عادل حمودة يكتب : معركة النفس الطويل بين الإخوان والإمــــــــــارات

مقالات الرأي

عادل حمودة يكتب :
عادل حمودة يكتب : معركة النفس الطويل بين الإخوان والإمـــــ

غطت موجة الصقيع الروسية سوريا ولبنان والأردن بالجليد.. لكن.. ما إن وصلت إلى دبى حتى تكسرت حدتها.. ولم يبق منها سوى رياح باردة.. ضاعفت من أيام الشتاء.. فى هذه البقعة الخليجية الحارة.. المشبعة بالرطوبة.. معظم شهور السنة.

على أن الرياح الباردة لم تخفف من سخونة التحقيقات التى يجريها النائب العام سعيد كبيش مع المتهمين بتشكيل تنظيم سرى (إخوانى) يهدف إلى الاستيلاء على الحكم.. ويضم أعضاء من الإمارات ومصر والكويت.. ونساء لم يعلن عن جنسيتهن بعد.. وبعضهن لسن زوجات لأعضاء فى التنظيم.

منذ نحو ستة شهور قبض على الإماراتيين الذين أسسوا التنظيم.. ويبدو أن التحقيقات والتحريات فرضت أن يقبض على المصريين.. بمن فيهم من كان على عتبة الطائرة عائدا إلى بلاده بعد أن شعر بالخطر.. واعترف رئيس الوزراء الكويتى جابر المبارك بتورط مواطنين فى التنظيم بالتمويل.. مباشرة.. أو تحت غطاء جمعيات خيرية دينية.

لم تصل جهود عصام الحداد (مساعد محمد مرسى للشئون الخارجية) التى بذلها مع مسئولين فى أبو ظبى إلى شىء.. فلم يفرج عن متهم مصرى واحد.. بل ولم يحصل على معلومات تزيد من شعوره بالتميز على وزير الخارجية.. بل على العكس.. كشف عن تحيز للمتهمين المنتمين لجماعته.. دون الاهتمام بمساجين مصريين ينفذون عقوبات جنائية.. بعضها شيكات بدون رصيد.. لا تزيد قيمتها عن ألفى درهم.. كان يمكن سدادها عنهم.. ولو من جيبه.. ليعودوا معه على نفس الطائرة.. محققا نصراً إعلاميا يخفف من فشله.. ولعل هذه التفرقة أوجدت جنسية إخوانية مميزة.. غير الجنسية المصرية المهملة.. من يتمتع بجنسية الجماعة هو وحده من الشعب من ينفرد برعاية سلطتها الحاكمة.

ويصعب القبول بتبادل المطلوبين من الإخوان بين البلدين.. على أن يحاكم كل منهم فى بلاده.. فهذا الحل سيفقد مرشد الجماعة فى القاهرة الدكتور محمد بديع كثيراً من التقدير الخارجى.. بصفته رئيس التنظيم الدولى.. إذ كيف يقبل أن يعامل أعضاء من جماعته معاملة الجواسيس والمجرمين.. إن ذلك يهدد كرامته قبل أن يفقده منصبه.

وأشهر مطلوب إماراتى يعيش فى مصر.. هو وكيل سابق للمالية يدعى جاسم راشد.. هرب إلى القاهرة منذ سنتين تقريبا.. واتهم فى بلاده باختلاس ثمانية ملايين درهم.. وفى الوقت نفسه أقام أكثر من دعوى قضائية ضد حكومته.. وهو يتحدث فى القنوات التليفزيوينة الإخوانية.. ويعتبره البعض حاكم الإمارات القادم ولكن فى المنفى.

ويعيش فى الإمارات أكثر من 200 جنسية تمثل أطيافاً وألواناً وطبقات الدنيا المختلفة.. وهم يحظون بجميع حقوق الحياة.. بما فى ذلك حق ممارسة شعائرهم الدينية.. ولو كانوا من غير المؤمنين بالرسالات السماوية.. فهناك معابد هندوسية.. مثلا.. فالقاعدة الفقهية الحضارية تطبق هنا بسماحة مفرطة.. لكم دينكم ولى دينى.

