منال لاشين تكتب: صدمات 2018

مقالات الرأي



بيع المصرف المتحد للحصول على الشريحة الثالثة لقرض الصندوق

أسعار رسوم 17 خدمة حكومية من مياه ورخص سيارات وشهادات ميلاد والمخالفات

مصر تستدين 12 مليار دولار لسداد الديون

رفع أسعار الكهرباء والبنزين فى أغسطس والدولار فى انتظار الاستثمارات والفرج


يمكن أن نقرأ كف عام 2018 من خلال مفتاح رئيسى هو اتفاقنا مع صندوق النقد لقرض الـ12 مليار دولار. الكثير من أحداث العام الاقتصادية أو بالأحرى صدماته متعلق بهذا الاتفاق والحصول على الشريحة الجديدة من القرض. وكأن مصر أصبحت مريضة اقتصاديًا لا تستطيع الوقوف على قدميها أو الاستمرار دون حقن شرائح القرض والقروض الأخرى من سندات دولارية. وقروض مباشرة من هنا وهناك. خريطة مصر الاقتصادية والمالية لم ولن تشهد التحسن إلا بمعجزة الاستثمارات الأجنبية. لأن استمرار العيش معتمدين على القروض أصبح يهدد التنمية وكل خططها وتذهب بمحاولات الحكومة تحسين أوضاعنا إلى أبعد مما يستطيع المواطن تحمله. عام 2018 يمكن أن يكون لطيفا وخفيفا على المواطن لو حدثت معجزة فى الاستثمار الأجنبى المباشر ولولا ذلك لم نر من 2018 وجها سعيدا أو حتى مبتسما.


1- عجلة البيع

فى عام 2017 بدأت الحكومة بإعداد شركات ومشروعات حكومية للبيع، وبحسب اتفاق الصندوق فإن الحكومة يجب أن تبدأ فى بيع أسهم مشروعات حتى تفى باتفاقها مع الصندوق. أول المشروعات المرشحة للطرح هو المصرف المتحد وهو مصرف مملوك بنسبة 99% للبنك المركزى.وكان المركزى قد اضطر لتملك أغلبية الأسهم بعد سقوط ثلاثة بنوك فى فخ القروض المتعثرة وقام المركزى بدمج البنوك الثلاثة وشراء كامل أسمهما تحت اسم المصرف المتحد. وتخالف ملكية المركزى للبنك القواعد المصرفية العالمية لأنها تجعل منه مالكا ورقيبا فى الوقت نفسه. ويلح صندوق النقد على التخلص من المصرف وطرحه للبيع.بالمثل سيشهد عام 2018 بيع نسبة من أسهم بنك القاهرة.ولم تتحدد الحصة التى بدأت بـ20%، ولكنها قابلة للزيادة لو كان سعر البيع مشجعا، ولكن لم تصل حصة البيع إلى الـ50% لأن الحكومة والبنك المركزى متفقان على ضرورة إبقاء حق الإدارة والقرار النهائى فى بنك القاهرة فى يد الحكومة ممثلا عنها محافظ البنك المركزى طارق عامر، ولكن المصرف المتحد سيتم بيع كامل حصة البنك المركزى. ومن البنوك لشركات البترول فسوف يشهد النصف الأول من العام الجديد بيع حصص أربع شركات بترول تم تجهيزها للطرح فى البورصة. ومعظم البيوع سيتم طرحها فى النصف الأول من العام حتى تستطيع مصر الإيفاء بالتزاماتها أمام صندوق النقد، ومن ثم الحصول على الشريحة الثالثة من قرض صندوق النقد البالغة 2 مليار دولار. وذلك من خلال المراجعة الفنية من قبل بعثة صندوق النقد.

المثير أن مشروعات القطاع العام التى أعلن عن بيع حصة من أسهمها العام الماضى لم تكن جاهزة للطرح. ويتردد بين الكواليس أن مجالس إدارات بعض هذه المشروعات تسعى إلى عرقلة خطة الحكومة لطرح حصة من أسهم الشركات.وتحت زعم إعداد المشروعات للطرح سيتم فى الغالب تأجيل الطرح. فبيع البنوك وشركات البترول أسهل بكثير لأن الجهاز المصرفى فى مصر قوى وجاذب، وينطبق نفس الحال على شركات البترول، ولكن شركات قطاع الأعمال تحتاج إلى عمل مستمر وسريع لإعداد الشركات لبيع حصة. وفى الغالب فإن شركات قطاع الأعمال ستقصر عمليات البيع على الأراضى الفضاء التى تملكها الشركات، وعلى تأجير بعض خطوط إنتاج المصانع للقطاع الخاص.

وهكذا تعود الخصخصة مرة أخرى بشكل مباشر فى عام 2018 بعد توقف البيع منذ ثورة 25 يناير.


