د. رشا سمير تكتب: مسرح عرائس الماريونت!
لست من المؤمنين بشدة فى نظرية المؤامرة.. ولست ممن ينظرون إلى الجزء الخالى من الكوب حتى أدعى أننى من المتشائمين فى معظم الأحيان، ولكننى ألمح وبكل وضوح الطوفان آتيا على المنطقة العربية كلها، وأرى بالعين المجردة أن العالم بأسره قد أصبح على صفيح ساخن!.
ولأننا نحن العرب على الرغم من كوننا نمتلك تاريخا كتب حضارتنا إلا أننا لانمتلك الذاكرة اللازمة لنتذكر أحداثه.. فما أشبه اليوم بالبارحة!
لم يكن قرار صدام حسين بدق طبول الحرب ضد إيران قرارا فرديا بل كان خطوة تم دفعه إليها عن طريق الاستخبارات الأمريكية بدعم مُطلق من النظام الأمريكى، الذى تراءى له أن هذه الحرب تحقق مصالحه الشخصية فى المنطقة، بعد القرار الذى اتخذته دول منظمة الأوبك ومن بينها العراق وإيران بتخفيض إنتاج النفط لتتمكن من رفع سعره إلى 30 دولارًا فى البرميل الواحد، وهو ما كان فى وقتها سعرا مبالغا فيه، وبالفعل بعد الحرب انخفض سعر البرميل حتى وصل إلى 9 دولارات!.
استمرت الحرب ثمانى سنوات ومازال السؤال مطروحا..من كان الفائز ومن هو الخاسر؟!..
الحرب التى أطلق عليها صدام اسم (قادسية صدام) والتى اسماها الإيرانيون (الدفاع المقدس) انتهت عمليا إلى خسارة كل الأطراف!، قتلى.. وجرحى.. وخراب..ودمار.. وبات الفائز الوحيد هو أمريكا!..
وعلى الضفة الأخرى جلست إسرائيل ترقب وتبتسم فى خجل لتقول: دعهم ولسوف يأتون هم بأنفسهم على أخضرهم ويابسهم!
هذا هو التاريخ الذى يتكرر اليوم بنفس الدوافع، فقط تختلف الأطراف..
أمريكا تخطط وإسرائيل تستولى على الغنائم وأوروبا تشعل النار حتى تضطرم النيران.. ونحن العرب كنا ومازلنا مثل عرائس الماريونت التى تمسك الإدارة الأمريكية خيوط مفاصلنا، فنرقص متى يقرعون الطبول ونغفو متى يتركون الخيوط من بين أصابعهم..
فمن الفتنة الطائفية التى أفلحت فى وقت وفشلت فى أوقات أخرى، إلى تنظيم داعش والدعم الإخوانى وحتى إشعال وقود الفتنة ببراعة فائقة بين السُنة والشيعة، حتى أصبحت المنطقة تغلي مثل البركان الذى مازالت حممه البركانية تفور كل يوم لتسقط على أحد البلدان، فبعد تفكيك العراق وتدمير ليبيا وفناء سوريا، مازالت خطة فرق تسد تُكتب فصولها كل يوم.
الاستيلاء على نفط المنطقة العربية هو هدف واضح للأعمى، وتجارة السلاح الذى نبتاعه نحن العرب لنقتل به بعضنا البعض وندفع لهم فيه الدولارات لتمتلئ بطونهم، هو ما يجعلهم لا يريدون للمنطقة أن تهدأ أبدا..
وها نحن اليوم نعيد كتابة التاريخ دون أن نفكر فى قراءة فصوله السابقة لنتعلم منها الدرس..
لقد أصبح جليا أن السعودية وإيران يتم جرهما لإشعال حرب فى المنطقة العربية بأسرها، وحيث إن لكل حرب ذريعة يجب إن تكون هى الشرارة الأولى، فالذريعة فى الأغلب هذه المرة هى حالة الكُره والصدام الشنيع الذى زرعته أمريكا فى قلوب الشيعة ضد السُنة والعكس أحيانا صحيح..
لا ألوم أمريكا كدولة تبحث عن مصالحها الشخصية، بل ألوم العرب وألوم المسلمين الذين إذا لم يسلموا أقدارهم بكل سذاجة على طبق من فضة لأعدائهم لتغيرت الكثير من الأوضاع..
إن مصر على ما أعتقد هى الدولة الوحيدة التى مازالت تُحاول رأب الصدع ولكن لو لم يترو أطراف النزاع لتحول الوضع إلى كارثة..وكالعادة سيدفع ثمن الكارثة المُسالمون من الشعوب التى اختارها الله لتدفع ثمن صلف وعناد الحُكام.. فكارثة العرب هم حكامهم، الذين ربما لو تركوا الكرباج، لتحول الأمر بين العرب إلى مجرد شعوب وقبائل خلقوا ليتعارفوا ولما عرفت الحروب الطريق إلى أبواب البيوت..
هل سيدفع لبنان ثمن صراع جديد بعد حروب أهلية اغتصبت سنين طويلة من عُمر عروس المنطقة حتى اعتلت تجاعيد الحرب البغيضة ملامحها؟..
المياه الراكدة بين السعودية وإيران تحركت بعد زيارة ترامب للسعودية وبعد إبدائه الكراهية الشديدة للدولة التى تدعمها روسيا.. ومن يدرى، عل حلفاء اليوم هم أعداء الغد أو العكس صحيح!
هل تتطور حرب التصريحات بين السعودية وإيران إلى مواجهة محتملة قد تجر المنطقة كلها إلى خسائر لا يعلم مداها سوى الله؟!
أتمنى أن تتريث كافة الأطراف ويقف القادة مع أنفسهم وقفة قد تستدعى الوقت الكافى لالتقاط الأنفاس..الاضطرابات فى المنطقة العربية لا تشتعل إلا بأيدينا..
يا سادة.. إنهم فقط ينزعون الفتيل!