منال لاشين تكتب: محمد مرسي .. يعشق إهانة الإخوان له

مقالات الرأي

منال لاشين تكتب:
منال لاشين تكتب: محمد مرسي .. يعشق إهانة الإخوان له

حوار مرسى اتأخر. ياجماعة اعذوره اصله مزنوق فى (المحور)، عاجل جدا. حوار مرسى سيعرض فى الدائرى بدلا من المحور. مرسى رجع فى حواره زى ما بيرجع فى قراره. هذه عينة مجرد عينة بسيطة من سخرية المصريين من فضيحة تأخر حوار الدكتور مرسى على قناة المحور. يسخر المصريون من رؤسائهم. ولكن مرسى، وحده مرسى استحوذ على النصيب الاوفر والاكثر جرأة وتجرأ على مقام الرئاسة. لم تعد للرئيس حصانة أو هيبة فى مواجهة الشعب. فقد حطمت ثورة 25 يناير تابوهات كثيرة وعتيقة فى السياسة المصرية. ومن بينها تحصين شخص الرئيس من النقد لاذعا كان أو عنيفا، ولكن تأثير هذه الثورة العظيمة لعبت دورا مزدوجا فى هذه القضية، فقد أسقطت الاساطين من ناحية، ولكنها كانت سببا رئيسيا فى وصول رئيس إخوانى مثل مرسى للحكم من ناحية أخرى. وهكذا وصلنا إلى طريق مفتوح من الناحيتين. شعب خرج من قمقم الخوف، ورئيس لم يحرص على تأكيد هيبة منصبه. وحين التقى الطرفان فى معارك ومواقف يومية ومصيرية انفجرت النتيجة. طوفان من الغضب المشروع، والغضب بطبعه لا يتميز بالعقل والحكمة، فالغاضب وأهل الشهيد والثوار الذين تعرضوا للتعذيب والنساء اللاتى تعرضن للتحرش. كل هؤلاء الغاضبين والثائرين الصبر بالنسبة لهم انتحار، والحوار الرقيق ترف من العار أن نطالبهم به.

على الجانب الآخر لم ولن يدخر الدكتور مرسى فرصة وإلا أهان فيها مقام الرئاسة وعصف بهيبتها فى مستويات تتدنى يوما بعد الآخر.

فى حواره الأخير توقف مرسى عند عنوان لأحد مقالاتى وكان أحد عناوين الفجر منذ أسابيع. لم يعجب مرسى عنوان (عندما تصبح إهانة الرئيس واجبًا وطنيًا). والمقال كان يناقش فكرة التهمة الجنائية الخاصة بإهانة الرئيس. ومرسى الغاضب الممتعض من العنوان لم يتوقف عند إهانة بالغة لمؤسسة الرئاسة من أهله وعشيرته، توقف فقط عندى عنوانى، ولكنه لم يجرؤ بالطبع على التوقف مجرد التوقف ولم أقل التعليق على إهانة الإخوان له ولمؤسسة الرئاسة ولكل الشعب المصرى. والمثير أن هذه الإهانة كانت ضمن المقال الذى ذكر عنوانه. ففى المقال توقفت عن التجرؤ غير المسبوق من جانب قيادى إخوانى وابن شقيق الدكتور سعد الكتاتنى لمرسى. فقد قال القيادى إن مرسى مسئول ملف الرئاسة فى جماعة الإخوان المسلمين. قارنت فى المقال بين موقف الرئاسة ومرسى الصامت على إهانة الإخوان له، وموقف الرئاسة من مطاردة عشرات الكتاب والمعارضين بتهمة إهانة الرئيس. مرة أخرى اتحدى الدكتور مرسى أن يرد على إهانة القيادى الإخوانى له ولمؤسسة الرئاسة. فنحن أمام رئيس تابع وخاضع تماما لجماعته ولا اقول حزبه، ولكن الدكتور مرسى سمع مثلا قيادى الحزب الديمقراطى فى أمريكا يصف الرئيس أوباما بانه مجرد مسئول الملف الرئاسى فى الحزب. عمر الدكتور مرسى سمع أن رئيس أى رئيس من الشرق أو الغرب، ومن الشمال أو الجنوب أو حتى من بلاد الواق واق تعرض لمثل هذه الإهانة من حزبه وأهله وعشيرته.

فالدكتور مرسى ساهم بكل جهد بشرى ممكن فى إهانة مؤسسة الرئاسة بهذا الصمت على تجاوز الإخوان. والمؤسسة التى تصمت على إهانتها يسقط عنها الحق فى مطالبة الآخرين بعدم التعرض لها أو نقدها. مهما بلغ النقد من عنف وقوة. على الأقل التجاوز من الغريب اقل قسوة يادكتور مرسى من إهانة الاهل والعشيرة.

فى نفس الحوار أهان مرسى مقام الرئاسة مرة أخرى وربما عاشرة، سأله المحاور عن وضع جماعة الإخوان وهل ستقنن أوضاعها القانونية مع قانون الجمعيات. بدل أن يلجأ مرسى للإجابات الدبلوماسية. بدلا من أن يلف ويدور إنقاذا لسمعة الرئاسة، وحفظا لماء وجهها. اختار مرسى الخضوع للجماعة، وقال إن هناك قانونًا جديدًا للجمعيات وأن الجماعة ستوفق أوضاعها.

