أحمد فايق يكتب : أدب الحوار مع الرئيس
إرتجت القاعة بالتصفيق في مهرجان فينسيا السينمائي عام 2009، حينما عرض المخرج الكبير أوليفر ستون مشهدا يقول فيه هوجو شافيز رئيس فنزويلا أنت حمار يامستر بوش ، فقد تجول فيلم جنوب الحدود في دول أمريكا اللاتينية منتقدا بعنف سياسات بوش تجاه الجيران، وصاحبت الكاميرا رؤساء الأرجنتين وفنزويلا وغيرهم من زعماء أمريكا اللاتينية، وقدمهم في صورة مغايرة للصورة الذي تطرحها وسائل الإعلام الأمريكية، وأبرز في مشاهد كثيرة تواضع هؤلاء رغم أن الإعلام الأمريكي يصفهم بالديكتاتورية والفاشية، وعرض الفيلم في أمريكا دون أن يعترض عليه أحد .
وصف حمار لازم بوش أيضا في فيلم مارادونا للمخرج الصربي الكبير أمير كوستاريتشا، والذي قدم فيه أسطورة كرة القدم في العالم من جانب اخر، المناضل السياسي الذي يقف في وجه أمريكا، فقد قالها أيضا ماردونا للرئيس الأمريكي بوش، وعرض الفيلم أيضا في الولايات المتحدة الأمريكية .
ولم يتردد مايكل مور في أفلام فهرنهايت 11-9 و الرأسمالية قصة حب في وصف بوش بالفاشل والكذاب والأبله، وشكك في شرعية إنتخابه كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية، لأنه تهرب من الخدمة العسكرية في حرب فيتنام، كما أن قناة فوكس نيوز المملوكة لشقيق بوش تلاعبت في نتائج ولاية فلوريدا وأعلنت فوز بوش عكس الحقيقة.
أما باراك أوباما فقد نال نصيبه في مقال صحفي وصفته إحدى المعارضات بالمتخلف، ونال شرف وصفه بالحمار أيضا من المعارضة، ورغم هذا لم يقاضي بوش أو أوباما أيا من المعارضين بتهمة إهانة الرئيس أو يمنع أفلامهم، ليس تحضرا منه إنما خضوعا للنظام الديمقراطي الذي يكفل حرية التعبير .
في الفيلم الفرنسي الخديعة ل كزيفيه دورينجيه نرى المورال الأساسي مبني على تصريح للرئيس الفرنسي السابق ساركوزي وهو كل السياسيين أغبياء ، عرض الفيلم في الدورة قبل الماضية لمهرجان كان السينمائي الدولي خارج المسابقة الرسمية، وقتها كان ساركوزي رئيسا لجمهورية فرنسا، لكنه في هذا الفيلم غبي وأبله وكاذب وممثل كبير على مسرح السياسة، الفيلم صور ساركوزي بإعتباره أراجوز يحترف الكذب وممثل فاشل ورغم ذلك ضحك على الجميع، لا يفي بوعوده ومدمن شهرة وأضواء، نري ساركوزي يفقد زوجته بعد 20 عاما من حياة عائلية مستقرة فهي لاتحب السلطة ولا الاضواء وسئمت من سعي ساركوزي دائما وراء النساء واضطرا الي عمل تمثيلية امام الشعب الفرنسي أثناء الحملة الانتخابية الرئاسية لاثبات أن علاقتهما مستقرة وهذا غير حقيقي فبمجرد وصول ساركوزي للحكم تركته زوجته رسميا .
صور الفيلم ساركوزي كأنه ممثلا كبيرا علي مسرح السياسة يصدقه دائما الشعب الفرنسي ، وتناول ايضا الفيلم الصراع بينه وبين وزير الخارجية الفرنسي السابق علي رئاسة التحالف الحاكم UNP وإستخدام الكذب والخداع في تضليل الرأي العام .
ونال الفيلم نصيبه من التصفيق، وعرض في قصر المهرجان والشرطة الفرنسية على الأبواب تحرس الحضور، وتنظم المرور، ونال كتابات واسعة في الصحافة الفرنسية حملت عناوين جذابة من نوعية الأبله الذي أصبح رئيسا لفرنسا .
ساركوزي لم يسلم من المعارضة حينما هجم عليه شاب أثناء تفقده لمترو الأنفاق بباريس وجذبه من ملابسه وكاد أن يسقطه، ومحاولة من موظف حكومي في مقاطعة فرنسية لتوجيه لكمة له، كما قذفه شاب اخر بزجاجة مياه في وجهه، ورغم ذلك لم يقاضي ساركوزي أيا منهم وإعتبر أن هذا من باب حرية التعبير عن الرأي، ولم تسلم زوجته كارلا بروني من توصيفات مثل مجنونة الشهرة وخاطفة الرجال والبلهاء في قصر الإليزيه، حتى العلاقة الجنسية بينها وبين ساركوزي حصلت على صفحات في الصحف الفرنسية .
وفي عام 2009 قذف معارض إيطالي رئيس الوزراء سيلفيو بيرلسكوني بتمثال حديدي صغير، أسقط أسنان رئيس الوزراء العجوز وأغرق وجهه بالدماء أمام كاميرات التليفزيون على الهواء، وبدا مشهد بيرلسكوني عجيبا ووجهه ملطخ بالدماء، هذا غير صور الفضائح الجنسية لبيرلسكوني وحفلات الجنس الجماعي التي كان يقيمها، وتصريحات العاهرات اللاتي مارسن الجنس معه في الصحافة الإيطالية، ولم تسلم رئيس الوزراء البريطانية السابقة مارجريت تاتشر حينما كانت في الحكم من وصف أحد المعارضين لها بأنها مثل الكلبة التي تلعق روث الأمريكان، إعتراضا على تبعية بريطانيا لأمريكا في السياسة الخارجية، حتى العائلة المالكة البريطانية عانت ومازالت من مطاردة مصوري الفضائح، ومن أشهر صور الفضائح التي يعرفها العالم كله لبيت الرئيس تلك الصور التي تم إلتقاطها ل جينا إبنة الرئيس الأمريكي بوش وهي تخلع ملابسها بالكامل على البحر.
وفي دولة فاشية مثل إيران قذف عامل في أحد مصانع الغزل والنسيج الرئيس الإيراني أحمدي نجاد بالحذاء أثناء زيارته للمصنع، وفعل العامل من قبل نفس الموقف مع مرشد الثورة الإيرانية، ولم يسلم الرئيس اليمني علي عبدالله صالح من حذاء المعارضة في زيارته للولايات المتحدة الأمريكية .
هل تعلم أنه لو حدث العكس ووصف رئيس الجمهورية مواطن أو معارض بلفظ حاد لترك الرئيس منصبه بلا عودة ؟
فالحديث عن رئيس الجمهورية في الدول الديمقراطية يستلزم الكثير من الأدب الذي قرأته في بداية المقال، الأدب الذي لم تلتزم به المعارضة المصرية حتى الان في الحديث عن مرسي .