نص كلمة "مكرم محمد" خلال احتفال الجامعة العربية بيوم التراث الثقافي (صور)
احتفلت اليوم الإثنين، جامعة الدول العربية "قطاع الشؤون الاجتماعية - إدارة الثقافة"، بيوم التراث الثقافي العربي، بمقر الأمانة العامة بالقاهرة.
ويأتي هذا الاحتفال تنفيذًا لقرار مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري، الصادر في دورته العادية (145)، بتاريخ 11 مارس 2016.
وشارك الكاتب الصحفي مكرم محمد رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، أحمد بفاعليات الاحتفال، بحضور الدكتورة رانيا المشاط وزيرة السياحة، والدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، والدكتور مصطفى وزيري أمين عام المجلس الأعلى للآثار.
وننشر نص كلمة الكاتب الصحفي مكرم محمد أحمد:
تحية احترام وإجلال للجامعة العربية وأمينها العام، التي لا تزال تناضل رغم ظروفها الصعبة، من أجل عالم عربي أكثر تضامنًا وقوة، وتدفع بالعمل العربي المشترك إلى مستوى الأمنيات التي ينشدها الشعب العربي من المحيط إلى الخليج، بقيام دولة فلسطينية تعيش في أمن وسلام إلى جوار دولة إسرائيل عاصمتها القدس الشرقية، ولا تزال الجامعة تعتبر هذين الشرطين الواجبين، الأساس الممكن والوحيد لقيام سلام شامل وعادل في الشرق الأوسط، تحت شعار المبادرة العربية الصحيحة، كل الأرض مقابل كل السلام.
تحية إجلال واحترام للجامعة العربية التي لا تزال تناضل رغم كل ظروفها الصعبة حفاظًا على هوية العرب الثقافية التي يتهددها أخطار ضخمة تنذر باندثار حقوقهم التاريخية ومصالحهم المشتركة وتفتيت عناصر وحدتهم وتضامنهم، لأن الآخرين لا يريدون لهم أن يكونوا قوة مترابطة يجمعها وحدة النضال والمصير.
تحية إجلال واحترام لكل من أسهم في أن يكون الاحتفال بيوم تراث الثقافة العربية حدثًا مهمًا من أحداث الجامعة العربية، يؤكد القيمة الإنسانية لتراث العرب الثقافي الذي وحد الأمم والشعوب وقارب بين ثقافاتهم المختلفة في العصر الوسيط عندما كانت أوربا لا تزال تعيش عصور الجهالة والخرافة بينما يدرس العرب تراث سقراط وأرسطو بحثًا عن الحقيقة، ويعلون قيمة العقل الإنساني، ويجعلون حسن استخدامه واحترامه فضيلة إنسانية واجبة ويغردون له مكانة تسبق مكانة النقل، إلا أن يكون النقل قرآنًا أو سنةً، ويبقون على باب الاجتهاد مفتوحًا بلا قيود، ويجعلون "ابن رشد" و"موسى بن ميمون" و"ابن سينا" و"الفارابي" و"ابن الهيثم" علامات بارزة في تاريخ الفكر العربي في تواصله مع الفكر الإنساني.
ومن المؤكد إن من حقنا أن نفخر بتراثنا العربي في مجالات عديدة ونعتبره جزءًا من هوية العرب وشخصيتهم، وقد يكون من الضروري أن نبقى على هذا التراث حيًا ينبض بالحياة، لا يموت ولا يتقادم لأنه يجدد نفسه على نحو منتظم، مثل شجرة صالحة أصلها ثابت في الأرض، لكن ما من شك أيضًا في أن تراثنا مثل كل تراث إنساني يحفل بالكثير من الخرافة والسحر بسبب نقص المعارف وحداثة التفكير العلمي، وقلة التجريب، وسيطرة النقل وشيوع التقليد والمحاكاة، وتقديس الموروث، والفعل المتعسف بين التراث وبيئته الأصلية وأسبابه التاريخية، بما يحول دون الرؤية المتكاملة التي ترى الظواهر في إطارها الزمني الصحيح.
وأظن أننا عانينا الكثير من سوء فهمنا لتراثنا التاريخي، وفصلنا غير الصحيح بين الموروث الثقافي وبيئته الأصلية، وتأويلنا المتعسف لكثير من المنقول، بما يوجب إعادة فحص هذا التراث وتقييمه في ضوء معارف العلم ومطالب العصر الجديد، لأننا نعرف بدنيانا المتطورة المتغيرة التي تشبه ماء النهر في حالة تغير وجريان مستمر، ولا تناقض المرة بين اعتزازنا بتراثنا التاريخي الذي يشكل جزءًا من هويتنا الأصلية، وبين رؤيتنا العصرية لبعض مفاهيم هذا التراث التاريخي في ضوء اجتهادات العقل الإنساني ومعارف الإنسان المتجددة المتطورة.