مصطفى عمار يكتب : الأوسكار أبو لحية !

مقالات الرأي

مصطفى عمار يكتب :
مصطفى عمار يكتب : الأوسكار أبو لحية !

بعد انتهاء حفل توزيع جوائز الأوسكار فى تمام السادسة صباحاً، الذى غاب عنه الكثيرون لحرصهم على متابعة الحوار الهزلى للرئيس مرسى مع الإعلامى عمرو الليثى، الذى اجتهد قدر استطاعته محاولاً منح مرسى فرصة للاعتراف بأخطائه ولكن خطأ عمرو الوحيد أنه دخل الحوار وهو مقتنع أنه يجلس أمام رئيس مصر، ولو أنه دخل الحوار وهو على قناعة بأنه أمام رئيس رشحته جماعته وحزبه كبديل لرجلها الأول خيرت الشاطر، لنجح عمرو فى إخراج إجابات أكثر منطقية بدلاً من الثرثرة الفارغة التى ظل يشدو بها مرسى فى وصلته الفجة طوال ساعتين وأكثر!!

المهم أنه بعد انتهاء حفل توزيع جوائز الأوسكار ومشاهدة فرحة النجوم الفائزين بالجوائز، ودموعهم الحقيقية، والمفاجأة المدوية بتقديم ميشيل أوباما لجائزة أفضل فيلم، شرد ذهنى وحاولت أن أتخيل مسابقة بحجم الأوسكار تقام على أرض مصر، ولم لا وتاريخ السينما عندنا تجاوز المائة عام، وهو ما يمنحنى حق الحلم - حتى ولو على الورق- بأن يكون لدينا فى يوم من الأيام أوسكار مصرى عالمى. ولأن أيامنا السوداء وضعتنا تحت أيدى حكم الإخوان، فخرج حلمى بالأوسكار مشوهاً لسيطرتهم عليه مثلما يسيطرون على مصر الآن.

بدأ الحفل بصعود الإعلامى الكبير عماد الدين أديب ومعتز عبدالفتاح لتقديم الحفل، فالقاعة تبدو مزدحمة عن آخرها، مكتب الإرشاد بكامل هيئته وأعضاء حزب الحرية والعدالة وأعضاء مجلس الشورى ولفيف من رجال الإخوان بالجمعية التأسيسية وغيرهم الكثيرون من الموالين لهم..

بدأ عماد الدين أديب حديثه بالتهليل بأن مصر تشهد لأول مرة فى تاريخها هذا الحفل الضخم لتوزيع جوائز الأوسكار، تحت رعاية السيد الرئيس محمد مرسى، وقاطعه معتزعبدالفتاح محللاً للحدث بأنه إن دل على شىء فهو يؤكد أننا نسير تجاه الدولة التى طالما حلمنا بها، فداعبه عمادالدين أديب بخفة دمه المعروفة قائلاً: ميزو كان بيحلم يبقى نجم سينما وحاول يستغل الشبه إللى بينه وبين الدكتور شديد لكن للأسف التحليل السياسى خطفه من حلم النجومية!!

معتز عبدالفتاح، يحاول إخفاء إحراجه، ويكمل كلامه «الجوائز التى سيتم الإعلان عنها الليلة اشترك فى وضعها 6 آلاف عضو من أعضاء جمعية أخونة الأوسكار، اجتمعوا بعيداً عن أعين الصحافة والإعلام، وقرروا اختيار الأعمال وفقاً لقناعتهم، بالإضافة لاتفاق أعضاء اللجنة على حجب نتيجة أفضل ممثلة وأفضل ممثلة مساعدة وكل الجوائز الخاصة بالنساء، حرصاً من اللجنة على إقامة شرع الله..

يقاطعه عمادالدين أديب، طبعاً وحرصاً على حياد الجوائز تم إخفاء هوية الستة آلاف شخصية حتى لا يتعرضوا لأى ضغوط أو تهديدات، إنتو عارفين إحنا داخلين على انتخابات، وزجاجة الزيت وكيلو السكر بقى ليهم تأثير علينا كلنا..

