الإسكان تعقد ندوة "استدامة موارد الإسكان التنموي.. الزكاة أنموذجًا"

السعودية

جانب من الندوة
جانب من الندوة


عقدت وزارة الإسكان، ممثلة في مبادرة "الإسكان التنموي"، أول من أمس الثلاثاء بالرياض، ندوة بعنوان "استدامة موارد الإسكان التنموي.. الزكاة أنموذجًا"، بحضور المستشار في الديوان الملكي عضو هيئة كبار العلماء الشيخ الدكتور عبدالله بن محمد المطلق، والدكتور سعد بن تركي الخثلان، ووزير الإسكان ماجد بن عبدالله الحقيل، والدكتور فهد بن محمد السكيت، ومحافظ الهيئة العامة للزكاة والدخل المكلّف سهيل أبانمي.

 

وافتتح وزير الإسكان الندوة التي حضرها عددٌ من أصحاب الفضيلة والعلماء والمتخصصين في الشؤون الفقهية والاقتصادية، بكلمة مرحبًا في مستهلها بالحضور، مشيرًا إلى حرص وزارة الإسكان على معالجة جميع المشاكل المتعلقة بقطاع الإسكان وهو الأمر الذي أدى إلى كثرة البرامج والمبادرات وتنوعها لخدمة جميع الشرائح.

 

وبيّن أن وزارة الإسكان تعمل عبر البرامج والمبادرات التي تقدمها، على خدمة جميع فئات المجتمع سواء من العاملين في قطاعات حكومية أو خاصة من المقتدرين على الدفع والاستفادة من مشروعات الوزارة الإسكانية، وهم الغالبية من المتقدمين على الدعم السكني، وكذلك فئة ذوي الدخل المحدود، وهم من توليهم الوزارة اهتمامها وتضعهم محل الاعتبار ببرامج الإسكان التنموي التي أطلقتها الوزارة مطلع العام الجاري، فالوزارة تسعى حثيثًا بمثل هذه الندوات وغيرها لبحث أيسر وأسرع السبل لتمكين هذه الفئة من الحصول على حقهم في الإسكان، إضافة إلى كون الوزارة وقّعت اتفاقية إنشاء صندوق وقفي لخدمتهم بالتعاون مع لجنة الأوقاف بغرفة الرياض، والبنك الإسلامي للتنمية بجدة".

 

بعد ذلك، قدم المشرف العام على مبادرة الإسكان التنموي بوزارة الإسكان عبدالله بن محسن النمري، عرضًا مرئيًا عن مبادرة الإسكان التنموي وتاريخ تأسيس المبادرة وشريحة المستهدفين من برامجها، إضافة إلى الخطوات التي أنجزت حتى الآن متمثلة في النموذج الأول لأداة التحليل المتقدم، وهي أداة تقنية متقدمة تصور البيانات وتعرضها بشكل دقيق وتساعد في تحسين اتخاذ قرار الاستثمار السكني حسب الطلب في كل منطقة، كما ترصد الاحتياج الفعلي المكاني للمستفيدين، شاملة قواعد بيانات المستفيدين لدى وزارة الإسكان وقواعد بيانات المستفيدين من الضمان الاجتماعي لدى وزارة العمل والتنمية الاجتماعية.

 

وأشار إلى أن الوزارة تسعى للتعاون في المستقبل مع وزارتي الصحة والتعليم أيضًا لتحديد مواقع الخدمات التعليمية والصحية ودمجها معًا من أجل تقديم تحليل أشمل لواقع المستفيدين من برامج الإسكان التنموي.

 

 

وقال النمري: "هناك عدة حلول مقترحة تقوم وزارة الإسكان بتقديمها منذ إطلاقها لهذه المبادرة، تمثلت في توقيع اتفاقيات مع عدد من الجهات لإنشاء أكثر من 29 ألف وحدة سكنية موزعة على مناطق متعددة من المملكة، إضافة إلى توقيع اتفاقيات مع البنك الإسلامي للتنمية، واتفاقيات مع لجنة الأوقاف بغرفة الرياض، وخمسة مشروعات أولية في خمس مناطق مختلفة لإسكان ذوي الدخل المحدود".

 

وأضاف أن سؤال الندوة الرئيس يتمحور حول كيف يمكن لوزارة الإسكان أن تكون قناة لتوجيه الزكاة لإسكان الشرائح الأكثر حاجة من مستفيدي الضمان الاجتماعي وهو ما افتتحت به الندوة التي أدارها أستاذ الفقه في جامعة الإمام محمد بن سعود الدكتور عبدالله العمراني.

 

وشارك في الندوة عددٌ من المتخصصين في الشأن الفقهي والاقتصادي تحت ثلاثة محاور جاء الأول منها تحت عنوان: مشروعية الصرف من أموال الزكاة على مساكن الفقراء، والمحور الثاني بعنوان دور وزارة الإسكان في توفير متطلبات الصرف الشرعي، والمحور الثالث عن الممكنات والآليات.

 

 

وقال الشيخ عبدالله المطلق، في حديثه عن المحور الأول إنه لا مانع من صرف الزكاة على إسكان الفقير وشراء مساكن للفقراء منها، مبيّنًا أنه لو تمكنت الوزارة من أخذ بعض زكاة أموال التجار لإسكان الفقراء لكان خطوة جيدة لإسكان هذه الفئة من المحتاجين وأن وزارة الإسكان ممثلة بهذه المشروعات خير من يقوم بهذه الخطوة.

