بيزنس الأديرة والكنائس فى بيوت المغتربين

العدد الأسبوعي



الإقامة بـ13 ألفاً للطالب الواحد دون وجبات تحت إشراف القساوسة والكهنة

بعض الكنائس يرفض إقامة أبناء الفقراء ويفضل طلاب الجامعات الخاصة


عادة ما تحرص الكنيسة على احتواء أبنائها من الشباب، ورعايتهم وتوفير مجال أمامهم لممارسة الأنشطة والهوايات التى يفضلونها لتستطيع جذبهم إليها وتضمن لهم الحياة فى جو من الإيمان تحت رعاية القساوسة والكهنة، ولذلك حرصت على توفير سكن خاص للطلبة والطالبات والعاملين المغتربين، سواء فى العاصمة أو فى الأقاليم لتضمن لهم حياة روحية تحت إشرافها.



الفكرة بدأت بهدف تخفيف الأعباء عن الأقباط الفقراء، ثم تحولت تدريجياً إلى بيزنس يدر دخلاً لصالح الأديرة التى تعتبر جهة خدمية غير هادفة للربح.

نشأت بيوت المغتربين المسيحية على يد باسيلى بطرس، الذى درس فى الكلية الإكليركية عام 1900، وعمل مدرساً للدين المسيحى بأكبر المدارس القبطية بالقاهرة وواعظاً شهيراً وأنفق عليه المجلس الملى العام وأوفده للدراسة فى كلية اللاهوت بانجلترا، ليدرس هناك نظم إدارة الجمعيات الأهلية، وبعد عودته أسس جمعية أصدقاء الكتاب المقدس، عام 1908، وتولى منصب السكرتير العام لها، وكانت فكرته إقامة بيوت للمغتربين سواء طلبة أو عاملين، تحتضنهم وتوفر لهم وسيلة لممارسة الأنشطة الرياضية تنظم لهم رحلات إلى المصايف ومعسكرات للكشافة تبدأ من العاصمة.

ومن خلال مجموعة من معاونيه بدأ بطرس يتوسع وينشر الفكرة حيث ارتبط وجود بيت المغتربين فى كل محافظة أو حى، بدير أو كنيسة ليشرف على البيت أحد القساوسة أو الرهبان أو الراهبات بالنسبة لبيوت الفتيات أو أحد أبناء الكنيسة الذين أصبحوا خبراء فى إدارة هذه البيوت على يد بطرس، ولاقت الفكرة رواجاً كبيراً، حيث بدأت الكنائس تفكر فى إنشاء أماكن لإقامة المغتربين سواء دائمة أو مؤقتة، وكانت الفكرة فى البداية بهدف توفير الجهد والمال على أبناء الكنيسة.

ويذكر الواعظ الشهير حبيب جرجس فى كتابه «الكلية الالكيريكة بين الحاضر والماضى»، أن إنشاء هذه البيوت جاء نتيجة تراجع دور الكنيسة الأرثوذكسية وازدهار البروتستانتية وكانت الفكرة لمواجهة أنشتطة الأخيرة التى بدأت تجذب أبناء الطائفة الأرثوذكسية.

سرعان ما تحولت فكرة بطرس لمشروع استثمارى، خصوصاً أن الطالب أو المغترب كان يسكن فى بيوت المغتربين مقابل مبلغ رمزى، مقابل الإقامة والحصول على وجبات وغسيل الملابس.

مؤخراً بدأت إدارات بيوت المغتربين فى مطالب المقيمين فيها بسداد مبالغ كبيرة أصبحت تشكل عبئاً على الطالب، وبدأت البيوت ترغب فى جذب طلاب الجامعات الخاصة للإقامة، وهو شرط غير معلن، خصوصاً أن هؤلاء قادرون على تحمل التكلفة الجديدة للإقامة فى بيوت الكنيسة، ثم ألغت بعض من هذه البيوت الوجبات وغسيل الملابس وغيرها من الخدمات، ووفرتها مقابل سداد مبلغ منفصل عن نفقات الإقامة لمن يطلب، واعتبرت الأديرة والكنائس البيوت نشاط إضافى لها يوفر عائداً مادياً فأصبح حكراً على أبناء الأغنياء وأقارب الرهبان وغيرهم.

ويعتبر بيت المحبة بالزيتون أشهر بيوت المغتربين على الإطلاق وهو يتبع دير القديس أبى مقار للرهبان بصحراء وادى النطرون بمحافظة البحيرة، وتعتبر الإقامة فيه فندقية والخدمة متميزة ويوفر وجبات وغيرها من الخدمات ويدفع الطالب نحو 15 ألف جنيه فى العام الدراسى الواحد مقابل الإقامة والتمتع بالنادى الملحق والملاعب الرياضية.

ومعظم المقيمين فى بيت المحبة، من طلاب الجامعات الخاصة، وتعطى إدارة البيت الأولوية للطبلة وليس الموظفين لأن الطالب ملتزم بالوجود طيلة العام بينما الموظف قد يترك عمله، ويظل مكانه فى السكن فارغ ويضيع على البيت مبلغاً كبيراً.

ويتكون البيت من مبنى كبير يصل لنحو 11 طابقاً ويشمل نادياً وملاعب رياضية وفيللا لإقامة رهبان الدير وذويهم ويشبه من الخارج المدارس الكبيرة.

