ألمانيا تساهم في بناء متحف جديد لإخناتون في مصر

أخبار مصر

ألمانيا تساهم في
ألمانيا تساهم في بناء متحف جديد لإخناتون في مصر


يجري وزير الدولة المصري لشئون الآثار د. محمد إبراهيم في برلين مباحثات مكثفة مع مدير مؤسسة التراث الثقافي ومدير متحف برلين من أجل التعاون المشترك في مجال الترميم والتدريب وتبادل الخبرات، وسوف يناقش الوزير المصري سبل تقديم دعم الجانب الألماني لتنفيذ المرحلة الأخيرة من المتحف الآتوني بمحافظة المنيا ودفع عجلة العمل به خاصة وانه من المنتظر أن يفتح أبوابه أمام السياحة العالمية والمحلية خلال عامين.

وكان الوزير قد صرح لوسائل الإعلام قبل سفره إلى ألمانيا قائلا أن المرحلة الأخيرة من المشروع ستتضمن إعداد سيناريو العرض المتحفي وإنشاء قاعدة بيانات للمتحف ومعروضاته ، مشيرا إلى أنه تم الاتفاق مع المسئولين الألمان من قبل على تبنيهم حملة تبرعات لتمويل المرحلة النهائية من المتحف والتى تتكلف 60 مليون جنيه .

وأضاف إبراهيم أن استكمال المرحلة الأخيرة من المتحف سيحدث نقلة نوعية في الحركة السياحية داخل المحافظة ، كما سيساهم فى زيادة مصادر الدخل القومى وتوفير فرص عمل للشباب.

وقال أن فكرة إنشاء المتحف الآتونى جاءت بهدف إظهار عظمة الحقبة التاريخية للملك اخناتون والتي تسمى بعصر العمارنة، وتم تصميم المتحف على شكل أشعة الشمس الممتدة من السماء

سيتكون المتحف من خمسة طوابق تشمل 14 قاعة عرض متحفية وقاعة مؤتمرات تتسع لنحو 800 شخص ومدرسة لتدريس أعمال الترميم ومنطقة للبازارات ومسرح مفتوح ومرسى نهري للبواخر السياحية.

يقع مشروع المتحف على مساحة 25 فدانًا على النيل مباشرة بالضفة الشرقية بمدينة المنيا وسيزود بحديقة متحفية بها نماذج أثرية ومن المقرر أن يضم متحف اخناتون تماثيل الملك اخناتون وزوجته نفرتيتى وجميع القطع الأثرية التي تخص الحقبة التاريخية للملك الفرعوني الشهير.

من المعروف إن الملك الفرعوني إخناتون قد اشتهر بالزاهد والتعبد ،وكان قد اطلق عليه لقب الفيلسوف المتأمل ،وقد ترك الكثير من الأناشيد الدينية والأشعار منقوشة علي جدران معابده في تل العمارنة وفي رموز مخطوطة بالهيروغلوفية القديمة محفوظة علي أوراق البردي ،ويعتبره علماء الآثار أنه أحد أهم مفكري العصر الفرعوني في مختلف حقبه .

كان إخناتون دائم التفكير في أنه لابد أن تكون لهذا الكون قوة تسيطر عليه ، قوة صانعة وليست مصنوعة ، تهب الحياة وتأخذها خالدة باقية هي أقوي وأقدر وأبهي من فرعون ، قاده تفكيره الي قرص الشمس آتون وراح يكتب أناشيد رائعة الجمال في تلك الشمس الأبدية التي تنقل باشعتها الكون من عالم السكون والظلمة الي دبيب الحياة والنور وملكت عليه مشاعره وتفكيره في عظمتها وجلالها وقدرتها المسيطرة حتي علي فرعون العظيم وكان لزاما علي عقله كعقل المفكر والفيلسوف في أن يتخذ القوة المسيطرة إلهاً يتعبد إليه ويتقرب منه هو وشعبه ونادي بقرص الشمس أتون الآله الأوحد سيد الأشياء وفرضه علي شعبه وألغي كل العبادات الأخري، بل ومسح الكثير من صور الألهة التي كان يذخر بها معبد حتشبسوت في الدير البحري وغُير اسمه ليتخذ أسم اخناتون ومعناها المخلص لأتون وهجر طيبة وبني عاصمة لملكه سماها اخنياتون أي افق اتون في عام 1375 قبل الميلاد واقام المعابد الدينية الجديدة ونظم أناشيد بسيطة تشرح عقيدته في وحدانية الخالق.

