مي سمير تكتب: "جوجل" و"فيس بوك" و"أمازون" تتجسس على المستخدمين
يحتفظون بمعلومات المستخدمين بما فيها المحذوفة
400 ألف كلمة هى حجم المعلومات التى يحتفظ بها فيس بوك عن كل مستخدم وجوجل يعرف كل شىء من الدين إلى الحالة العاطفية
يجد موقع «فيس بوك» نفسه على مفترق الطرق بعد تعدد أزماته ومشاكله المتعلقة بمدى حمايته لمستخدميه، خصوصاً بعد فضيحة الكشف عن استخدام شركة كامبريدج أناليتيكا البريطانية للبيانات المستقاة من الموقع، حيث بدت إدارة موقع التواصل الاجتماعى وكأنها لا تستطيع اتخاذ أى رد فعل، سواء بإظهار الغضب أو عدم المبالاة، أو خروج مارك زوكربيرج، مالك الموقع، للتعليق أو الاختفاء.
1- أزمة ثقة
حسب صحيفة الجارديان البريطانية فى تقرير لها عن الأزمة، فإن استجابة الشركة لأول أزمة حقيقية تواجهها، سيدفع المستخدمين لإعادة تقييم علاقتهم مع الموقع المدين لنجاحه للشباب والمراهقين، والذين بدأوا بالفعل منذ فترة طويلة فى مراجعة علاقتهم به لصالح مواقع مثل سناب شات، وانستجرام، خصوصاً أن الموقع أصبح مليئاً بكبار السن وأولياء الأمور، كما بدأ المستخدمون فى تدشين حملة لإلغاء حساباتهم على فيس بوك، والتى يحتاج تقييمها لعدة أسابيع، ما يعكس حالة كبيرة من فقدان الثقة فى شبكة التواصل الاجتماعى.
2- تحليل البيانات
الـ50 مليون ملف شخصى التى حصدتها شركة كامبريدج أناليتيكا، من «فيس بوك» مخزن بيانات ضخم بالتأكيد، ولكنه لا شيء بالمقارنة مع المعلومات التى يحتفظ الموقع بها عن مستخدميه، حيث يعتبر الموقع ليس شبكة اجتماعية، ولكنه شركة تحليلات بيانات تسمح باستخدام موقعها كوسيط لنسبة كبيرة من جميع أشكال الاتصالات البشرية لمعرفة كل شيء عن مستخدميها.
ومثلما اكتسبت شركة كامبريدج أناليتيكا قدرات هائلة فى الإدراك باستخدام مجموعة ضئيلة من المعلومات الشخصية، فإن «فيس بوك» يفتخر أيضاً لدى المعلنين حول مدى معرفته بمستخدميه - ومدى فعاليته فى التأثير على عقولهم، إذ أقنع شركة ألعاب «صنعت إعلانات الفيديو لمطابقة أنماط الألعاب مختلفة « بالتعاون معه للحصول على زيادة بنسبة 63٪ فى نية الشراء، وبفضل موقع التواصل الشهير حقق بائع تجزئة للملابس زيادة هائلة فى المبيعات باستخدام إعلانات مخصصة بطريقة غنية، كما سجلت شبكة اتصالات دفعة كبيرة فى الوعى والشراء من خلال التركيز على المستخدمين بعائلاتهم. كما اعتاد فيس بوك أن يكون لديه صفحة مشابهة يظهر فيها للسياسيين مدى فعاليته فى الانتخابات، ولكنه أزال ذلك بهدوء فى فبراير الماضى.
تعود أهمية هذه الخاصية لدى فيس بوك، إلى أنه قادر على اختراق خصوصية مستخدميه حتى ولو لم ينشروا تفاصيل أكثر عن أنفسهم من خلال صفحتهم الشخصية وذلك من خلال تحليل ما يقرأه المستخدم وما يتوقف عنده من منشورات لدى الغير ومن تصفح مواقع الويب الأخرى التى لا علاقة لها به.
3- الكل يراقبك
لا يقتصر استغلال البيانات على موقع الفيس بوك فقط، إذ إن محرك البحث الشهير جوجل، يتعقب كل تحركات مستخدميه على الانترنت، وهو ما يقوم به موقع أمازون الذى تشير تقارير إلى أنه يبنى نظام مراقبة يسمح برصد كل تحركات مستخدميه على نحو غير مسبوق وذلك لزيادة عمليات الشراء على الموقع.
فى هذا المجال هناك لاعبون كبار لا يمكن تجاهلهم، مثل Experian و Equifax لجمع المعلومات حول الجميع، سواء كانوا متصلين بالإنترنت أم لا، كما تواصل الأجهزة الأمنية فى مختلف أنحاء العالم بناء قواعد بيانات المراقبة الخاصة بها.
هذه الجهود المتعلق باختراق الخصوصية أصبحت مدعومة من القانون كما هو الحال فى المملكة المتحدة حيث تم فى عام 2016 إقرار قانون سلطات التحقيق العام الذى يحدد بشكل شامل سلطات المراقبة الإلكترونية لمجتمع المخابرات البريطانى والشرطة.
