أحمد فايق يكتب : حرب الانقلابات بين السيسى وميليشيات الإخوان

مقالات الرأي

أحمد فايق يكتب :
أحمد فايق يكتب : حرب الانقلابات بين السيسى وميليشيات الإخوا

ما الذى يدفع محمدمرسى كى يقدم شكراً إلى عبد الفتاح السيسى وزير الدفاع على تأمين القمة الإسلامية بعد 13 يوما ؟

ينضم هذا السؤال إلى العشرات من علامات الاستفهام حول تصريحات الحب المتبادلة بين الرئاسة والجيش، والتى فاقت كذب المسلسلات التركية، فقد اتهم الطرفان وسائل الإعلام بأنها السبب فى إطلاق الشائعات والوقيعة بين الجيش والرئاسة، والحقيقة أنهما سعيا خلال الفترة الماضية لاستخدام وسائل الإعلام أداة لتحقيق مكاسب فى الغرف المغلقة.

الحكاية بدأت حينما قرر الجيش غمر الأنفاق بين سيناء وغزة بالمياه، دون الرجوع لرئيس الجمهورية، فقد كانت خطة معدة مسبقا لوقف التهريب ومواجهة العناصر الإرهابية فى سيناء، هنا بدأت حركة حماس فى إعلان غضبها وتنديدها بما حدث، ثم بدأت الميليشيات الإلكترونية للإخوان المسلمين فى نشر الخبر مع إضافة أن الأنفاق تم غمرها بمياه الصرف الصحى، لصناعة رأى عام مضاد لخطة الجيش.

وبدأت الحرب الإلكترونية بين الجيش والإخوان المسلمين، استخدموا فيها الـ«فيس بوك وتويتر» للتهديد غير المباشر، فهناك مجموعات على الفيس بوك يعلم الجميع أنها تابعة للجيش حتى ولو أنكروا هذا، والسبب ببساطة أن هذه المجموعات تنشر صوراً حصرية لضباط القوات المسلحة، وتذكر أسماء وعناوين بعض الشهداء فى التدريب وهى معلومات لا يتم تسريبها إلا من الداخل، وفى المقابل هناك مجموعات معروف عنها تبعيتها للإخوان المسلمين حتى لو أنكروا هذا أيضا، لانفرادها دائما بأخبار الرئاسة والحكومة قبل نشرها فى الصحف، واستخدام الجملة الشهيرة «أنا مش إخوان.. بس متعاطف مع مرسى»، وتسخير كل وقتها فى الهجوم على حمدين صباحى والبرادعى.

ميليشيات الإخوان الإلكترونية أعلنت الحرب على السيسى من خلال 3 طرق، الأولى التعليقات على مواقع الصحف الإلكترونية التى اتهمت وزير الدفاع بالعمالة لأمريكا، والثانية إيميلات مجهولة المصدر للصحفيين، والثالثة مجموعات الإخوان على الفيس بوك وحساباتهم على تويتر، انحصرت الحرب فى بدايتها على علاقة وزير الدفاع بالأمريكان، وردت عليها مجموعات الجيش على الفيس بوك بالتلميح بأن قرار غمر الأنفاق لم يصدر من رئاسة الجمهورية، هنا صدر بيان من رئاسة الجمهورية يؤكد أن عملية الجيش صدرت بتعليمات شخصية منه لحفظ ماء الوجه.

