أحمد فايق يكتب : السيسى لا يحسن اختيار متحدثه
هل الإعلام مسئول عن الأزمة بين الرئاسة والجيش؟
سؤال يطرح نفسه بعدما ناشدت مؤسسة الرئاسة، وسائل الإعلام، تحرى الدقة فى مصادر معلوماتها، وأهابت مؤسسة الجيش، وسائل الإعلام تحرى الدقة أيضا حرصاً على الأمن القومى.
الحكاية بدأت بعدما سرت شائعات على مواقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك وتويتر» عن قرب إقالة الفريق عبد الفتاح السيسى، وأنباء أخرى عن تعيين ابنة وزير الدفاع فى إحدى الجهات الحكومية بعد تعيين «عمر محمد مرسى» فى «الشركة القابضة للمطارات»، وللعلم هذه الشائعات قرأها ملايين المصريين فى مواقع التواصل الاجتماعى، وربما نسبة مشاهدتها فاقت نسب مبيعات الصحف ذاتها، سعى الصحفيون للبحث وراء حقيقة هذه الأخبار، وأجروا اتصالات بالجهات الرسمية سواء فى الجيش أو والرئاسة، فخرجت تصريحات فى صحف محترمة على لسان مصدر عسكرى بأن قرار إقالة وزير الدفاع، لو كان حقيقيًا فهو يمثل انتحارًا سياسيًا، صمت الجميع ولم ينف أحد أو يؤكد هذه التصريحات، فى ذات الوقت الذى نشرت ميليشيات الإخوان الإلكترونية على ال «فيس بوك وتويتر» كلامًا حول علاقة وزير الدفاع بأمريكا، وهاجمت هذه الميليشيات، «الفريق عبد الفتاح السيسى» ووجهت له الاتهامات دون توقف، وبالمناسبة هجوم ميليشيات الإخوان على وزير الدفاع قرأه ملايين المصريين، وتزامن هذا مع تصريحات «لواء بحرى» يترأس هيئة موانئ بورسعيد للإعلامية لميس الحديدى يطالب فيها الإدارة السياسية لمصر بسرعة التدخل لحل أزمة العصيان المدنى، ثم جاءت بعدها تصريحات «صبحى صدقى» رئيس أركان حرب القوات المسلحة، يؤكد فيها أن الجيش لا يتدخل فى السياسة، لكنه يتابع بدقة الموقف، الجزء الثانى من التصريح يؤكد لأى ساذج أن هناك شيئًا ما يحدث فى الغرف المغلقة.
فى وسط هذه الأزمة تلقيت اتصالا من الشئون المعنوية بالقوات المسلحة حول جلسة مع العقيد أركان حرب أحمد محمد على، المتحدث العسكرى للجيش، وتم تحديد موعد الجلسة مع مجموعة من الصحفيين والكتّاب يوم الاثنين الماضى الساعة 12 ظهراً، وجدتها فرصة مناسبة لمعرفة الحقيقة، وذهبت قبلها بـ20 دقيقة احتراما للموعد، وكنت واحدًا من أشد مؤيدى فكرة وجود متحدث عسكرى رسمى، فالبلاد المحترمة فى العالم تفعل هذا، ووجوده يضع حدًا للشائعات اليومية التى نسمعها ونقرأها عن الجيش، لكن المتحدث العسكرى تأخر عن موعده ساعة ونصف الساعة دون سبب واضح، ليعطى للحضور درسا فى الانضباط واحترام المواعيد، هذا التأخر وحده كفيل بزيادة الاحتقان فى ظل غياب كامل للمعلومات، لم أستطع تحمل تأخره عن الموعد، فقط انتظرته على باب القاعة، وقلت له سأذهب لأنه لدى عمل أقوم به، فنظر لى مندهشًا: عندك شغل؟
وتأكدت وقتها أن الفريق عبد الفتاح السيسى لم يحسن اختيار متحدثه العسكرى، عدت إلى الجريدة وتابعت ما دار أثناء الجلسة، فقد تحدث المتحدث العسكرى معهم عن نظرية المؤامرة الأمريكية ضد مصر، وطلب من الجميع توخى الدقة والحذر فيما يكتب من أخبار حول الجيش، مؤكدا أن هذا يؤثر على الأمن القومى، ونفى أثناء حديثه كل ما نشر حول إقالة وزير الدفاع أو التحاق ابنته بالعمل فى مؤسسة حكومية، ولم يخل الأمر من الحديث عن رسالة الماجستير، التى أعدها فى أمريكا، والكتب والتصريحات الأمريكية، التى قرأها والتى تؤكد أن كل شىء فى العالم مخطط له.
وكالعادة لم يتطرق المتحدث العسكرى إلى ما يشبع نهم الرأى العام، فالأمر واضح، كانت هناك حرب شائعات بين الإخوان والجيش، وميليشيات الإخوان الإلكترونية وجهت اتهامات للفريق السيسى، ورئيس الأركان قال إن الجيش يتابع الوضع فى مصر بدقة، والأهم من هذا كله، أن هذا الإعلام الذى تطالبونه بالدقة هو من قال قبل قرار إحالة «المشير طنطاوى والفريق عنان» للتقاعد قبلها بأسبوع، وظهرت عشرات المناشدات من الرئاسة والجيش طالبة توخى الدقة، ورغم ذلك ثبت أن الإعلام كان أكثر دقة من المناشدات.
الأمر بسيط وسهل كما قالها لى «سايس» فى الشارع «يا باشا.. الإخوان حبوا يشيلوا السيسى.. بس الراجل طلع جامد وماسك وزارته كويس.. وفى نفس الوقت السيسى مش هايقدر يشيل مرسى علشان البلد ماتتقلبش حرب شوارع».
ببساطة الإعلام ليس المسئول، وهناك غرف مغلقة بين الإخوان والجيش منذ بداية الثورة وحتى الآن، والطرفان لا يصعدان لحد المواجهة، ويضعان خطا يتراجعان فيه، والغطاء الشرعى يكون دائما مناشدة وسائل الإعلام بتوخى الدقة والحذر، ونحن نطالبهم أيضا بالشفافية الغائبة.
ملحوظة : المحاكم المصرية بها 10 ملايين دعوى قضائية، فتوقفوا عن ملاحقة الصحافة والإعلام قضائيا، الشفافية هى الحل.