ريمون ناجى يكتب: «شخلل علشان تعدي».. أسلوب حياة
«شخلل علشان تعدي».. مصطلح شهير تكرر في العديد من الأفلام العربية يعكس صورة من يدعون زيفاً «الفتونة»وهم بالأساس قطاع طرق وبلطجية يفرضون سطوتهم لنهب أموال المواطنين مقابل عدم إيذائهم أو تدمير الشاحنات التي يستقلونها أو إفساد محتوياتها من بضائع؛ كما عرضها فيلم «سلام ياصحبى»، ويبدو أن عصر فتوات الحارة الذي كان بالزمن الجميل تشوه ليصبح بلطجة وفرض القوة وطاله التغيير كغيره من الأمور.
كما تبدلت المصطلحات
لتواكب معطيات العصر في محاولة لتلوين «الشخلله» بكلمات بديلة مع احتفاظها بالمبدأ
الأساسي هي الرشوة في التعاملات بصورة "إكراميه - تمشية حال - قفشني تجدنى - الجنيه
غلب الكارنية" ولم يتوقف الأمر عند حد قطاع الطرق أو المؤسسات الخدمية كالمستشفيات
وغيرها.
ووسط تصاعد وتيرت الفساد
وصل فيروس «البلطجة أو الشخلله»إلى عٌقر دار مؤسسات بالدولة معنية بالأساس بمكافحة
الفساد وغُل يد المفسدين ونصيب الأسد في الفساد مؤسسات خدمية وعلاجية.
ورغم انتفاض الجماهير
على الفساد والمحسوبية والرشوة وغيرها في ثورات شعبية إلا أن الكثيرين يجتهدون لإنهاء
مصالحهم بمبدأ "الاصطباحة" في مكاتب الموظفين، وجانب آخر من الفاسدين ينهون
إجراءات أو مصالح قد تكون مخالفة للقانون بالحل السحري الذي يتبعه المرتشين ورق البنكنوت
غير عابئين الرقابة أو المحاسبة.
وخلال الآونة الأخيرة
تداولت المواقع والصحف عدة وقائع ضبط للمخالفين للقانون والمرتشين والغارقين في بحر
الفساد حتى الثمالة بعضهم مسؤولين في جهات دورها التصدي للفساد وآخرون سعوا في درب
الشيطان غير مبالين النهاية على يد "الرقابة الإدارية".
ونستعرض معا بعض الوقائع
على سبيل المثال لا الحصر ومنها القبض على مدير عام المشروعات الصغيرة بأحد البنوك،
تقاضى وآخرون 2 مليون جنيه على سبيل الرشوة، مقابل منح وتخصيص قروض بأوراق مزورة، كان
المتهمون استغلوا مبادرة البنك المركزي لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة لمنح الشباب
قروضًا منخفضة الفائدة بالتلاعب بالمستندات في منح قروض بلغ نحو 25 مليون جنيه، وتم
ضبطهم حال اقتسامهم الرشوة.
كما ضبط مدير المشتروات
بوزارة التخطيط عقب تقاضيه 1.3 مليون جنيه كرشوة من إحدى الشركات الموردة لأجهزة حواسب
آلية ومعدات إلكترونية وكابلات لوزارة التخطيط، مقابل تسريب معلومات عن عروض الشركات
المنافسة، وتسهيل صرف المستخلصات المالية، وأيضا ضبط طبيبة وأمين المخازن بمستشفى الجامعة
بالمنيا، لتسهيلهما استيلاء إحدى شركات الأدوية والمستحضرات الطبية والكيماوية على
المال العام بمبلغ يقدر بـ 940 ألف جنيه، التي تمثل قيمة شراء أجهزة ومستلزمات طبية
بأسعار مغال فيها عن السوق، وإثبات استلامها دفتريا دون توريدها فعليا إلى المستشفى.
كما تمكنت الرقابة الإدارية
من ضبط مساعد رئيس حى مصر الجديدة عقب تقاضيه 10 آلاف جنيه رشوة من محامي شركة مالكة
لمجموعة مطاعم، مقابل إبلاغه مسبقا بموعد الحملات المفاجئة لتنفيذ الإزالات بالحى.
وعقب توالي ضربات جهاز
الرقابة الإدارية للفسادين بات «نقطة نور» وسط ظلام دامس محاصر بـ" الهليبة وبائعي
الضمائر بحفنه ورق"، ولازال يتطلع المصريون لجفاف نهر الفساد وانطلاق البلاد لما
يرنو إليه ليطمئن قلوب الأباء على مستقبل أبنائهم وسط غلاء فاحش واستغلال البعض لكراسيهم
ونفوذ الفاسدين لتنتهى البلطجة بكافة صورها من التوك توك وصولا للمسؤولين الفاسدين.