د. رشا سمير تكتب: أمنيات وتوقعات للدورة الـ49 من معرض القاهرة للكتاب
بدأ عام 1969 وتحول إلى النافذة الثقافية الأكبر والأهم فى الوطن العربى
الدورة الحالية تبدأ بعد أيام من تولى إيناس عبدالدايم وزارة الثقافة.. فهل نلمس تطورًا؟
كتب الباحثان الروسيان دينيس تشيكالوف وفلاديمير كوندراشوف فى كتابهما (تاريخ الثقافة العالمية) يقولان:
(تعد الثقافة وعاء يصب فيه أفراد أى أمة عصارة فكرهم وجهدهم، وتمثل الإنجازات الثقافية الكنز الأمثل والأكثر ديمومة وحيوية فى تاريخ الأمم، وهى أسلوب الحياة الذى يتشربه الأفراد منذ ولادتهم عاداتٍ وتقاليد وإبداعاً، وينقلونه من جيل إلى آخر، ومن هنا تأتى مفاهيم الهوية الثقافية والتفرد الثقافى وتنوع الثقافات).
إذن فالثقافة هى واجهة كل الشعوب.. هى صانعة الحضارات.. هى الوجه الحقيقى لتاريخ الدول..
الثقافة كانت ومازالت هى محط اهتمام كل دول العالم التى استطاعت أن تكتب النهضة بأقلام مفكريها وأن ترسم الارتقاء بحروف مبدعيها..
مصر هى إحدي تلك الدول التى كانت مهدا للثقافة والحضارات القديمة.. مصر كانت رحما للإبداع بكل صوره.. فمصر هى التى أنجبت الأدباء والفنانين والرسامين والموسيقيين وصدرتهم للعالم العربى والغربى لينالوا الجوائز ويحظوا على تقدير واحترام كل المهتمين بالثقافة..
يحزننى حقا أن أنعت كل هذا بفعل ماضٍ هو (كانت) لأن حالة الانحدار التى هيمنت على كل شىء كانت لها بصمتها القاسية على الثقافة أيضا!.
1- فى انتظار القادم:
أيام قليلة تفصلنا عن انطلاق معرض القاهرة الدولى، فى دورته الـ49، والمقرر له يوم 27 يناير الجارى.. معرض كتاب القاهرة هو الصرح الأكبر للثقافة فى مصر، بل هو المنفذ الأعظم لكل الكُتاب والمثقفين والناشرين من كل عام..
معرض القاهرة الدولى هو من أكبر معارض الكتاب فى الشرق الأوسط، بدأ فى عام 1969، حين كانت القاهرة آنذاك تحتفل بعيدها الألفى، فقرر وزير الثقافة ثروت عكاشة الاحتفال بالعيد ثقافيًا، فعهد إلى الكاتبة والباحثة سهير القلماوى بالإشراف على إقامة أول معرض للكتاب..
يعد معرض القاهرة الدولى للكتاب مهرجاناً ثقافيا متميزا ليس فقط من خلال الإصدارات الروائية والقصصية بل ومن خلال الأنشطة المتعددة المصاحبة للمعرض وهو ما يمثل نافذة ثقافية هامة يطل منها الجمهور على مختلف فنون وعلوم وآداب العالم، خصوصا للجمهور القادم من المحافظات خصيصا لتلك المناسبة، ومن خلال الندوات، واللقاءات الفكرية، والأمسيات الشعرية، وقراءات المقهى الثقافى، وعروض مخيم الإبداع التى يشترك فيها كبار المفكرين والأدباء والفنانين من مصر والبلاد العربية الشقيقة، الذين يلتقون برواد المعرض وهو ما يمثل مناسبة مهمة بالنسبة للقارئ المصرى.
2- الثقافة.. أمل يتجدد:
هل الثقافة هى مسئولية وزارة الثقافة أم هى مسئولية كل مثقف فى مصر؟.. وهل تطوير معرض الكتاب هو مسئولية الدولة أم هى مسئولية بلا صاحب؟!
سؤال يطرح نفسه منذ إنشاء معرض الكتاب عام 1969 منذ أن كان يُقام بأرض المعارض بالجزيرة، ثم انتقل المعرض إلى أرض المعارض بمدينة نصر حيث طالته يد الإهمال عاما بعد عام فى انتظار عين الرأفة.