ولمواجهة تناقضات وخلافات ونزاعات ونوازع كل هذا الخليط من البشر جرى تغطية البلاد بشبكات كثيفة من الكاميرات.. تزيد يوما بعد يوم.. كما استخدمت نظام مراقبة التليفونات ببصمة الصوت.. وهو ما حقق شعورا بالأمن.. لا توفره دولة أخرى.. كما سهل سرعة التعرف على الجناة فى الجرائم الكبرى.. مثل قتل سوزان تميم.. واغتيال قيادى حماس برصاص عملاء الموساد.. وقدمت شرائط الفيديو دليلا دامغا على ما يحدث.. وأغلب الظن أن القضية الأخيرة ستعرض على المحكمة مشفوعة بمثل هذه الأدلة الإلكترونية الحديثة التى يصعب التشكيك فيها.

والشرط غير المكتوب فى عقود العمل التى يوقعها الأجانب أن يبتعدوا عن السياسة.. فقد جاءوا بحثا عن مستوى معيشة لم يجدوه فى بلادهم.. وربما جاءوا هربا من اضطهاد سياسى فرض عليهم فى بلادهم.. كما حدث للإخوان فى مصر وسوريا فى الخمسينيات والستينيات.. فحصلوا على الحماية والإقامة والثروة.. ولو شاءوا ممارسة حقوقهم السياسية فعليهم العودة فى هدوء إلى حيث أتوا.. محملين بما كسبوا.. فالحقوق السياسية لا يتمتع بها فى مختلف بلاد العالم سوى مواطنيها.

ومنذ أن فتحت دول الخليج أبواب الرزق والهجرة بعد انفجار أسعار النفط عقب حرب 1973 وهى تعتبر المصريين من أكثر الجنسيات التزاما.. وأقلها تطفلا.. فهم يفضلون العمل الحكومى بحكم طبيعتهم البيروقراطية العريقة.. ولا يتحمسون للمغامرة فى القطاع الخاص.. ولو كانت مكاسبه أكبر.. بجانب أنهم الأقل اختلاطا بغيرهم.. لضعف اللغة أحيانا.. وللحرص على طبعيتهم المحافظة غالبا.. وهم يعتبرون الهجرة مهما طالت مؤقتة.. فكل ما يجنونه يدخرونه مالا أو عقارا أو أرضا فى بلادهم.. حيث يؤخرون التمتع بكل يحلمون به حتى يعودوا إليها.. لينتقلوا من طبقة إلى طبقة أعلى.

لكن شيئاً ما حدث بعد سقوط نظام مبارك.. فقد أخرج بعضهم ما حبسه فى صدره منذ سنوات طوال تصل إلى ثلاثين سنة أحيانا من تعاطف مع الإخوان أو انتماء إليهم.. وبدأ يتصرف دون حذر.. فكشف عن غيره قبل أن يكشف عن نفسه.. وربما كان السبب هو شعور بالقوة جاء بعد وصول الإخوان إلى الحكم.. فهم لن يرضوا بما سيجرى له.

كان هناك من نجح منهم فى تولى منصب مميز.. استغله تسكين أعضاء من الجماعة فى وظائف قريبة منه.. فاتحا له بابا للرزق.. ومانحا للجماعة اشتراكا بالعملة الصعبة.. نسبة من دخل مرتفع.. فكانت تهمة التمويل مؤكدة لتهمة التنظيم.

وما يثير الدهشة هو أن الإخوان الذين تعودوا تجنيد الفقراء بالمساعدات والخدمات نجحوا فى الوصول إلى أعضاء فى المجتمعات الخليجية الثرية.. إن أحد المقبوض عليهم جندى شرطة يتقاضى راتبا شهريا يصل إلى عشرين ألف درهم (أكثر من ثلاثين ألف جنيه) وعندما تزوج حصل على منحة تصل إلى سبعين ألف جنيه.. بجانب قطعة أرض.. وديون بنكية يجرى إسقاطها سنويا بأمر حاكم الدولة تصل إلى مليون درهم.

