعلومات الجديدة.
وأكد الكريع أن المملكة تمتلك فرصة فريدة مقارنة بمعظم الدول الأخرى للحد من الأمراض الوراثية عن طريق برنامج المسح المطور لاكتشاف حاملي الطفرات المرضية نظرا لشيوع الأمراض المتنحية في مجتمعنا، مشيرا إلى أنه حتى وقت قريب كان هناك مجرد تخمين أن الأمراض الوراثية شائعة في المملكة، حيث لم تكن هناك معلومات إحصائية حول حجم المشكلة، و لعل هذا أحد الأسباب التي أدت إلى التعامل الانتقائي مع أمراض الدم في برنامج فحص ما قبل الزواج على افتراض أنها الأكثر شيوعا.
وطرحت رئيس وحدة أمراض الصمم الوراثي مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث الدكتورة فائقة امتياز، ورقة علمية بعنوان "المزيد من التشخيص الجزيئي الوراثي للصمم في المملكة العربية السعودية"، استعرضت فيها الأسس الجينية للصمم الواراثي المتنحي في المجتمع السعودي، من خلال التعرف على العوائل التي يتركز فيها مرض الصمم الوراثي عن طريق استخدام التقنية الحديثة لسلسلة الحمض النووي وتقنية التماثل الجينيي.
وأوضحت الدكتورة فائقة أنه تم تسجيل أكثر من 800 مريض في هذا المشروع، وتم تحديد عدد كبير من الطفرات المختلفة المسببة للأمراض في 60 أسرة، بالإضافة إلى تقنية لائحة الجينات في مستشفى الملك الفيصل التخصصي، والتي تعتبر تقنية تشخيصية مستقبلية تساعد في معرفة عدد كبير من الجينات المسببة للصمم الوراثي بأسرع وقت ممكن، معربة عن أملها في أن يتم تحديد الطفرات الأكثر شيوعا في الصمم الوراثي، وحدوثه وتوزيعه لدى المجتمع السعودي كنتيجة لهذه الدراسة، وتوفير المعرفة والوعي من خلال فحص ناقل المرض والاستشارات الوراثية التي لها أثركبيرفي الكشف المبكر والوقاية من الصمم الوراثي.
وأشارت إلى أن الصمم يصنف على أنه العجز الحسي الأكثر شيوعا ذي مسببات وراثية وبيئية، حيث تشير التقديرات إلى أن معدل الإصابة بالصمم في المملكة العربية السعودية عالية جدا بالنسبة للعالم، مؤكدة أن ضعف السمع هو مرض غير متجانس سريريا ووراثيا، حيث يمكن أن يكون الضعف السمعي مظهر سريري فقط لا يتلازم مع أمراض أخرى، و قد يكون متلازما مع أمراض أو أعراض مرضية أخرى محددة ومعروفة الأسباب.
وناقشت مديرة المركز الوطني للأمراض النادرة بالمعهد العالي للصحة في إيطاليا الدكتورة دومينيكا تاروسيو، ورقة علمية بعنوان "الوقاية من العجز بسبب التشوهات الخلقية"، مؤكدة أن التشوهات الخلقية (سي إيه) هي قضية صحية عالمية تؤثر على حوالي 1 من بين 33 رضيع، وتنتج عبئا يقدر بنحو 3.2 مليون حالة إعاقة و270.000 حالة وفاة خلال الـ 28 يوما الأولى من الحياة كل عام، وفقا لإحصاءات (منظمة الصحة العالمية، 2016).
وأضافت تاروسيو أن التشوهات الخلقية يمكن أن تسهم في العجز على المدى الطويل، والتي قد يكون لها آثار كبيرة على الأفراد والأسر وأنظمة الرعاية الصحية، والمجتمعات، مشيرة إلى مجموعة من عوامل الخطر المرتبطة بالتشوهات الخلقية مثل شرب الكحول وتدخين التبغ، وتعتبر معظم التشوهات الخلقية أمراض متعددة العوامل، حيث يتفاعل الاستعداد الوراثي مع العوامل والوكلاء الخارجية.
وأشارت إلى أن الاتحاد الأوروبي أقر مجموعة من التوصيات القائمة على الأدلة من أجل الوقاية الأولية من أمراض التشوهات الخلقية؛ تھدف التوصيات إلى تيسير إدراج إجراءات الوقاية الأولية في خطط الأمراض النادرة الوطنية للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي (تاروسيو وآخرون، 2014). لافتة إلى أن التوصيات تناولت الأدوية والأغذية وأنماط الحياة وصحة الأم والخدمات الصحية وعوامل الخطر البيئية، بما يشمل مختلف مجالات الصحة العامة، مؤكدة أنه يمكن أن يقلل تنفيذ كل توصية من حدوث واحد أو أكثر من مجموعة رئيسية من التشوهات الخلقية.