المعارضة القطرية ترصد 3 سيناريوهات لإنهاء للأزمة
أصدرت المعارضة القطرية دراسة شاملة لشرح
ملابسات ووقائع الأزمة القطرية، ورصد السيناريوهات المتوقعة لنهاية الأزمة لأزمة.
وبعد مرور أكثر من 100 يوم على قطع العلاقات
الدبلوماسية والاقتصادية مع قطر لتمسكها بمواقفها الداعمة للإرهاب، تكبدت الدوحة خسائر
فادحة تمثلت في انهيار القطاع السياحي وتوالي الخسائر في قطاع البورصة، فضلاً عن تراجع
قيمة العملة القطرية إلى أدنى مستوياتها منذ سنوات.
وتحاول الحكومة القطرية تعويض خسارتها التجارية
عبر توسعة قطاع الطاقة والسحب من الاحتياطات المتوفرة، ولكن التأثير على المواطنين
القطريين قد يشعل حالة من الغضب الشعبي وربما العنف، في ظل استمرار دعم الدوحة الإيديولوجي
والمالي للجماعات الإرهابية.
وفي تحليل للنتائج المحتملة للأزمة الراهنة،
أصدرت المعارضة القطرية دراسة شاملة لشرح الملابسات والوقائع، ورصدت الدراسة أيضاً
في محطات رئيسية لأسباب المقاطعة والسيناريوهات المتوقعة للأزمة.
ووفقاً لدراسة، توجد 3 احتمالات رئيسة لنهاية
هذه الأزمة، وهي كالآتي مرتبة تنازلياً بأولوية الأهمية:
السيناريو الأول: المصالحة
قد يؤدي استمرار الضغط الاقتصادي على الحكومة
القطرية إلى دفع قطر للتوصل إلى اتفاق مع مجموعة دول الأربعة وقطر عبر المفاوضات، وذلك
بدعم من الولايات المتحدة، عوضاً عن أن يتحول الضغط الاقتصادي المتزايد إلى عنف داخل
البلاد نتيجة للاضطرابات التي قد تنشأ نتيجة لآثار المقاطعة على المواطنين القطريين،
وربما عبر التدخل العسكري الأجنبي، وهذه نتيجة ليست محبذة بالنسبة لمجموعة الدول الأربعة
أو قطر أو المجتمع الدولي.
من المرجح أن تؤدي قيود المقاطعة على التجارة
القطرية إلى التزايد في اعتماد الحكومة على قطاع الطاقة لتعويض الفاقد في الدخل التجاري،
وبالنظر إلى استمرار اعتماد قطر على إيران وتركيا في الطعام والبضائع التموينية، فإن
المتوقع حدوث المزيد من التقارب بين قطر وهاتين الدولتين في المستقبل المنظور، ومن
الدلائل على ذلك إعادة العلاقات الدبلوماسية الكاملة مع إيران في 24 أغسطس، ومن المرجح
أن تستمر تلك العلاقة باعتبار حدوث تقارب متزايد مع طهران بخلاف ما تريده دول مجموعة
الأربعة.
ومن المرجح أن تدعم قطر احتياطاتها بالدخل
الناتج من مصادر الطاقة، مما سيزيد من اعتمادها على إيران حليفاً استراتيجياً، بينما
ستشهد العلاقة التجارية بين البلدين تزايدا في استخدام قطر للموانئ والمطارات وغيرها
من منظومات البنية التحتية الإيرانية للتعويض عن عدم استخدامها للتسهيلات الإقليمية
في مناطق أخرى.
من المتوقع أن تزيد حكومة قطر من علاقات
خدماتها المالية وقطاعها المصرفي مع إيران، مع الأخذ بعين الاعتبار اتفاقية خطة العمل
المشترك الشاملة، المبرمة بين الولايات المتحدة وإيران في يوليو (تموز) 2015.
ومن المرجح أن يؤدي التأثير التركي على
الاقتصاد القطري، وبصفة خاصة في قطاع التشييد وكذلك الاستثمارات المباشرة إلى تأثير
على النفوذ الإيراني بخصوص الاستجابة الاقتصادية للحكومة القطرية على الأزمة.
في الوقت الذي تحتفظ فيه الحكومة القطرية
باحتياطات مالية ضخمة تصل تقريبا إلى 300 مليار دولار أمريكي في الصندوق السيادي إضافة
إلى 40 مليار دولار أمريكي في احتياطي النقد الأجنبي بحسب مصرف قطر المركزي، فإن من
المرجح أن تشهد البلاد انخفاضاً تدريجياً في جودة الأصول إذا ما استمرت الأزمة لعدة
شهور، وسيكون ذلك بالغ التأثير في قطاعي البنية التحتية والمصارف، مما سيزيد من التكلفة
التي يتكبدها مصدرو السندات العامة والخاصة، وقد يتم استخدام عامل سحب كافة الأرصدة
المتوفرة من النظام المصرفي القطري من قبل مجموعة دول الأربعة عاملاً للضغط، وقد تنشأ
أزمة تدريجية في السيولة النقدية.
ويُنظر إلى العناصر المعتدلة في النخبة
القطرية باعتبارها أهم القوى التي يمكن التعويل عليها لإجراء مصالحة بين قطر ومجموعة
دول الأربعة، وعلى وجه الخصوص، فإن الشيخ عبدالله بن علي آل ثاني بذل مساعي حميدة في
أغسطس 2017 باتجاه التقريب في وجهات النظر بين قطر والمملكة العربية السعودية، وكان
له دور مرموق في تيسير أمور الحجاج القطريين بعد زيارته إلى المملكة ولقائه صاحب السمو
الملكي الأمير محمد بن سلمان آل سعود ولي العهد في 17 أغسطس.