إن كشف السر يقتضى أن نقلب التربة السياسية لنصل إلى جذور التنظيم الإخوانى فى الإمارات.. ورغم كل المصادر فإن الاستفادة محققة من مراجعة ما نشره الباحث المصرى منصور النقيدان فى منشورات مركز المسبار للدراسات.

فى 16 مايو 2010 خرج اثنان من قيادات الإخوان فى الإمارات هما أحمد صالح الحمدى وحميد الرقيط على شاشة قناة الحرة ليعترفا بوجود تنظيم إخوانى فى بلادهما.. وكسرا بما تحدث فيه الحصار الإعلامى الذى فرض على التنظيم قبل شهور قليلة.

أما سبب الحصار فهو ما أعلنته نيابة أمن الدولة المصرية فى يوليو 2009 من وجود ثلاثة رجال أعمال إماراتيين قبض عليهم ضمن 36 متهما وهم فى مطار بالإسكندرية يحملون أموالا للجماعة فيما عرف بقضية التنظيم الدولى للإخوان.

قبل ذلك فى تسعينيات القرن الماضى اشتكى حسنى مبارك للشيخ زايد جمعيات أهلية تقوم بتمويل تنظيمات إرهابية فى مصر.. وجرى التحقيق.. واثبت صحة الادعاء.. لكن.. تقريراً آخر صدر فيما بعد نفاه.. ولا تعارض بين النتيجتين.. فالتمويل يخرج لجمعيات خيرية.. لكنه.. يستخدم فى عمليات إرهابية.

وقد بدأ الإخوان فى الإمارات نشاطهم خارج بلادهم.. فى مصر والكويت.. حيث كانوا يدرسون فى نهاية الستينيات.. وعندما عادوا كونوا ما يسمى بجمعية الإصلاح والتوجيه الاجتماعى.. وهو نفس اسم الجمعية التى يمارس من تحت غطائها إخوان الكويت نشاطهم.

فى عام 1974 تقدمت مجموعة من الوجهاء والشيوخ ورجال الأعمال مثل سلطان بن كايد القاسمى ومحمد بن عبدالله العجلان وعبد الرحمن البكر وحمد حسن الرقيط وحسن الدقى وسعيد عبدالله حارب المهيرى بطلب إلى الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم حاكم دبى وقتها بإشهار الجمعية.. ووافق الرجل متصورا أنها جمعية دينية تحض على الفضيلة وليست جمعية سياسية تحرض على قلب نظام الحكم.. بل تولى رئاسة أول مجلس لإدارتها.. وتبرع بتأثيث مقر دبى الرئيسى وفرعين فى الفجيرة ورأس الخيمة.

ورفض حاكم الشارقة المتأثر بالفكر العروبى قبول الجمعية.. وتكرر الرفض فى عجمان.. وكاد الشيخ زايد أن يمنحها أرضاً فى أبو ظبى.. لكنه.. سرعان ما تراجع.

مثلما فعل الإخوان فى مصر وتونس والولايات المتحدة وتركيا فعلوا فى الإمارات.. سعوا جاهدين للسيطرة على الطلاب فى المدارس والجامعات.. ونجحوا فى خطف مؤسسات التعليم.. وسيطروا على إدارة المناهج.. واستطاعوا تغيير 120 منهجا.. وهو ما اعتبروه أفضل وأقوى إنجاز حققوه.

