وول ستريت: محمد بن سلمان يروج للتسامح وينقل المملكة حضاريًا عبر مشروع نيوم

السعودية

بوابة الفجر


ألقت صحيفة وول ستريت جورنال الضوء على مشروع نيوم الذي أعلنه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أمس ضمن مبادرة مستقبل الاستثمار مؤكدة أنه يمثل نقلة حضارية في تاريخ المملكة.

وقالت الصحيفة الأميركية: تعهد ولي العهد بإعادة بلاده إلى نوعٍ أكثر تسامحًا من الإسلام أثناء تعهده ببناء مدينة مستقبلية من شأنها أن تُدخل البلاد في القرن الحادي والعشرين.

وركزت الصحيفة على قول ولي العهد لرجال الأعمال والإعلام والمستثمرين أمس: “سوف نعود إلى ما كنا عليه من الإسلام الوسطي المعتدل المنفتح على العالم وجميع الأديان وثقافات الشعوب”.

ووصفت الصحيفة المشروع بأنه “خطة عظيمة” لإنشاء منطقة إنمائية تبلغ مساحتها أكثر من 25 ألف كيلومتر مربع لتصبح بذلك “أكثر مشاريع العالم طموحًا”.
يوتوبيا مستقبلية

وقالت الصحيفة: ومن المتوقع أن تُكلف المدينة – التي يطلق عليها اسم نيوم – نحو 500 مليار دولار، كما سيقوم صندوق الاستثمارات العامة بتمويل هذا المشروع بالتعاون مع المستثمرين.

ونوهت الصحيفة بوصف ولي العهد الذي يقود خطة الإصلاح الاقتصادي في المملكة لمدينة نيوم بأنها “يوتوبيا” مستقبلية تحتوي على معدات تكنولوجية مدمجة في المدينة منذ تأسيسها، غير أن الأمير محمد اعترف أيضًا بأن تحقيق هذه الرؤية سيكون تحديًا حيث قال: “إن الحلم أمر سهل، غير أن الصعوبة تكمن في الإنجاز”.

وجهة استثمارية عالمية
وكانت مشاركة الأمير محمد في حلقة النقاش التي استمرت لمدة ساعة إبرازاً لأهمية المؤتمر الذي يهدف إلى إظهار المملكة كوجهة استثمارية-وليس فقط كمصدرٍ وافرٍ لرأس المال الموجود في الخارج.

وانضم إلى الأمير محمد في حلقة النقاش كل من ماسايوشي سون من سوفت بنك، والمؤسس المشارك لمجموعة بلاكستون والرئيس التنفيذي لها ستيفن شوارزمان، وكلاوس كلاينفيلد، الرئيس التنفيذي الجديد لمشروع نيوم.

وربطت الصحيفة بين مشروع نيوم ومدينة مصدر التي بدأت إمارة أبوظبي بالعمل عليها وستكون موطناً لـ 50,000 شخص وتعتمد كلياً على مصادر الطاقة المتجددة. إلا أن المشروع عانى من التأخير ولم يكتمل حتى الآن.

ويحاكي المشروع الجديد بيئة متحضرة تختلف اختلافًا شاسعاً عن السعودية الحالية، أو أي نوع من المدن تقريباً.

وتتعهد المدينة الجديدة بالعديد من الروبوتات بدلاً من البشر، والتي سيتم نشرها في قطاعات تتراوح ما بين الرعاية الصحية والأمن.

وستكون السيارات، إذا وُجدت، دون سائق. وفي بلدٍ معتمد على النفط، ستكون المدينة الجديدة معتمدةً على الطاقة الشمسية والرياح فقط.

وسيكون لدى نيوم قوانينها وأنظمتها الخاصة بها، والتي تهدف إلى أن تكون المدينة أكثر ملاءمة لكل من رجال الأعمال والمقيمين الأجانب.

سلسلة مبادرات طموحة
وتُعد المدينة هي الأحدث ضمن سلسلة من المبادرات الطموحة المُعلنة كجزء من الخطة الاقتصادية المعروفة باسم الرؤية السعودية 2030 حيث تحدد الخطة خطوات لتحويل الدولة البترولية المحافظة إلى اقتصاد ذكي يمكن أن يبقى دون وجود النفط.

ويتمثل حجر الأساس لتلك الخطة في تحويل صندوق الاستثمارات العامة إلى صندوق  للاستثمارات في الداخل والخارج من خلال نقل ملكية عملاق النفط المملوك للدولة، أرامكو السعودية، إليه إذ سيتحكم الصندوق في عائدات الطرح العام الأولي والمخطط له أن يصل إلى 5% من أرامكو، والتي يقول مسؤولون سعوديون بأن قيمة هذه النسبة قد تصل إلى 100 مليار دولار.

وقال المدير التنفيذي لأرامكو يوم الثلاثاء إن طرح الشركة للاكتتاب في مساره الصحيح وسيكون في 2018.

وقالت الصحيفة إن الهدف من مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار هو انطلاق جزءٍ مهم من خطة 2030: ألا وهو إقناع المستثمرين الأجانب بتوفير رؤوس الأموال في السعودية بدلاً من القدوم للاستفادة من مليارات الدولارات التي تُخطط الدولة لاستثمارها في الخارج.

واتخذت الحكومة بعض الخطوات لجذب الاستثمارات الأجنبية، كتخفيف القيود على سوق الأسهم وعلى ملكية الأجانب في قطاعات كالتجزئة على سبيل المثال.

وفي الشهر الماضي، افتتحت السعودية أول محكمة تجارية في إشارة واضحة إلى وجود أنظمة قانونية تحكم تعاملات الشركات الأجنبية.

أكبر محطة للطاقة الشمسية

وقال السيد سون من شركة سوفت بنك إن صندوق رؤية الشركة البالغة قيمته 93 مليار دولار – والتي تعد السُعودية أكبر مُستثمرٍ فيه – سيستثمر في الشركة السعودية للكهرباء، والتي ستبني بدورها أكبر محطة للطاقة الشمسية في مشروع نيوم الحضري.

وتعكس المدينة المخطط لها التغييرات التي يود الأمير محمد جلبها إلى البلاد برمتها وكجزء من خطته الرامية إلى إصلاح اقتصاد المملكة الذي يعتمد على النفط، يسعى ولي العهد إلى تحرير المجتمع من التطرف والفكر المتشدد.

ونوهت الصحيفة بقيام السعودية الشهر الماضي برفع الحظر على قيادة المرأة للسيارات في بادرة تؤكد منح مزيد من الحريات للنساء.

تدمير التطرف ونشر الوسطية

الصحيفة ركزت على قول ولي العهد : “لن نضيع 30 سنة من حياتنا في التعامل مع أي أفكار متطرفة سوف ندمرهم اليوم وفوراً”.

وأضاف: “نريد أن نعيش حياة طبيعية، حياة تعكس ديننا المتسامح وعاداتنا وتقاليدنا الجيدة ونتعايش مع العالم ونساهم في تنمية أمتنا والعالم”.

بدوره قال محمد اليحيى، المحلل السعودي والزميل غير المقيم في المجلس الأطلسي، إن قرار الأمير في توجيه حديثه عما يسمى بحركة الصحوة الإسلامية التي زادت شهرتها بعد عام 1979 لم يسبق له مثيل.

وقال: “إنها المرة الأولى التي يقوم فيها مسؤول حكومي – ناهيك عن كونه من كبار المسؤولين – بالتحدث عنهم بالاسم”.

وأضاف اليحيى:” كشفت القيادة الجديدة خداع هؤلاء وأظهرت أنهم ليسوا سوى نمر من ورق”.