مي سمير تكتب: بالتفاصيل.. كيف تحكمت المخابرات الأمريكية فى الإعلام؟
الـ"CIA" جندت بعض العملاء للعمل كصحفيين.. والوكالة تفضل "كبار الكتاب"
صحفى ألمانى يعترف: اضطررت إلى نشر مقالات كتبها عملاء المخابرات الأمريكية باسمى
«تسيطر وكالة الاستخبارات المركزية «CIA» بقوة على وسائل الإعلام الأمريكية والأجنبية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وتمارس على أساس منتظم نفوذا كبيرا على ما يراه الجمهور أو يسمعه أو يقرأه»، بهذه المقدمة.. افتتح الدكتور جيمس إف تراسى، أستاذ مشارك فى الصحافة والدراسات الإعلامية فى جامعة فلوريدا أتلانتيك، تقريره المنشور على موقع «هول ميميورى»، والذى تناول فيه تلك العلاقة المثيرة للجدل بين الصحافة والمخابرات المركزية الأمريكية.
عندما تمارس على محمل الجد، فإن مهنة الصحافة تنطوى على جمع المعلومات المتعلقة بالأفراد، المحليات، الأحداث والقضايا، ومن الناحية النظرية، تقوم هذه المعلومات بإعلام الناس عن عالمهم، وبالتالى تعزيز الديمقراطية، وهذا هو بالضبط السبب فى أن المنظمات الإخبارية والصحفيين يتم استغلالهم كأصول من قبل وكالات الاستخبارات، وتشير المقالة إلى أنه رغم تأكيد الصحفيين والإعلاميين، على حد سواء أن لديهم علاقات محدودة بالمخابرات الأمريكية فإنهم لم ينفوا مثل تلك العلاقات تماما، والتاريخ الذى نادرا ما يعترف به من تعاونهم الحميم يدل على قصة مختلفة تماما.
وبحسب تراسى، فإن تلاعب المخابرات بالإعلام الأمريكى انعكس بوضوح فى السنوات الأخيرة أثناء التغطيات المتعلقة بالغش فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية عامى 2000 و2004، أحداث 11 سبتمبر 2001، الغزو الأمريكى لأفغانستان والعراق، زعزعة الاستقرار فى سوريا وإنشاء داعش، وتساءل أستاذ الإعلام الأمريكى: لماذا يخفق الصحفيون الأمريكيون البارزون بشكل روتينى فى تناول الأحداث العميقة الأخرى التى تشكل التاريخ المأساوى لأمريكا على مدى نصف القرن الماضى؟ مثل الاغتيالات السياسية فى الستينيات، أو الدور المركزى الذى لعبته وكالة المخابرات المركزية فى الاتجار الدولى بالمخدرات؟.
ورصد الكاتب أسباب عديدة للإجابة عن هذا السؤال، مثل ضغط الإعلان، الاحتكار، الاعتماد الشديد للمنظمات الإخبارية على المصادر الرسمية، والسعى الصحفى البسيط للتقدم الوظيفى، ولكن هناك أيضا بلا شك، تأثير مناورات العلاقات العامة المهنية، ومع ذلك، فإن مؤامرة الصمت هذه تشير على وجه التحديد إلى دور وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وغيرها من الأجهزة الأمنية الأمريكية، الحريصة على التعاون مع وسائل الإعلام لتشكيل الفكر والرأى بطرق لا يتصورها الجمهور العادى، ورصد التقرير نحو 50 حقيقة تتناول التعاون الوثيق بين وسائل الإعلام والمخابرات المركزية الأمريكية CIA، ونتعرض فى السطور التالية إلى أهم ما ورد فى تقرير جيمس إف تراسى.
1- مكتب الخدمات الاستراتيجية
يبدأ التقرير بالإشارة إلى عملية «موكينج بيرد» أو الطائر المحاكى، وهو برنامج واسع لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية، بدأ فى خمسينيات القرن الماضى من أجل التلاعب بوسائل الإعلام لأغراض دعائية، وقد مولت CIA المنظمات والمجلات الطلابية والثقافية كمنظمات أمامية، وجندت «موكينج بيرد» كبار الصحفيين الأمريكيين فى شبكة من أجل الإشراف على عمليات تلك المنظمات الأمامية، وتم الكشف عن دعم وكالة المخابرات المركزية لمثل هذه المنظمات الأمامية بعد أن أشارت مقالة فى مجلة رامبارت عام 1967 إلى أن جمعية الطلاب الوطنية تلقت تمويلا من المخابرات المركزية الأمريكية.