وقبل أن ينكشف الغطاء عنهم دخلوا أول حكومة تشكل فى الإمارات عام 1971 بوزير واحد هو وزير الإسكان سعيد عبدالله سلمان.. وفى الحكومة التالية عام 1979 انضم إليه وزير آخر هو وزير العدل والشئون الدينية والأوقاف محمد عبدالرحمن البكر.. ولكن فى التشكيل الوزارى التالى عام 1983 لم يجدد للوزيرين. سادت الأفكار التكفيرية بين قطاعات عريضة من الأجيال الجديدة.. فحرم الرسم والمسرح والموسيقى والاختلاط واللغات الأجنبية والتعليم فى الغرب وناطحات السحاب التى اعتبروها مسكنا للشياطين.. وامتد التكفير لكبار المسئولين.. وسادت نغمة: «إنفاق أموال النفط فى سبيل الله».. دون تحديد «سبيل الله».. هل هو بناء مساجد للعبادة أم مدارس للتعلم؟.. تقديم مساعدات للفقراء أم بناء مصانع لتشغيلهم؟.. مآدب الرحمن أم دخول العصر بجمعيات العلم والتنكولوجيا الحديثة؟.

وقررت الدولة مواجهة هذا الخطر بأن طلبت من مسئولى المناهج أن يحتفظوا بأفكارهم لأنفسهم ليبقوا فى وظائفهم ولو اصروا على نقلهما لغيرهم فعليهم قبول النقل إلى وظائف أخرى.. وما أن تولى وزير للتعليم مضاد للإخوان هو أحمد حميد الطاير حتى قرر نقل 25 موظفا من إدارة المناهج إلى وظائف أخرى.. وتبعهم أعداد أخرى.. وهو ما عرضه لهجوم من خطيب جمعة فى رأس الخيمة هو محمد المنصورى اتضح فيما بعد أنه مدير مدرسة.. مرؤوس للوزير الذى اتهمه بالكفر والخروج عن الملة.. وقد رفض حاكم رأس الخيمة عقابه.. فقد بقيت تلك الإمارة الوحيدة المعترفة بجمعية الإصلاح بعد تجميدها عام 1994.. فبحكم الدستور الاتحادى لكل إمارة الحق فى فرض قوانينها الخاصة.

وانتقلت الجماعة من ترويج الأفكار إلى الدعوة إلى الجهاد.. فقد التقى أحد قياداتها وهو حسن الدقى بكوادر طلابية جامعية فى مزرعته بالشارقة.. حيث طلب منهم غلق هواتفهم المحمولة ثم دعاهم للجهاد ضد أعداء الإسلام.. وأعلن ذلك فيما بعد بوضوح فى كتابه «مناهج العمل الإسلامى».. وهو ما جعل الجماعة تطرده خارجا خوفا على ما تبقى منها.. خاصة أن الجهاد كان سيبدأ بالهجوم على السفارة الأمريكية.

وكانت تلك الخطوة بداية للتهدئة من جانب الجماعة.. فقد تخلت عن بيعة الأعضاء باعتبار البيعة نوعا من الولاء المزدوج للدولة وللتنظيم الدولى.. ومنعوا الأعضاء الذين يلتحقون بالجيش من مواصلة النشاط فى الجمعية.. وخففت المجلة المعبرة عنهم (وتحمل نفس الاسم الإصلاح) من لهجتها الحادة الساخرة.. قبل أن تتوقف نهائيا عن الصدور.

فى عام 2003 التقى الشيخ محمد زايد بثلاث من قيادات الجماعة.. فرحب بهم.. وأبدى استعداد الحكومة لدمجهم فى مسيرة التنمية والتوظف فى مؤسسات الدولة والاستفادة من خبراتهم إذا ما قررت الجماعة حل نفسها.

تلقى ولى عهد أبو ظبى وعدا من زعماء الجماعة بالتفكير الجدى بالحل.. وتلقى اتصالا فى اليوم التالى للاجتماع من الشيخ سعود بن صقر القاسمى ولى عهد رأس الخيمة نقل إليه انطباعات قياديى الجماعة الذين وصفوا اللقاء بأنه كان ربيعا لن يتكرر.

تكرر اللقاء ثلاث مرات.. لكن.. بعد شهور قليلة عاد سلطان بن كايد القاسمى إلى مجلس الشيخ محمد بن زياد وفى يده بيان موقع من زعماء الجماعة يوضح: أن الجماعة تمتلك شعبية كبيرة وقبولا فى المجتمع الإماراتى ولها امتدادات فى الداخل والخارج.. وأنها هى الجهة المنظمة القادرة على التأثير.. ولا يمكن لأى سلطة أن تقلص من نفوذها وتأثيرها.