لينتقل الصراع إلى المرحلة الثانية، حيث بثت قناة “أون تى فى فيديو لإحدى سيارات الجيش عليها ملصق لشعار جماعة الإخوان المسلمين، وقرر الجيش التحقيق فى الواقعة ومعاقبة المسئول عن وضع شعارات دينية على سيارات الجيش، وفى المقابل أطلقت ميليشيات الإخوان الإلكترونية حربا ضخمة ضد قرار الجيش عنوانها “لماذا يعاقب عسكرى بسيط لأنه كتب لا إله إلا الله على السيارة” متهمين الجيش بمعاداة الدين، ونشرت صفحة “صوت الجيش المصرى مقالا منسوبا إلى ملازم أول محمود سعيد البطراوى بعنوان «بالبلدى.. ممكن نفهم»، قال فيه “الناس كلها زعلانة من التصريحات عن العسكرى اللى حاطط شعار التوحيد وتحته سيف كملصق على عربية أحد القيادات فى الجيش والتصريح بأن الجيش هيحاسبه لأن ده تصرف خاطئ، وفيه حرب علينا وحرام وده دين الإسلام، وانتم أصلا بتدافعوا عن عقيدتنا وعن دينا قبل أى حاجة، وهو لا إله إلا الله بقت جريمة، وهو حرام الضابط والجندى يكون ملتزم بدينه، وأنتم بتحاربوا الدين، طيب إيه رأيكم نسيب العربية دى عليها الشعار وعربية تانية نحط عليها الصليب من ورا ما هى دى كمان عقيدة زيها وزى مافيه مسلم فى الجيش فيه مسيحى كمان نفسه يعبر عن عقيدته، الخلاصة إن القوات المسلحة وقوانينها الصارمة بتمنع ده لوحدة الصف وعدم حدوث فتنة داخل الجيش إحنا فعلاً بندافع عن العقيدة ونموت كمان علشانها وعقيدتى الأولى وربنا وحده يعلم هى الشهادة أو النصر، إحنا عاوزين نكون متماسكين من جوانا علشان لما تعوزونا نبقى موجودين تحت الطلب وعايزين الشعب يفهم كده».

وانتقل الصراع إلى قمته حينما أطلقت ميليشيات الإخوان بالونة إقالة وزير الدفاع، بنفس الطريقة التى استخدموها من قبل مع طنطاوى وسامى عنان، هنا بدأت مجموعات الجيش على الفيس بوك إعلان غضبها على الرئيس وعشيرته، ونشرت صفحة صوت الجيش المصرى تحت عنوان « تقرير المخابرات الحربية : غضب فى صفوف القوات المسلحة بسبب الحرب على وزير الدفاع»، تقريرا قالت فيه: فى ظل الظروف الصعبة والانفلات الأخلاقى والمهنى وغياب الوطنية المجردة من مطامع وأنانية القيادة ونظرا لعدم وجود قائد يلم شمل المصريين والعرب والأمة الإسلامية ويوحد صفوفها ويعيد ترتيب البيت من الداخل من جديد ولكثرة الحديث عن نظرية المؤامرة ولعدم وجود من يقول لنا كيف نحمى أنفسنا ولانكتفى بالدعاء والإضرابات الموجودة فى معظم الدول العربية والإسلامية على وجه الخصوص مع صعود أشخاص يسمون أنفسهم التيار الإسلامى المتشعب فى جميع الاتجاهات ومحو صوت العقل ونشر العنف وسفك الدماء وهتك الأعراض وتناحر الشعب مع نفسه.

نلاحظ هنا أنه ظهرت فجأة مجموعات «الأولتراس» التى ذهبت للتظاهر وإطلاق الشماريخ أمام وزارة الدفاع للمطالبة بمحاكمة المشير طنطاوى والفريق سامى عنان، فى نفس توقيت نشر تقارير غربية تشير إلى تبعية بعض من مجموعات «الأولتراس» لجماعة الإخوان المسلمين.

