"رهينة بقبضة الخميني".. المسار الأسود لنظام الملالي وتحالفه مع الإخوان

عربي ودولي

أرشيفية
أرشيفية


كيف تشكلت جماعة آية الله الخميني الأصولية أو ما يعرف بـ"الملالي" في إيران؟ وكيف تطورت ونمت في أجهزة المخابرات الغربية، وكيف صارت امتدادا لفكرة تنظيم الإخوان الإرهابي المتحالف معها حتى الآن؟ وما علاقتهما بالجماعات السرية التي ملأت العالم خرابا في العصور الوسطى؟

أسئلة تثار مجددا وإيران تستقبل الذكرى الـ40 لما تسميها بالثورة الإسلامية، التي اندلعت 1979 وحملت الخميني وجماعة الملالي إلى الحكم القابعين فيه حتى اليوم.

وسعى كتاب للصحفيين الأمريكيين روبرت ديفرس وثيري لومارك إلى وضع إجابات لهذه الأسئلة منذ وقت مبكر، منذ عام 1981 في كتابهم الذي صدر في هذا العام تحت عنوان "رهينة في قبضة الخميني"، والذي رغم مرور 37 عاما على صدوره، فإن الأحداث شهدت بصدق ما جاء فيه من تحليلات وتنبؤات.

وسبر الكتاب أغوار شخصية الخميني نفسه وتاريخه، وما وراء الشعارات والهتافات التي تصرخ بها حناجر أتباعه، وجذور فكرة تنظيم الإخوان، وأوجه الشبه بينهما والتي ظهرت في تحالفهما المريب.

ومما جاء فيها أن "ثورة" الخميني صنعتها دوائر المخابرات العالمية، وخاصة البريطانية، على أساس تشابك مصالحها في المنطقة، وشارك في تنفيذها تنظيم الإخوان الإرهابي الأخطبوطي الذي يصرخ بنفس الشعارات التي تدعي أن هدم الدول وإقامة تنظيمات مليشياوية وإرهابية هدفه إقامة الدولة الإسلامية الصحيحة.

وكان لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" دور هام في الدعاية لجماعة الخميني -بحسب الكتاب- وهو ما تعلمته منها ربيبتها قناة الجزيرة القطرية التي كان لها أثر كبير في الدعاية لتنظيم الإخوان والحركات الثورية فيما يسمى بثورات الربيع العربي عام 2011.

فقد نقلت "بي بي سي" خطاب الخميني عام 1979 إلى العالم، وأخبار "ثورته" على الشاه لتكوين رأي عام مضاد للشاه الحاكم وقتها محمد رضا بهلوي، خاصة بعد الاتهامات التي ألصقتها به مليشيات الخميني من أنه مسؤول عن عمليات حرق المؤسسات وقتل المتظاهرين ضده.

كذلك تحدث الكتاب عن دور إدارة الرئيس الأمريكي التابع للحزب الديمقراطي جيمي كارتر (1977- 1981) في إسقاط الشاه وتقديم دعمهم للخميني عبر عدة خطوات، منها صم أذنيها عن نداءات الشاه لتقديم العون له أمام اجتياح مليشيات الخميني لشوارع إيران وحرق الكثير من المؤسسات.

ودعا الصحفي جميع مواطنيه الأمريكيين باقتناء نسختين من كتابه، على أن ترسل النسخة الثانية إلى النواب في الكونجرس وإلى الصحيفة التي يقرأها، لكشف الدور الذي وصفه بـ "القذر" لحكومة كارتر في صناعة الإرهاب سعيا وراء مصالحه النفطية.

الملالي.. مشروع تدميري
وزاد الصحفيان الأمريكيان على ذلك بالقول إن حادثة اختطاف الرهائن الأمريكيين من السفارة الأمريكية حين اقتحمها أتباع الخميني عام 1979 كانت بتخطيط وعلم من واشنطن لزعزعة العالم ولإفشال قيام نظام مالي جديد يضم فرنسا وألمانيا واليابان.

واقتحم أتباع الخميني السفارة حينها بحجة أن واشنطن ترفض تسليم الشاه الذي كان يخضع للعلاج هناك إلى "الثوار"، واستخدم الخميني هذه الحادثة لتقديم نفسه على أنه "المقاوم" الأكبر في العالم الإسلامي لأمريكا التي وصفها بـ"الشيطان الأكبر"، ليحشد وراءه الجماعات الموصوفة بالإسلامية لقيادة ثورة كبرى ضد ما وصفها بـ"الأنظمة العربية العميلة" لأمريكا في المنطقة.

وكانت هذه الحادثة ووصول الخميني للحكم بشعاراته الرنانة من الأسباب المباشرة لزيادة عدد الجماعات الإرهابية، خاصة بعد أن بدأت إيران في مدها بالمال والسلاح.