وفى السبعينيات، كشفت التحقيقات والتقارير التى أجراها الكونجرس أيضا عن ارتباط CIA بالصحفيين والجماعات المدنية، غير أن أيا من هذه التقارير لا يشير إلى عملية «موكينج بيرد» التى تنسق بين هذه الأنشطة أو تدعمها، وتعد تلك العملية جزءاً من عمليات مكتب الخدمات الاستراتيجية الذى أسسته المخابرات الأمريكية خلال الحرب العالمية الثانية، من أجل تأسيس شبكة من الصحفيين وخبراء الحرب النفسية العاملة فى المقام الأول فى المسرح الأوروبى، وبحسب أستاذ الإعلام الأمريكى فإن عمليات مكتب الخدمات الاستراتيجية استمرت فى مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، من خلال منظمة تديرها وزارة الخارجية الأمريكية، تحمل اسم مكتب تنسيق السياسات «أوبك»، الذى أشرف عليه رجل المخابرات الأمريكى فرانك ويسنر.
وأصبحت «أوبك» الوحدة الأسرع نموا داخل وكالة المخابرات المركزية الوليدة، كما لاحظت المؤرخة ليزا بيس، ارتفاع عدد الموظفين من 302 فى عام 1949 إلى ما يقرب من 3 آلاف فى عام 1952، جنبا إلى جنب مع أكثر من 3 آلاف موظف فى الخارج، وفى الفترة نفسها ارتفعت الميزانية من 4.7 مليون دولار إلى 82 مليون دولار، وبحسب كتاب «ريتشارد هيلمز: حياة فى وكالة الاستخبارات المركزية، نيويورك»، بدأ هيلمز.. مدير المخابرات المركزية السابق، مثل العديد من ضباط وكالة الاستخبارات الأمريكية حياته المهنية كصحفى، ثم انتقل إلى العمل فى مكتب الخدمات الاستراتيجية بـCIA بعد تزكية مديره فى العمل بمكتب وكالة «يونايتد برس» الموجودة ببرلين، والذى رشحه للانضمام إلى برنامج «الدعاية السوداء».
وعندما اندمجت «أوبك» مع مكتب الخدمات الخاصة فى عام 1948 تحت مظلة المخابرات المركزية الأمريكية تم استيعاب الأصول الإعلامية التى صنعتها، وحافظ فرانك ويسنر على أدواته الإعلامية التى أطلق عليها اسم «أداة ويسنر السحرية»، والتى ضمت أكثر من 800 مؤسسة أخبار ومعلومات كانت جاهزة لعزف أى لحن يختاره ويسنر، وشملت هذه الشبكة صحفيين، كتاب أعمدة، ناشرى الكتب، المحررين ومنظمات بأكملها مثل إذاعة أوروبا الحرة.
2- الصحف الأمريكية الكبرى
بعد سنوات قليلة من عمل فرانك ويسنر فى المخابرات المركزية الأمريكية، امتلكت CIA علاقات وثيقة مع أعضاء محترمين فى جرائد مثل نيويورك تايمز، نيوزويك، سى بى اس، وغيرها من وسائل الاتصال، بالإضافة إلى المراسلين والمعلقين، وبحسب الصحفية الاستقصائية ديبورا ديفيس، مؤلفة كتاب «كاترين العظيمة: كاترين جراهام والواشنطن بوست»، فإن إدارة كل صحفى يتعامل مع المخابرات تتم من خلال عملية منفصلة بتكلفة سنوية تتأرجح من عشرات إلى مئات الآلاف من الدولارات .