تعاقب وزراء الثقافة إلى أن وصل معرض الكتاب هذا العام إلى الدكتورة إيناس عبد الدايم التى تولت حقيبة الثقافة منذ أيام فى تعديل وزارى لم تكن الثقافة هى لُبه!..
من غير المنطقى أن نلقى اليوم اللوم على وزيرة الثقافة إذا ما تعثر المعرض هذا العام وهو المتوقع بكل أسف، لكننا ندعوها بل ونناشدها أن تقوم بجولة بنفسها فى أروقة المعرض بعيدا عن الافتتاح المنمق، جولة بعد أيام من الافتتاح تحاول فيها أن تجد مكانا نظيفا لتستريح فيه أو دورة مياه نظيفة تدخلها أو وجبة طعام تأكلها دون أن تصيبها نزلة معوية أو أن تنظر إلى الأتربة التى سوف تعلو ملابسها ويديها عقب خروجها!..
إن حالة المعرض تزداد سوءا وشكاوى دور النشر العربية بلا حصر ولا عدد.. فسعر المتر بالدولار مرتقع بالمقارنة بما تقدمه المعارض الأخرى.. قاعات العرض لا تتمتع بأى خدمات، حتى إن الناشرين العرب يقومون بعمل أرفف للكتب على نفقتهم الخاصة، بل يتحملون تلفيات الشحن، ولكنهم مازالوا حريصين على حضور المعرض كل عام من منطلق أنه الأكبر من حيث القوى الشرائية..
مازالت فكرة الأجنحة المكشوفة هى الأسوأ لأن المعرض يقام فى توقيت من كل عام يحمل الأتربة والأمطار مما يتسبب فى كارثة لأغلب العارضين بالهناجر والخيام.. ومع ذلك لا يتغير التوقيت ولا يتطور الوضع.. الشكاوى واحدة والأعوام تتوالى ولا تغيير فى الشكل العام..
فى خطوة مختلفة أعلنت شبكة قنوات dmc أنها سوف تكون الراعى الرسمى للمعرض هذا العام، قد يدعونا هذا إلى التفاؤل بعض الشىء فى أن نرى تغييرا ولو بسيطا من حيث الخدمات والتنظيم، ولأن dmc حين أصبحت الراعى الرسمى لأغلب المناسبات الفنية والثقافية، كان هناك تحسن ملموس فى تنظيم مهرجان القاهرة السينمائى وغيره من المناسبات، لكن مازال البعض يفسر هذه الخطوة على أنها نوع من الاحتكار، لكن هل يؤدى هذا الاحتكار إلى رفع شأن الثقافة؟.. فلندع الأيام تثبت لنا إذا ما كانت تلك خطوة على الطريق أو عكس الطريق..
جولة بين بعض العناوين الصادرة هذا العام:
دور النشر المصرية:
دار الشروق:
بدون سابق إنذار (أنيسة حسونة)
موسم صيد الغزلان (أحمد مراد)
كتابية (عمرو موسى)
نسيت كلمة السر (حسن كمال)
غُربة عرب (يوسف زيدان)
أشباح بيت هينريش بل (علاء خالد)
قريبا من البهجة (أحمد سمير)
3- دار نهضة مصر:
زى ما بقولك كده– الجزء الثانى (إسعاد يونس)
استمارة 6 (خالد حبيب)
اقتحام (عماد عثمان)
مصر بيت الحياة (جيهان مأمون)
أسيل (أحمد يوسف شاهين)
أشياء رائعة (ريم بسيوني)
منك ليها (كريم مطلق)
دار الرواق:
هوامش التاريخ من دفاتر مصر المنسية ( مصطفى عبيد)
رحلة السماور (عصام منصور)
سيدا (ديوان شعر) (أحمد السعيد)
اللعبة الحُلم (أيمن محمد)
أساطير السفر السبعة (شيرين عادل)
العُنصر التاسع (ميسرة الدندراوى)
قيامة الغائب (منتصر أمين)
4- دار الكرمة:
يوما أو بعد يوم (محمد سلماوى)
