وثائق سرية تكشف معلومات مثيرة عن غزو صدام حسين للكويت
كشفت تقارير صحفية بريطانية عن أن بريطانيا
كانت على وشك إرسال قواتها الخاصة لمواجهة الرئيس العراقي الراحل، صدام حسين.
ونشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية
مجموعة من الوثائق والمستندات الجديدة المفرج عنها عن كواليس ما دار، بعد غزو العراق
للكويت عام 1990.
وكشفت تلك الوثائق أن رئيسة الوزراء الراحلة،
مارغريت تاتشر، كانت تستعد لإنزال وحدات من القوات الخاصة إلى الكويت، ولكن ليس لإنقاذ
بعثتها الدبلوماسية، بل لمدهم بالمؤن والطعام اللازم لبقائهم في السفارة البريطانية
المحاصرة.
وبدأت القصة بعد غزو العراق للكويت في أغسطس/آب
1990، حيث منح صدام حسين السفارة البريطانية وكافة السفارات الأجنبية في الكويت مهلة
3 أسابيع لنقل كافة عملياتهم إلى العاصمة العراقية بغداد.
ولكن دبلوماسيي بريطانيا وكافة السفارات
الأخرى رفضوا الامتثال لتلك المهلة، وهو ما دفع صدام حسين لمحاصرة تلك السفارات ومنع
المؤن والإمدادات عنها لإجبارها، إما على الرحيل أو نقل أنشطتها إلى بغداد.
وبدأت فعليا كافة المؤن من مياه وغذاء ووقود
من النفاد من سفارة بريطانيا في الكويت، في الفترة التي سبقت حرب الخليج في سبتمبر/أيلول
1990.
وطلبت حينها تاتشر من بيرسي كرادوك، مستشار
الشؤون الخارجية المخضرم لديها، التحقيق في إمكانية استخدام القوات الخاصة البريطانية،
لإعادة تزويد السفارة، التي كان يعيش فيها 4 دبلوماسيين بينهم السفير بالإمدادات.
ورغم التحصينات الكبيرة التي كانت تحظى
بها السفارة، من جدران عالية تتراوح ما بين 3 إلى 4 أمتار، وتعلوها أسلاك شائكة، إلا
أن بريطانيا كانت تخشى من رد فعل القوات العراقية.
وقال كرادوك حينها لرئيسة الوزراء
"هناك مراقبة مشددة على السفارة خارجها من قوات المشاة العراقية، ولدى البعثة
الدبلوماسية إمدادات تكفيهم لنحو 50 يوما حتى نهاية أكتوبر/تشرين الأول، ومع ذلك فهم
بحاجة ماسة إلى إمدادات إضافية من ماء وغذاء ووقود".
وأضاف "لقد بحثنا إمكانية استخدام
القوات الخاصة في عملية عسكرية، لكن الرأي العسكري كان أن المخاطر المتعلقة بتلك العملية
ستكون أكبر بكثير من فوائدها، فقد كانت الألغام على الشواطئ، والعراق كان يمتلك قوات
دفاع جوي بصورة مكثفة في الكويت، تقوم زوارق عراقية بدوريات بحرية، ولم يكن لدينا أي
غواصة دعم بالقرب من الكويت، وكانت مسألة إقدام مدمرة أو فرقاطة على الاقتراب من السواحل
الكويتية تشكل خطرا كبيرا".
كما أشار إلى أن مسألة الإسقاط المظلي لأفراد
القوات الخاصة، كانت ستكون غير عملية، لأنها ينبغي أن تتم عن طريق طائرة هيلكوبتر،
وكان من غير المرجح أن تخرج من الأجواء الكويتية إذا ما أقدمت على تلك الخطوة، وكانت
ستسبب في فضح العملية كلها وتهديد الدبلوماسيين الأربعة الموجودين بالسفارة، ما قد
يسفر عن عملية انتقام قاتلة ضدهم.
الحل
وأشارت الوثائق والمستندات إلى أن فكرة
أخرى تم طرحها على تاتشر، ألا وهي مطالبة المقاومة الكويتية بإسقاط كميات صغيرة من
الإمدادات وراء الجدران ليلا.
ولكن أوضح أنه بسبب الحراسة المكثفة على
السفارات، بات هذا الأمر صعبا وخطيرا جدا.
ولم يكن البريطانيون فحسب هم من يواجهون
تلك الأزمة، بل الدبلوماسيين الأمريكيين والألمان والفرنسيين أيضا، ثم نشرت "داونينغ
ستريت" برقية في 3 نوفمبر/تشرين الثاني 1990، أكدت فيها: رجلنا في الكويت، يؤكد
أن لديه هوت دوغ قليل جدا في مطبخه، وأنهم يعانون من نقص حاد في الموارد.
وتابعت نشر الرسالة، قائلة "لدى البعثة
الدبلوماسية إمكانية تناول وجبة واحدة فقط يوميا، من الأرز والمعكرونة بالتناوب، ولا
نمتلك حاليا إلا علب التونة ومعجون الطماطم، التي تم أخذها من بعض العمال، ولم يعودوا
قادرين على صناعة الخبز بسبب نفاد الدقيق".
واستمر حصار السفارة البريطانية حتى 16
ديسمبر ، قبل أن تنقل أنشطتها إلى بغداد، تمهيدا لبداية عملية "عاصفة الصحراء"
التي انطلقت في يناير/كانون الثاني، لإجبار العراقيين على الخروج من الكويت.