محمود طوخي الشافعي يكتب : مولد قاهر الظلمات (1)

ركن القراء

محمود طوخي الشافعي
محمود طوخي الشافعي يكتب : مولد قاهر الظلمات (1)

1 سفينة النجاة

بينما كانت الدنيا تتخبط في ظلمات الجهل والضلال، وعبادة الأصنام والأوثان، وغيرها من مخلوقات الخالق المستحق وحده بالتوحيد والعبادة،.. وبينما كان الناس جميعا في غفلة عن الصواب والرشاد، والحق والعدل، والأمن والأمان، كانت السماء تنذر بقرب قدومه إلى الدنيا.

فقد انتظره كثيرا الموحدون، الذين عرفوا وأيقنوا أن قدومه لامحالة، وأنه هو الذي ذكر في كتبهم، وأخبر عنه حكامهم،وأن مولده قد اقترب، اقترب حقا..فقد تزينت السموات والأرض ومافيهن بإذن ربهم، ومن كان من الإنس والجن فيهن بعيدا عن حياة هؤلاء من المشركين والكفار، الذين باعوا أنفسهم للشيطان في متاجرة معه، وكان ذلك هو الخسران المبين.

لقد كانت الدنيا في أشد الحاجة إلى قدومه مثل حاجة العين العمياء إلى البصر، وكحاجة القدم المشلولة إلى الحركة، وكذلكالجسم السقيم إلى البرء والعافية..إن مبعثه سيملأ الدنيا نورا يهزم الظلام الذي عاش فيه الناس قرونا عديدة وأزمنة مديدة، وعدلا يقضي على الظلم والظالمين، وينتصر بإذنه –سبحانه - للمظلومين، وأمنا وأمانا للناس من الخوف والرعب الذي جعل حياتهم أقرب إلى كهف اشتد ظلامه وكثرت أشباحه.

*وُلِدَ الهُدى فالكَائِناتُ ضِياءُ ـــــــــــــــ وفـَــم الزَّمانِ تَبسمٌ وسَناءٌ*

لقد كان مولده رحمة للعالمين، وكانت فرحة الكائنات به لاتوصف، الإنس والجن والحيوان والنبات حتى الجماد.. الجباااال والبحاااار..كانت كلها رحيمة بالحبيب، ولكن رحمته بها كانت واسعة، نعم كانت واسعة،.. ومَا أرْسَلناكَ إلا رَحْمةً للعالمِين ، بيد أن رحمة الله سبحانه بمخلوقاته كانت أعظم .. وَرَحْمَتي وَسِعتْ كُلَّ شَيء ..

إن الدنيا كلها قد تغنت بمحمد- صلى الله عليه وسلم- الذي زلزل مولده أركان شبه الجزيرة العربية، بل أركان الكون كله، وفي وقت قصير.. قصير جدا، استطاع بعبقريتهوشعبيته أن يؤسس دعائم أكبر وأقوى إمبراطورية في العالم، امتدت من أقصى الغرب إلى أقصى الشرق، إنها إمبراطورية -محمد صلى الله عليه وسلم- الدولة الإسلامية التي قامت على العدل والحب والمساواة واحترام جميع الأديان، وكان شعارها لا إله إلا الله... محمدٌ رسول الله .. فما أحوجنا هذه الأيام - نحن المسلمين والعالم أجمع - لقيادة رسول الله لنا، فقد قاد البشرية بأسعد طريقة وأجل منهاج..

صَلتْ عَليكَ مَلائـِــكُ الرحمـن ــــــــــــــ وسرى الضياءُ بسائر الأكوان

لَــما طلعـتَ عـلى الوجود مزودا ــــــــــــــ بِحمـــــى الإله ورايةِ القرآن

فهذا هو أحد المستشرقين يعلق على شخصية الرسول بعد دراسته لها .. إنني أعتقد أن رجلا كمحمد لو تسلم زمام الحكم في العالم بأجمعه لتمَّ له النجاح في حكمه، ولقادالعالم إلى الخيرالمنشود، وحلَّ مشكلاته، على وجه يضمن للبشرية جمعاء السلام والسعادة المنشودة، في لحظات يترنح فيها العالم كله على يد تلك القيادة العالمية المستبدة التي تقتل هذا وتبيد ذلك، بدعوى قيادة البشرية للسلام والأمن ،..وما أسوأ ما يحدث الآن في سوريا وغيرها من البلدان التي طغى وبغى فيها حكامها،وظلم أهلها، وتشرد أبناؤها.....

