عادل حمودة يكتب: شهادة بصوت عبدالناصر عن علاقته بالإخوان
عن علاقته بالإخوان:
كنت صديقا للبنا لكنى لم أكن عضوا فى الجماعة!
الحزب الوحيد الذى يعترف بالانتماء إليه عندما كان طالبا فى الثانوى هو مصر الفتاة
عبدالناصر ومحمد حامد أبوالنصر والشيخ محمد فرغلى
لكن رفعت السعيد نقلا عن خالد محيى الدين يصر على أنه هو وعبد الناصر أقسما على مصحف وسيف فى خلية إخوانية!
توقع وحيد حامد أن يأتى الهجوم على مسلسل الجماعة من اليمين فجاء الهجوم من اليسار.
لم تأت اللكمات من الإخوان وإنما جاءت من الناصريين.
بدأ سامى شرف - ضابط المدفعية السابق– المعركة بإطلاق دانة ثقيلة: لم يكن عبد الناصر عضوا فى تنظيم الإخوان.. هذه خرافة سياسية شائعة كان يجب التأكد منها قبل أن يتورط فيها المسلسل ويعاملها معاملة الحقيقة التاريخية القاطعة.
وسامى شرف بدأ العمل فى سكرتارية عبد الناصر وهو ضابط صغير وظل إلى جواره حتى أصبح وزير شئون رئاسة الجمهورية وبقى فى منصبه إلى ما بعد رحيله.
وانحاز الدكتور رفعت السعيد إلى وحيد حامد مؤكدا أن عبد الناصر وخالد محيى الدين بايعا الجماعة بمصحف وسيف وكان حلقة الوصل بينهما وبين الجماعة الضابط الإخوانى محمود لبيب ولكن الأمر لم يستمر طويلا.
ولم يذكر رفعت السعيد وهو مؤرخ معارض للجماعة مصدر شهادته وإن نتوقع أن يكون مصدره خالد محيى الدين الذى رافقه سنوات طويلة فى حزب التجمع وساهم فى كتابة مذكراته الآن أتكلم.
وبرر رفعت السعيد رفضه بأن سامى شرف لم يرتبط بعبد الناصر فى فترة الأربعينيات حتى ينفى علاقته بالإخوان وكأن رفعت السعيد كان هناك فى تلك الفترة ليؤكد هذه العلاقة.
والحقيقة أن سامى شرف استند فى شهادته إلى عبد الناصر نفسه حين قال فى نوفمبر عام 1965 ما نصه:
أنا قبل الثورة كنت على صلة بكل الحركات السياسية الموجودة فى البلد يعنى كنت أعرف الشيخ حسن البنا ولكن ما كنتش عضو فى الإخوان المسلمين كنت أعرف ناس فى الوفد وكنت أعرف ناس من الشيوعيين وأنا باشتغل بالسياسة أيام ما كنت فى ثالثة ثانوى لما اتحبست مرتين أول ما اشتركت فى مصر الفتاة وده يمكن اللى دخلنى فى السياسة وبعدين حصلت خلافات وسبت مصر الفتاة ورحت انضميت للوفد وطبعا أنا الأفكار فى رأسى بدأت تتطور وحصل نوع من خيبة الأمل بالنسبة لمصر الفتاة ورحت الوفد وبعدين حصل نفس الشىء بالنسبة للوفد وبعدين دخلت الجيش وبعدين ابتدينا نتصل فى الجيش بكل الحركات السياسية.
ولكن ما كناش أبدا فى يوم من الأيام فى الإخوان المسلمين كأعضاء أبدا ولكن الإخوان المسلمين حاولوا يستغلونا فكانت اللجنة التأسيسية للضباط الأحرار موجودة فى هذا الوقت وكان معانا عبد المنعم عبد الرؤوف وكان فى اللجنة التأسيسية وجه يوم وضع اقتراح قال إننا يجب أن نضم حركة الضباط الأحرار إلى الإخوان المسلمين أنا سألته: ليه؟ قال: إن دى حركة قومية إذا انقبض على حد منا تستطيع هذه الحركة أنها تصرف على ولاده وتؤمن مستقبله.