واعتبرت العمليات النفسية عبر الصحافة ضرورية للتأثير وتوجيه الرأى العام، فضلا عن الاستعانة بوجهات نظر النخبة، وفى هذا الإطار صرح عميل المخابرات المركزية مايلز كوبلاند للمؤرخة ليزا بيس قائلا: «إن رئيس الولايات المتحدة ووزير الخارجية وأعضاء الكونجرس وحتى مدير وكالة المخابرات المركزية سوف يقرأون ويتأثرون بمقالة لأحد كبار الصحفيين، وفى نفس الوقت قد لا يهتمون حتى بمجرد الإطلاع عن تقرير للمخابرات يتناول نفس القضية».
وفى كتابه «تحت الغطاء: خمسة وثلاثون عاما من خداع وكالة المخابرات المركزية» أشار الباحث داريل جاروود، إلى أن الوكالة فى الفترة من منتصف إلى أواخر الخمسينيات، سعت إلى الحد من الانتقاد الموجه ضد النشاط السرى وتجاوز إشراف الكونجرس أو التدخل القضائى المحتمل من قبل عملائها فى الأوساط الأكاديمية والهيئات التبشيرية ومجالس التحرير من ناشرى المجلات والكتاب المؤثرين وأى جهة أخرى يمكن أن تؤثر فى الرأى بشكل عام، كما أشارت نفس المؤرخة فى كتابها «الإعلام والاغتيالات» إلى أن كثيرا ما تتدخل وكالة المخابرات المركزية فى صنع القرار التحريرى، فعلى سبيل المثال، عندما شرعت الوكالة فى الإطاحة بنظام أربينز فى جواتيمالا فى عام 1954، طلب مدير CIA من ناشر صحيفة نيويورك تايمز آرثر هيس سولزبرجر إعادة توزيع مراسل الجريدة سيدنى جروسون من جواتيمالا إلى مكسيكو سيتى، وكان الهدف أن يساهم جروسون فى نقل انعكاسات الثورة إلى المكسيك.
ورصد الصحفى الأمريكى الشهير كارل برنستين، الذى كشف مع زميله بوب وود فضيحة «ووترجيت»، التى اضطرت الرئيس الأمريكى ريتشارد ينكسون إلى تقديم استقالته، تفاصيل تلك العلاقة الخفية التى تجمع بين وسائل الإعلام الأمريكية والمخابرات فى مقالة شهيرة بمجلة رولينج ستونج حملت عنوان «وكالة المخابرات المركزية والإعلام» عام 1977، وأشار برنستين إلى أنه منذ مطلع خمسينيات القرن الماضى، قامت CIA بتمويل العديد من الخدمات الصحفية الأجنبية والدوريات والصحف- سواء الناطقة باللغة الإنجليزية أو الأجنبية- التى وفرت تغطية ممتازة لرجال المخابرات الأمريكية.
ومن هذه المطبوعات صحيفة «روما دايلى أمريكان»، التى كانت تملكها وكالة الاستخبارات المركزية حتى أربعينيات القرن الماضى، وقد مارست وكالة المخابرات المركزية علاقات اتصال غير رسمية مع المديرين التنفيذيين لوسائط الإعلام، على النقيض من علاقتها بالصحفيين والمراسلين، الذين يتقاضون رواتبهم، والذين كانوا أكثر عرضة لتوجيهات الوكالة وفقا لبرنستين، ووقع بعض المسئولين التنفيذيين -آرثر هيز سولزبرجر من صحيفة نيويورك تايمز من بينهم- اتفاقات السرية، لكن مثل هذه التفاهمات الرسمية كانت نادرة، والعلاقات بين المسئولين فى الوكالة والمديرين التنفيذيين لوسائل الإعلام كانت عادة علاقات اجتماعية.
وعلى سبيل المثال جمعت صداقة قوية بين مدير «سى بى اس» ويليام بالى، مع مدير وكالة المخابرات المركزية ألن دولس، وحسب الصحفية الاستقصائية ديبورا ديفيس، فإن هذه الصداقة التى جمعت بين بالى ودولس كانت من أهم العلاقات التى صاغت التعاون بين المخابرات وصناعة الإعلام، حيث وفرت غطاء لعملاء وكالة المخابرات المركزية، وزودت المخابرات بالأفلام الإخبارية، وسمحت باستخلاص المعلومات من الصحفيين، وبطرق عديدة وضع معيار التعاون بين وكالة الاستخبارات المركزية وشركات البث الكبرى، التى استمرت حتى منتصف السبعينيات.