تصوروا أن رئيس جمهورية بحجم ومكانة مصر، ورئيس جاء بسبب ثورة بعظمة ثورة 25 يناير يرضى لمؤسسته بالإهانة ويرضى لنفسه بالهوان السياسى. ولا يستطيع حتى أن يعد بأن توفق جماعته أوضاعها القانونية الآن وفى ظل قانون الجمعيات الحالى، مثلها مثل آلاف الجمعيات الأهلية. من باب حفظ كرامة الرئاسة والرئيس، كان يجب على مرسى أن ينصح أو أقول يأمر (لا سمح الله) جماعته بأن تقدم أوراقها لوزارة الشئون لتبدأ رحلة توفيق أوضاعها. أما أن يرضى رئيس على نفسه أن تظل جماعة فوق القانون، وخارج الإطار الدستورى للبلد فإنه يؤكد أنه مجرد رئيس تابع للجماعة، وأن الرئاسة مجرد فرع من فروع الجماعة. وبهذا الوضع يصبح ترتيب رئيس مصر من حيث النفوذ والأهمية رقم ثلاثة أو أربعة، لأن مرسى فى جماعة الإخوان يأتى بعد مرشد الإخوان وبعد رجلهم القوى خيرت الشاطر، وبعد عدد من قيادات مكتب الإرشاد. ألا يرى مرسى أى إهانة وجهها بنفسه وبالجهود الذاتية المخلصة إلى مؤسسة ومقام وهيبة الرئاسة. ألم يسقط مرسى بهذه الطريقة أو بالأحرى الخضوع للجماعة عن الرئاسة هيبتها، ومن ثم يسقط المبرر القانونى لتهمة إهانة الرئيس نفسها. لأن هذه التهمة مرتبطة بوضع مؤسسة الرئاسة كأعلى سلطة فى البلاد. وعلى الرغم من أن تهمة إهانة الرئيس لا يوجد مثيل لها فى أى دولة ديمقراطية أو حتى ربع ديمقراطية، وعلى الرغم من رفض المدافعين عن الحريات لبقاء هذه التهمة. رغم هذا وذاك فإن الوضع الحالى لمرسى وترتيبه بين الأهل والعشيرة يدفع أى قانونى منصف إلى تعديل التهمة. ممكن تتحول أى تهمة إهانة المرشد، أو تهمة إهانة الشاطر. ولكن بقاء تهمة إهانة الرئيس ظلم بين وتناقض صارخ، لأن الرئاسة لم تعد هى أعلى سلطة فى البلاد. ولكن هناك سببًا آخر لإلغاء هذه التهمة، وهذا السبب هو الذى دفعنى لكتابة مقالى الأول. فالرئيس يهين شعبه كل يوم، ولكنه يفلت من العقاب لمجرد أن القانون يخلو من تهمة إهانة الشعب، ومن ثم لا توجد عقوبة تردع الرئيس الذى يهين شعبه، لا توجد عقوبة على الرئيس الذى يتعرى المواطن ويسحل أمام قصره الرئاسى، لا توجد عقوبه على التحرش المؤسسى الممنهج بالفتيتات والنساء، ولا توجد عقوبة على رعاية قتل الشهداء من خيرة شباب مرسى.

ولكن توجد عقوبات على الكاتب أو المعارض الذى يهين الرئيس أو الرئاسة. وهذا الوضع تناقض مع مفهوم العدالة والمساواة بين المواطنين أمام القانون. وإلا أن تتم المساواة بين الرئيس والشعب فى تهمة أو جريمة الإهانة. فليس أمامنا حل سوى استمرار الكفاح لو بكلمة ضد الرئيس الذى أهان شعبه ومقام رئاسته معا. فسوف نستمر فى هذا الجهد البسيط. وأثق أن مرسى سيستمر فى التهديد والوعيد وفى إحالتنا للنيابات والمحاكم.

وهناك دوما احتمال أن تنتهى المحاكمة بسجن المعارض أو الكاتب أو الصحفى. ولكن لو فكر مرسى لعرف أن حتى سيفه وسجنه لم يعد حدثا استثنائيا، أو نهاية المطاف أو أسوأ الكوابيس وأخطر الاحزان. فالحرية غالية وثمينة، ولكنها تتضاءل أمام الموت الذى يحصد حياة شباب فى بداية رحلتهم للحياة. شبح السجن الذى يهددنا به مرسى أقل وطأة من التعذيب الذى أنهى حياة محمد الجندى، أو الألم الذى تعرضت له فتيات ثائرات من جراء التحرش. ممكن تتعرض للسجن وتكمل حياتك بعد ذلك، ولكن هذا الاحتمال يتحول لرفاهية بالنسبة لكل الشهداء الذين لم يعد لديهم مجرد اختيار حياة أخرى. ممكن تكون سجون مرسى وإخوانه صعبة وخطيرة، ولكن المؤكد أنها أقل صعوبة من الشعور الذى يطاردنا ليل نهار شعور بالحزن والانكسار على ثورة سرقت، وشباب تحولوا لطاقة غضب وتدمير، بدلا من أن يواصلوا طريق الثورة السلمية. شعور بالإهانة لما وصلت إليه حال مؤسسة الرئاسة على يد الرئيس بعد أقل من عامين من الثورة. رئيس يعشق الإهانة من أهل وعشيرته، رئيس إهانة الإخوان على قلبه زى العسل، وأى نقد وطنى مخلص غاضب يتحول تلقائيا إلى بلاغ بتهمة إهانة الرئيس. مرة أخرى يادكتور مرسى إهانة الرئيس والرئاسة تتم بالجهود الذاتية.