وفى تلك اللحظة بدا ان الفرصة التاريخية التى رفضها الإخوان لن تتكرر.. وخرجت المواجهة من المناقشة إلى النيابة.. فكان ما كان مؤخرا.. ولن يكون ما حدث المشهد الأخير.. بل ربما كان المشهد الأول فى فصل جديد من الصراع بين التحديث والتقييد.. بين النظر إلى الأمام والعودة إلى الوراء.. بين أن تظل الدولة مضيئة أو تغرق فى الظلام كما حدث فى مصر.

توقعات وقرارات ونبوءات عام 2013:

أمريكا تتحول بإرادتها من دولة عظمى إلى دولة كبرى

1

صراع تركى - إيرانى على مصر من يكسبه العثمانيون أم الصفويون

4

الدولة العظمى هى الدولة التى ترسم استراتيجية مصالحها قبل سنوات طوال.. وتعتبر الكرة الأرضية مجالا حيويا لها.. أما الدول الكبرى فتكتفى بمتابعة مصالحها فى الوقت والزمان القريبين.

وقد قررت الولايات المتحدة فى هدوء الانتقال من استراتيجية الدولة العظمى إلى واقعية الدولة الكبرى.. فانكمش تواجدها فى العراق وأفغانستان وتراجعت عن مواجهة إيران.. وتركت التيارات الإسلامية تأكل بعضها البعض.. وتنهك قواها بنفسها.. دون حاجة لقوى عسكرية تهاجم.. أو مؤامرات مخابراتية تحرض وتقلب وتغير.. ودون اضطرار للتفريط فى مليارات تنفق يوميا من خزانة تعانى من العجز.. وتسبب فى نفس الوقت الكراهية للولايات المتحدة من شعوب الأرض كلها.

إن تعدد التنظيمات الإسلامية (السياسية والسلفية والجهادية والصوفية والسنية والشيعية) كفيل بألا تستقر الدول الإسلامية لو حكمها أحد هذه التيارات.. فلو رضى عنه فصيل.. ستواجهه باقى الفصائل بالرفض والغضب والاعتراض.



تخفيض ميزانية البنتاجون وتعيين وزير دفاع يكره الحرب

2

تبلغ ميزانية البنتاجون 633 مليار دولار وهى أكبر ميزانية عسكرية لدولة على وجه الأرض.. وهى تستهلك موارد مالية مؤثرة على دولة تعانى من متاعب اقتصادية لم تتعاف منها منذ أزمة الكساد الكبير عام 2008.. تقرر خفض الميزانية بنحو عشرة مليارات دولار هذا العام.. وأكثر من خمسين مليارا فى العام القادم.. لتصل إلى 100 مليار فقط بعد عشر سنوات.. أقل مما تنفقه دول مثل الصين وإسرائيل وكوريا وإيران على جيوشها.

قال رئيس الأركان مارتن ديمبسي: «إن التخفيض المتوالى لموازنة الدفاع سيؤثر على العمليات العسكرية وأعمال الصيانة والتطوير.. وسيجربنا على وضع طائراتنا على الأرض دون حركة.. وإعادة سفننا إلى الموانئ».

فى نفس الوقت عين باراك أوباما وزير دفاع جديداً هو السيناتور الجمهورى السابق شاك هيجل لا يؤمن بالحروب.. بل يكرهها.. ويرى أن حرب العراق من أكبر الأخطاء فى التاريخ الأمريكى.. ولا يجد مبرر للتصعيد مع إيران.. ومن العبث البقاء فى أفغانستان.. لكنه.. فى الوقت نفسه يعتبر العلاقة مع إسرائيل خاصة وتاريخية.. وأمنها وسلامتها وبقاؤها مميزة وقوية أهم ما يسعى إليه هو نفسه وحكومته.