من جانبها استفادت واشنطن من تلك الوقائع استخدام إيران في حربها الباردة حينها ضد الاتحاد السوفيتي والمد الشيوعي في الشرق الأوسط، إضافة إلى الإبقاء على الشرق الأوسط وآسيا كمناطق ملتهبة لتبرر التدخل الدائم في شؤونها.

ويشرح الكتاب في فصله الثالث تحديدا، بداية تشكيل عناصر جماعة الخميني الأصولية أو ما يعرف بـ "الملالي"، الذين جرى تمويلهم وتدريبهم في الجامعات الأمريكية ومعاهد الدراسات الاستراتيجية على يد المخابرات الأمريكية التي تلقفت -خطط المخابرات البريطانية- لغرسهم في قلب إيران.

ويتتبع الكاتب بدقة كيف تم زرع الجماعات الإرهابية، التي وصفها الإعلام حينها بـ"الفدائية" في قلب جهاز المخابرات الإيرانية "السافاك" في عهد الشاه محمد رضا بهلوي "السافاك"، وقيامها فيما بعد بتنفيذ العمليات الإرهابية، ثم نسبتها إلى نظام الشاه لإثارة سخط الشعب ضده حتى تم إسقاطه.

وهذا السقوط كان بمثابة اللمسات الأخيرة التي وضعت على المشروع الكبير لتدمير الاقتصاد الإيراني الناشئ، والسيطرة على المنطقة النفطية الأهم في العالم في ذلك الوقت، وإجبار بعض القوى الغربية الأخرى على التخلي عن طموحها لتكوين مركز مالي مناوئ (للدولار).

"الإخوان" الصندوق الأسود
وفي محطات سريعة يستعرض الكتاب بدقة تاريخ إنشاء جماعات سرية إرهابية في أوروبا لاستخدامها في إسقاط نظم الحكم الأوروبية ونشر المعاداة للكنيسة والحكومات، لتسهيل سيطرة تلك الجماعات المتوارية خلف ستار على أوروبا ككل.

أما جماعة الإخوان في مصر فقد وصفها الكاتب في فصل خاص بأنهم "مكيدة بريطانيا ضد الإسلام"، وامتداد لفكر تلك الجماعات السرية في أوروبا، وكذلك الجماعات التخريبية التي ظهرت في القرون الأولى للإسلام.

وقال إنها "صناعة لندنية" أنشأتها بريطانيا لتكون امتدادا للجماعات المتطرفة التي ابتلي بها الدين الإسلامي منذ قرونه الأولى، واختارت لندن "العميل البريطاني" حسن البنا "الصوفي الباطني" لتأسيسها، وظهر الهدف من إنشائها جليا بعد أن باتت "مظلة تؤوي الجماهير الغفيرة من أتباع المذاهب الأصولية سواء كانت صوفية أو سنية أوشيعية"، في إشارة من الكاتب إلى التحالف الإخواني مع دولة الخميني بالرغم من اختلاف المذهب.

ومشبها إياها بالجماعات الإرهابية والتخريبية التي سادت أوروبا منذ العصور الوسطى، وخاصة جماعات النورانيين الشيطانية والماسون قال إنها جماعة تقوم على المؤامرة، يتبادل أعضاؤها تحيات مشفرة وكلمات سرية، وينتظمون في خلايا هرمية أو محافل تشبه الجمعيات الماسونية الأوروبية، ولا تتقيد بالحدود الدولية أيضا.

وأضاف أنه لا يعتبر جماعة الإخوان مسلمين أو مسيحيين أو يهودا، ولا جزءا من أي دين، فإن بها رجالا يغيرون دينهم بالسهولة التي يغير بها رجال آخرون قمصانهم، لتتكيف مع كل مجتمع.

وعن سبب دعم بريطانيا لها قال إنها لتكون أداة لتبقي على الشرق الأوسط في حالة تخلف وظلام، عبر الحروب والفتن التي تنتشر بوجودها، فيظل تحت يدها الإمبريالية، حتى وإن ترك جنودها البريطانيون المنطقة.

وبتفاصيل أكثر قارن الكتاب بين الدولة العامرة التي أوجدها الرسول محمد في مطلع الإسلام، وبين الإرهاب والفتن والحروب التي خلفها وجود تنظيم الإخوان، وشبههم بقادة بعض القبائل العربية الذين تحالفوا مع الفرس في قرون الإسلام الأولى لنشر الحروب بين المسلمين وتفتيت دينهم إلى مذاهب.

ويفصل بمعلومات غزيرة ووافية تقاطع الجماعة مع شبكات الدعارة وغسيل الأموال وتنفيذ الاغتيالات الدموية، مؤكدا أن العالم سيكون على شفا عصر مظلم بسبب التمدد الرهيب لجماعة الإخوان وفروعها في كل أنحاء العالم وحتى داخل الولايات المتحدة نفسها فيما يشبه خيوط العنكبوت.