عادل حمودة يكتب: صحيفة سوابق رئيس حزب الوفد

مقالات الرأي



أحكام نهائية بالحبس والغرامة ضده لا تنفذ على خلاف قانون العقوبات تشاركه

فى بعضها ابنته التى سافرت إلى الخارج بخدمة مميزة!

تبديد وتزوير وخيانة أمانة وشيكات بدون رصيد وتهديد الأمن القومى

106 أصوات زيادة فى انتخابات تجديد رئاسته حسب تقرير اللجنة المشرفة التى رأسها الدكتور إبراهيم درويش

خلط بين السياسة والتجارة ففشل فيهما معا

جبهة تحرير الوفد تصدر كتابا بالوثائق ترصد فيه الجرائم التى ارتكبها وترصد علاقته باللواء حسن عبدالرحمن

خطته فى الاستمرار بعد انقضاء مدته الثانية والأخيرة: ترشيح ودعم أحد رجاله فى الانتخابات المقبلة ليستقيل بعد الفوز فاتحا الباب أمامه للترشح لمدة ثالثة على طريقة بوتين!


إنقاذ الحياة السياسية مما تعانيه من خمول وانكماش وكساد يبدأ بإصلاح حزب الوفد.

وإصلاح حزب الوفد مما يعانيه من خفوت الصوت وضعف التأثير يبدأ باستقالة (أو إقالة) رئيسه الدكتور السيد البدوى شحاتة.

ولد الوفد فى أتون الحركة الوطنية التى منحته ثقتها وشعبيتها ورد الحزب الجميل إليها بدعم الديمقراطية الليبرالية التى رسختها الشخصيات المميزة التى صنعت تاريخه من سعد زغلول إلى فؤاد سراج الدين دون أن ننسى بالقطع مصطفى النحاس.

لكن تلك الزعامات التاريخية لم تعد على ما يبدو هادئة مستقرة فى قبورها منذ أن سيطر على الحزب شحاتة وبعد أن أضعفه وأسكته واستخدمه فى تصفية حسابات شخصية وتحصن خلفه للنجاة من سيل الأحكام الجنائية النهائية التى صدرت ضده فى حالة مثيرة للذهول والدهشة بدت فيها العدالة شاحبة مستسلمة لمن يعبث بها.

فى يوم الأربعاء 17 يناير الماضى أيدت محكمة جنح مستأنف أكتوبر حكما ضد شحاتة وابنته منى بالحبس ست سنوات مع الشغل لكل منهما وكفالة مليون جنيه وغرامة 100 ألف جنيه فى تهمتى شيكات بدون رصيد حسب القضية رقم 30992 لسنة 2017.

ولم تكن هذه القضية الأولى من نوعها وإنما كانت الأخيرة فى مسلسل من القضايا المشابهة رصدها تقرير من قطاع تنفيذ الأحكام فى مصلحة الأمن العام أرسل إلى رئيس محكمة أكتوبر فى 30 يونيو 2015 ثبت فيه وجود خمس قضايا شيكات وتبديد ضد شحاتة بصفته رئيسا لمجلس إدارة سيجا للإعلان وخمس قضايا شيكات ضده بصفته مسئولا عن قناة الحياة وتسع قضايا شيكات وتبديد وخيانة أمانة بصفته الشخصية ولوحظ وجود ثلاثة عناوين لسكنه فى الأوراق الرسمية.

وأثبت تقرير الأمن العام أنه استفاد من ميزة وقف التنفيذ فى بعض هذه الأحكام وهى ميزة يمنحها قانون العقوبات مرة واحدة للمحكوم عليه فإذا ما عاد وارتكب الجريمة نفسها خلال ثلاث سنوات وجب عليه تنفيذ كل العقوبات السابقة واللاحقة حسب المادة 149.

لكن شيئا ما يحتاج لتحقيق قضائى جعل شحاتة يحظى فى كثير من القضايا بإيقاف التنفيذ أكثر من مرة على خلاف القانون بدليل أنه لا يزال يتمتع بحريته رغم سنوات الحبس العديدة المحكوم عليه بها محدثا مئات من علامات الاستفهام التى لا تجد تفسيرا يضاف إليها لغز سفر ابنته مؤخرا إلى الخارج رغم ما صدر ضدها من أحكام بالحبس هى أيضا.

وبجانب قضايا الشيكات والتبديد وخيانة الأمانة هناك قضايا أخرى اتهم فيها شحاتة البالغ من العمر 68 سنة والقابض على الحزب منذ انتخب رئيسا له قبل نحو ثمانى سنوات فى 28 مايو 2010.

فى يونيو 2014 طالبه ثروت عبدالشهيد الممثل القانونى لشركة أو ثرى برودكشنز بمبلغ 150 ألف دولار عن كل حلقة من برنامج على شط بحر الهوى الذى أنتجته الشركة الإماراتية وعرضته قناة الحياة ولم تسدد قيمته.

