الكاتب "السالمي": صحتي أولاً.. فالحذر مطلوب للحفاظ عليها حتى تكون "في أيدٍ أمينة"

السعودية

بوابة الفجر


واصلَ الكاتب والباحث المعروف "حمّاد بن حامد السالمي" مكاشفاته، وسرد الكثير من الحقائق والآلام عن "الصحة"، مُركزاً على جهازها الذي يُديرها، وما تُقدمه من خدمات تجد الكثير من الانتقادات بُغية تحسينها والمُضي نحو التطوير.

وكان "السالمي" تكلمَ في مقالٍ سابق له عن المغالاة في أسعار الدواء في السوق، وعلى احتكار توزيع وتسويق بعض الأدوية، مما قلل من فرص المنافسة والتنويع المطلوب في هذه السلعة، التي تتماس مع الصحة العامة للمجتمع، كما تطرقَ إلى جانب من معاناة الناس من حالات التسويف والانتظار الطويل للفحص وإجراء عمليات جراحية في العديد من المستشفيات المتخصصة عامةً وحتى خاصة. حسب صحيفة "سبق"

ووجدَ المقال الكثير من المتابعات، وحظيَ بعدد من التعليقات على وسائل التواصل؛ أظهرت للكاتب المزيد من الملاحظات، الناتجة عن تجارب شخصية لعدد من أصحابها ولا شك، والتي هي في صلب المشكل الذي يدعوه إلى فتح ملف الصحة العامة من جديد، والعمل على معالجة جوانب القصور في الخدمات الصحية إدارية وفنية، وذلك عبر "سبق" التي خصها بذلك الحديث.

وقال الكاتب "السالمي": "إن الكلام على الصحة وما يتعلق بها من خدمات ودواء في المشافي العامة والخاصة، هو أمر مهم للغاية، ذلك أن صحة الفرد والمجتمع مقدمةً على كل شأن في حياة الأمة. إن أهم ركيزتين في حياة الناس هما: الصحة أولاً، والتعليم ثانياً. إن المجتمعات التي لا تعتني بصحتها، ولا تهتم بتعليمها، هي مجتمعات جاهلة ومريضة، لا مكان لها بين الأمم، حيث المجتمعات الجاهلة يقتل بعضها بعضاً، والمريضة تموت مسقومة".

وتطرق في حديثه لـ"سبق" إلى بعض الممارسات التي قد لا تخلو منها مؤسسة صحية عامةً أو خاصة، وهي وإن كانت لا تشكل ظاهرة فإنها في المؤسسات الصحية الخاصة أوضح، إلا أنها تُشكل خطراً على حياة المرضى الذين يتلقون العلاج على حساب التأمين الطبي تحديداً، أو يتناولون الأدوية بوصفة طبيب يرتبط بعلاقات نفعية مع شركات أدوية.

وروى الكاتب "السالمي" قصة من صديق يعرف جيداً تفاصيلها، وقال: "والدة هذا الصديق- رحمها الله- كانت في قسم العناية المركزة بمستشفى خاص على التأمين الطبي، كانت في وضعٍ حرج، وفي شبه غيبوبة، وتتنفس الأوكسجين صناعياً، وبعد عدة أيام تفاجأ أن بعض الأطباء يزورون المريضة كل صباح، ويوصون بخروجها من المستشفى- بل ويحثون على هذا- وتكرر هذا عدة أيام، ووصل بهم الأمر أن أحضروا لها أسطوانة أوكسجين من شركة التأمين، كي تأخذها معها في دارها، وليقوم أبناؤها بتولي هذه العملية المعقدة بدلاً من الممرضات..! لم تتوقف عملية الطرد المتعمدة هذه لصالح شركة التأمين إلا بعد تدخل إدارة المستشفى، لتظل المريضة عدة أسابيع حتى توفاها الله في العناية المركزة. كم من مريض أو مريضة ماتوا بهذه الطريقة؟!".