- يتصاعد التصفيق داخل القاعة ممزوجاً بضحكات، بينما يخرج المرشد من تحت كرسيه زجاجة زيت كبيرة ويخرج خيرت الشاطر عبوة سكر كبيرة ويشيران بها للكاميرات وسط تصفيق حاد، فيتحداهما مرسى ويقوم برفع اسطوانة بوتجاز عليها فيونكة حمرا كبيرة، فتدوى القاعة بالتصفيق والهتاف «زى ما قال الريس الغاز هيبقى كويس».

يواصل عماد الدين أديب تقديمه للحفل : وقبل أن نبدأ توزيع الجوائز يجب أن نتوجه بالشكر للدكتور حسن راتب رئيس مجلس إدارة قناة المحور لرعايته للحفل..، يقاطعه معتز عبدالفتاح: هو فى معلومة صغيرة لازم نقولها، الدكتور حسن راتب اسمه الحقيقى الموجود فى البطاقة، هو حسن البنا راتب، وده اسم مركب، وطبعاً لأن النظام القديم كان بيمارس ضغوطًا عليه زى ما كلنا عارفين، قرر التخلى عن لقب البنا، ولكن دلوقتى من حقه يفخر بوجود اسم البنا فى بطاقته الشخصية.

يقف الدكتور حسن راتب وهو ينحنى أمام الحضور بينما تدوى القاعة بالتصفيق والتكبير «الله اكبر.. الله أكبر».

يصرخ عماد الدين أديب فى نبرة قوية: والآن مع توزيع الجوائز والكشف عن تمثال الأوسكار لأول مرة فى مصر، وتبدأ موسيقى الدفوف فى العزف بما لا يخالف شرع الله ويرفع الستار عن نموذج كبير لتمثال الأوسكار والمفاجأة هى ظهور لحية لوجه التمثال، ما جعل القاعة تدوى بالتصفيق والتهليل والتكبير.

يبدأ عمادالدين أديب إعلان الجوائز ويمسك بظرف كبير ويقوم بفتحه ليخرج منه كارتًا مكتوبًا عليه اسم الفائز بجائزة أفضل ممثل، ويعلن عن ذهاب الجائزة إلى الدكتور محمد مرسى عن أدائه لدور رئيس الجمهورية فى فيلم «مرسى فى القصر» وهو ما يدفع الرئيس مرسى للانتفاض من على كرسيه والسجود على الأرض والتوجه للمسرح لاستلام الجائزة وهو يبكى ويقوم بإهدائها بصوت متحشرج إلى أهله وعشيرته.

يمسك معتز عبدالفتاح بظرف آخر ويفتحه بهدوء ويبتسم وهو ينظر للحضور قائلاً : جائزة أفضل ممثل مساعد ذهبت للدكتور ياسر على عن دوره فى فيلم «العاشق الولهان فى حكم الإخوان».. ينتظر معتز عبدالفتاح صعود الدكتور ياسر على، فلا يجده لأنه لم يحضر الحفل ويتسلم الجائزة بالنيابة عنه الدكتور هشام قنديل ويتحدث بثقة.. أنا مش عارف ياسر فاز بالجائزة إزاى مع إنى كنت متأكد أنه هيفوز بيها!!

يمسك عماد الدين أديب بظرف آخر ويفتحه وهو يبتسم ابتسامة عريضة ويغمز بإحدى عينيه للرئيس مرسى وهو يبتسم: جائزة أفضل نص سينمائى فاز بها الدكتور حسام الغريانى عن فيلم «اسلقنى شكراً». ينهض المستشار الغريانى فى عزة وفخر ويصافح من جواره ويذهب فى خطى ثابتة للصعود على خشبة المسرح ويشكر الحضور قائلاً: أشكركم على هذه الجائزة وأرجو أن يكون طعم الدستور عجبكم!