ولو كانت تركيا قد ساعدت الإخوان المسلمين فى مصر قبل الثورة بتهدئة الخواطر الأمريكية تجاههم.. وسعت إلى مساعدتهم اقتصاديا من خلال قروض دعم الصادرات إليهم.. فإن الإيرانيين يصرون على مد جسور الود والتعاون معهم.. سياسيا وأمنيا وعسكريا وبتروليا وعلميا.. ومن هنا نشأ الصراع على مصر.. وهو صراع يعيد إلى المنطقة المنافسة القديمة التى اشتعلت قبل حقبة الاستعمار الأوروبى بين الدولة العثمانية فى استانبول والدولة الصفوية فى طهران.. فمن المتوقع أن يمتد القوس السنى الذى تعبر عنه الدولة الأولى عبر سوريا إلى الأردن ومنها إلى مصر.. ويمتد القوس الشيعى الذى تعبر عنه الدولة الثانية عبر العراق إلى البحرين والإمارات دون إغفال اللعب على مصر. ليست مصر الآن بحكم فشل الحكم الإخوانى فى توحدها وتنميتها ودفعها للأمام مؤهلة للجلوس على مائدة تقسيم المنطقة كقوة إقليمية ثالثة.. لن تكون لاعبا إضافيا وإنما ملعوبا بها أصيلا.. ويكون السؤال لمن ستنحاز.. ولمن ستكون ولاية تابعة له؟

عندما نجح محمد مرسى فى التوفيق بين حماس وإسرائيل منحه الغرب لقب المفاوض البارع.. لكن.. السؤال الجديد الذى يطارده من الغرب أيضا: هل سيقدر على القيام بقفزة دبلوماسية كبرى ويعيد العلاقات مع إيران؟

إن حالة العداء بين البلدين تعود إلى ثلاثين سنة حين ساند أنور السادات شاه إيران بعد الثورة الخومينية وعالجه فى مصر ودفنه بجانب أبيه فى مسجد السلطان حسن.. وعندما جاء مبارك لم يتردد فى مساندة العراق فى حرب الثمانى سنوات التى خاضتها ضد إيران.. ولكن.. المرشد الأعلى للثورة هناك على أكبر خامئنى واحد من المعجبين بقراء القرآن فى مصر.. ويأتى بأشهرهم فى شهر رمضان ليسمه تلاوتهم.. كما أنه ترجم ثلاثة كتب لسيد قطب الذى يحتل فكره عقول مكتب إرشاد الإخوان الآن.

لكن.. ذلك بالطبع لا يكفى لإعادة العلاقات.. كذلك لا يكفى اتفاق الإيرانيين مع الإخوان المسلمين فى الحماس لحماس وعداء الثقافة الغربية والتحفز تجاه إسرائيل.. فالمصالح أكبر من الأفكار.. ومصالح مصر مع دول الخليج وتركيا أكثر بجانب التوافق السنى بينها.. فى وقت نجحت فيه محاولات التفرقة بين الشيعة والسنة.

وقد حاولت إيران استغلال أزمة الطاقة فى مصر بعرض بترول رخيص عليها حسب تصريح وزير الطاقة رستم القاسمى.. ولكن.. وزير البترول المصرى أسامة كمال نفى ذلك.. فقبول مثل هذا العرض هو إخلال بمبدأ العقوبات الدولية ضد إيران والتزمت به مصر.. يضاف إلى ذلك موقف مصر المضاد لإيران بالنسبة لسوريا.. وكلها أمور تفرق ولا تقرب.. تمانع ولا توافق.


أمريكا من تخزين البترول إلى تصديره لمعالجة الإفلاس المزمن

3

وتأكيدا على فكرة الدولة الكبرى لا العظمى سيشهد العام الحالى تطورا مفاجئا فى السياسة النفطية الأمريكية.. إن الولايات المتحدة وهى من أكبر منتجى البترول كانت تفضل تخزين ما تملك تحت الأرض.. لتستورد حاجتها من الخارج.. كى تظل مالكة لأهم مصادر الطاقة.. دون أن تتعرض لأزمة فيها.. تهدد حياتها ورفاهية شعبها.