إنه ابن الذبيحين، وخاتم الأنبياء والمرسلين، ورحمة الله للناس جميعا، في كل زمان ومكان،إنه أفضل خلق الله كلهم، منذ خلق آدم عليه السلام إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.. سيدي يا أبا القاسم، إني أحبك أكثر من حبي لنفسي وأهلى وولدي ومالي :

رُوحِي بِحُبك في الضِّياء تَهيــمُوالشوقُ منِّي فِى هَواك عَظيمُ

والقــــــلبُ مسرورٌ بذكرِ مُــــحمدٍ فــــــي ذكره نورٌ وفيه نعيــــمُ

إنه صاحب المعجزات؛ القرآن الكريم، الهجرة، الإسراء والمعراج،........ الذي بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وكشف الله به الغمة، وجاهد في الناس حتى أتاه اليقين، وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك ولا يتبعها إلا كل منيب سالك..

إننا أمام قضيته التي زلزلت أركان الدنيا، واهتزت لها الجبال الرواسي، لقد استهان به بعض صناديد الكفر والشرك من عبدة الأصنام والأوثان، منذ مبعثه -صلى الله عليه وسلم-وممن سولت لهم أنفسهم الضعيفة أن يسيئوا لسيد ولد آدم، والرحمة المهداة والسراج المنير، ونسوا ولك أن تقول تناسوا، أننا - نحن المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها،أمة - محمد صلى الله عليه وسلم- لن نترك لأي أحد من البشر، أيا كانت ديانته أو جنسيته أو لغته، المجال ليفكر مجرد التفكير في إلحاق الأذى والإساءة لصاحب الهجرة وإمام المرسلين، وشفيع أمته يوم العرض على رب العالمين ..

و إذا كان بعض هؤلاء الصناديد بالفعل قد أساءوا للنبي، كما حدث منذ عدة سنوات من إحدى الصحف الدنماركية، وهي صحيفة اليولاندز بوستن التي قام بعض رساميها برسم عدة صور مسيئة للنبي.. أو كما حدث منذ شهرين تقريبا في أمريكا حيث أقدم بعض هؤلاء اليهود- الذين باعوا أنفسهم وباعوا كل شيء طمعا في المتاجرة مع الشيطان- على صناعة فيلم مسيء للنبي العدنانفقد أحدث ذلكبركانا منالغضب في شتى دول العالم خاصة لدى المسلمين الذين خرجوا في كل البلدان منددين بأمريكا وحلفائها، وطالبوا كل الحكام المسلمين بالرد السريع والقوي، والتهديد بالمقاطعة لهذه البلاد التي لا تحترم الأديان السماوية والمواثيق الدولية.

إن الدفاع عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ليس له زمان ولا مكان،ولا تحكمه حدود ولا بنود،إنه عقيدة نشأت داخلناو تربيناعليها، إنه نابع من حبنا للنبي الخاتموالشافع المشفع، والصادق الأمين الذي أرسل رحمة للعالمين، وبعث على حين فترة من الرسل، وأخذ على عاتقه نشر الدعوة الإسلامية في كل حدب وصوب، رغم الشدائد والعواصف العاتية التي كانت تحيط به..

فقد عرض عليه أعداؤه كل شيء من المال والنساء والمُلك حتى يترك هذا الدين الجديد- الإسلام- الذي أخرجنا وآباءنا وأجدادنا من الظلمات إلى النور،بل ذهبوا إلى عمه أبى طالب، وقالوا له:.. إن ابن أخيك قد عاب ديننا، وسب آلهتنا، وسفه أحلامنا، و...... ....،ولما ذهب إليه عمه لكي...،قال له في ثبات وقوة وعزيمة .. والله يا عمي.. لووضعوا الشمس في يميني، والقمر في يساري، على أن أترك هذا الأمر، ما تركته أبدا، حتى يظهره الله أو أهلك دونه ..

وللحديث بقية ،،،،