 

وأضاف الشيخ المطلق أنه يرى أن تُبنى البيوت باسم هيئة الزكاة للاستفادة من مشروعات الإسكان بالنسبة للفقير ثم تركه السكن لمن هو أشد فقرًا منه من المحتاجين الآخرين في حال غناه، بدلاً من التمليك المطلق.

 

وأشار إلى أنه يرى أن تكون مشروعات الزكاة لإسكان الفقراء في المراكز والقرى، وذلك لكونها أكثر نفعًا للمحتاجين، وأقل كلفة على المنفقين، وأنه لا يرى أن تكون مشروعات إسكان الزكاة في المدن، لكثرة التكلفة. وأبدى سعادته بمثل هذه الندوات، وأنه يضع يديه بين يدي وزارة الإسكان لتقديم كل ما يمكن من مشروعات لسد ضرورة السكن لهؤلاء المحتاجين وتقديم العون لهم.

 

 

 

وأضاف فضيلته: "نحن في حاجة ماسة إلى إسكان الفقراء بالتعاون مع وزارة الإسكان، ونحن على أتم الاستعداد للعمل معًا، وإقناع التجار بصرف الزكاة على مثل هذه المشروعات".

 

أعرب الدكتور سعد الخثلان بدوره، عن شكره لوزارة الإسكان وأن يبارك الله في مثل هذه الجهود التي تستهدف الفئة الأكثر حاجة من أبناء الوطن والمستفيدين، لافتًا إلى أن السكن ضرورة وتجوز دفع الزكاة للفقير لأخذ بيت، لكنه يرى أن التمليك شيء زائد عن حاجة الفقير وفي هذه المسألة عدة أقوال فقهية.

 

 

وقال الخثلان: "إنه إذا أردنا إدخال الزكاة في الإسكان فلتكن في الإيجار لا التمليك، وأن يكون في الوزارة صندوق للزكاة لتأجير بيوت للفقراء، لأننا لو دخلنا في باب تمليك الفقراء بيوتًا سنفتح بابًا لجدل فقهي ونافذة لكلفة مادية، ويمكن للوزارة إنشاء صناديق وقفية لمثل هذا، علمًا بأنه على مر التاريخ الإسلامي كانت الخدمات الاجتماعية تُقدّم عن طريق الأوقاف، ولتغير ذلك في الزمن الحاضر وتكفل الدولة بتقديم الخدمات إلى أفرادها وجب الالتفات إلى الأوقاف والعناية بها".

 

وشارك في الندوة أيضًا الدكتور يوسف الشبيلي، الذي أكد أن مبادرات الوزارة تثلج الصدر وتسر وتنبئ عن حرص ولاة الأمر لمعالجة مثل هذا الملف الضروري، موضحًا أنه يتفق مع الشيخ المطلق في جواز تمليك الفقير بيتًا من أموال الزكاة لكون المسكن للفقير من الضروريات والتمليك فيه منافع متعددة، منها إغناء الفقير، فيجوز دفع الزكاة للفقير ليتملك منزلاً، مشترطًا أن يكون "تسكين الفقير مقابل تطوير مهاراته ليتمكن من دفع قيمته لاحقًا".

 

 

 

وقال الدكتور سليمان الماجد بدوره: "إن دعم الفقير بالمسكن يوفر على أسرته، وينقله من خط الفقر والحاجة إلى الاستقرار، ورأيي الفقهي أنه يجوز شراء المسكن للفقير من الزكاةـ ومصارف الزكاة ما زالت تصرف في الاحتياجات الضرورية."

 

وفي مداخلته، قال الدكتور محمد العصيمي إن السكن لا يعني المنزل وحده، بل ما يتبع ذلك من تهيئة الفقير ورعايته ليتمكن من إغناء نفسه، وإن الوزارة بإمكانها التنسيق مع هيئة الزكاة لبناء بيوت للفقراء واستصلاح خدمات متكاملة لهم.

 

ودعا إلى ضرورة وجود مصرف للزكاة، ليتم الصرف منه على مساكن الفقراء وغيرها من منافعه. وفي نهاية الندوة وقّعت وزارة الإسكان ممثّلة ببرنامج الإسكان التنموي اتفاقية مع أوقاف العرادي الخيرية، لإنشاء وحدات سكنية في محافظة الوجه.

 

وتأتي مبادرة الإسكان التنموي ضمن سعي الوزارة لتحقيق أهدافها الإستراتيجية في دعم العرض وتمكين الطلب، وتيسير حصول المواطنين على السكن الملائم، وخدمة جميع فئات المجتمع، وسعيًا لتحقيق ما نصت عليه رؤية المملكة 2030 بخصوص تهيئة البيئة اللازمة للقطاع غير الربحي وتمكينه من رفع مساهمته في إجمالي الناتج المحلي غير النفطي من أقل من 1 % إلى 5 %، ليصبح أكثر فاعلية في قطاع الإسكان والأبحاث والبرامج الاجتماعية والفعاليات نقلًا عن صحيفة سبق.