وقال برنستين فى مقالته الرئيسية عام 1977، إن علاقة المخابرات المركزية الأمريكية مع صحيفة نيويورك تايمز كانت الأكثر قيمة لها بين الصحف، وكتب برنستين: «منذ عام 1950 إلى عام 1966، تم توفير الغطاء لحوالى عشرة من موظفى CIA، بموجب الترتيبات التى وافق عليها الناشر الراحل للصحيفة آرثر هايز سولزبرجر، وقد كانت ترتيبات التغطية جزءا من سياسة تايمز العامة التى وضعها سولزبرجر لتقديم المساعدة إلى وكالة المخابرات المركزية كلما أمكن ذلك»، بالإضافة إلى ذلك، كان سولزبرجر صديقا مقربا لمدير وكالة المخابرات المركزية ألين دولس، وقال مسئول رفيع المستوى من وكالة المخابرات المركزية كان موجودا فى بعض المناقشات: «فى هذا المستوى من الاتصال كان الأقوياء يتحدثون إلى الأقوياء، كما كان هناك اتفاق من حيث المبدأ على أنه، فى الواقع، سوف نساعد بعضنا البعض».
وفى نفس السياق عمل ناشر جريدة ناشونال إنكويرر جين بوب الابن لفترة وجيزة مع مكتب وكالة المخابرات المركزية فى إيطاليا أوائل الخمسينيات، وحافظ على علاقات وثيقة مع الوكالة بعد ذلك، وامتنع بوب عن نشر عشرات القصص، التى تتناول تفاصيل عمليات الاختطاف والقتل التى تقوم بها CIA، واحدة من القصص المهمة التى منع جين بوب نشرها تعود إلى أواخر السبعينيات، وتناولت هذه القصة مقتطفات من مذكرات مارى بينشو ماير، عشيقة الرئيس الأمريكى كيندى، التى قتلت فى 12 أكتوبر 1964.
وتمكن المراسلون الذين كتبوا القصة من وضع جيمس جيسوس أنجليتون، رئيس العمليات المضادة للوكالة، فى مكان الحادث، وقد استندت قصة أخرى تم منعها، إلى وثائق تثبت أن رجل الأعمال الأمريكى الشهير وأحد مؤسسى مدينة لاس فيجاس هوارد هيوز، جمعته علاقة قوية مع وكالة المخابرات المركزية امتدت لسنوات، وأن الوكالة كانت تستخدم أموال هيوز لتمويل التبرعات سرا؛ لأعضاء الكونجرس وأعضاء مجلس الشيوخ الأعضاء فى اللجان الفرعية المهمة للوكالة، والجدير بالذكر أن جيمس جيسوس أنجليتون، الذى أشرف على وحدة العمليات المضادة للمخابرات الأمريكية لمدة 25 عاما، كان يشرف أيضا على مجموعة مستقلة من الصحفيين الذين نفذوا مهام حساسة وغالبا ما تكون خطيرة، لا يعرف الكثير عن هذه المجموعة التى تم الحفاظ على سرية عملها على نحو كبير.
3- تدريبات صحفية
وأجرت وكالة المخابرات المركزية برنامج تدريب رسمى خلال الخمسينيات لغرض إرشاد عملائها للعمل كصحفيين، وقال مسئول كبير فى وكالة المخابرات المركزية الأمريكية: «تم تدريب ضباط المخابرات لإحداث ضجيج مثل الصحفيين»، ثم تم وضعهم فى المؤسسات الإخبارية الرئيسية بمساعدة الإدارة، هؤلاء العملاء يتم فى البداية تدريبهم بشكل تقليدى قبل إبلاغهم فى مرحلة ما بوقوع الاختيار عليهم للعمل كصحفيين، ولكن CIA بشكل عام كانت تفضل التعاون مع الصحفيين الذين يتمتعوا باسم شهير بالفعل فى صناعة الإعلام.
