اليوم.. الذكري الثالثة للهجوم الارهابي على شارلي إيبدو

عربي ودولي

هجوم شارلى إيبدو
هجوم شارلى إيبدو


تحل اليوم، الذكرى الثالثة للهجوم الإرهابي الذي تعرضت له مجلة "شارلي إيبدو" الفرنسية الساخرة، ومثل نقطة البداية لسلسلة من العمليات الإرهابية، التي ضربت فرنسا خلال السنوات الأخيرة، ولعبت دورًا رئيسًا في تغيير ملامح المشهد الفرنسي على مختلف الأصعدة.

ومن المنتظر تكريم ضحايا الاعتداء اليوم، في حدث أطلق عليه شعار "دائما شارلي"، كما ينتظر تنظيم تجمع غدًا في ساحة الجمهورية بباريس، تلبية لنداء "حركة السلام ضد الإرهاب".

وكان مسلحان قد هاجما في السابع من يناير 2015، مقر المجلة الأسبوعية في باريس، وقتلا 12 شخصا بينهم عدد من أهم رساميها كما وأصيب 11 شخصا.

وبمناسبة الذكرى الثالثة على وقوع هذا الهجوم الإرهابي، حمل غلاف عدد المجلة لهذا الأسبوع عنوان "ثلاث سنوات داخل صندوق" في إشارة إلى التهديدات التي تتلقاها المجلة ومحرريها باستمرار، كما حمل الغلاف رسمة لرسام الكاريكاتير الشهير ريس، تظهر القلق الذى يعانى منه موظفو المجلة حيث ظهر على الغلاف أحد الموظفين وهو ينظر من خلف باب حديدى، معلقا على رسمته بـ "جدول أعمال داعش؟ لقد أعلناه".

وأكد مدير تحرير المجلة في هذا العدد على الأهمية البالغة للحرية، وأنها جزء لا يتجزأ من الديمقراطية.

وشكل هجوم شارلي إيبدو، نقطة تحول فاصلة في تاريخ البلاد، حيث إنه كان بمثابة حلقة البداية لسلسة من العمليات الإرهابية الدامية، التي تعرضت لها فرنسا، وخلفت أكثر من 240 قتيلا، فبعد مجزرة "شارلي إيبدو" بيوم واحد في 8 يناير، قتل شخص شرطية وأصاب موظفا بلديا بجروح في مونروج جنوب باريس، وفي اليوم التالي، احتجز رهائن داخل متجر يهودي في باريس وقتل أربعة منهم قبل أن تقتله الشرطة.

وكان من أبرز العمليات الإرهابية، التي تعرضت لها البلاد أيضا هجوم 13 نوفمبر 2015، الذي يعد أسوأ اعتداء إرهابي في تاريخ فرنسا وأوروبا، حيث هاجم انتحاريون العديد من المواقع وقتلوا 130 شخصا وأصابوا 350 آخرين في عدة مواقع مستهدفة من بينها قاعة باتاكلان للحفلات الموسيقية، وحانات ومطاعم وستاد "دو فرانس" شمال العاصمة، وأعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن الهجمات. 

وفي 14 يوليو 2016، اقتحم شخص يقود شاحنة، حشدا في مدينة نيس جنوب فرنسا بعد وقت قليل من إطلاق الألعاب النارية احتفالا باليوم الوطني، وقتل 86 شخصا وأصاب أكثر من 400 آخرين، وتبنى تنظيم (داعش) الإرهابي أيضا الاعتداء.

كما وقع حادث إرهابي في 26 يوليو من العام ذاته، وأعلن داعش مسئوليته عن مقتل قس ذبحا في كنيسته في بلدة سانت إتيان دو روفريه في غرب فرنسا.

ونتيجة لكل هذه الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها فرنسا أصبحت قضية الإرهاب على رأس الأولويات الفرنسية، وأعلن الرئيس إيمانويل ماكرون في أغسطس الماضي، في أول خطاب له في السياسة الدولية خلال مؤتمر سفراء فرنسا بباريس، أن "مكافحة الإرهاب" يجب أن تكون "أولى" أولويات الدبلوماسية الفرنسية، مؤكدًا أن "أمن الفرنسيين هو سبب وجود دبلوماسيتنا".

واتساقا مع ذلك أقر البرلمان الفرنسي قانون مكافحة الإرهاب في 18 أكتوبر 2017 بأغلبية ساحقة 415 صوتا مقابل 127 وامتناع 19. 

ودخل القانون حيز التنفيذ في الأول من نوفمبر الماضي تزامنا مع انتهاء حالة الطوارىء في البلاد، ومن شأن هذا القانون أن يجعل عدة إجراءات فرضت بعد اعتداءات باريس، ومن ضمنها قوانين الطوارىء دائمة، فهو يعطي السلطات صلاحيات جديدة دائمة لمداهمة منازل وإغلاق مراكز عبادة وتقييد حرية الحركة.

ورغم الانتقادات التي وجهت له بأنه يمكن أن يقوض الحريات العامة، لم يلق قانون مكافحة الإرهاب اعتراضا كبيرا من قبل الفرنسيين، الذين لا يزالون تحت وطأة الهجمات الإرهابية، وهو ما أظهره استطلاع للرأي أجري مؤخرا وكشف أن 57 في المائة من الفرنسيين يؤيدونه.

وأكد فريديريك دابي نائب المدير العام لمركز "ايفوب" للاستطلاعات الفرنسي، أنه منذ وقوع الاعتداءات الإرهابية الدامية في بداية 2015 أصبحت قضايا الأمن والإرهاب على رأس أولويات الشعب الفرنسي قبل البطالة والأوضاع الاقتصادية، وهو أمر لم تعهده البلاد من قبل.

وفي ضوء ذلك كشف استطلاع للرأي أجراه "ايفوب فيدوسيال" في 27 ديسمبر 2017، أن ثاني أكبر حدث شغل اهتمام الفرنسيين خلال عام 2017 بعد انتخاب الرئيس ماكرون هو الإرهاب الذي ما زال يشكل مصدر القلق الأكبر لدى الفرنسيين وهو ما يوضح أن قضايا الأمن على رأس الأولويات.

وأظهر الاستطلاع، أنه عند سؤال الفرنسيين عن أمنياتهم في عام 2018، عبر 36% منهم عن رغبته في القضاء على الإرهاب بينما أبدى 25% منهم رغبته في انخفاض معدلات البطالة، وهو ما يعني أن الأمن أصبح يتصدر اهتمام الفرنسيين قبل التوظيف وأن أولويات الشعب الفرنسي اختلفت بواقع الأحداث التي شهدتها البلاد، وهو ما سيظهر بوضوح في سياسات الرئيس ماكرون خلال سنوات حكمه المقبلة.