وتكرر الأمر نفسه مع شركة إم بى سى الإماراتية أيضا فلم يدفع لها مبلغا يزيد على خمسة ملايين دولار رغم استغلال قناة الحياة لمسلسل العراف الذى أنتجته الشركة.

وطالبته شركة جى دبليو تى بما يزيد على خمسين مليون جنيه مقابل أعمال فنية من إنتاجها لم يسددها وطالبت منذ أربعة أعوام بإشهارإفلاسه وإحالة الأوراق للنيابة العامة لتباشر التحقيق فيها.

وحصلت شركة سونى بيكتشرز من المحكمة الاقتصادية ضده على حكم يزيد على خمسين مليون جنيه (غير فوائد التأخير) لنفس السبب.

وخلط شحاتة بين أموال شركة سيجما للأدوية التى يرأس مجلس إدارتها ويشاركه فيها مستثمرون عرب وشركة سيجما للميديا التى يرأس مجلس إدارتها أيضا مما دفع الدكتور محمد حمودة بصفته الممثل القانونى للمستثمرين العرب إلى تقديم بلاغ ضده إلى نيابة الأموال العامة اتهمه فيه بالتزوير فى محرر شركة مساهمة وسبق لـ«الفجر» نشر التفاصيل من قبل دون أن تتلقى منه ردا.

ولدينا ملف ضخم بقضايا أخرى حكم فيها ضده أو لا تزال متداولة مما يجسد لنا حالة جنائية غير مسبوقة لرئيس حزب سياسى معارض مفروض أن يحاسب الحكومة على أخطائها ووقائع فساد رجالها فكيف يتجرأ الحزب على ذلك وعلى رأس المسئول الأول عنه ألف بطحة؟.

هل تلوح الجهات الرسمية له بتلك الأحكام فلا يخرج هو وحزبه عن طوعها وينفذ لها ما تشاء ولو خصم الثمن من قوة الوفد وحركته ومبادئه؟

كيف لم يستوعب الرجل أن الشخصية السياسية حسابها أشد من الشخصية العادية؟ إن الخطأ بالنسبة للشخصية العامة جنحة والجنحة جناية والجناية تسقط الهيبة وتدمر السمعة وتفقد الصلاحية لتولى شأن حزبى.

لكن شحاتة لم يكن مهتما بصورته أو سمعته أو صلاحيته وكثف جهوده كلها فى البقاء رئيسا للوفد رغم ما شاب عملية تجديد انتخابه يوم الجمعة 25 إبريل 2014 من عوار يفقدها شرعيتها حسب التقرير الذى قدمه رئيس اللجنة التى أشرفت على الانتخابات الدكتور إبراهيم درويش ونائبه حسين عبدالرازق وأثبتا فيه أن عدد الموقعين بالحضور من أعضاء الجمعية العمومية للحزب 2204 عضوا بينما وصل عدد المصوتين إلى 2308 أعضاء بزيادة 104 أصوات وهو أمر يبطل عملية الانتخابات.

ووضعت اللجنة وثائقها أمام الهيئات المختصة فى الوفد لتقرر ما تراه ملائما وصحيحا ولكن لا شىء تغير وإن بقى وجود شحاتة فى منصبه الحزبى الرفيع محل شك فى شرعيته.

ولا شك أن ما حدث ضاعف من حجم الشرخ الذى أحدثه شحاتة فى الحزب وضاعف من الصراعات بين قياداته مما أضعف الحزب وأصابه بالعطب رغم الآمال السياسية العريضة التى وضعت عليه لتنشيط الحياة السياسية وإخراجها من حالة الهزال التى تعانيها.

وبدا واضحا أن أساليب شحاتة داخل الحزب لا تتسم بالقواعد الديمقراطية التى اشتهر بها الوفد مما فتح الباب أمام العمل السرى المضاد لشحاتة بتكوين ما سمى بـ جبهة تحرير الوفد التى وزعت كتيبا عنوانه محاكمة السيد البدوى طالبت فيه بطرد أعضاء الحزب الوطنى الذين أدخلهم شحاتة حزب الوفد بعد ثورة يناير وطالبت بتطهير حزب الوفد من الفساد والفاسدين.

ووجهت الجبهة العديد من الاتهامات لشحاتة نشرتها فى الكتيب المنسوب إليها منها:

أن شحاتة الذى وصفته برجل أمن الدولة الأول اشترى جريدة الدستور خدمة لنظام مبارك لإقالة رئيس تحريرها إبراهيم عيسى وإسكات صوتها.

إنه استخف بمبادئ وأعراف المعارضة الأصيلة واستخف بالقوانين وارتكب العديد من الجرائم دون أن تطوله يد العدالة وهو ما ثبت سلفا.

إن تجديد انتخابه لرئاسة الوفد شابه البطلان وهو ما ثبت سلفا.

إنه لم يبق من ودائع الحزب فى البنوك التى بلغت 93 مليون جنيه فى عام 2009 سوى مبالغ ضئيلة حسب صور الميزانية المنشورة فى الكتيب.