ولكن.. بجانب خفض ميزانية الدفاع.. قررت وقف استيراد النفط لمزيد من التوفير.. وأكثر من ذلك قررت تصدير بعضا مما تملكه.. للحصول على مزيد من الأموال تعالج بها متاعبها المالية التى وصلت إلى أرقام فى عجز الموازنة تقدر بالترليونات.

ولا يمكن تجاهل هذا القرار ونحن نتابع الاضطرابات الأخيرة التى تحدث فى الشرق الأوسط.. أهم منتج للنفط.. وأخطر مؤثر فى بورصته العالمية.. تهديد دول الخليج بثورات إسلامية مشابهة لما وقعت فى دول أخرى.. تغذية الصراع بين الشيعة والسنة لدعم التوتر بين دول الخليج وإيران.. وتفجير المتاعب بين مصر والإمارات والكويت فيما يعرف بتنظميات الإخوان هناك.

لا شك أن كل هذه الاضطرابات ستؤثر فى سوق النفط العالمى بما يتيح للنفط الأمريكى بالفوز بمكاسب إضافية لم يكن ليحققها فى ظل حالة السلم والاستقرار.



التنظيم الإخوانى يضم أعضاء من مصر والإمارات والكويت.. ومجموعة سيدات لم يعلن عن جنسيتهن بعد

1

جابر المبارك رئيس الوزراء الكويتى يعترف بتورط بعض مواطنيه فى التنظيم بالتمويل مباشرة أو تحت غطاء جمعيات خيرية دينية

2

عصام الحداد تعامل فى قضية تنظيم الإمارات على أن هناك جنسية مصرية أهملها.. وجنسية إخوانية منحها كل الرعاية

3

جاسم راشد.. أشهر إخوانى إماراتى مطلوب تسليمه لكن بديع لن يوافق على تبادل المتهمين الإخوان حتى لا يفقد نفوذه الدولى

4


■ لقاء مرسى ونتنياهو وبيريز برعاية أوباما لنقل المشاعر من الخطابات إلى التليفزيونات!


6

إصرار أمريكى على لقاء مباشر بين مرسى ونتنياهو وبيريز

5

إسرائيل تعرض على مصر شراء الغاز من حقولها بسعر أرخص من قطر

ولو كانت الولايات المتحدة قد اشادت بقدرة محمد مرسى على إيقاف القتال بين إسرائيل وحماس فإنها لا تزال تخشى من عمليات عسكرية ضدها تنطلق من سيناء التى لا تزال بعيدة عن السيطرة الأمنية.. حيث يتقاسم السلطة فيها مهربون وفدائيون وإرهابيون وجهاديون.. أما السلطة فى مصر فتسعى جاهدة لتوسيع مناطق سيطرتها على شبه الجزيرة التى تصل مساحتها إلى 33 ألف ميل مربع.

وقد بنت إسرائيل سورا على حدودها.. زودته بكل وسائل المراقبة الإلكترونية.. وأجهزة الإنذار المبكر.. المتصلة بأقمار صناعية عسكرية تسجل بالصوت والصورة كل ما يجرى بالقرب منها.. وكثيرا ما قدمت لمصر شرائط عن عمليات جرت فى سيناء.. لكن.. لم تتلق رد فعل منها.

لكن.. هذه التحصينات لا تمنع القيام بعمليات عسكرية مؤثرة يمكن أن تهدد معاهدة السلام بينها وبين مصر.. وهو أيضا ما تخشاه الولايات المتحدة.. وتدلل على ذلك بالعملية التى تنكر فيها أشخاص مجهولون فى ثياب جنود مصريين واقتحموا الحدود عند طابا وقتلوا جنودا إسرائيليين.. فتصورت إسرائيل أنهم جنود مصريون حقيقيون وليسوا مزورين فردت بقتل جنود لنا على الحدود.. وهو ما أدى إلى التظاهرات القوية أمام سفارتها.. ووصلت إلى حد اقتحامها.. وتهريب دبلوماسييها.. وهو ما اعتبرته الولايات المتحدة إهانة لها بصفتها ضامنة للسلام بين البلدين أكثر من ما شعرت به إسرائيل من مذلة.

