ننشر حيثيات حكم غلق "اليوتيوب" بمصر
أصدرت محكمة القضاء الإدارى برئاسة المستشار حسونة توفيق نائب رئيس مجلس الدولة حكمًا قضائيًا بإلزام كل من رئيس مجلس الوزراء ورئيس الوزراء وتكنولوجيا المعلومات ورئيس الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات باتخاذ مايلزم لغلق موقع يوتيوب لمدة شهر،وحجب وحظر جميع المواقع والروابط الالكترونية على الانترنت التي تعرض مقاطع الفيلم المسيء للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم تحت مسميات مختلفة، مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات.
وقالت المحكمة فى حيثيات حكمها إن موقع اليوتيوب المطلوب حجبه ـ بشبكة المعلومات الدولية الانترنت داخل مصر، وكذلك حجب وحظر جميع المواقع والروابط الالكترونية على الانترنت التي تعرض مقاطع الفيلم المسىء للرسول وحجب جميع المواقع والروابط الالكترونية التي تعرض مقاطع فيديو مناهضة للإسلام على الانترنت ـ لايزال حتى عشية صدور هذا الحكم يقوم بعرض هذا الفيلم على الروابط المختلفة داخل الموقع المذكور دونما ثمة استجابة لما طلبه الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات بكتبه المؤرخة 9/1/2013 ـ رغم صدورها متأخرة جداً من وقت عرض هذا الفيلم منذ ما يزيد على ستة أشهر، وتقديمها للمحكمة لمحاولة إظهار الجهاز بأنه قد قام بواجبه ـ الموجهة إلى الشركات مقدمة خدمات الانترنت في مصر بتنفيذ ما انتهى إليه قرار الجهاز من إلزام هذه الشركات بحجب رابط الفيلم المسىء للرسول الكريم (ص) على موقعي جوجل ويوتيوب على شبكة المعلومات الدولية (الانترنت) ومنع الدخول إليه من داخل جمهورية مصر العربية، وإتمام عملية الحجب وإخطار الجهاز بما قد يواجه هذه الشركات من صعوبات عند تنفيذ هذا القرار.
وقد ثبت للمحكمة استمرار قيام الموقع بالسماح بعرض ومشاهدة هذا الفيلم المسىء للرسول، بما يهدم كل العقائد الدينية الراسخة والقيم الأخلاقية والآداب العامة، ولا ريب أن الإبقاء على هذه المواقع وعدم حجبها يهدر القيم المشار إليها، ولايمكن أن يدور ذلك فى فلك حرية التعبير لأن ما يعرض على هذه المواقع يعد من أبرز صور الإخلال بالمصالح العليا للدولة والأمن القومى الاجتماعى، ومن ثم كان لزاماً على الجهة الإدارية اتخاذ كافة الوسائل اللازمة لحجب هذه المواقع عن المواطن المصرى، ومن ثم يضحى جلياً ثبوت المخالفة في حق موقع اليوتيوب وكذلك جميع المواقع والروابط الالكترونية على الانترنت التي تعرضه، ليغدو القرار المطعون فيه السلبى بالامتناع عن غلق هذا الموقع لحجب وحظر جميع المواقع والروابط الالكترونية على الانترنت التي تعرض هذا الفيلم اعتداءً صارخاً على أحكام الدستور والقانون، ويجعله مرجح الإلغاء عند الفصل فى موضوع الدعوى، وهو ما يتوافر معه ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذ هذا القرار .
