أحمد فايق يكتب : جمهورية كازاخستان الإسلامية العظمى
هل تعرف شيئا عن جمهورية كازاخستان الإسلامية؟
أعتقد أن اسم هذه الدولة يمر أمامنا كثيرا دون أن نلتفت لها، وماذا فعلت من أجل شعبها، جمهورية إسلامية نهضت بحق بعيدا عن تجار الدين، نموذج أكثر نجاحا وثراء من تركيا، فصلت بين الدولة والدين، رغم أن غالبية سكانها مسلمون، لم تسمح لتجار الدين بالاشتغال بالسياسة، وتركت إدارة الدولة لرجالها، حاربت التطرف بالتعليم، والفقر بالنجاح الاقتصادى، والقمع بالحرية، والفتنة الطائفية بالمشاركة.
طبقت العدالة الاجتماعية، فوقف شعبها وراء حكامها، آمنت بالحرية فساهم مواطنوها فى بناء الدولة الحديثة، تروى شوارع العاصمة الكازاخستانية أستانا، حكاية نجاح، نهوض هائل سريع بدأ من الصفر، حيث تحولت فى عقد من الزمن، من مدينة منسية فى السهوب الشمالية النائية إلى «ميجابوليس» المستقبل اقتصاديا وعمرانيا وبشريا، إنها حكاية إحدى المدن «الأكثر غرابة» فى آسيا الوسطى، والسمة الغالبة على الكازاخيين بعد انفصالهم عن الإمبراطورية السوفيتية هى التفاؤل الشديد بالمستقبل، ففى أستانا المدينة التى نهضت بأبنيتها الشاهقة من «لا شىء» مثال على نهضة أحد أكثر الاقتصادات نموا فى العالم.
عندما نالت كازاخستان استقلالها فى عام 1991، اتجهت التوقعات إلى أنها ستضعف وتنهار، بسبب المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والبيئية، التى ورثتها عن الاتحاد السوفيتى السابق، وفى عام 1991 كانت كازاخستان موطنا لأكثر من 130 جماعة عرقية، فى حين شكل الكازاخيون فيها، الأقلية «عدد سكانها 16 مليون نسمة»، ووجدت الدولة الحبيسة نفسها فى منطقة بالغة الاضطراب بمجاورة قوى عظمى مثل روسيا والصين، فى حين لم تكن حدودها الوطنية الفاصلة قد رسمت بعد وفقا لقواعد القانون الدولى، كان ذلك كافيا لانهيار البلد، بنظر المراقبين، إلا أن نور سلطان نزارباييف، الرئيس المنتخب، واجه مع فريق عمله من المتخصصين تلك التحديات بنجاح، محولا إياها إلى فرص أكبر للنجاح.
فقد ارتفع إجمالى الناتج المحلى للفرد فى كازاخستان من 700 دولار فى عام 1993 إلى ما يزيد على 1200 دولار الآن، ومن المتوقع فى عام 2017 أن يصل نصيب الفرد من الناتج المحلى إلى 24 ألف دولار، وهى أرقام جيدة جدا فى إطار دولة بدأت من الصفر، ونجحت فى سنوات قليلة أن تصنع اقتصادا قويا.
أكثر من عشرين عاما مرت، أثبتت نتائج جيدة فى طريقة «العلاج بالصدمة»، التى اعتمدتها كازاخستان، بعيدا عن سياسة «اللبرلة»، التى نفذت فى الدول المجاورة والمنفصلة عن الاتحاد السوفيتى السابق، وفى مواجهة لتهديدات التطور العشوائى للوضع، خاصة فى ظل ظروف ظهور الإسلاميين الراديكاليين «المتطرفين»، أقامت قيادة تلك البلدان سيطرة كاملة على كل من الاقتصاد والسياسة، ومكنها ذلك إلى حد ما من حل مشاكل الأمن.
ويجرى الآن التحول العميق فى مجال إنفاذ القانون ومكافحة الفساد، فعلى مدار السنوات الثلاث الماضية، رفعت كازاخستان مؤشراتها فى الترتيب العالمى لمكافحة الفساد لتصل إلى المرتبة 45.
نجحت كازاخستان فى خلق نموذج للسلم والوفاق بين الأعراق والأجناس بين أكثر من 130 جماعة عرقية، ففى عام 1995 وبمبادرة من رئيس كازاخستان نورسلطان نزارباييف، تأسست جمعية شعب كازاخستان لتعزيز الأمة وترسيخ التسامح والوفاق بين المجموعات العرقية وخلق البيئة المواتية لتنميتها الكاملة، والجمعية هى آلية حيوية مهمة لإحراز تقدم وتعزيز السياسة الحكومية الوطنية التى يجرى تناولها على نطاق واسع فى جميع أنحاء العالم، وتم إنشاء النموذج الكازاخستانى على أساس إحياء لغات وثقافات المجموعات العرقية التى تعيش فى كازاخستان، وتتمتع جميع الجماعات العرقية فى كازاخستان بوضع مدنى وقانونى ومجتمعى رفيع المستوى.
هذا نموذج لنجاح دولة إسلامية لا تكفر أحدا ولا تخضع لشروط اقتصادية تؤثر على شعبها بالسلب، سعت للوفاق بين الأعراق، احترمت المعارضة، وجعلتها شريكا فى الحكم، لم تتحول إلى دولة ليبرالية أو إسلامية متطرفة، بل سعت للاعتدال والتوافق بين الجميع، بدأت جريحة بعد استقلالها لتتحول إلى نمر اقتصادى كبير، تلعب دورا سياسيا مهمة فى مجال مكافحة انتشار السلاح النووى، لم تخضع لهيمنة أمريكية أو سيطرة روسية، قرارها مستقل.
ومن باب العلم بالشىء فى دولة كازاخستان ستجد المساجد والتدين ومسلمين أكثر منا تمسكا بالدين، لكنهم اعتمدوا على روح الإسلام الحقيقية، تسامحوا فيما بينهم فتقدموا للأمام، هذه هى دولة كازاخستان الإسلامية العظمى.. ألا تكبروووووون.