وكان قادة المخابرات الأمريكية فرانك ويسنر وألين دولس أصدقاء مع ناشر واشنطن بوست فيليب جراهام، وتطورت الواشنطن بوست إلى واحدة من أهم وأكثر المؤسسات الإخبارية تأثيرا فى الولايات المتحدة؛ بسبب علاقتها مع وكالة المخابرات المركزية بحسب ديبورا ديفيس، التى أكدت أن التزام فيليب جراهام بمساعدة المخابرات كان سببا فى إعطاء فرانك ويسنر اهتماما كبيرا من أجل جعل صحيفة الواشنطن بوست الوسيلة الإخبارية المهيمنة فى واشنطن، والجدير بالذكر أن فيليب جراهام هو زوج كاترين جراهام التى تولت مسئولية الصحفية بعد رحليه وتم تناول شخصيتها فى فيلم «بوست» الذى لعبت بطولته ميريل ستريب مؤخرا.
وحافظت أبرز المجلات الأسبوعية فى الولايات المتحدة الأمريكية، وهما «النيوزويك والتايم» على علاقات وثيقة مع المخابرات الأمريكية، وكتب كارل برنستين أن ملفات الوكالة تحتوى على اتفاقيات مكتوبة مع المراسلين الأجانب السابقين لمجلات الأمريكية الشهيرة، وأضاف برنستين أن كثيرا ما كان مدير المخابرات الأمريكية الراحل ألين دولس يلتقى مع صديقه الحميم الراحل هنرى لوسى، مؤسس مجلة تايم ومجلة لايف، الذى سمح بسهولة لبعض أعضاء طاقمه بالعمل لدى الوكالة ووافق على توفير وظائف ووثائق تفويض لعناصر أخرى من وكالة المخابرات المركزية الذين يفتقرون إلى الخبرة الصحفية.
وأكدت العديد من المصادر الاستخباراتية صحة ما أشار إليه كارل برنستين فى مقالته «وكالة المخابرات المركزية والإعلام»، وعلى سبيل المثال فى مذكراته «الجاسوس الأمريكى: تاريخى السرى فى وكالة المخابرات المركزية، ووترجيت، وما وراءها» يشير الضابط السابق فى وكالة الاستخبارات المركزية هوارد هانت إلى أن خبرته فى أروقة المخابرات الأمريكية تؤكد المعلومات التى تضمنتها هذه المقالة، ولا تزال المخابرات المركزية الأمريكية تمتع بعلاقات قوية مع الإعلام، كما يؤكد العميل السابق لوكالة المخابرات المركزية روبرت ديفيد ستيل.
ويقول العميل السابق إن تلاعب الوكالة بوسائل الإعلام فى الوقت الحالى هو أسوأ مما كان عليه فى أواخر السبعينيات عندما كتب بيرنشتاين مقالته «وكالة المخابرات المركزية والإعلام»، ويضيف ستيل فى تصريحات خاصة لأستاذ الإعلام جيمس تراسى أن الشىء المحزن هو أن وكالة المخابرات المركزية قادرة جدا على التلاعب بوسائل الإعلام ولها ترتيبات مالية مع وسائل الإعلام، مع الكونجرس، مع جميع الجهات الأخرى، ولكن النصف الآخر من تلك العملة هو أن وسائل الإعلام كسولة.
ومن الحقائق المعروفة جيدا أن الصحفى الإذاعى الشهير أندرسون كوبر تدرب فى وكالة المخابرات المركزية بينما كان طالب فى جامعة يال فى أواخر الثمانينيات، وفى نفس الإطار كشف الصحفى الألمانى المخضرم أودو أولفكوت، مؤلف كتاب «صحفيون للبيع» المنشور فى عام 2014، كيف أنه فى ظل التهديد بإنهاء مشواره المهنى كان يضطر بشكل روتينى إلى نشر مقالات كتبها عملاء المخابرات باستخدام خطه، وقال أولفكوت فى مقابلة أجراها مؤخرا مع روسيا اليوم: «انتهى الأمر بنشر مقالات تحت اسمى كتبها عملاء وكالة الاستخبارات المركزية وغيرها من أجهزة الاستخبارات».