وقد استقر قضاء هذه المحكمة على أنها وهي تنتصر للمبادئ والقيم الأخلاقية التي يقوم عليها الإعلام المرئي والمسموع والمقروء في نطاق الانحياز لحرية الرأي والتعبير المسئولة، فإنها تهيب بالجهة الإدارية الوقوف عند مسئولياتها وتنوه إلى أن مسئوليتها جد خطيرة في ألا تقهر رأياً أو فكراً وألا تحول بينه وبين حرية الوصول إلى جمهور المشاهدين والمستمعين، وأن تحمي الإعلام المستنير الداعم لحرية التعبير والمحافظ على تقاليد وأعراف المجتمع وحقوق المشاهد والمستمع والقارئ، إلا أنه في ذات الوقت يقع على كاهلها حماية القيم والأخلاق وحماية المعتقدات الدينية والأسرة المصرية من انتشار الغث من التشهير والإساءة والتطاول على الرموز الدينية والأديان السماوية ، وأن تكون القدوة في تحقيق هذه الحماية في وقت سادت فيه الألفاظ الهابطة مسامع ومرأى الأسرة المصرية وتردت فيه لغة الخطاب والحوار، وتطايرت الألفاظ البذيئة والشتائم في كل صوب وحدب على الهواء وفي القنوات الفضائية وغيرها، وصارت سلاطة اللسان وتبادل الألفاظ القبيحة والمعاني الهابطة والتلاسن داخل أروقة الأماكن على اختلاف أنواعها وعبر القنوات الفضائية بألفاظ وعبارات خادشة للحياء وسيلة الكثيرين في محاولة الانتصار لرأيهم والحط من رأي وكرامة الآخرين، خصوماً كانوا أو مخالفين له، وطال الانفلات أشخاصاً وهيئات الأصل فيها أنها القدوة لينفلت اللسان ليس بالشتائم وسب الأشخاص فحسب بل بوصف بعضهم البعض بأوصاف تعف مدونات الحكم أن تحتويها وبلغ بعضها حد الإساءة إلى الدين ذاته في مناقشات فضائية مختلفة ، وهي ظواهر من شأنها أن تهدم البنيان الديمقراطي وتعوق مسيرة تطوره .
ومن حيث إنه عن ركن الاستعجال فإنه متوافر أيضاً فى هذا الطلب لما يترتب على الاستمرار فى تنفيذ القرار المطعون فيه من نتائج يتعذر تداركها تتمثل فى الاستهانة والاستفزاز لمشاعر المسلمين خاصة والمواطنين عامة فى المجتمع المصرى .
وحيث إنه وقد توفر لطلب وقف التنفيذ ركنيه من الجدية والاستعجال، فإن المحكمة تقضي بوقف تنفيذ القرار السلبي المطعون فيه بالامتناع عن اتخاذ الإجراءات المقررة قانوناً بشأن البذاءات التي ارتكبها الموقع المشار إليه ، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها حجب الموقع المذكور لمدة ثلاثين يوما نظراً لجسامة المخالفات الثابتة بهذا الحكم ، مع إزالة مسببات المخالفات.
ومن حيث إنه عن الدفع المبدى بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذى صفة بالنسبة للمدعى عليه الأول (رئيس مجلس الوزراء) فإنه وإن كان رئيس مجلس الوزراء ليس صاحب صفة مباشرة في النزاع ، إذ أن كل من وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ـ حسبما تقدم ـ ورئيس الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات هما ذوي الصفة المباشرة في هذه الدعوى ، كما أنهما الممثلان قانوناً لهاتين الجهتين ، إلا أن الحادث جلل على النحو السابق، والخطايا التي ارتكبها الموقع المذكور بالسماح بنشر هذه الأكاذيب والبذاءات، وسكوت جهة الإدارة يجعل المسئولية عامة وشاملة لكل صاحب سلطة في الدولة من أدنى موظف مسئول حتى رأس الدولة، ولعظم الجريمة فإن المحكمة تعد كل من في الدولة مسئولاً ، بل ومشاركاً بصمته، ومن ثم يكون صاحب صفة في النزاع حتى يكون الحكم ملزماً له لاتخاذ كل مالديه من سلطات ، وكل مايمكن من إجراءات لتنفيذه ، ولذا يكون الدفع المبدى بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة فاقداً سنده وأساسه من صحيح حكم القانون خليقاً بالرفض.