ثم نشرت صفحة منسوبة إلى «الفريق أول عبد الفتاح السيسى على الفيس بوك بيانا قالت فيه « المؤامرة التى تحاك ضد المؤسسة العسكرية، متعددة الأبعاد ويقف خلفها عدد من الجهات والقوى السياسية الموجودة، على رأسهم «الفوضويون»، الذين تجمهروا أمام مبنى وزارة الدفاع الأسبوع الماضى، فى محاولة منهم للفت الأنظار وإبعاد النظام السياسى الحالى عن المشهد، وإدخال الجيش المصرى فى المعادلة السياسية بشكل مقصود، بما يؤكد أن هناك محاولات استهداف للفريق أول السيسى والتأثير على مستقبله السياسى خلال الفترة المقبلة، من خلال الشائعات، التى يتم إطلاقها حوله بين الحين والآخر، من أجل إشاعة الفوضى فى البلاد، الجيش المصرى أقوى من أى حزب أو تيار سياسى، وحديث القائد العام للقوات المسلحة وتحذيراته المتتالية عن حالة التناحر التى يشهدها المجتمع سوف تؤدى إلى الفوضى، وتأكيده ولاء الجيش لشعبه دون أى فصيل، هى ثوابت لم ولن تتغير داخل القوات المسلحة.

ثم التقى الرئيس محمد مرسى وزير الدفاع وسط حالة من الحب المتبادل فى التصريحات الرسمية، لنجد بعدها رسالة منسوبة للمرصد الإسلامى لوسائل الإعلام نصت على «الجيش معنا والرئيس أدب السيسى.. إلى الإخوة المؤمنين والمرابطين والقابضين على الجمر فى حكم مصر، نزف إليكم بشرى سارة، فقد علمنا من مصادرنا داخل الإخوان المسلمين أن اللقاء الذى جمع فخامة الرئيس محمد مرسى - حفظه الله- ووزير الدفاع الفريق السيسى كان إيجابيًّا للغاية، بحمد لله وتوفيقه وقالت مصادرنا الموثوقة أن الرئيس عنّف وزير الدفاع بسبب التصريحات التى صدرت مؤخرًا عن رئيس الأركان وغيره من قادة الجيش، والتى تفيد أن القوات المسلحة ستتدخل دون طلب من الرئيس إذا استدعى الأمر ذلك، وحسب المصادر أبلغ الرئيس وزير دفاعه أنه هو الذى عيّنه، وأن الجيش يجب أن يدين بالولاء للرئيس، وأن فخامة الرئيس محمد مرسى لن يقبل بعد الآن مثل هذه التصريحات، وسيكون له شأن آخر إذا تكررت الخلاصة أيها الإخوة، أن الرئيس أدّب السيسى، وأفهمه جيدًا أنه من جاء به، وفى يده إقالته وإرساله إلى منزله، وتعيين وزير دفاع جديد، وقد فهم السيسى الرسالة جيدًا، وجدد يمين الولاء للرئيس، وتعهد بضبط أداء قادة القوات المسلحة، ومنعهم من التصريح لوسائل الإعلام بمثل هذه التصريحات غير اللائقة.

هنا بدأت صفحة صوت الجيش المصرى فى إعلان الحرب على مرسى ونشرت ترجمة لتقرير منسوب للواشنطن بوست يتحدث عن انقلاب الجيش على الرئيس محمد مرسى، وقالت إن الجيش بدأ يظهر تذمره على قادة البلاد، وتابعت الصحيفة أن قادة الجيش باتوا ينتقدون سياسات الحكومة بطريقة غير مباشرة، ويهددون باستعادة السلطة وانتزاعها من أيدى الإخوان، وقالت الصحيفة الأمريكية إن هذا التوتر ربما يؤدى إلى صعود شبح التدخل العسكرى مرة أخرى فى مصر منذ أن تولوا السلطة فى أعقاب الإطاحة بالرئيس السابق حسنى مبارك، وأوضحت أن التوتر الحالى بين الجيش ومؤسسة الرئاسة برز عقب انتشار شائعة بأن الرئيس مرسى يعتزم إقالة وزير الدفاع عبد الفتاح السيسى لمعارضته أن يكون الجيش تحت جناح الحكومة الحالية التى تسيطر عليها جماعة الإخوان المسلمين.