إنه على خلاف الفقرة الثالثة من إحدى مواد قانون الأحزاب شكل لجنة للوفد فى الولايات المتحدة برئاسة المهندس ماجد نور وبموجب القرار 186 لسنة 2013 فى 6 يونيو من نفس العام مما استنكره عضو الحزب رضا فؤاد سلامة المقيم وفى الجيزة فرفع شكوى (رقم 3725 لسنة 2018) إلى لجنة الأحزاب وسبقها بلاغ إلى النائب العام برقم 12541 (وأحيل إلى نيابة أمن الدولة العليا برقم 2205) اعتبر فيهما القرار إضرارا بسمعة مصر فى الخارج وتهديدا لأمنها القومى.

وأقام رضا فؤاد سلامة دعوى رقم 1333 لسنة 2015 مستعجل جنوب الجيزة مطالبا بوقف اجتماع الهيئة العليا للحزب المقرر عقدها فى 15 يونيو 2015 لانتخاب 5 سكرتارية فقدم شحاتة للمحكمة حافظة مستندات طويت على نسخة رسمية من لائحة الحزب وبالاطلاع عليها تبين أنها مخالفة للائحة الحقيقية وبها تزوير بالحذف لعدد ثلاث كلمات بالمادة 14 منها.

حسب النص الصحيح للائحة فإن الهيئة الوفدية تنتخب فى اجتماعها الدورى خمس سكرتاريات من بين أعضائها لمدة خمس سنوات لكن اللائحة التى زورت حذف منها جملة لمدة خمس سنوات.

ووقع شحاتة بصفته رئيسا لمجلس جريدة الحزب عقدا إعلانيا مع شركة ميديا لاين التى كان لها فى نفس الوقت حق الامتياز الإعلانى فى قناة الحياة.

وحسب ملاحظات وكيل الجهاز المركزى للمحاسبات المحاسبة إخلاص محمود أحمد المرسلة إلى شحاتة فإنه خالف قواعد الجهاز بمنحه ميديا لاين الامتياز الإعلانى دون دراسة جدوى ودون أن تفحص الشئون القانونية فى الجريدة العقد المبرم معها بجانب عدم حصول الجريدة على عروض مختلفة للمفاضلة بينها مما يعنى أن التعاقد مع ميديا لاين كان بالأمر المباشر.

وعندما وقعت الخلافات بين شحاتة وميديا لاين استخدم شحاتة الجريدة فى الهجوم على مسئولى الشركة لكن الغريب أن ميديا لاين أرسلت فى 15 مارس 2012 مقاصة بقيمة مديونية خاصة بشركة مسك كيمونيكيشن جروب بمبلغ يقترب من (حوالى 260 ألف جنيه) لتخصم من مديونية ميديا جروب التى يطالبها بها الوفد وشركة كيمونيكيشن جروب يرأسها ياسر حسان المعين من شحاتة نائبا لرئيس الحزب مما يعنى خلط العام بالخاص بجرأة تفضحها المستندات.

لقد تنبأ عبدالرحمن بن محمد (بن خلدون) قبل مئات السنين بفشل التداخل بين التجارة والسياسة لأنه يؤدى إلى خسارة التجارة وفشل السياسة.

ولكن شحاتة لم يقرأ على ما يبدو ما كتبه عالم الاجتماع العربى الشهير فخلط الثروة بالسياسة وارتكن إلى علاقة قوية بالسلطة ممثلة فى رئيس مباحث أمن الدولة الأسبق حسن عبدالرحمن.

لقد نجح شحاتة فى تخصص الصيدلة التى درسها فى جامعة الإسكندرية وأصبح واحدا من كبار صناع الأدوية فى مصر لكن نجاحه تراجع عندما أعطى لقناة الحياة التى أسسها كثيرا من وقته وازاد التراجع بتوليه رئاسة الوفد فلم يستطع أن يوفق بين الثلاث مؤسسات غير المتجانسة فخسر الثلاث تقريبا.

أجبر على بيع القناة بعد أن تراكمت عليها الديون وفقد ثقة الشركاء العرب فى شركة الأدوية وزادت المعارضة لوجوده فى الحزب الذى بدا واضحا أنه لم يعد مناسبا استمراره فيه خاصة أن لائحة الحزب لا تسمح له بالترشح لرئاسته بعد انقضاء دورته الثانية.

لكن شحاتة لن يستسلم للائحة وغالبا سوف يرشح أحد مساعديه للرئاسة فى الانتخابات القادمة بعد شهور قليلة على ألا يبقى فى المنصب أكثر من عدة شهور ثم يستقيل ليمنح شحاتة فرصة الترشح من جديد على طريقة بوتين.

لم لا يخرج الرجل من المشهد بعد أن ساهم بنسبة هائلة فى تشويهه وتدميره؟

لم لا يسوى ديونه ويعتزل ويقضى ما تبقى من عمره مستمتعا بحياته طالبا من أعضاء الحزب أن يسامحوه على أخطائه؟

يا دكتور السيد البدوى شحاتة نسألك الرحيل ربما تغفر لك الحياة السياسية والحزبية ما فعلت بها.