د. نصار عبدالله يكتب: من هو كاتبك المفضل؟
من الذى يستطيع يوميا قراءة كل الأعمدة والمقالات التى تمتلئ بها صحيفة مصرية واحدة أو أكثر، أوعدد أكبر من الصفحات والمجلات المصرية والعربية، من الذين تفرض عليهم ذلك طبيعة عملهم؟، السؤال السابق طرحه الأستاذ رشدى أبو الحسن فى مجلة: «صباح الخير»، المعروفة، وقد عثرت عليه مصادفة أثناء تجوالى اليومى بين مواقع الشبكة العنكبوتية: «الإنترنت».. يقول الأستاذ أبوالحسن: إن مثل هذا الأمر ليس سهلا أو ممكنا أو مطلوبا، إن لم يكن مستحيلا أحيانا، ويضيف: لقد أحصيت متوسط عدد هذه المقالات، فوجدته يصل فى المتوسط إلى خمس وعشرين، ويصل فى بعض الحالات إلى خمسين كما فى حالة «أخبار اليوم». وفى رأى الأستاذ أبو الحسن أنه لابد أن يكون كل قارئ مهتم قد توصل إلى وسيلة ومعيار، يقرأ فيه أفضل ما يمكن الاطلاع عليه فى رأيه ومعيار الاختيار الذى استند إليه صاحب ذلك المقال الذى جذبنى عنوانه وشدنى إلى سطوره التالية، معيار الاختيار لديه يعتمد على مدى استناد الكاتب إلى المعلومات والحقائق، وكده فى البحث عنها، والتمكن من الخدمة، وموهبة توضيح الفكرة، والقلب النابض بالاهتمام، والخبرة بالتحليل والتفنيد، وامتلاك بوصلة يرى من خلالها. ويستطرد كاتب المقال قائلا: لا أظن أنه يهمك أن أسرد عليك قائمة بأسماء كل الذين يعنينى أن أتابع ما ينشرونه وقد أحصيت منهم بعض عشرات. ولا بأس من الإشارة إلى الذين يتربعون على رأس هذه القائمة، دون ترتيب: ويهمنى أن أعيد التأكيد أن للقائمة بقية، ولكن هؤلاء هم من على رأسها: «عبدالمنعم سعيد - مصطفى كامل السيد - قدرى حفنى - محمد أبوالغار - إكرام لمعى - رضوان السيد - جلال أمين - أحمد يوسف - سعد الدين إبراهيم - مصطفى حجازى - محمد كمال - ناجح إبراهيم - سمير عطاالله - زياد بهاء الدين - فهمى هويدى - خالد منتصر - حازم صاغية - حسن حنفى - أحمد عبدربه - نصار عبدالله - حازم الببلاوى - خالد القشطينى» وللأمانة أقول: «إن الأستاذ رشدى أبو الحسن قد أسعدنى عندما ذكر أنى واحد من الذين يضعهم على رأس قائمته الخاصة، ومصدر سعادتى نابع أولا وقبل كل شىء من اكتشافى بأن هناك بالفعل من يتابعون ما أكتبه ومن بين هؤلاء كتاب مقتدرون مثل الأستاذ رشدى أبوالحسن نفسه الذى لا تربطنى به صلة شخصية من أى نوع ولم أتشرف بمعرفته من قبل، ثم هو نابع ثانيا من أنه يضعنى جنبا إلى جنب مع أساتذتى بالمعنى الحرفى للمصطلح، فقد كنت تلميذا للدكتور جلال أمين حين درست الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، كما كنت تلميذا للدكتور حسن حنفى عندما درست الفلسفة بكلية الآداب جامعة القاهرة، ثم هو نابع ثالثا من أن المعيار الذى وضعه لاختيار قائمته الخاصة من الكتاب هو تقريبا نفس المعيار الذى أضعه أنا كقارئ، لاختيار من هو كاتبى المفضل ونتيجة لوحدة المعيار فإن أغلب الكتاب الذين يتربعون على رأس قائمته هم نفس الكتاب المفضلين لدىّ، والأرجح أن بقية الكتاب المفضلين لدى سيادته وليس فقط أولئك الذين وضعهم على رأس القائمة، الأرجح أنهم هم أو أغلبهم على الأقل نفس الكتاب المفضلين لدىّ، وإن كنت أحب أن أضيف أبعادا أخرى إلى معيار الاختيار فى مقدمتها البناء العضوى للمقال مما يجعله شبيها بعمل فنى ما وإن يكن من نوع مختلف، والواقع أن الكثير من الأسماء التى وردت فى قائمة الأستاذ أبو الحسن ينطبق عليها هذا البعد الأخير، وإن كنت أضيف إلى القائمة كتابا رحلوا عنا لكن الكثير من مقالاتهم ما زالت باقية تنبض بالحياة، صالحة للقراءة أكثر من مرة، كأنما هى عمل فنى تتذوقه أكثر من مرة ولا تمل منه، من بين هؤلاء الصديق الراحل: جلال عامر الذى لم يقدر لى أن ألتقى به مرة واحدة فى حياته، لكن الصلة بيننا سرعان ما أصبحت وثيقة عبر الهاتف، حيث كان يمتعنى بشكل يومى تقريبا بأحاديثه بنفس القدر الذى تمتعنى به كتاباته، وعلى رأس هؤلاء الراحلين الباقين أحمد بهاء الدين الذى كان من أهم كتاب روز اليوسف حين التفتت إلى موهبته الواضحة مؤسسة المجلة التى هى فنانة موهوبة فى الأصل، وقد ظل حسها الفنى يقظا حتى وهى تمارس الصحافة، وما كان أصدق حدس السيدة فاطمة اليوسف وما توسمته فى أحمد بهاء الدين من ثقافة وموهبة، فقد أصبح فيما بعد من أهم كتاب المجلة، وذلك قبل أن تتأسس مجلة: «صباح الخير» ذاتها عام 1957، حيث أصبح حينذاك أول رئيس تحرير لها، وواحدا من أصغر رؤساء التحرير فى تاريخ الصحافة المصرية.