أما «أصدقاء وصديقات الكتاب المقدس»، فهى جمعية غير هادفة للربح أسسها بطرس باسيلى، أنشأت عدداً من بيوت المغتربين والمغتربات فى معظم المحافظات عادة ما تكون خاضعة تحت إشراف الأديرة القريبة، حيث يرسل الدير رهباناً ومكرسين للإقامة وسط الطلبة ويحدد أحد القساوسة لمتابعة الحالة الروحية، ويدفع الطالب أو الطالبة رسوم الإقامة التى تتراوح ما بين 3 و6 آلاف للغرفة الفردية «السينجل»، ولا يشمل المبلغ تكلفة الوجبات، وكذلك يتم دفع رسوم إضافية مقابل استخدام «الغسالة» فى كل مرة.

ويتم تحويل الرسوم المدفوعة للحساب البنكى الخاص بالجمعية، وتقيم الجمعية فى كل محافظة عدداً من الأبنية الكبيرة وفى الفيوم على سبيل المثال مبنى خاص بالفتيات وآخر للبنين، كذلك سكن الأنبا إبرام التابع لدير العزب بالفيوم، وهو مخصص للطالبات والموظفات المغتربات، وتم بناؤه على نظام راقى حيث توجد بكل غرفة ثلاجة خاصة، وتصل تكلفة الإقامة لنحو 5 آلاف فى العام الدراسى.

ويعتبر سكن الأنبا برسوم العريان بالمعصرة بحى حلوان، أقل كلفة بالنسبة للمغتربين حيث إن الوافدين عليه من طلبة جامعة حلوان ومعظمهم ينتمون للمناطق الفقيرة فى محافظة بنى سويف ومركز الصف.

وتوفر الأديرة فى كل محافظة مبنى أو اثنين للطلبة والطالبات المغتربات، الذين يدرسون فى الجامعة الموجودة بالمحافظة، وتتراوح تكلفة الإقامة من 2000 جنيه فى العام الدراسى الواحد لتصل إلى 15 ألفاً، لما يضمه السكن من خدمات رفاهية سواء مصاعد كهربائية وأجهزة تليفزيوناً ودشاً مركزياً وتكييفاً وإنترنت وغيرها فضلاً عن نوعية الأثاث.

ويتبع أسقفية الشباب عدد ضخم من بيوت الخلوة والمغتربين ومخيمات الكشافة فى كل المحافظات، يخصص فيها مبنى للطلبة والشباب والفتيات المغتربين للإقامة الدائمة بالنسبة للطلبة والموظفين والإقامة المؤقتة للرحلات والمؤتمرات، وتعتبر مستوى الخدمة والعناية فيها على مستوى جيد، إلا أن كلفة السكن فيها تعتبر عالية قد تصل لنحو 10 آلاف بالنسبة للغرفة الفردية، ويتمركز مبنى المغتربين بحى العباسية حيث مقر الكاتدرائية وأسقفية الشباب ويعتبر مكاناً محورياً للمغتربين من المحافظات.

وتنتشر بيوت الأسقفية بجميع المحافظات خصوصاً التى توجد فيها جامعة لتوفير مكان آمن للسكن لأبناء الكنيسة الأرثوذكسية، منها بيت الملائكة وبيت الشابات وبيت الشمامسة، كما توفر الأسقفية مجموعة من الأنشطة الترفيهية داخل هذه المبانى من ملاعب وأماكن واسعة لممارسة الرياضة وحمامات السباحة.

وبدأ كثير من الكنائس تتبنى فكرة بيوت المغتربين حيث انتشرت فى العاصمة والأحياء المجاورة لها وفى القاهرة على سبيل المثال ما يزيد على 20 بيتاً تابعاً لكنائس، مخصصة للشباب والفتيات منها كنيسة مارجرجس بالخصوص والسيدة العذراء بالمطرية وكنيسة مارجرجس بكوتسيكا وعدد كبير من كنائس شبرا، منها التابع لجمعيات أهلية أسستها كنائس ومنها التابع مباشرة لكنائس، من بينها كنائس الوايلى والضاهر والشرابية والكنائس المحيطة بجامعتى القاهرة والأسكندرية، وتتراوح أسعار الإقامة فيها طبقاً لمستوى الخدمة وحداثة المبنى وجودته وتتفاوت بين 800 جنيه فى الشهر لتصل لـ10 آلاف فى العام ومعظم هذه البيوت لا توافر وجبات ولكن يتوفر بها ثلاجة وديب فريزر ليحفظ الطالب أو الطالبة فيها بالوجبات التى يحضرها بعضهم فى كل إجازة.

أمام «الواى إم والواى دبليو» فهما تابعتان لجمعيات أهلية أسستهما كنائس أرثوذكسية واختارت مقارهما فى مواقع استراتيجية بميدان عبد المنعم رياض بالتحرير، وهو خاص بالفتيات والآخر فى رمسيس خلف مسجد الفتح، وهو خاص بالفتيات والشباب وتبلغ تكلفة الإقامة والطعام لفصل دراسى نحو 5 آلاف جنيه أى أن العام الدراسى يصل لـ10 آلاف، وذلك بالنسبة للطلبة، أما المغتربون من العاملين فتبلغ تكلفة الإقامة للشهر الواحد نحو 1500 جنيه، وإذا دفع المغترب 3 أشهر تخفض القيمة لـ1100 جنيه فى الشهر أى أن تكلفة الإقامة فى العام قد تتجاوز 13 ألف جنيه، فضلاً عن شراء الوجبات الموجودة بالبوفيه الخاص بالسكن.