"تلعفر الباسلة".. تاريخ حافل بمقاومة المحتل (بروفايل)

عربي ودولي

بوابة الفجر



يتربع قضاء تلعفر على مساحة ألف كلم مربع شمال غربي العراق، على بعد نحو 60 كلم من الحدود السورية ونحو 70 كلم من مدينة الموصل.

اشتهرت مدينة تلعفر (تحمل نفس اسم قضائها) تاريخيًا بمقاومة المحتل، إلا أنها تشكو اليوم مخاوفها مما بعد تحريرها من تنظيم "داعش" الإرهابي، فالهواجس الإنسانية والطائفية والعرقية لا تفارق مدنييها.

قبل سيطرة "داعش" عليه صيف 2014، كان يسكن قضاء تلعفر نحو 300 ألف نسمة، الغالبية العظمى منهم من أصول تركمانية، إلى جانب أقلية من الأكراد وأخرى من العرب.

وقبيل احتلال القضاء من "داعش"، خرجت العديد من المطالبات من الأهالي وبعض الجهات السياسية بتحويل تلعفر إلى محافظة مستقلة عن نينوى، كونه قضاء يمتلك مقومات أن يكون محافظة، ففيه كثافة سكانية كافية ويتمتع بمساحة جغرافية واسعة، وموارد اقتصادية متنوعة.

تتبع لمدينة تلعفر 3 نواحي إدارية، هي زمار وربيعة والعياضية، أما عن تسمية المدينة فيرى العديد من المؤرخين أن "تلعفر" كلمة مركبة من "تل" و"عفر"، وتعني "تل التراب"، ويرى البعض الآخر أنها كلمة مركبة من "تلاد عبرا" الآرامية، التي تعني "تل التراب" أيضًا.

وفريق ثالث من المؤرخين يقولون أنها كلمة مركبة من "تل عفراء"، وتعني "تل الغزلان"، وذلك لكثرة الغزلان التي كانت تتردد على ماء عينها في أسفل الوادي الذي تشرف عليه القلعتها.

تاريخ المدينة حافل بمقاومة من احتل العراق، إذ كان له دور كبير في "ثورة العشرين" التي اندلعت إبان الاحتلال البريطاني للعراق، كما شاركت بمقاومة الاحتلال الأمريكي للعراق بعد 2003.

تاريخيًا تعتبر تلعفر، المشهورة بقلعتها الأثرية، من المدن العراقية التي يعود تاريخها للفترة الآشورية.

وتكمن أهمية المدينة التاريخية بوجودها على طريق بلاد الشام وبلاد فارس وآسيا الصغرى، كما اكتسبت أهمية اقتصادية كونها ذات طبيعة زراعية فريدة، خاصة في ما يتعلق بالحنطة والشعير.

واليوم، تعتبر تلعفر من أبرز معاقل "داعش"، بعد الموصل، الأمر الذي يجعل خسارة التنظيم لها خسارة لكامل وجوده في مدن محافظة نينوى، خاصة بعد انطلاق العمليات العسكرية لتحريرها الأحد الماضي.

وكما في العمليات العسكرية السابقة التي أطلقت لتحرير مدن أخرى من "داعش"، تطفو اليوم على السطح القضية الإنسانية، إذ يتواجد حاليًا نحو 100 ألف مدني، داخل قضاء تلعفر، محاصرين دون طعام أو شراب فيما لا يوجد أي استعادادات حقيقة لاستقبال النازحين، وهذا يعيد للأذهان كوارث النزوح الذي حصل من مدينة الموصل ومعاناة النازحين المستمرة حتى اليوم.

وإلى جانب المخاوف الإنسانية، العديد من القوى تحذر من "محرقة" قد تصيب مدينة تلعفر القديمة ما يعرقل عودة النازحين بعد طرد "داعش" من المدينة، فضلا عن مخاوف من وقوع تطهير طائفي.

ولهذه الأسباب، رفضت أحزاب تركمانية عراقية، مطلع أغسطس/آب الجاري، مشاركة الحشد الشعبي، (قوات شيعية موالية للحكومة)، في العملية العسكرية لإستعادة تلعفر.

وقال "محمد إيلخانلي" رئيس حزب التنمية التركماني، والنائب عن مدينة أربيل في برلمان إقليم شمال العراق للأناضول، إن هدف الحشد الشعبي من المشاركة في العملية العسكرية المرتقبة على تلعفر، ليس تحرير المدينة من داعش، بل الغاية منه توسيع النفوذ الشيعي في تلك المنطقة.

ومن جانب آخر، أشار "آيدن معروف" النائب عن الجبهة التركمانية العراقية في برلمان الإقليم، أنهم يعارضون مشاركة أي قوة عسكرية تسنتد على أساس طائفي في عملية تحرير تلعفر، ويعارضون مشاركة الحشد الشعبي في العملية.