لذلك فكرت الولايات المتحدة فى عدة إجراءات لحماية ما وصفه باراك أوباما بالسلام الإقليمي:

(أ) تكوين لجنة مشتركة إسرائيلية مصرية تتابع ما يجرى من أحداث على الحدود كى تضمن تدخلا سريعا يكون من شأنه تحجيم الآثار المترتبة.. وكانت هناك من قبل فى عصر نظام مبارك وفى وجود عمر سليمان لجنة فى المخابرات العامة تتولى تلك المهام العاجلة.

(ب) ضرورة لقاء مباشر بين الرئيس المصرى الجديد بالقيادة الإسرائيلية الحاكمة.. فمثل هذه اللقاءات من وجهة النظر الأمريكية ستدعم السلام وتؤكد عليه.. كما أنها أيضا.. ومن جانب آخر.. ستكشف نية السلطة الرئاسية فى مصر تجاه إسرائيل.. إن هذه السلطة تتحدث كثيرا عن السلام.. وتصف الرئيس الإسرائيلى بالصديق العزيز.. ولكن.. كل هذا الكلام فى غرف مغلقة.. ويتناقض مع تصريحات مرشد الإخوان بتحرير القدس.. وبغيره حين قال إن إسرائيل ستدمر خلال عشر سنوات.. حان الوقت لاختبار النوايا.. بصور تليفزيونية تكشف عنها.. ومن المؤكد أن واشنطن تصر على أن يكون اللقاء هذا العام.. ولا يهم مكانه.. وهى ورطة لا أحد يعرف كيف سيخرج منها محمد مرسى وجماعته التى بنت شهرتها السياسية على العداء للدولة الصهيونية.

(ج) خصم 100 مليون دولار من المعونة الأمريكية لمصر واستغلالها فيما يدعم الأمن فى سيناء.. وجاء هذا الاقتراح بعد زيارة قام بها معهد واشنطن لسيناء لوفد من الكونجرس انتهت بثلاثة اقتراحات.. إما إلغاء المعونة حتى تسترد مصر سيطرتها على سيناء.. أو الإفراط فى المعونة حتى توافق مصر على مشروعات أمنية أمريكية إسرائيلية فى سيناء.. أو الاقتراح الثالث وهو حل وسط بخصم المائة مليون دولار من أجل مشروعات أمنية تلتزم مصر بالقيام بها.. وهو غالبا ما سيؤخذ به.

أصبحت إسرائيل بعد اكتشافات الغاز الأخيرة الوفيرة ثانى دولة منتجة له فى المنطقة بعد قطر.. وبعد أن كانت تستورده من مصر تعرض الآن تصديره لمصر.. وبسعر أرخص مما تعرضه قطر.. فتكاليف تحويل الغاز القطرى إلى سائل وشحنه فى سفن خاصة ثم تحويله من جديد للحالة الغازية سيرفع السعر إلى 12 دولاراً.. حسب ما انتهت إليه دراسات إحدى الشركات الخاصة بعد مفاوضات طويلة مع الجانب القطرى. ولكن.. إسرائيل تعرف جيدا أن السعر ليس هو العنصر المؤثر هنا.. بل السياسة التى ستجعل المعارضة المصرية توجه تهمة التطبيع مع إسرائيل لجماعة الإخوان الحاكمة.. وربما لهذا السبب يمكن البيع عبر وسيط أمريكى.. يخفف من هذه الجريمة.

على أن حقول الغاز المصرية يمكن أن تنتج كميات أكثر لو سددت وزارة البترول ما عليها من مديونيات للشركات الأجنبية التى تتباطأ فى استغلال امتيازها بسبب تلك المديونيات.. وهو حل وسط.. يبعد عن غاز التطبيع مع إسرائيل وغاز قطر مرتفع السعر.