وحذر ريتشارد ستالمان عالم البرمجيات فى معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، من هذا الوضع قبل أن يلمس زوكربيرج أول كمبيوتر له، حيث قال: «هناك حدود لمستوى المراقبة التى يمكن للديمقراطية أن تتعايش معها، ونحن تخطينا هذه الحدود بشكل كبير ونعانى حالياً من المراقبة أكثر من سكان الاتحاد السوفيتى».
4- تجسس الفيس بوك
يحتوى فيس بوك على البيانات الخاصة و يوفر خياراً لتنزيل جميع معلومات مستخدمه والبيانات التى يملكها الموقع عنه، والتى تصل لـ600 ميجا بايت، أى 400 ألف كلمة، تمثل كل الرسائل والملفات التى تم إرسالها أو استقبالها، وجميع جهات الاتصال فى الهاتف وجميع الرسائل الصوتية كما يخزن الموقع كل ما يثير اهتمام المستخدم، سواء فى السياسة أو غيرها من المجالات.
5- مراقبة جوجل
إن حصاد بياناتنا الشخصية يتجاوز بكثير ما يمكن أن يتخيله الكثيرون منا، حيث يخزن محرك البحث جوجل موقعك فى حالة تشغيل ميزة «تتبع الموقع»، فى كل مرة تقوم فيها بتشغيل هاتفك، يمكنك مشاهدة جدول زمنى للمكان الذى كنت فيه منذ أول يوم بدأت فيه استخدام جوجل على هاتفك.
يعرف جوجل كل شيء بحثت عنه حتى تلك الأمور التى بحثت عنها ثم حذفتها، ويخزن سجل البحث عبر جميع أجهزتك، ولديه ملف تعريف إعلانى عنك، وينشئ ملفا شخصيا للإعلان استناداً إلى معلوماتك، مثل النوع، والعمر، والهوايات، والمهنة، والاهتمامات، وحالتك العاطفية، وجميع التطبيقات التى تستخدمها، ومن تتحدث معهم على فيس بوك، فى أى وقت تنام.
ويمتلك جوجل سجلك على موقع يوتيوب لذا فمن المحتمل أن يعرف ما إذا كنت شخصا متحررا، أو متحفظا، أو تقدميا كما يعرف ديانتك وطبيعة حالتك النفسية، وفى بعض الأحيان يتمكن المحرك من معرفة إذا كنت تشعر بالاكتئاب أو ترغب فى الانتحار، أو إذا كنت تعانى من قلة الشهية.
يمكن أن تطلب تنزيل الملف الخاص بك على جوجل لمعرفة كل ما تريده عن نفسك، لأنه يسجل جميع الخطوات التى اتخذتها وفى أى وقت مشيت وفى أى مكان، كما يحتفظ بجميع الصور التى التقطها الهاتف، مقسمة حسب السنة، وتتضمن وصفاً لموعد ومكان التقاط الصور. يعلن جوجل أنه يستخدم المعلومات التى يجمعها من جميع خدماته لتوفير هذه الخدمات وصيانتها وحمايتها وتحسينها، ولتصميم خدمات جديدة، كما يستخدمها لتقديم محتوى مخصص لكل مستخدم، مثل تقديم نتائج بحث وإعلانات ذات صلة أكبر.
وتعمل الأنظمة التلقائية لدى محرك البحث على تحليل المحتوى التابع لكل مستخدم بما فى ذلك الرسائل الإلكترونية، لتوفير ميزات منتجات ذات صلة بطابعه الشخصى، مثل نتائج بحث مخصصة، وإعلانات مناسبة، وحماية من الرسائل غير المرغوب فيها والبرامج الضارة.
6- مساعدة الإرهاب
وفى إطار فضيحة موقع فيس بوك وما كشفته عن انعدام حماية خصوصية المواطن فى عصر التواصل الاجتماعى، انفرد موقع «Buzzfeed» بنشر مذكرة داخلية للموقع بعنوان «القبيح» يعود تاريخها لبداية عام 2016 والتى توضح مدى التركيز الذى تضعه الشبكة الاجتماعية على النمو فوق الأمان والخصوصية وكل شيء آخر، حيث كتب المذكرة المدير التنفيذى لفيس بوك، فى ذلك الوقت وأحد أصدقاء مارك زوكربيرج المقربين اندرو بوزورث.
وكتب بوزورث فى هذه المذكرة: «نحن نربط الناس، ويمكن أن يكون ذلك جيدا إذا جعلوه إيجابياً، ربما يجد شخص ما الحب، ربما حتى يتم إنقاذ حياة شخص ما على حافة الانتحار، لذلك نحن نربط المزيد من الناس. وقد يكون ذلك سيئاً إذا جعلوه سلبياً. ربما يكلف حياة شخص من خلال تعرضه للتخويف، ربما يموت شخص فى هجوم إرهابى منسق عبر أدواتنا، وعلى الرغم من ذلك مازلنا نربط الناس».
أثار نشر هذه المذكرة حالة من الجدل، ما دفع بوزورث الذى يشغل اليوم منصب نائب رئيس الفيس بوك إلى محاولة حفظ ماء وجه الموقع بالقول فى تغريدة على تويتر إنه لم يعد اليوم يتفق مع ما تضمنته المذكرة، كما حاول مارك زوكربيرج التنصل بسرعة من المذكرة فى بيان قال فيه إن معظم العاملين فى الموقع عارضوا مضمون المذكرة بشدة.