أسرة "هليل" يهدِّدها المجهول.. وتقدِّم التماسًا لإدارة التربية
رحل "حمامة المسجد" و"مساند العاجزين" وفي جيبه 50 ريالاً، وآلاف الريالات التزامات مالية عليه؛ تفرض أن يُقسَّم راتبه الذي لا يتعدى أربعة آلاف ريال إلى نصفين، يطعم بنصف منهما عياله حتى يكمل الشهر دورته؛ ليجود الصراف الآلي براتب الشهر الجديد من عمله حارس المدرسة الخامسة عشرة الابتدائية للبنات في حي العتيبية.
خوف من المصير المجهول وجملة من التساؤلات طرحتها الأسرة على "سبق"، التي بادرت عصر أمس بتقديم العزاء لهم في البيت التابع للمدرسة، والتقت أشقاء المتوفَّى في منزل الحارس، وتحدث كل من "صالح ورزق الله البجالي" عن تفاصيل الحادثة، معبرَين عما حدث بأنه يوم صعب على العائلة، مشيرَين إلى أن آخر عهد بأخيهما في حياته كان صلاة الفجر، عندما فرغ "هليل" من صلاة الفجر، وذهب إلى داخل فناء المدرسة، وقام بإيذاء نفسه؛ ما أدى إلى وفاته، ثم أتت مديرة المدرسة مع دوام الصباح، ولم تجد باب المدرسة مفتوحًا، ثم باشرت الجهات المعنية الحادثة، وما زالت التحقيقات جارية لإصدار التقرير النهائي لسبب الوفاة. حسب صحيفة "سبق"
وأضاف بأنهما راضيان بقضاء الله وقدره على ما أصابهما في وفاة أخيهما تاركًا زوجته وست فتيات و" تركي وعمر"، وهم الآن جميعهم يقطنون بسكن المدرسة، ولديهم هموم وجرح، ويبحثون عمَّن يساندهم بعد رحيل أبيهم.
وتابعا بأن أخاهما يتقاضى راتبًا لا يتخطى 4 آلاف ريال، وعليه دَين لأحد البنوك التجارية بقسط شهري قيمته ألفا ريال، وما يتبقى لزوجته وأبنائه السبعة نحو 2000 ريال، كما أن عليه ديونًا أخرى من التزامات الحياة، وليس لديه سكن سوى منزلهم الحالي المخصص للحارس. وتابعا: ومن هنا نوجِّه مناشدة لمستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل، والمدير العام لتعليم منطقة مكة المكرمة محمد بن مهدي الحارثي، ولأهل الخير؛ لنظر إلى عائلة "هليل" متأملين من الله أولاً ثم من إدارة التعليم ألا تسعى في إخراجهم من منزلهم بسبب وفاة أبيهم حارس المدرسة حتى يتوافر لهم سكن؛ إذ إن زوجته حارسة مدرسة، وتريد البقاء في المدرسة حفاظًا على رزقها إلى أن يبعث الله ما يشاء.
وذكر شقيقه صالح أن المتوفى من ذوي الدخل المحدود، وآخر موقف له مع زوجته عندما أحست أن زوجها لا يملك مالاً؛ فقدمت له 50 ريالاً؛ لكي يشتري طعامًا، ولم يملك غيرها.
"سبق" التقت جيران العم "هليل"، وسألتهم عنه، فكانت الإجابات من الجميع بوصفه بأنه من حمام المسجد، ومن المحافظين على الصلوات، خاصة صلاة الفجر، ولم يلاحظوا على المتوفى أي سلوك مريب، وكان مبتسمًا دائمًا، ومحبًّا للخير.
واستطرد المواطن "خالد"، أحد الجيران، والدموع تسابق حروف قصته مع الحارس المتوفى، بأن "آخر موقف معه قبل فترة قصيرة؛ إذ شاهدني وأنا ذاهب لصلاة الفجر، وكنت أعاني إعاقة دائمة بأحد أقدامي، وكان المسجد في الدور الثاني، وبه سُلَّم؛ فأمسك بي، وجعل جسمه سندًا لي حتى أصعد درجة درجة حتى أصل إلى المسجد، وكذلك عند الخروج منه، وكان في كل مرة يشاهدني يفعل ذلك".
ومن جانبها، قالت زوجة المتوفى إن رحيل زوجها صباح أمس كان كالصاعقة.. "خوفنا من المجهول أطل على أبنائي؛ إذ قد تفرض القوانين واللوائح علينا تسليم السكن لمن يأتي بعده". وأضافت بأن مساحات من الحزن تستشعرها، ولا تعلم إلى أين الرحيل، وهل سيجدون أربعة جدران تضمهم وتعينهم على إكمال مشوار الحياة في غياب رب الأسرة؟
وأضافت زوجة الحارس: الآن أعمل حارسة في المدرسة منذ خمس سنوات، ولا أريد أن تنقطع بي الأسباب بعد رحيل زوجي، وأناشد مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل، والمدير العام لتعليم منطقة مكة المكرمة، الموافقة على بقائي حارسة للمدرسة؛ فهو مصدر رزقي الوحيد من الله، وأن يُكلَّف حارس بدلاً من زوجي، ولا يُشترط لذلك سكن في المدرسة؛ فأنا امرأة مكلومة، وأسأل الله أن يجعل ما يقومون به خيرًا، ويجعله في ميزان حسناتهم.