د. نصار عبدالله يكتب: عن أسمهان والإخوان والدروز "1"
نادرا ما يجود الزمان بصوت مثل صوت أسمهان..فرغم مرور أكثر من قرن على مولدها.. (تحديدا 105 أعوام) لم تنجب الساحة الغنائية العربية إلا صوتا أسمهانيا واحدا، أما بقية الأصوات فإنها رغم ما فى بعضها من الجمال الذى لا يمكن إنكاره فإنها ليس فيها ذلك السحر الذى يجعل من الصوت البشرى شبيها بصوت الآلة الموسيقية ومتفوقا عليها كما هى الحال فى صوت أسمهان!!.. فى 25نوفمبر 1912ولدت آمال الأطرش لأب من دروز سوريا هو الأمير فهد الأطرش وأم من دروز لبنان هى الأميرة علياء المنذر، وبعد وفاة الأب واندلاع الثورة فى سوريا اضطرت الأميرة ذات الصوت الجميل للهجرة إلى مصر مع أولادها الثلاثة: فريد وفؤاد وآمال، ولم يكن أمامها من سبيل لإعالة نفسها وأبنائها سوى أن تغنى فى الأفراح والحفلات الخاصة، وشاركتها ابنتها الغناء فى إحدى الحفلات ثم انتقلت للغناء فى صالات شارع عماد الدين إلى جانب شقيقها الأكبر فريد الذى كان قد بدأ يشق طريقه إلى الشهرة بالفعل، وقد حققت بدورها نجاحا مشهودا وشهرة واسعة فى وقت وجيز، وعندما استمع إليها الموسيقار الشهير داود حسنى انبهر بصوتها ووجد فيه عوضا عن صوت مطربة شابة واعدة كان يتعهدها بالرعاية ولكنها توفيت فى مطلع شبابها، وهكذا قرر بعد استئذانها أن يطلق عليها اسم المطربة الراحلة: «أسمهان»، ومن المفارقات الغريبة أن أسمهان الثانية (آمال الأطرش) قد توفيت أيضا وهى فى ريعان شبابها إذ رحلت عن عالمنا قبل أن تكمل عامها الثانى والثلاثين،بعد أن انقلبت بها السيارة قرب مدينة طلخا وهى متوجهة لقضاء يوم من الاستجمام على شاطئ رأس البر..كان الحادث وما زال مريبا فقد قفز السائق من السيارة قبل انقلابها فى الترعة دون أن يصاب بأى أذى على الإطلاق وهو ما أوحى إلى الأذهان بأنه سائق مدرب أو أنه متحسب سلفا لما سيحدث!،.. أغرب من هذا أنه ـ طبقا لما تذكره بعض المصادر ـ قد اختفى بعد ذلك فى ظروف غامضة!، وقد اتجهت الشكوك حينذاك إلى عدد من الجهات والشخصيات على رأسها الاستخبارات البريطانية التى تعاونت معها أسمهان وتقاضت منها مبالغ مالية ضخمة ثم اتجهت بعد ذلك إلى المخابرات الألمانية لكى تقوم بدور العميل المزدوج وهو ما أدى إلى التخلص منها طبقا لما تذكره تلك المصادر.. ولعل آخر ما طرح فى هذا المضمار هو ما كشف عنه القيادى الإخوانى السابق ثروت الخرباوى الذى انشق على الجماعة وفضح الكثير من أسرارها، فقد أكد الخرباوى طبقا لما نشرته صحيفة الأهرام فى ذكرى وفاتها الثالثة والسبعين أن أسمهان قد قتلت بتكليف من حسن البنا شخصيا، بناء على رغبة الاستخبارات البريطانية!، ومن الطبيعى هنا أن نفترض أن التبرير الذى قدمه حسن البنا للسائق الإخوانى هو أن أسمهان فاسقة فاجرة وعدوة للإسلام وأنها قد أصبحت عميلة للألمان (الكفار)... وربما كان البنا مقتنعا بالفعل بأن الألمان كفار بدليل أنهم لم يقدموا أى دعم مالى للجماعة!! أما الإنجليز فهم ليسوا كفارا لأنهم لم يتوقفوا قط عن تقديم المساعدات المالية للإخوان (المؤمنين)...والواقع أن حسن البنا ومن ورائه أعضاء جماعته...وربما أيضا سائر الجماعات والتنظيمات الإيديولوجية..مثال جيد لكيفية اختلاط الإيديولوجيا ـ دينية كانت أو دنيوية ـ بمآرب الدنيا ومغانمها مما يسهل لأتباعها مع افتراض حسن النية خداع أنفسهم وتصديق أنهم يحاربون من أجل العقيدة وحدها..بينما هم فى حقيقة الأمر يحاربون من أجل المال أو السلطة أو الشهرة أو الزعامة أو حتى من أجل تأكيد الذات فحسب..هكذا كان من السهل إقناع السائق الإخوانى ( إذا صح ما ذكره الخرباوى من أن مصرع أسمهان كان حادثا مدبرا بتكليف من البنا)..من السهل إقناعه بأنه يقتل كافرة من أعداء الله، وحتى لو تردد السائق لأنها كانت فى صحبة صديقة لا ذنب لها (مارى قلادة ) فإن هذه الصديقة ما هى إلا نصرانية كافرة فى صحبة درزية كافرة ولا جناح عليه إن هو قتلهما معا تنفيذا لتكليف إمامه الذى هو أدرى منه بما يعز الإسلام وينفع المسلمين !.