إيمان كمال تكتب: مذيعة «سكر البودرة» وفقاعات السوشيال
(مذيعة بتشد بودرة يا للهول) شىء لا يمكن تصديقه إزاى جالها جرأة تعمل كدا؟؟!!.. شوفت المذيعة اللى اسمها... وهى بتشم البودرة على الهواء؟ المذيعة تم وقفها من قبل المجلس الأعلى للإعلام، وفى دقائق معدودة باتت «شيماء جمال» ترند على مواقع التواصل الاجتماعى والإنترنت بشكل عام بعد أن أصبحت الأكثر بحثا وشهرة بالرغم من أن تجربتها فى برنامج «المشاغبة» الذى يعرض على شاشة ltc لم تتعد الأشهر، وبالرغم من اعتمادها طوال الحلقات على صدمة جمهورها إلا أنها لم تحقق أى شهرة تذكر.
لكننا من نصنع فقاقيع الهواء فأى ترند على الإنترنت يحقق شهرة من حيث لا يدرى ولا يشاء، فلم تعد القيمة هى صانعة الشهرة، قدم محتوى وقيمة كويسة لن تنال حظك من الصيت إلا إذا سعيت لكل ما هو مثير للجدل.
فالمذيعة كانت قد وعدت أحد متابعيها بأن تقوم باستنشاق هيروين على الهواء وبالفعل فى الحلقة قامت بتمثيلية بسيطة باستنشاق مادة بيضاء وبعدها وضعتها على كعكة لتتناولها أمام الجميع وتوضح بأنه مجرد سكر مطحون كنوع من مداعبة الجمهور (وإن كانت فى غير محلها) إلا أنها لا تستحق كل هذه الدعاية التى حققت لها شهرة أكبر من قيمة ما تقدمه على الشاشة لتنجح فى لفت الأنظار.
انتفض المجلس الوطنى للإعلام وقرر معاقبتها موضحا أنها قامت بفعل مخالف للآداب العامة فى وسائل الإعلام.. تمام قد اتفق بأن ما قامت به ولو على سبيل «الدعابة والهزار» كان سيئا للغاية لكن ما هى المعايير التى يحاول المجلس التأكيد عليها وهل تطبق على الجميع؟! أم أن الأمر بات وليد الصدفة بعد أن حققت شيماء ترند وشهرة على السوشيال ميديا.
القرار بإيقاف المذيعة ثلاثة شهور وإيقاف حلقتين من البرنامج لتكون انذارا لكل من يحاول تقديم تجاوزات يدفع ثمنها الجمهور؟! أى جمهور فهل من شاهد الحلقة مثلا قرر النزول لشراء تذاكر الهيروين «وهى بكل تأكيد أغلى من ثمن كيس سكر» أصبحنا بالكاد نحصل عليه من السوبر ماركت؟ هل أصبحت كل مشاكلنا وحياتنا وظروفنا متوقفة على مذيعة حاولت أن تناقش قضية الإدمان فى حلقتها ولجأت لاستفزاز المشاهد على أمل أن تنال حظا وفيرا من الشهرة وهو ما تحقق لها؟
وهو ما يطرح تساؤلا ماهى المعايير الإعلامية التى تطبق؟ وعلى من ؟ وما الأزمة فى أن تقوم باستنشاق سكر مثلا وهو ما قالته بنفسها فى الحلقة؟
الحرية أدب
فى إحدى القنوات المخصصة لعرض افلام الأبيض والأسود بعد كل فاصل إعلان بسيط عن مقوى جنسى.. فوجئت بكم الألفاظ الجنسية المباشرة وغير المباشرة، فقررت إغلاق القناة أو تغيير المحطة كلما جاء الإعلان كى لا تسمعه ابنتى ذات العام ونصف، وتتأثر بهذه الألفاظ وتساءلت عن الرقابة التى تتيح لعرض مثل هذه الدعايات الرخيصة؟ فلماذا لم يقدم بشكل أرقى مادام المنتج مطلوبا؟
الحرية ليست شعارا ولا مجرد بروش نعلقه.. الحرية أمر حتمى وطبيعى طالما دافعت عنه فى وقت تنصل فيه نجوم أغلب أهل الفن والاعلام منه رافعين شعار السينما النظيفة.. طالبنا أيضا بالتصنيف العمرى لما يقدم على شاشة التليفزيون.. لكن الحرية أيضا هى مسئولية وأدب واحترام للمشاهدين «اللى هما احنا».. الحرية لا تعنى أن تخالف العرف والتقاليد لمجرد السعى وراء الشهرة، الحرية لا تعنى أن نعلق المشانق ونصنع فقاقيع الهواء ونترك الحبل على آخره للبعض ممن يقدمون سموم الحقيقية تخلق أصحاب فكر مشوه.. فالحرية تعنى وجود قواعد إعلامية محترمة وتصنيف عمرى للمحتوى الذى يعرض فى البيوت.. الحرية تعنى الشفافية والتعامل مع الجمهور على أنه ترك ببرونة اللبن قبل أعوام طويلة وأصبح شخصا مسئولا تماما يقرر ما الذى يخدش حياءه وما الذى يمكنه أن يشاهده ويستوعبه.