إن أشعاره التي تركها كشفت عن خيال المصري القديم ومدي سعة أفقه في التطلع والتأمل في حياة الكون وكل ما يحيط بحياة البشر ، لقد أشتهر إخناتون بخيال خصب وشاعرية متصوفة عميقة المعني، خصبة الدلالة تبحث في مكنونات الكون عن سر هذا الوجود وهو أكثر ما أرقه في حياته ـ لهذا عندما إتخذ من آتون قرص الشمس إلهاً تجلت عبقريته الشعرية في مجموعة الإنشودات التي ألفها في حب آتون ، أحد أجمل تلك الإنشودات التي نظمها هي إنشودة حب آتون التي أصبحت علامة فارقة في فلسفة المصريين التي إرتبطت بوادي النيل منذ آلاف السنين لتحمل في طياتها معاني النزعة الدينية منذ إرتباط المصري بتلك الأرض.

كان الدين في مصر القديمة وعبادة الإله أمراً مقدساً ،فكان لكل شئ إله ، ولكل مكان إله وكان الإله راع في نهاية الدولة القديمة ذات مكانة وشأن عظيم ، غير أن تبدل العاصمة في عهد المملكة الوسطي وانتقالها الي طيبة رفع من شأن إلهها آمون ، ومن ثم لم يكن هناك تفضيل إله علي آخر إلا بالدمج وتمازج الإلهين في إله واحد هو آمون رع الذي بلغ الأوج في عهد المملكة الحديثة ، وتمتعت معابده وكهنته بمخصصات وفيرة واسعة مكنت بعض من هؤلاء الكهنة من التدخل في سلطة الفرعون.

مع بزوغ عهد الملك تحتمس الثالث فخر الأسرة الثامنة عشر في المملكة الحديثة بدأت عصور الإزدهار في مصر القديمة فهو الذي حارب ووسع البلاد ثم جاء من بعده امنحوتب الثالث فجني ثمار هذه العظمة وبدأ عصره زاهراً وافراً بالثروة حتي تجلت فيه ابهة الفرعون ـ ونتيجة لذلك بني لنفسه معبداً عظيماً في الجنوب عبده فيه الناس وأهل النوبة القديمة كالإله وبعد ان قضي جاء من بعده إبنه الشاب امنحوتب الرابع أو إخناتون الذي وجد ملكاً يمتد من أسيا متوغلاً في جنوب افريقيا كما وجد نفسه وسط كهنة أقوياء يخدمون الإله أمون في قوة وثروة هائلة وسلطة واسعة.

حكم إخناتون البلاد مد ة 17 سنة مع زوجته الجميلة نفرتيتي في الفترة من 1369 الي أن توفي في العام 1336 قبل الميلاد، وفي بداية حكمه لاحظ أن الشعب من حوله يكره هذه العظمة وتلك الأبهة، فكان اذا ما تقدم أحد أفراد شعبه بين يديه قبل الأرض ساجداً، وفي جنوب ملكه كان هناك معبدا يعبد الناس فيه ابوه كما تٌعبد الأله المتعددة في كل مكان ، فكان ذلك بداية التأمل وبداية التفكير الذي قاده الي الشك في قيمة كل الزيف الذي حوله وبدأ يسطر أناشيده التي عكست صفاء نفسه بل وبدأ الثورة الفكرية علي كل ما هو حوله من زيف وانتقل الي الحقيقة ليعيش فيها حتي أنه ترك المثّالين يصنعون التماثيل في حرية وصدق تام حتي انهم أظهروا عيوبه الجسمية مخالفين في ذلك كل من سبقوهم .