يمسك معتز عبد الفتاح بظرف آخر ليعلن عن جائزة أفضل مخرج ويفتح الظرف ويخرج من الكارت ليبتسم ابتسامة واسعة كادت تخرج فكه من فمه، ويصرخ قائلاً : جائزة أفضل مخرج ذهبت للدكتور محمد بديع عن إخراجه لفيلم «إحنا بتوع الثورة» ينهض محمد بديع ليحتضن خيرت الشاطر ومحمد مرسى ويرفع يداه بعلامة النصر، ويصعد للمسرح ببطء شديد ويتسلم الجائزة وهو يضحك ويشد أذن معتز هامساً له: جدع يا ميزو

ويتحدث للحضور: اشكر الله الذى أمد فى عمرى حتى أرى هذه اللحظة التاريخية وأنا أمسك بتمثال الأوسكار، بعد أن أصبح له لحية أكبر من لحية خيرت الشاطر.. الحمد لله.. تتساقط الدموع من عينى فضيلة المرشد بينما تدوى القاعة بالتصفيق والتكبير..

يستعد عماد الدين أديب لتقديم جائزة أفضل موسيقى تصويرية ويفتح الظرف بهدوء وتظهر على وجهه علامات الدهشة ويقول : جائزة أفضل موسيقى تصويرية ذهبت لفيلم حازم صلاح أبو إسماعيل عن فيلم «سنحيا خرافا».. يصعد مسرعاً الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل للمسرح ويمسك جائزته بقوة وينظر للحضور قائلاً: الحمدلله والشكر على فوزى بهذه الجائزة، لأن أنصارى كانوا على أهبة الاستعداد لحصار المسرح إذا ما خرجت لهم بدون جائزة.. أشكركم وأهدى هذه الجائزة لكل الخراف التى ساعدتنى فى تنفيذ الفيلم..

يستعد معتز عبد الفتاح لتقديم جائزة أفضل ماكياج ويفتح الظرف ويتنفس الصعداء ويبتسم وينظر للحضور فى سعادة: جائزة أفضل ماكياج ذهبت للأستاذ خيرت الشاطر عن دوره فى فيلم «خيرت تعمل شاطر تلقى».

ينهض خيرت الشاطر وهو فى حالة سعادة ويقبل المرشد ويهرول إلى المسرح ويتسلم الجائزة ويبكى وهو يقول: «لقد اختبرنا الله ليمنحنا درساً فى الصبر والابتلاء» وها نحن نحصد ما زرعناه من ميكرفونات وأجهزة تنصت على الشعب بأكمله، ليعلم الجميع أن الوضع تحت السيطرة.

يقف عماد الدين أديب فى وسط المسرح وهو ينظر لشاشة عملاقة بجواره، ويحدث الحضور: الآن مع مفاجأة الحفل وهى تقديم السيدة الفاضلة زوجة رئيس الجمهورية السيدة الحاجة أم أحمد لجائزة أفضل فيلم.

تظهر الحاجة أم أحمد على الشاشة من قصر الاتحادية وهى تحدث الحضور فى هدوء ورزانة : الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبى بعده، بفضل الله وعونه ذهبت جائزة أفضل فيلم إلى.. تفتح الظرف وتنظر فيه وتدمع عيناها.. وتكمل حديثها.. فيلم «طائر النهضة فى ورطة».

تدوى القاعة بالتصفيق والتكبير وأصوات الزغاريد من نساء منتقبات تقفن خلف الحاجة أم أحمد، ويصعد للمسرح كل من الدكتور محمد بديع والدكتور محمد مرسى والمهندس خيرت الشاطر وهم يمسكون بأيدى بعضهم البعض، بينما لا يستطيع معتز عبدالفتاح السيطرة على دموعه ويلقى بنفسه فى حضن عماد الدين أديب الذى يحاول تهدئته.. وتتصاعد أصوات الدفوف والتكبير داخل المسرح وخارجه.