رامي المتولي يكتب: Call Me By Your Name.. فيلم "سطحى" يغازل "الأوسكار" بقضية المثلي
الاشتباك مع قضايا تهم البشرية مثار حولها جدل عالمى هو حيلة لضامن اكبر قدر من الترويج، الرغبة فى صناعة عمل فنى يتماشى مع التريند أو القضية المثار حولها الجدل أصبح وسيلة للشهرة وركوب موجة دعاية مجانية خاصة مع زيادة سطوة وتأثير وسائل التواصل الاجتماعى قد يصلح هذا السلوك فى الاخبار المتداولة عبر وسائل التواصل الاجتماعى وبالطبع عمرها يكون قصيرًا سرعان ما تذهب من الذاكرة، فى السينما الأمر مختلف يذهب البعض لإعادة اختراع العجلة من جديد ويبذل جهدا مضاعفا لينال التقدير على بديهيات، فيلم Call Me By Your Name من النوعية الأخيرة ويضاف لذلك هو ركوب موجة الجدل حول الصراع الدائر فى الولايات المتحدة والعالم نتيجة لوجود دونالد ترامب على رأس هرم السلطة هناك وهو ما يراه المثلون والاقليات والعرقيات الكبيرة تحديًا وضد حرياتهم.
الاحتفاء المبالغ فيه بفيلم Call Me By Your Name وحالة الجدل المثارة حوله مع الاحتفاء المبالغ بأداء تيموثى شالاميت الأقل من عادى ومركزه الـ 179 فى قائمة موقع IMDB لأفضل 250 فيلما، يذكر بنفس الاحتفاء المبالغ عام 2014 لفيلم Boyhood مع ترشحه لنيل خمس جوائز رئيسية فى نسخة الأوسكار عام 2015 منها أفضل فيلم وحاز على جائزة أفضل ممثلة مساعدة لـ باتريشا أركيت على الرغم من وجود إيما ستون كمنافسه على الجائزة لدورها فى فيلم Birdman وكيرا نايتلى عن دورها فى فيلم The Imitation Game وكلا الأداءين يستحقان الجائزة أكثر من باتريشا ولو على المغالاة وتبنى الأيديولوجيات كما جاء فى كلمة قبولها الجائزة فالمرشحة المنافسة ايضًا ميريل ستريب عن فيلمها Into The Woods الذى لا يرقى من الأساس للمنافسة أفضل منها فى تبنى الأيديولوجيات وتحظى بخلفية أضخم فى عالم السينما من الخلفية التليفزيونية التى تحظى بها باتريشا، لكن على الرغم من لى عنق الجوائز الواضح لتنالها باتريشا كانت هذه الجائزة الوحيدة للفيلم الذى لم يحل عام 2015 حتى خرج من قائمة أفضل 250 ومن ذاكرة المشاهدين أيضًا لأن اعتماده الأساسى كان على فكرته الغريبة والتى تعتمد على تصوير الفيلم على مدار 12 عاما.
الفيلم الذى اعتمد على الشكل الوثائقى وطمح أن يُحتفى به كأحد أفلام الـ Art House بكل ما تناله من حظوة عند المهتمين لم يستطع الصمود أكثر من عام بسبب ضعف محتواه الفنى، فلا تفوق فى العناصر مجرد كاميرا تتابع ولد صغير يبلغ من العمر 6 سنوات وحتى يصل لعامه الـ 18 بشكل عادى جدًا مكرر بكل لغات العالم، يساويه هذا العام Call Me By Your Name مجرد استغلال فارغ من القضايا الشائكة المتعلقة بصراع المثليين فى العالم وإشكاليات وجودهم فى مواجهة دعاوى تكفيرهم من المتدينين ونبذهم من المجتمع، عودة للسبعينيات فى إيطاليا مع أكاديمى من الولايات المتحدة يدعى أوليفر «آرمى هامر» يعيش مع بروفيسور فى منزله ومع الوقت تتكون علاقة بينه وبين ابن البروفيسور أليو «تيموثى شالاميت» وينتهى الأمر بـ «اوليفر» وقد عاد إلى الولايات المتحدة ويقرر الزواج من امرأة ويحسد أليو على والدايه ويتمنى أن يكون والده على نفس قدر تفهمهم لطبيعة ابنهم وميوله ثم نقطة وينتهى الفيلم.
بمنتهى السطحية والسذاجة يعرض الفيلم لقصة الحب المدعومة بحوار يدعى العمق لدرجة الهزل، يدخلنا فى جدليات عميقة بين الأب البروفيسور بيرلمان «مايكل ستولبيرج» وأوليفر تنتهى بفوز الأخير ومشاهد بالكامل تركز على ما يقرأه افراد الأسرة المثقفة المتحدثة بعدة لغات والتوظيف الدرامى لكل هذه المشاهد هو صفر، والاستغناء عنها لن يضر الفيلم فى أى شىء، لا سبب واضح فى أن يركز الفيلم على مدى جاذبية أوليفر وأليو فى عيون الجنس الآخر والمبالغة فى إظهار هذا فى حين ان الأكثر منطقية هو إظهار محاولات التخفى واخفاء الميول عند كلاهما، لا سبب واضح أيضًا لكون الجميع يدينون باليهودية واظهار ذلك والتركيز عليه بشكل مرضٍ، هذه التفصيلة مثلها مثل الكثير لم تفد البناء الدرامى بأى شىء مثلها مثل الكشف التاريخى الذى توصل له الاب وساعد اوليفر فى توثيقه والمعلومات عن البلدة ونصبها التذكارى ودورها فى الحرب فى مشهد غريب فى بنائه وتكوينه حيث يلف البطلان حول سور النصب التذكار المستدير ويتحدثان وتلف معهم الكاميرا بلا طائل او سبب سوى ادعاء ايجاد معادل بصرى للحوار بينهم.
الفيلم الآن يجد من يرفع من مستواه لدرجة المنافسة على لقب أوسكار أفضل فيلم، لكن فى الحقيقة أن اعتماد هذه النوعية من الافلام على عنصر التمثيل لتحظى بتفوقها وهو امر لم يكن له محل من الإعراب فى الفيلم فلا آرمى ولا تيموثى قدما أداء يستحق وبالتالى أظن ان استغلال الترشح والنجاح لن يفيد بشىء كما حدث مثلا مع أليشيا فايكندر وبرى لارسون ومارك ريلانس وجايكوب ترامبلاى وغيرهم ممن مهد لهم الترشح طرق أبواب مختلفه شكلا وموضوعا، ولا الفيلم فنى يجعل من مجرد عودته لمناقشة ما تخطاه العالم حدث يحتفى به ويستمر كما حدث مع فيلم The Artist نحن بلا مبالغة أمام فيلم مدعى يضر بقضية المثليين ودفاعهم عن حريتهم أكثر مما ينفعهم لا لشىء سوى تكريس الصورة النمطية ومحاولة الابتزاز العاطفى لتتعاطف مع مشاعر الحبيبين اللذين اضطرتهما الحياة للافتراق عنوة على الرغم من وجود حلول سهلة، فقط محاولة لى عنق الدراما بضرورة الانفصال حتى يستجلبوا عطف المشاهد.