ولكن مش ممكن نسلم حركة الضباط الأحرار علشان مواضيع شخصية بهذا الشكل وحصل اختلاف كبير وصمم عبد المنعم عبد الرؤوف على ضم حركة الضباط الأحرار إلى الإخوان وإحنا رفضنا وكان طبعا الشيخ حسن البنا رحمه الله مات وأنا كان لى علاقة قوية ولكن علاقة صداقة ومعرفة.
زى ما قلت لكم ما كنتش أبدا عضو فى الإخوان المسلمين وأنا لوحدى يمكن اللى كان ليا علاقة بحسن البنا وإخواننا كلهم مالهومش ولكن كنت بأقول لهم الكلام اللى بيحصل معاه ونتج عن ذلك إن عبد المنعم عبدالرؤوف استقال وده قبل الثورة بستة أشهر استقال عبد المنعم عبدالرؤوف وأنا كنت لى علاقة ببعض الناس من الإخوان المسلمين كعلاقة صداقة وكان لهم تنظيم داخل الجيش وكان يرأس هذا التنظيم ضابط اسمه أبو المكارم عبد الحى».
«المصدر: مذكرات سامى شرف سنوات وأيام مع عبد الناصر الجزء الرابع صفحة 958».
حسب شهادة عبد الناصر فإنه لم يكن عضوا فى الجماعة وإنما كان صديقا لمرشدها حسن البنا وعلى صلة بكثير من المنتمين إليها وأن أحد قيادات الجماعة الضابط عبد المنعم عبد الرؤوف كان عضوا فى تنظيم الضباط الأحرار كما كان هناك تنظيم إخوانى مستقل داخل الجيش يقوده ضابط آخر هو أبو المكارم عبد الحى.
أما التنظيم السياسى الوحيد الذى يعترف عبد الناصر بالانتماء إليه فهو حزب مصر الفتاة لكنه تركه كما ترك باقى التنظيمات ليقرر أن القوة البدنية هى الحاسمة فى تغيير النظام.
وقبل أن تهدأ هذه الضجة دخل خالد يوسف على الخط مستنكرا أن عبد الناصر ورفاقه من الضباط الأحرار كانوا يجلسون كالتلاميذ أمام سيد قطب حسب ما فهم من المسلسل.
والحقيقة أن سيد قطب فى ذلك الوقت قد لفت نظر عبد الناصر إليه بعد أن نشر كتابه العدالة الاجتماعية فى الإسلام وهو كتاب يصعب التقليل من أهميته ولا من أهمية مؤلفه وحصل عبد الناصر على نسخة منه قدمها إليه إحسان عبد القدوس وكان الكتاب مصادرا.
وفى كتاب سيد قطب من القرية إلى المشنقة نقلت عن الكاتب الشهير سليمان فياض أنه بعد الثورة مباشرة قال له سيد قطب وهما فى بيته: هنا تحت هذه الشجرة كان الضباط الأحرار يعقدون اجتماعاتهم معى فى فترة التمهيد للثورة.
وأشار سيد قطب وهو يقلب مجموعة صور قديمة إلى عبد الناصر قائلا: هذا هو قائد الثورة الحقيقى يتوارى الآن وراء محمد نجيب وغدا سيكون له شأن آخر.
مشهد لقاء سيد قطب بالضباط الأحرار فى بيته صحيح تماما ولكن ما ذكر وحيد حامد من حوارات جرت بينهم هو صياغته الدرامية لها كما تصورها بناء على فهمه للشخصيات.
لقد كان عبدالناصر فى شبابه حائرا بين التيارات والجماعات السياسية المختلفة التى تنقل بينها منضما أو متعاطفا لكنه فى النهاية اختار طريقه بنفسه فكان ما كان.
لكن الخطأ الذى يقع فيه الكثيرون هو أنهم يعاملون الشخصيات كما يتخيلونها بعد اكتمال نضجها وليس كما كانت عليه فى بداية نشاطها العام.. فليس عبد الناصر الثائر هو نفسه عبد الناصر الحاكم.. وليس سيد قطب المؤيد للنظام هو سيد قطب المنقلب عليه.. والحقيقة التى تكاد تكون ثابتة: أن أصدقاء الأمس غالبًا ما يكونون أعداء الغد.