مصطفى عمار يكتب : مرسى دخله الغرور.. ومن دخل فيه لا خير فيه!

مقالات الرأي

مصطفى عمار يكتب :
مصطفى عمار يكتب : مرسى دخله الغرور.. ومن دخل فيه لا خير فيه

من تابع خطاب الرئيس مرسى الأخير بعد تطور الأحداث فى محافظتى بورسعيد والسويس وباقى محافظات مصر، يدرك جيداً أن الرئيس مرسى دخله الغرور، لم يعد هذا الشخص الذى فتح صدره للجمهور فى أول خطاب له بميدان التحرير بعد فوزه بانتخابات الرئاسة، مرسى الرئيس المؤمن التقى الورع الذى يخشى الله ويحبه أكثر من حبه لكرسى الرئاسة تبدلت حاله على مدار ستة أشهر فقط، حياة القصور والبروتوكولات وماركات الملابس العالمية والكرافتات غالية الثمن خلقت منه ديكتاتورا لا يشعر بشعبه، ويرى أن كل من يخرج ضده بلطجى ومجرم وجبت محاكمته فوراً.. الرئيس مرسى الذى كان يبكى وهو يخطب من داخل جامعة القاهرة عقب أدائه اليمين الدستورية ويردد بنبرات مرتعشة «لن أخون الله فيكم » أصبح يتوعد شعبه بإصبعه، ويهددهم بأنه لن يتراجع عن اتخاذ أى قرارات لحفظ بقائه وجماعته على الكرسى.

ماذا حدث للرئيس المؤمن وكيف وصلت به الحال لما هو عليه الآن؟!

قبل عامين كان مرسى يجلس داخل زنزانة ضيقة، محشورًا بين أفراد جماعته، يأمل فى أن تصل جماعته لحل مع مباحث أمن الدولة، أو لطريقة ما لتسوية خروجه من محبسه هو ومن معه، وكانت الجماعة لا تتردد مطلقاً فى إجراء أى اتصالات مع نظام مبارك الفاسد، للفوز بأى فتات من المكاسب يلقيها لهم النظام تحت حذائه آنذاك لينحنوا ويلتقطوها، سواء كانت هذه المكاسب كراسى بمجلس الشعب أو قرارات بالإفراج عن بعض عناصر الجماعة المحظورة وقتها، أو أى شىء يجود به نظام مبارك عليهم.

ولكن جاءت ثورة يناير العظيمة لتجعل من جماعة المساومين، جماعة بيدها القرار، بعد أن قفزوا على الثورة وخونوا شبابها وأقصوا رموزها ومدوا يدهم الملوثة الآن بدماء المصريين إلى المجلس العسكرى، ليحصلوا على مزيد من المكاسب، ولم يترددوا فى تقديم أى تنازلات من أجل الوصول إليها حتى ولو كانت على حساب دم الشباب الطاهر فى مذبحة محمد محمود وأمام ماسبيرو وبمجلس الوزراء أو حتى مذبحة استاد بورسعيد، كل هذه الحوادث أغمضت جماعة الإخوان المسلمين أعينها عنها، وفضلت عدم الصدام مع المجلس العسكرى، لإتمام انتخابات مجلس الشعب والاستحواذ على الأغلبية فيه ليقينهم أن باقى صفوف المعارضة غير مجهزة لخوض أى انتخابات، لبعدها عن الشارع لسنوات طويلة بفعل نظام مبارك، ولرفضهم الدخول فى صفقات مع مباحث أمن الدولة لتقسيم الدوائر الانتخابية مثلما كانت تفعل جماعة الإخوان المسلمين.

على مدار عامين استطاعت الجماعة أن تثبت للجميع أنه لا يهمها سوى مصلحتها فقط، وأنها لن تتراجع حتى ولو اضطرت لأن تضحى بالشعب المصرى كله إذا ما تعارض وجود هذا الشعب مع مصلحة الجماعة وطموحها السياسى وبقائهم فى السلطة خوفاً من عودتهم للعمل والحياة بتنظيماتهم السرية تحت سطح الأرض مثلما ظلوا لأكثر من ثمانين عاماً.

هذه الجماعة بكل أمراضها وبكل شهوانيتها فى السلطة أفرزت لنا أول رئيس منتخب بعد ثورة 25 يناير، ولكنه للأسف رئيس لا يثمن ولا يغنى من جوع، يحتاج دائماً إلى من يلقنه ويرشده للتصرف، وفى الحقيقة الرجل فى هذا أثبت ولاء غير عادى لمرشده محمد بديع و تابعه خيرت الشاطر، اللذين يستخدمان الرئيس مرسى كالعرائس المتحركة، يجعلانه يقول ما يريدان ويعترض على ما يرفضان، ويهدد شعبه بما يمليان عليه.

خادعاً نفسه بأنه بذلك يرضى الله ورسوله لأنه يطيع أصحاب الدين لوقف فتن وكيد ومؤامرات أعداء الدين من الليبراليين والعلمانيين، هؤلاء الذين يرفضون الخضوع لأوامر الجماعة وقراراتها التى وضعت الوطن لأول مرة تاريخه على مشارف حرب أهلية.

نعود للرئيس مرسى، ذلك الشخص المرتعش من السلطة، الذى كان يدفع حراسه الشخصيين بعيداً عنه لأنه غير معتاد عليهم، كيف تجرأ وقرر أن يخاطب الشعب المصرى بإصبعه وهو يعلم تمام المعرفة أنه المسئول الأول عن دماء شهداء شعب بورسعيد والسويس ومن قبلهم دماء شهداء قصر الاتحادية.

إذا نحن أمام حقيقة واحدة، وهى أن الكرسى قد غير الرئيس مرسى، الذى كان أقصى طموح له أن يصبح وزيرًا للتعليم العالى، أو يرتقى فى جماعته ليصل لمنصب نائب المرشد، فوجد نفسه بين ليلة وضحاها رئيساً لمصر، دون أن يمتلك أى مؤهلات، تجعله يصلح لهذا المنصب الذى يحتاج لمواصفات لن ولم تتوافر فى جماعة تربى كل من فيها على نظرية السمع والطاعة ممزوجة فى كوب واحد مع نظرية المؤامرة والتخوين لأى شخص يختلف معها فى الرأى.

وبدلا من أن يجتهد مرسى ليصبح عند حسن ظن شعبه به، فضل أن يظل مجرد تابع فى جماعته يحركه مرشده بنفس الإصبع الذى تجرأ مرسى ورفعه فى وجه شعب ارتضى به رئيساً رغم نواقصه، وحاولنا أن ننسى أنه كان مجرد مرشح «استبن» للرئاسة، لم تثق فيه جماعته لأن يكون مرشحها الأول للرئاسة، ويطلبون منا الوثوق فيه كرئيس لمصر، ولكن ما بناه الإخوان حطمه غرور مرسى وجهله بشعب بورسعيد والسويس، فمن هزموا العدوان فى 56 لن يصعب عليهم هزيمة مرسى والإخوان فى 2013.