مُر مثل القهوة حلو مثل الشيكولاتة (ميرنا الهلباوي)
شنطة سفر وحيدة (حسام علوان)
الخروج من البلاعة (نائل الطوخي)
ألبوم صور قديمة (إبراهيم عيسى)
5- دور النشر العربية:
دار الساقى للنشر ببيروت:
ب.ب.ب (عباس بيضون)
حوض السلاحف (رولا الحسين)
خرائط يونس (محمود حسني)
وحيد (عبد الله فرحات)
اليهودى الحالى (على المقري)
عين وردة (جبور الدويهي)
طيف الحلاج (مقبول العلوي)
كابوتشينو (فاطمة شرف الدين)
قاموس لبنان (إسكندر نجار)
6- دار الآداب:
نساء كازانوفا(واسينى الأعرج)
أورويل فى الضاحية الجنوبية (فوزى ذبيان)
المشاءة (سمر يزبك)
ماء وملح (سارة النمس)
7- فى انتظار الهيئة العامة للكتاب:
تتحمل الهيئة العامة للكتاب برغم ضعف إمكانياتها، ولسوء تنظيمها للمعرض سنويا النقد اللاذع من الجميع.. فى انتظار آت لا يأتى وماض لا يمحوه الأسف، تنتظر الأقلام بالمرصاد ما تقدمه الهيئة العامة للكتاب فى كل عام بما يعتبر إضافة أو ما يعتبر تفاديا لأخطاء الأعوام الماضية!.
المتوقع هذا العام أن يكون الاختلاف بحسب تصريحات رئيس الهيئة والعاملين بها أنه ستكون هناك مساحة كبيرة تصل إلى حوالى 2000 متر عند باب 6 مخصصة للأطفال، تشترك فيها كل قطاعات وزارة الثقافة الناشرة والمهتمة بالطفل، وللمرة الأولى أيضًا سيكون بداخل تلك المساحة المهمة أجنحة خاصة لناشرى القطاع الخاص لكتب الطفل..
يشارك فى المعرض هذا العام 27 دولة منها 17 دولة عربية و10 دول أجنبية، كما يشارك فى الدورة الجديدة 849 ناشرًا، منهم 10 أجانب، 367 ناشرًا عربيًا، و10 ناشرين أجانب وناشرين أفارقة.. كما تحرص 7 مؤسسات صحفية و33 مؤسسة حكومية، على المشاركة بالمعرض، ويصل عدد الأجنحة فى معرض 1194 جناحًا، ويضم سور الأزبكية 117 كشكًا.
والجدير أيضا بالذكر أن الجزائر هى ضيف شرف معرض القاهرة الدولى للكتاب، والكاتب الراحل عبد الرحمن الشرقاوى هو شخصية المعرض، كما أن شعار المعرض فى دورته الـ49 سيكون تحت عنوان «القوى الناعمة.. كيف؟».
لأول مرة فى تاريخ المعرض يتم تشكيل لجنة وزارية بقرار من مجلس الوزراء تضم ممثلين عن عدد من الوزارات المعنية بالمعرض حتى تضمن الدولة نجاحه وتذليل كافة العقبات أمامه واشتراك أكبر عدد من الوزارات فى تنظيمه بدلا من أن يقتصر الأمر على وزارة الثقافة فقط كما كان يحدث فى كل عام، حيث تعتزم اللجنة استضافة عدد من نجوم الثقافة العالميين وتنظيم جناح خاص بكتب وأنشطة الطفل.
بعد اختيار الشارقة عاصمة عالمية للكتاب لعام 2019، من قبل منظمة الأمم المتحدة للعلم والثقافة (اليونسكو)، ومصر فى غفوة أو فى كهفها المسحور، ثارت حفيظة الكُتاب والمثقفين فى مصر.. مازال السؤال مطروحا..
هل هى ضعف إمكانيات مادية أم تردى الإمكانيات البشرية؟ أم أن التقاعس سببه عدم حرص قيادات الثقافة على وجود مصر ضمن صورة كانت هى يوما أهم ملامحها؟!
دعونا ننتظر لعل المعرض هذا العام يحمل لنا بارقة أمل.