د. رشا سمير تكتب : زرعتم الشوك.. . وها أنتم تحصدونه

مقالات الرأي

د. رشا سمير تكتب
د. رشا سمير تكتب : زرعتم الشوك.. . وها أنتم تحصدونه

أثناء خطاب للرئيس السادات بعد توليه الحكم بسبعة أشهر وكانت بوادر الصراع بينه وبين الآخرين آتية لا ريب فيها.. توقف للحظة عن القراءة من الخطاب المكتوب أمامه وقال مُرتجلا الكلمات التالية: «ليس من حق فرد أو جماعة أن تزعم لنفسها قدرة منفصلة عن هذا الشعب، أو أن تدعى لنفسها موقعا تستطيع من خلاله أن تفرض رأيها على جموع الشعب، أو أن تستتر وراء شعارات أو مناورات تحاول أن تشكل من خلالها مراكز قوة تفرض منها وصايتها على الشعب، الذى أسقط كل مراكز القوى ليبقى وحده سيد مصيره»..

وفى خطاب للرئيس محمد مرسى بعد توليه الحكم بسبعة أشهر قال ملوحا منددا، وقارئا من ورقة أمامه:

«ما شهدناه فى الايام الماضية من اعتداءات على المنشآت العامة والخاصة واستخدام السلاح، هى تصرفات لا تمت للثورة المصرية بصلة، وهى خروج على القانون، وهى الثورة المضادة بوجهها القبيح، والشعب المصرى يرفض تلك الأفعال ويرفض من يدافعون عنها.. ولو اضطررت لاتخاذ إجراءات أكبر من حظر التجول وفرض الطوارئ.. سأفعل»..

عقب خطاب السادات دوت عاصفة من التصفيق زلزلت القاعة.. وعقب خطاب مرسى نزل المواطنون إلى الشارع مُحتقنين غاضبين مُلوحين بثورة جديدة ضد القمع وقانون الطوارئ وحظر التجول وسياسة التلويح بالإصبع.. .

أكاد أقسم أننى كدت أشم رائحة الندم تطل من كلمات ونظرات الرئيس مُرسى على الرغم من فحوى الخطاب الذى كُتب له بطريقة توحى بالقوة والشراسة.. فالرجل أوقع نفسه أو أوقعته جماعته فى فخ سقط فيه من قبله الرئيس مبارك.. وهو فخ العناد والصلف والتمسك بالرأى والاستخفاف بالآخرين..

حين أعلنت الصمت سيدى الرئيس على حصار المحكمة الدستورية من قبل جماعتك كسرت هيبة القضاء، وحين أطحت برموزه وسط تهليل حزبك وبرلمانك انحنت قامة العدالة، وغابت دولة القانون فأصبح البقاء للأقوى.. وإذا بك تعود اليوم لتؤكد على احترامك للقضاء.. فعذرا سيدى فقدت مصداقيتك مع الشعب وكنت أنت القدوة..

أنت سيدى يوم تركت أتباعك فى «جمعة الشرعية والشريعة» يسبون ويشتمون ويقذفون القضاة والإعلاميين والرموز السياسية بالباطل وسط تأييد ضمنى منك بعدم التدخل لفض اعتصامهم، لم يعد من حقك اليوم أن تصف الواقفين بالشوارع بالبلطجية ولم يعد مسموحا لك بفرض قانون الطوارئ وحظر التجول عليهم..

وأنت سيدى يوم وقفت ترقب من خلف أسوار الاتحادية وفى يدك قدحا من الشاى أبناء الحرية والعدالة وهم يسحلون الثوار ويمثلون بهم ويستبيحون أجسادهم، بل وأكد نائبك على موقفك فى مؤتمر صحفى لوح فيه بأن البقاء قد أصبح للأقوى!.. لم يعد بوسعك اليوم أن تفرض القوة على من يقومون بحرق المنشآت وإشعال الفوضى، لأنهم بكل بساطة يظهرون قوتهم..

إنك اليوم تطالب بجلسة حوار وطنى مع القوى السياسية دون أن تقدم تنازلا واحدا، فإذا بكل من يلبى الحوار هم أهلك وعشيرتك!.. لن يصبح هناك حوار مادمت متمسكا بدستور باطل وحكومة فاشلة ومجلس شورى مُهلهل..

سيدى فلتُقدم الدعوة مقرونة بتنازل حتى نستطيع تلبية النداء.. . هل فرغت مصر من القادة والمفكرين والمبدعين حتى يصبح تمسكك بالأشخاص نابعا فقط من كونهم يحملون ختم الحرية والعدالة؟!..

لقد أوشكت السفينة على الغرق.. ولايزال المرشد وجماعته يثقبون فيها بأزميل الفُرقة.. لقد أسقطتم القضاء، وها أنتم تصدرون جهاز الشرطة لدفع الفاتورة القادمة، ها أنتم تصدرونهم فى مشهد التصدى للعنف بالعنف حتى وصلت الكراهية بين الشعب والضباط إلى درجة الضرب والسب والاعتداء عليهم بالسلاح..

إن جهاز الشرطة يُسلم الروح استعدادا بالطبع لإعادة هيكلته بناء على طلب الجماهير، ولا أشك أبدا فى استبدال الضباط بعناصر مدنية فى القريب العادل! والسؤال هنا هل ستكون العناصر مدنية أم إخوانية؟!.. وهنا سيصبح التصدى للثوار مسئولية الجيش.. فهل سيقع الجيش فى نفس الفخ؟!.. الأيام القادمة أقدر منى على إجابة هذا السؤال..

إن خطة التمكين الإخوانية بدأت بالقضاء ثم الشرطة فالجيش وأخيرا الصحافة والإعلام.. لم يعد خافيا على أحد أن الإخوان يستميتون للتمكن من مفاصل الدولة غير مُبالين بشهداء ولا منشآت ولا اقتصاد.. فمرحبا إذن بحرب الشوارع وسقوط الدولة.

لم تعد الأزمة اليوم هى دولة مدنية ولا دولة إخوانية.. لقد أصبحت القضية قضية شعب يبحث عن وطن آمن.. ورئيس تلتف حوله جماعة إخوانية تحرق كل أشجار الوطن.. سيدى لقد زرعتم الشوك وها أنتم تحصدونه.