وأكد أن "الأمر لم يعد سراً في الأوساط الصحية التي تعالج المرضى بدعم شركات التأمين، فهناك أطباء مع الأسف لهم مهام مزدوجة مع مؤسساتهم ومع شركات التأمين، التي تسعى إلى توفير الصرف على المريض، حتى لو فقد العناية الصحية، وفقد حياته بعد ذلك. غير مهم. المهم عند هذه الشركات هو التوفير وعدم الصرف، حتى من رصيد مستحق للمشترك، حسب الأنظمة واللوائح التي بموجبها تم الترخيص لها في ميدان التأمين الصحي على مستوى المملكة".

وتابع: "وهذه ليست حالة شاذة، فكم مر بنا من اشتكى منها، ومن تدخل أطباء لا ذمة مهنية لهم، فهذا النوع من الأطباء هم سماسرة لشركات التأمين أكثر منهم معالجون، وعلى المستشفيات والمصحات الخاصة الانتباه لهؤلاء المنتفعين، والتخلص منهم".

وأضاف: "مثل هؤلاء مع كل أسف أطباء آخرون يمارسون المتاجرة بأرواح الناس وصحتهم العامة، والسمسرة لشركات الأدوية من عياداتهم الخاصة، أو من خلال المؤسسات الصحية التي يعملون بها. هؤلاء قلة بطبيعة الحال، لكن أذاهم وخطرهم كبير جداً، منهم من يكدس على مكتبه عينات من أدوية لشركات محددة تزوره بين فينةٍ وأخرى، وتعرض عليه لـ"التسويق" منتجاتها من الأدوية مقابل ماذا..؟ فهو يسوق في وصفاته لهذه المنتجات، ولو كان هذا على حساب المرضى من المراجعين، وربما تعددت الأصناف والأنواع، وخرج المريض محملاً بما يلزم وما لا يلزم من أدوية يهتم الطبيب بها دون غيرها".

وتساءل: "أين شرف المهنة وأخلاقياتها..؟ أين الذمة..؟ أين ما أقسم عليه هذا النوع من الأطباء الذين هم ولا شك قلة، ولا يمثلون إلا أنفسهم في هذا الميدان الخطير والعظيم في حياة الناس..؟ لقد قيل: (الطب بلا إنسانية كالصلاة بلا وضوء)".

وأردف: "عرفنا في السابق ونعرف نماذج من الأطباء الذين تشرف بهم المؤسسات الصحية، ويطمئن إليهم الناس، ويلهجون بالدعاء لهم، ونريد أن يكون الكل مثلهم، أطباء وممرضون وممرضات، وعاملون وعاملات، مؤتمنون على حياة الناس، وحريصون على صحتهم".

وأكد الكاتب "السالمي" قائلاً: "حتى تكون صحتنا سليمة وفي أيدٍ أمينة، لا بد أن يعي الناس وينتبهوا من هذه اللعب القذرة، وأن تنتبه إدارات المؤسسات الصحية الأهلية لهذه الأساليب غير الإنسانية، وأن تتحرك وزارة الصحة لمجابهة الغش في الخدمات الصحية وسوق الدواء".

واختتم الكاتب "السالمي" حديثه بقوله: "مع كل ما تقدم هذه تحية خالصة لكل طبيب إنسان وعامل مخلص في ميدان التخفيف عن المرضى وحفظ الحياة الكريمة لبني البشر. تحيةً لهؤلاء المجاهدين المحاربين على جبهة خطيرة تُهدد البقاء، مورداً أبياتاً من الشعر:

وكلُّ محارِبٍ في الطِبِّ يبقى
على الأيام أكرمَنا جهادا
أليسَ المبضعُ الحاني صَلاحاً
وكان بنظرةٍ أخرى فسادا
ومَنْ مَنَح الحياةَ كريمَ معنىً
وإنْ "بالجرحِ" سَمَّوهُ الجَوَادا