علاوة على ذلك، أدت وساطة الشيخ عبدالله
إلى أن الزائرين وأصحاب الماشية الذين يعبرون الحدود البرية بين البلدين يمكنهم التعامل
مع غرفة عمليات خاصة يديرها سعوديون، وهي خطوة رفضتها الحكومة القطرية، ورغم ذلك حظيت
إنجازاته بدعم شعبي بالغ من القطريين.
وينظر قادة الدول في إقليم الخليج إلى الشيخ
عبدالله باعتباره "صوتاً للحكمة"، وهو قائد محتمل من داخل الأسرة الحاكمة
يمكن أن يعتلي سدة الحكم بديلاً للأمير الحالي، والذي لم يحقق طموحات شعبه وهددت تصرفاته
الاستقرار في المنطقة.
وإن تزايد الضغط المفروض على الحكومة القطرية
من جانب مجموعة دول الأربعة، وطول أمد الأزمة سيؤدي للمزيد من تلاحم المواطنين القطريين
مع أفراد بعينهم في النخبة القطرية ممن لديهم القدرة على تحقيق متطلباتهم.
السيناريو الثاني: الانقلاب السلمي
إن تزايد العقوبات القائمة ووجود احتمالات
باستمرارها على قطر سيشكل ضغطاً على الشيخ تميم، مع تزايد في التبرم الشعبي.
أما النتيجة المرتقبة للتصعيد هي أن الأمير
تميم سيلجأ إلى زيادة الوجود العسكري الإيراني في قطر، وينشئ قواعد جوية وبرية لقواتها
في البلاد، ويسعى للحصول على التدريب والمعدات منها لصالح القوات المسلحة القطرية،
وحينها ستسعى إيران بدورها للحصول على دعم قطري لسياساتها، علاوة على الدعم لحلفائها
في العراق وسوريا واليمن.
بدوره سيؤدي هذا الدعم الصريح لأعداء دول
مجموعة الأربعة إلى تزايد ضخم في التوتر في المنطقة التي تعد ملتهبة بالفعل.
على خلفية هذه التطورات، فإن التبرم الشعبي
مصحوباً بحالة من الغضب والقلق ستسود وتتزايد في أوساط الأسرة الحاكمة وقادة الجيش
القطري، وفي حال اندلاع المظاهرات وانتقال مظاهر التعبير عن الغضب الشعبي إلى الشارع،
فمن المرجح أن يصدر النظام الخائف على مصيره الأوامر باستخدام القمع المسلح، مما سيؤدي
لمصادمات بين المدنيين وأفراد الأمن.
في ظل تزايد حالة عدم الاستقرار السياسي
فإن الولايات المتحدة ستكثف من الضغط على تركيا لسحب قواتها قليلة العدد المنتشرة في
قطر لحماية القصر، وستدعوها للتوقف عن دعمها للأمير تميم، وفي حال غياب هذا الدعم،
فإن إمكانيات نجاح انقلاب قصر سلمي تزيد بشكل ملحوظ، من قبل قوى داخل الجيش، أو من
داخل أفراد الأسرة الحاكمة، أو على يد إحدى القوى القطرية المعارضة، وذلك بموافقة أو
غض طرف من قبل الولايات المتحدة.
سيؤدي وقوع انقلاب قصر سلمي إلى وضع الأمير
تميم في الإقامة الجبرية بينما يعتلي أحد أفراد الأسرة الحاكمة سُدة الحكم، وسيطرح
هذا المشهد السياسي على المنطقة والعالم قيادة معتدلة وأكثر حنكة، وتحظى بالدعم من
الولايات المتحدة وتركيا، مما سيؤدي إلى موقف تفاوضي قوي يدفع دول مجموعة الأربعة إلى
رفع العقوبات ويؤسس لعلاقات جيدة في المستقبل.
السيناريو الثالث: التدخل الدولي
هذا السيناريو وارد في حالة استمرار قطر
في استفزاز جيرانها وتجاهل مطالبهم، مما سيقود إلى فترة مطوّلة من العقوبات المالية
والاقتصادية مما سيزيد من اعتماد قطر على احتياطاتها من النقد الأجنبي والأصول المملوكة
في الخارج وغيرها، وبالتالي إلى عدم استقرار على الصعيد الاقتصادي وتصاعد في القلق
الشعبي، حيث ستزيد أزمة السيولة أو عدم الاستقرار في القطاع المصرفي الذي تتسبب فيه
الخطوات الاقتصادية الصارمة مثال سحب الأصول الدولية التي تمتلكها المصارف القطرية،
أو تجميد الاحتياطات القطرية في الخارج من الضغط الذي يشعر به المواطنون القطريون.
وسيؤدي تزايد التقارب بين الحكومة القطرية
مع إيران وتركيا إلى حالة من الاستياء والتمرد في أوساط كبار الضباط في الجيش القطري،
علاوة على بعض الأفراد من الأسرة الحاكمة، وستلاقي أي محاولة انقلابية قد تنشأ عن ذلك
الاستياء مقاومة بسبب وجود القوات التركية لحماية القصر. رغم ذلك، فإن حالة التبرم
الشعبية ستتفاقم بسبب الخلافات في أوساط الأسرة الحاكمة، وستكون تلك دلائل واضحة إلى
العالم بأن النظام قد فقد شرعيته.
وإذا ما تصاعد العنف إلى مرحلة الصراع المسلح
بين جماعات متحاربة أو حدوث محاولات انقلابية، فإن وقوع تدخل دولي قد يصبح احتمالا
ممكنا بغرض إيقاف العنف واستعادة أمن المواطنين القطريين، وقد يصحب ذلك تسنم فرد آخر
من الأسرة الحاكمة يحظى بمباركة دولية وإقليمية.