2- رسوم أكثر

تتقمص الحكومة دور التاجر المفلس الذى يبحث عن ديونه القديمة، ولكن الحكومة المفلسة تبحث فى جيوبنا على أى فلوس تستطيع إخراجها من الجيوب الخاوية.وتستمر هذه المهمة طوال عام 2018 للحد من عجز موازنة الحكومة، وزيادة عجز موازنة المواطنين. الآن تبحث الحكومة عن فرص جديدة لرفع أسعار الخدمات. بل إن الحكومة تخترع مخالفات جديدة لحصد غرامات. وزارة الداخلية بدأت المسيرة فى عام 2017 بفرض رسوم تأخير على استخراج الرقم القومى، ورسوم أخرى على أى خطأ ولو غير مقصود فى بيانات البطاقة. ونجاح خطة الداخلية سيدفع بتعميم الغرامات على كل الخدمات ورفع نسب الغرامات الموجودة بالفعل.فى عام 2018 هناك زيادة فى رسوم العديد من الخدمات مياه ورخص سيارات ورخص السائقين وغرامات المرور سيبدأ تنفيذها فى 2018. وكل الرسوم ستتحرك باتجاه زيادة سنوية بما فى ذلك شهادات الميلاد واستخراج النسخ الرسمية من كل الشهادات سواء لتقديهما فى الداخل أو الخارج. وبما فى ذلك استخراج الشهادات الدراسية المؤقتة والنهائية، وذلك فى كل مراحل التعليم. ورسوم التقاضى فى طريقها لزيادات جديدة من خلال تعديلات سيتم تمريرها فى مجلس النواب. والحكومة تنظر للرسوم باعتبارها باب رزق مهم للحد من زيادة عجز الموازنة.ـ خصوصا أن بعض الرسوم لا يستخدمها المواطن كل يوم فى حياته، ويمكن اعتبارها مجرد علقة أو قرصة ودن من الحكومة للمواطن من الحين للآخر. بالطبع تم الإعلان عن زيادة سعر تذكرة المترو بحسب المحافظات لتصل أعلى سعر تذكرة مترو (6) جنيهات. وسعر تذكرة القطارات ستزيد تحت عباءة التطوير أو زعم القطارات المميزة.


3- دعم أقل

فى مقابل زيادة الرسوم سيشهد عام 2018 خفضًا جديدًا فى الدعم المقدم فى قطاع المواد البترولية والكهرباء. وذلك الخفض فى الدعم مرتبط أيضا بالاتفاق مع صندوق النقد وتعهدات الحكومة المصرية للوصول بالدعم إلى نقطة الصفر. وذلك التعهد مرتبط بالحصول على شريحة جديدة من شرائح صندوق النقد. ولكن ثمة مشكلة فى خفض دعم المواد البترولية. فقد أعلنت الحكومة أنها لم تخفض دعم المواد البترولية والكهرباء خلال السنة المالية الحالية، ولذلك هناك مشكلة فى موعد خفض دعم الكهرباء والمواد البترولية وزيادة أسعارها.لأن موعد زيادة خفض الدعم سيتواكب مع موعد الانتخابات الرئاسية. ولهذا هناك توجس داخل الحكومة من خطوة رفع أسعار الكهرباء والمواد البترولية خلال فترة سياسية حرجة. ولكن الرئيس السيسى لا يهتم بهذه المسائل ومن الممكن أن يتم خفض الدعم قبل الانتخابات الرئاسية. ولكن الأقرب أن يتم ذلك بعد إقرار السنة المالية الجديدة.وبشكل تقريبى يتم خفض جديد فى دعم المواد البترولية والكهرباء فى شهر أغسطس. ولكن خلافا للتوقعات فإن خفض الدعم على الكهرباء سيكون أقل من خفض الدعم على المواد البترولية (غاز انبوبة بوتاجاز بنزين سولار مازوت).


4- القروض والدولار

التشابه الوحيد بين الحكومة والمواطن هو طريقة مواجهتها للديون. كلنا يستدين من جديد ليستطيع سداد القروض القديمة. باختصار الحكومة مثلما (بتلبس قاطية الدين ده من دين آخر) والحكومة تخطط لاستدانة نحو 12 مليار دولار بطرق مختلفة. قروض مباشرة من الصناديق والمؤسسات الدولية، طرح سندات دولارية.وبالطبع لا يمكن إغفال الديون غير المباشرة من خلال استثمار الأجانب فى أذون وسندات الخزانة، والتى تمثل مورد مهما للدولة للحصول على الدولار. ولا يمكن فصل الدولار عن قضية الديون التى أصبحت موضة قلق وجدل لدى الخبراء. فالدين الخارجى قبل الديون الجديدة وصل إلى 45% من إجمالى الناتج القومى، ولكن هذه النسبة لم يحدث عليها تغيير كبير أو محورى لأن معظم الديون الجديدة ستذهب كما قلت لسداد الديون القديمة، مصر لن ولم تتأخر عن سداد مديونياتها والتزاماتها. ولكن بدون إحراز تقدم فى جلب دولار من خلال الاستثمار الأجنبى المباشر لم تتحرر مصر من قبضة الديون، وسنظل فى دوامة السلف لرد السلف.ولم يحدث خفض حقيقى فى أسعار السلع والخدمات، لأننا نعتمد بشكل كبير على السلع والخدمات المستوردة. ولذلك فإن مستقبل الدولار فى 2018 سيحدده قدرة هذه الحكومة أو حكومة أخرى على جلب استثمارات أجنبية مباشرة للحصول على دولار من عملنا وعرقنا، وليس من الديون.