الحكاية فيها "أحمد أنيس".. قصة الشاب الساقط من على الكرسي المتحرك في مباراة الصعود للمونديال

تقارير وحوارات

أحمد أنيس ومريم زوجته
أحمد أنيس ومريم زوجته

الدقائق تمر واحدة تلو الآخرى والجميع مترقب نهاية مباراة مصر والكونغو، ليأتي هدف محمد صلاح ويؤهل المنتخب المصري لكأس العالم، ينسى الشاب إعاقته ويقفز من على كرسيه المتحرك فيسقط، وتسجل عدسات الكاميرات المشهد، فالشاب على الأرض وبجانبه سيدة لم يعلم أحد من هي أو كيف آتت؟

كان المشهد عظيم في أعين الجميع أن يسقط شاب من كرسيه المتحرك بعد إصابته بهيستريا من الفرحة، عقب تأهل مصر، ولكن لم تسجل عدسات الكاميرات قصة كفاح هذا الشاب، وكأن الله أراد أن تجمعه الصورة بزوجته وهي تسانده حتى في حال سقوطه على الأرض.

أحمد أنيس، شاب في الثلاثينات من عمره، تخرج من كلية الهندسة قسم العمارة بجامعة عين شمس خلالعام 2008، عاشق للكرة منذ صغره، وكان أحد أمهر اللاعبين بنادي مدينة نصر، كما كان مدرب في الجيم.

يعتاد "أحمد" لعب الكرة يومياً، وكذلك يعتاد الذهاب للنادي والقفز من على ارتفاع 10 أمتار بنادي السباحة، حتى جاء اليوم الذي غير مسار حياته، فقفز "أحمد" للمرة السادسة خلال نفس اليوم بحمام السباحة ولكن جاءت القفزة بطريقة غير صحيحة، فخبطت رأسه بأرضية حمام السباحة بشكل قوي جداً، حاول التحرك ولكنه لم يستطع التحكم في جسمه تماماً، ونفسه يختنق لا يقدر على طلب النجاة من أحد، حتى لاحظ أحد أصدقائه وأنقذه من المياه، وكانت الصدمة أن"أحمد" أصيب بكسر في الفقرات العنيفة وتهتك بالحبل الشوكي، لينتهي به الحال بشلل رباعي في آخر عام له بالكلية وكان في انتظار النتيجة حينها.

وتحول "أحمد" من شاب على مشارف التخرج من كلية الهندسة ليسلك طريقه في العمل، إلى شاب يتنقل بين العمليات الجراحية واستمر في المستشفي لعام ونصف، يوصف "أحمد" تحول حياته: "حياتي اتغيرت 360 درجة من شاب كان بيطير من فوق الأرض وهو بيجري لشاب فاقد الحركة والإحساس".

ظل "أحمد" يعاني من الشلل الرباعي، حتى أراد الله أن يتحرك 2 من أصابعه في يده اليسرى، في الوقت الذي كان بحالة من اليأس لدرجة أنه تمنى الموت ولكن سرعان ما خرج من هذه الحالة، وفاجيء أهله بقراره أنه يريد العمل، وبالفعل التحق "أحمد" بعمل من خلاله ينجز تصميمات معمارية، من خلال أثنين من أصابعه في يده اليسرى، ويحركه والده يومياً ذهاباً وإياباً من وإلى العمل.

كانت فكرة التحكم في الرسم عبر صابعين باليد اليسرى صعب للغاية، ولكن "أحمد" استدعى كتب الصف الإبتدائي ليحرك رسوماته على النقاط مثل الأطفال، ليتدرب على الحركة من جهة ولكي يترجم مخه أنه أعسر "أشول" من جهة آخرى.

بعد حادثة "أحمد" لم تستطع والدته رؤيته يتألم فتوفت حزناً عليه، ليلحق بها والده بعد تعرضه لحادث ميكروباص وهو ذاهب ليأخذ "أحمد" من شغله.

ومع مرور الوقت بدأت قدم "احمد" اليسرى تتحرك وهو ما جعله يدخل تحدي التدرب على السواقة، وتبديل دواسة البنزين إلى الجهة اليسري ليستطيع التحرك بالسيارة.

ومع تحديات الحياة والمرور بأزمات نفسية وجسدية صعبة، وفراق الوالد والوالدة، شاء القدر أن يلتقي أحمد بـ "مريم"، كان اللقاء فوق تفكير وخيال الشاب بأن تتزوج فتاة متعافيه تماماً من شخص مصاب، حاول "أحمد" في البداية أن يحكى لها تفاصيل الحادثة التي تعرض لها، ولكن مريم كان ردها: "أنا مش عاوزة أعرف حاجه عن الحادثة ولا عن إعاقتك.. أنا شيفاك سليم 100%.. ومنبهرة بيك إنك اتحديت نفسك وشغلك راقي وفي منتهي الروعة"، وقذف الله الحب بين قلب مريم وأحمد وتزوجا، لتعوضه عن حنان الزوجة والأم والصديقة والإبنه في آن واحد.

ومنذ هذه اللحظة أصبحت "مريم" سند لأحمد، وتحاول إسعاده بشتى الطرق، حتى جاء يوم عقد مباراة مصر والكونغو والتي عقدت الأحد الماضي، فأقنعت "مريم" زوجها بالذهاب لمشاهدة المباراة في الإستاد، ومساندة المنتخب، وبالفعل ذهبا إلى استاد برج العرب، وصدمت مريم بأن زوجها سيجلس في مكان مخصص لذوي الاحتياجات الخاصة، وإنها لن تجلس بجانبه فأخذت تبكي، فرأها "أحمد" وطلب من الأمن أن تجلس بجانبه، فاستجاب المسؤول لطلبه.

جلسا أحمد ومريم يضحكان ويشجعان، حتى جاء هدف الكونغة فحزن الشاب ولكن زوجته  طمئنته بأن المنتخب المصري سيفوز، وأخذت تدعي، حتى جاء هدف الفوز، فنسى "أحمد" إصابته وكان في مخيلته أن سيجري من الفرحة وهو ما تسبب في سقوطه فور محاولة النهوض من على الكرسي المتحرك، فسقطت مريم بجانب زوجها للتطمئن عليه وتهدأه وقامت بحمله بمساعدة رجل حتى أجلسته على الكرسي المتحرك.

لم يتخيل أحمد ومريم، أن تسجل الكاميرات المشهد فهما في عالم خاص بهم، ولا يريدان سوى إعطاء الأمل لكل الشباب وتغيير فكر المجتمع، بالإضافة إلى مساندة المنتخب المصري غب أى مكان، واختتم أحمد قائلاً: "نبقى مشجعين أقوياء للبلد.. وورا منتخبنا في أى مكان بالدنيا.. بنحبك يا مصر".