رامي المتولي يكتب: هذه الأفلام فازت بجوائز مهرجان الجونة فى دورته الأولى
ذهبيتان وفضية حصلت عليها أفلام عربية فى مهرجان الجونة السينمائى، الأفلام الثلاثة أثارت حالة من الجدل حول مضامينها ومستوياتها الفنية فيما ذهبت بعض الآراء لعدم تفضيل «فوتو كوبى» و«عندى صورة» فنيًا على أفلام أخرى كانت أفضل، فى حين ثار الخلاف حول «قضية 23» من منظور سياسى يراه الفلسطينيون منحازًا ضدهم ولكن فى النهاية هذه هى اختيارات لجنة التحكيم المانحة للجوائز والتى تكونت من عدة جنسيات ضمت مصريين وعربًا وأجانب فى اللجنتين (روائى- وثائقى).
الأفلام الثلاثة حصدت الجوائز وأثارت الجدل وحركت الراكد فى مياه النشاط السينمائى فى مصر، وهو المطلوب الاختلاف أو الاتفاق هو فى النهاية حالة صحية ناجمة عن المشاهدة أولا ثم معالجة ما شُوهد يليه تكوين الرأى ثم تبدأ حالة من الصدام بين هذه الآراء تنتهى بحراك تصب نتائجه لصالح مهرجان الجونة الذى نافست هذه الأفلام ضمن مسابقاته من جهة ومن جهة أخرى لصالح الأفلام المتنافسة نفسها.
الأفلام المكرمة -اتفقنا أو اختلفنا حولها فنيا- تحمل نقاط تميز ربما أهلتها لحصد هذه الجوائز، فى مقدمتها «قضية 23» وهو فيلم ذا إيقاع سريع على النهج الهوليودى يستدعى الماضى القريب فى الحاضر بكل مشاكله وصراعاته الداخلية بين العرب بعضهم البعض، مزراب لتصريف المياه كاد يشعل الحرب الأهلية فى لبنان مرة أخرى، هذه هى قصة الفيلم ببساطة والذى تكمن عظمته فى اعتماده على الانفعالات الناتجة من الشحن العاطفى القادم من منطقة الصراعات السياسية الدموية، ربما قصته البسيطة لا تحمل هذا الثقل لكن التداعيات التى تؤدى إليها هذه القصة هى المثيرة والكاشفة والتى تُرجمت عمليًا بعد عرض الفيلم فى المهرجان بحالة الغضب التى انتابت الفلسطينيين الذين ثاروا نافين عن أنفسهم ارتكاب مذبحة بحق اللبنانيين المسيحيين بالإضافة لعدم دقة الرواية التاريخية من وجهة نظرهم، على الرغم من انصاف الفيلم للفلسطينى ودعوته الصريحة للكشف عن التاريخ وتحمل نتيجة ما مضى حتى نتعامل مع المستقبل، لكن يظل الموقف الراديكالى العنيف هو المتصدر.
فنيًا يتفوق الحوار والتمثيل على باقى العناصر واختيار زياد لقاعة المحكمة حتى تكون ساحة الصراع المقبولة هو فى حد ذاته أمنية من قبله ليكون القانون والمكاشفة هما السلاحان اللذان يواجه بهما العرب خلافاتهما، لان كلا من الطرفين المتنازعين يصران على كون الحق معه وحده دون الآخر وهو ما يؤدى فى النهاية للخلافات والصراع.
عندى صورة فيلم وثائقى متواضع جدًا من الناحية الفنية، حاد مخرجه محمد زيدان عن هدفه الأساسى وهو تركيزه على شخصية مطاوع عويس الكومبارس المتكلم الشهير فى السينما المصرية والذى يحمل عنوانه الطويل «عندى صورة: فيلم رقم 1001 فى حياة أقدم كومبارس فى العالم» تأكيد أن مطاوع هو البطل لكن الفيلم يتحول لمحمد زيدان وتجربته الشعورية مع السينما وربما يكون هذا هو ما رأته لجنة التحكيم مميزا فى الفيلم، فلا تفوق من أى نوع سواء فى التصوير أو السيناريو، حتى شريط الصوت كان سيئًا الترجمة الانجليزية كانت أفضل طريق لمعرفة إلى اين يسير الحوار. الحالة الخشنة التى ظهر بها الفيلم نقطة فى صالحه حتى مع ضعفه، وهى الحالة المتماشية مع النوستالجيا التى يستدعيها الفيلم ويستغلها المخرج طوال الوقت لكسب تعاطف بالاضافة قطعًا لضعف الإمكانيات أمام صناعة فيلم.
فوتوكوبى يعد حالة شاعرية مختلفة، عنصر التمثيل جيد جدًا لكن السيناريو لم يأت على نفس الدرجة الثغرات الدرامية فى الفيلم تمنع الاستمتاع الكامل به، فالأحداث التى تتناول شخص محمود العجوز الذى كان يعمل جامعًا للحروف فى احدى الجرائد ثم فى محل لخدمات الكتابة والطباعة يخشى من الفناء والانقراض مثل الديناصورات ويتمسك بالحب فقط لتظل ذكراه وميراثه من بعده.
القصة واعدة واختيارات الممثلين كذلك ولكن التفاعلات بين الشخصيات والتصاعد الدرامى ضعيف ليس على نفس المستوى وكذلك الحوار، وأداء الممثلين المتفوق نابع من فهمهم للشخصيات ومحاولة تكثيف الحالة الشعورية النابعة، الحوار لم يساعدهم ولا توجيه المخرج فقط الخبرة والاداء الجيد هو ما قاد لهذه الجائزة.