نادية صالح تكتب: د. مصطفى الفقي
أصبحنا نمسك بالخبر السعيد «بإيدينا وسنانا» كما يقولون، من طول ما عنينا من الأخبار «الوحشة»، ومن أحدث الأخبار التى فرحنا بها كان خبر تعيين الدكتور مصطفى الفقى مديراً لمكتبة الإسكندرية خلفاً للدكتور إسماعيل سراج الدين الذى حقق نجاحاً مشهوداً للمكتبة بعد إحيائها من جديد، ومن المؤكد أنه سيكون خير خلف لخير سلف.
ويا أيها السادة.. مكتبة الإسكندرية مكتبة لها تاريخ كما تعلمون وقد صمدت من قديم الزمان لحريق أودى بها، ولكن عادت من جديد بإصرارنا على التواجد والنجاح، عادت بتاريخها الأصيل من جديد عام 2002، وأظن أن عودتها ونجاحها الذى تحقق منذ ذلك العام سوف يتجدد ويستمر وسيكون من حسن حظها أن مديرها الجديد -مصطفى الفقى- رجل له - أيضا- تاريخ، تاريخ من النجاح فى أكثر من موقع رفيع..، لابد أنه اكتسب خلاله خبرة نادرة..، د. مصطفى الفقى رجل «نادر»، وقد وجدت قلمى يناديه بهذه الصفة لأننى أعرفه منذ زمن طويل، كان ضيفاً مرحباً به فى برامجى الرمضانية القصيرة وسهرات الإذاعة خلال شهر رمضان، كما قمت بزيارة مكتبته فى منزله ضمن برنامجى «مكتبة فلان»..، وكل هذه المقابلات والزيارات قدمت إلى شخصية «نادرة» بالفعل، هو مثقف من طراز خاص..، مثقف يقرأ ويقرأ حتى يعرف ويعرف من أجل أن يعيش..، هو كاتب.. يكتب ويكتب من أجل أن يقول كلمته، هو برلمانى مشهود له ودبلوماسى مرموق أيضاً..، المهم كل المعرفة والثقافة لديه من أجل أن يعيش، وليس من أجل أن يضع نفسه فى متحف المثقفين، كما يحلو للبعض أن يضع نفسه فى هذا المتحف..، وراقبوه دبلوماسياً من طراز رفيع لم يضع نفسه فى الأبراج العاجية الدبلوماسية، وقد راقبنا نجاحاته الدبلوماسية فى فيينا ولندن، ولم يختلف حال الرجل بعدما اختارته الرئاسة ليكون سكرتيراً للرئيس الأسبق حسنى مبارك..، لم يغادر مكانه بين الناس وبين معارفه، بل كان سكرتيراً شعبوياً - إذا جاز التعبير- ولعلى أتذكر بعض صفاته من خلال ملاحظاتى يوم زرت مكتبته وعندما كنت ألقاه فى تسجيلات إعلامية عبر زمان طويل.
1- عقله المرتب يجعله يسألك أولا عن توقيت أو مدة التسجيل أو الحوار الذى سوف تقوم به فإذا كان حوارك فى ساعة..، يرتب د. مصطفى معلوماته وحواره على مقاس الوقت المحدد دون أن يسقط أشياء مهمة..، وإذا كان حوارك فى خمس دقائق مثلا..، تجد قدرته على الإيجاز فى مثل مهارته فى والإسهاب والشرح والبيان.. عقلية مرتبة وعقل واضح فى معارفه وثقافته الأصيلة.
2- إذا لم تخوننى الذاكرة أظن أن له أبحاثا وربما تكون درجة الماجستير أو الدكتوراه التى حصل عليه فى المقارنة بين الأديان.. وكأنما الأقدار أعدته ليكون فى هذه المرحلة من حياتنا قادراً على التعامل والمساهمة وتوضيح الأمور ووضعها فى موضعها الصحيح..
والآن أعود من جديد لأعبر عن فرحتى التى هى جزء من فرحة الكثيرين بهذا التعيين الذى صادف أهله كما يقولون وأتخيله جالساً يذاكر المكتبة ويفكر ويفكر.. ليخرج بالجديد كما عودنا وتعودنا منه.. جديد يناسب ظروف الحال ومقتضيات العصر وأحوال العالم الثقافية والسياسية.
تأملوا معى أيها السادة من واقع الاقتراب منه ومن عقله وثقافته ووطنيته ومصريته التى لا ينساها أبداً، ولا يستغرب أحدكم إذا قلت لكم إنه من ظرفاء العصر.. وقد لاحظت ذلك على من قابلتهم من العظماء مثل توفيق الحكيم ونجيب محفوظ مثلا فكما كان توفيق الحكيم حكيماً ومحفوظ عالمياً كانوا من ظرفاء عصرهم.. أخيراً وليس آخراً.. أعيد توصيف الرجل الذى عين حديثاً مديراً لمكتبة الإسكندرية بأنه شخصية «نادرة» وسوف تكون إدارته ناجحة بإذن الله.. ولا أملك إلا أن أدعو له بالتوفيق والسداد.
"وفقك الله وسدد خطاك على طريقك الجديد مصرياً.. وطنياً.. عالياً.. الله معك".