إعجاز السنة في تحديد القبلة

إسلاميات



من الطرق والوسائل المستحدثة لاكتشاف جهة القبلة استعمال (البوصلة)، أو استعمال البرنامج العالمي (Google Earth) وذلك بمد خط المسافة من بيت الله الحرام (الكعبة) إلى المنطقة التي تريد إيجاد معرفة اتجاه القبلة فيها.

وفي العهد النبوي لم تكن هذه الوسائل والخرائط متاحةً آنذاك، بل إن أول خريطة للأرض وضعها الإدريسي في عام (1154م) بعد الهجرة النبوية بحوالي خمس قرون ونصف، وقد وضع اليمن خطأً جنوب شرق الجزيرة، ووضع عُمان شمال شرق الجزيرة، ومع ذلك كان التحديد النبوي للقبلة يقع مطابقا للواقع بدقة متناهية، بما يدل على صدق الوحي الذي جاء به محمد -صلى الله عليه وسلم-.

وبين يدينا خبر من السنة النبوية، قاله رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قبل هذه القرون المتطاولة، ليأتي العلم اليوم بما يصدق هذا الخبر ويؤكده، وإن كان المسلمون قد صدقوه مباشرة وتيقنوه ابتداء دون شك أو تردد، وإنما تكون مثل هذه المطابقة؛ إظهارا لإعجاز هذه السنة التي تعتبر وحيا إلهيا عبَّر عنه رسول الله –صلى الله عليه وسلم- بقوله المزكَّى من ربه بقوله تعالى «وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى» النجم:3 ، وحجة على الناس الذين لا تزال قلوبهم في مرية وشك.

فقد روى الطبراني في المعجم، وحسن إسناده الهيثمي في مجمع الزوائد: عن وبْر بن يُحَنَّس الخزاعي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمر وَبْر بن يُحَنَّس الأنصاري حين أرسله إلى صنعاء والياً عليها فقال: (ادعهم إلى الإيمان، فإن أطاعوا لك به، فاشرع الصلاة، فإذا أطاعوا لك بها فمر ببناء المسجد لهم في بستان باذان، من الصخرة التي في أصل غَمْدان، واستقبل بها الجبل الذي يقال له: ضِيْن).

فالنبي –صلى الله عليه وسلم- حدد لهم موقع بناء المسجد بقوله «في بستان باذان، من الصخرة التي في أصل غمدان» وهي التي لا تزال تسمى إلى اليوم بـ "الصخرة الململمة"، وحدد لهم اتجاه القبلة بقوله «فاجعله عن يمين جبل يقال له ضين» وهو جبل يبعد عن صنعاء 30كم تقريبا، ورغم المسافة المتباعدة التي تفصل بين صنعاء ومركز الكعبة المشرفة التي تصل إلى 815كم تقريبا.

يقول الشيخ عبد المجيد الزنداني -وله بحث رائع في إثبات هذه المعجزة بالصوت والصورة- : "وهو -عليه الصلاة والسلام- لم يزر اليمن ولا رأى جبل ضين، ولا شاهد بستان باذان، ولا الصخرة الململمة، ولا يعلم الناس في زمنه المسافة التي تفصل بين مكة وصنعاء كل ما سبق يشهد أن ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم ليس في مقدور بشر في عصره، وحتى بعد عصره بقرون طويلة، وإنما هو الوحي والعلم الإلهي، وصدق الله القائل: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} (النجم:3)".

وحين بُني المسجد على وفق ما أشار عليهم النبي –صلى الله عليه وسلم- جعلوا القبلة باتجاه جبل ضين حسب الوصف النبوي ، وجاءت الأقمار الصناعية فقاموا بمدِّ سهم من قبلة المسجد باتجاه سفح جبل "ضِين" ثم منه إلى مكة المكرمة فوجدوا السهم يصل بخط مستقيم إلى جدار الكعبة بين الركن والحجر دون أي انحراف أو التواء، ليضاف هذا الخبر شاهدا جديدا، وآية صارخة في وجه المنكرين لحجية السنة النبوية وموضوعيتها العلمية.