الصدام "يلين" لصالح البرلمان.. "المالية" تخضع لمجلس النواب في موقعة "المناطق الحرة" بـ5 شروط

تقارير وحوارات

وزير المالية والبرلمان
وزير المالية والبرلمان

داخل إحدى قاعات مجلس النواب، كان الخلاف محتدمًا بين وزير المالية الدكتور عمرو الجارحي، وأعضاء اللجنة الاقتصادية بالبرلمان، حول بعض مواد مشروع قانون الاستثمار، أبرز الخلافات كانت تتمثل في اعتراض "المالية" على عودة المناطق الحرة الخاصة، انتهت الجلسة بخروج وزير المالية غاضبًا، ليعقد جلسة مغلقة بعدها مع رئيس الوزراء شريف إسماعيل، خففت من حدة غضبه نسبيًا.

لم تنصت اللجنة الاقتصادية بالبرلمان لوزير المالية بشأن اعتراضه على المناطق الحرة الخاصة، وتجاهلته بالتصويت على السماح بإنشاء المناطق الحرة الخاصة الجديدة وتمت الموافقة على ذلك بـ7 أصوات مقابل 6 أصوات رافضة، لكن وزير المالية قدم أمام البرلمان أسباب اعتراضه على تلك المناطق، وألقى بالكرة في ملعب مجلس النواب، في انتظار الكلمة النهائية.

خبير اقتصادي: المناطق الحرة الخاصة ملاذ للتهرب الضريبي.. وحرمت الدولة من مليارات الجنيهات

الخبير الاقتصادي خالد الشافعي، تضامن مع وزير المالية بشأن اعتراضه على عودة المناطق الحرة الخاصة، معتبرًا أن رفض البرلمان لإلغاء المناطق الحرة الخاصة لا ينم عن دراسة أعضاء اللجنة الاقتصادية فى مجلس النواب أداء المناطق الحرة الخاصة خلال السنوات الماضية.

"الشافعي" أضاف في تصريحات صحفية، أنه إذا شكل البرلمان لجنة رقابية تراجع حسابات المناطق الحرة الخاصة وأدائها، وكميات البضائع التي دخلت وخرجت منها خلال السنوات الماضية، وهو الأمر الذي سيكشف فسادًا بالمليارات.
 
وكشف الخبير الاقتصادي، أن "هذه المناطق الحرة الخاصة منفذًا للتهريب، ولم تجنِ الدولة منها أي عائد، حتى أن حجم صادراتها - وهو الهدف الذي تم إنشاؤها من أجله - كانت أقل من المتوسط، ولا نعرف لماذا يصر البرلمان على الإبقاء على تلك المناطق"، مؤكدًا أن موقف وزارة المالية من إلغاء تلك المناطق جيد جدا، لأنها تقدر حجم الاهدار الكبير من خلال تلك المناطق جراء التهرب الضريبي.
 
وأوضح الخبير الاقتصادي، أن عدم وجود رقابة على تلك المناطق خلال السنوات الماضية جعل الدولة تخسر مليارات الجنيهات جراء عمليات تهريب بعض المواد الخام إلى داخل السوق المصري لغير الغرض التي دخلت من أجله البلاد، كما أن ذلك حرم الدولة من عوائد جمركية كبيرة.
 
وتابع: "إن المناطق الحرة الخاصة ملاذًا للتهرب الضريبي، وأُبعدت عن الدور المنوطة به، وهو زيادة حجم الصادرات للخارج"، لافتًا إلى أن تزايد عدد الشركات العاملة فى تلك المناطق لأكثر من 1200 شركة وفق التقديرات، يحرم الدولة من مبالغ طائلة، ولا بد أن ينظر البرلمان لهذه الأرقام بنظرة تحليلية معتمدة على الأرقام والحسابات.

العائد من مشروعات المناطق الحرة يذهب لخارج البلاد.. أبرز مبررات "المالية" للرفض

وزارة المالية أصدرت تقريرًا أعدته لتوضيح ما تحققه المناطق الحرة الخاصة من خسائر للاقتصاد الوطني، وفقدانها الهدف الأساسي من إنشائها ومنحها المزايا والحوافز الضريبية والجمركية.

التقرير  أفاد بأن مايقرب من 80% من تمويل المشروعات المقامة بالمناطق الحرة، يأتي من السوق المحلية ما يتعارض مع الهدف الأساسي من إنشائها، وهو ضخ رؤوس أموال أجنبية، وبالتالى فالعائد من هذه المشروعات يذهب لخارج البلاد أكثر من استفادة مصر به، مما يؤدي إلى نتائج معكوسة على الاقتصاد الوطني.

وقال التقرير إن نسبة المساهمة برؤوس أموال أجنبية لا تتخطى الـ 19% فى القطاع الصناعى، و20% في القطاع الخدمي، و23% في النشاط التخزيني، وتصل رؤوس الأموال من مليون إلى 3 مليار دولار في القطاع الصناعي، منها 636 مليون دولار برؤوس أموال أجنبية، و1.7 مليار دولار في القطاع الخدمي، منها 360 مليون دولار أموال أجنبية، موضحًا أن قيمة صادرات تلك الشركات الصناعية بلغت 2.5 مليار دولار، منها 1.5 مليار دولار صادرات لخارج البلاد، و1.4 مليار دولار فى القطاع الخدمى، منها 15 مليون دولار لخارج البلاد.

وتبلغ قيمة واردات المناطق الحرة السلعية الصناعية 2.1 مليار دولار، ما يعني أن قيمة وارداتها السلعية تتفوق على صادراتها السلعية الصناعية لخارج البلاد، وبحسب التقرير، بلغت مبيعات المناطق الحرة الخاصة إلى السوق الخارجية خلال العام الماضي، 69% من جملة مبيعاتها فى المجال الصناعى، ومن الخدمات 44% ما يدل على أن المبيعات للسوق المحلية مازالت تمثل نسبة كبيرة من مبيعات تلك المناطق، مما يؤدي إلى وجود منافسة غير عادلة بين المنتجين المحليين الذين يتحملون المزيد من الأعباء الضريبية والجمركية والإجراءات الروتينية لتسيير أعمالهم.

وتفوقت قيمة واردات تلك المناطق بنسبة 40% تقريبًا عن الصادرات، ما يعني أن الهدف والجدوى الاقتصادية المرجوة من إنشائها تتلاشى تماماً لأن الهدف زيادة الصادرات لتوفير عملة أجنبية.

وقارن التقرير بين تلك المناطق والمناطق الحرة الناجحة فى دول العالم، وجاء فيه أن صاردات المناطق الحرة الخاصة في دول العالم تكاد تصل إلى 90% من إيراداتها، كما أنها تخلق فرص تصل إلى 25 % من فرص العمل بالسوق، وهو ما لم تحققه المناطق الحرة المصرية.

"المالية" لـ"النواب": نقبل الإبقاء على المناطق الحرة الخاصة بشروط

لم يتوقف تقرير وزارة المالية على أسباب الرفض، بل قدم مقترحًا للبرلمان بقبول الإبقاء على المناطق الحرة الخاصة القديمة بشروط، أبرزها تعديل نسبة الرسوم المحصلة منها، بحيث تزيد النسبة على المبيعات داخل البلاد عن النسبة على المبيعات الموجهة للتصدير، ويتم توزيع تلك الرسوم بين وزارتي المالية والاستثمار بنسبة يتم الاتفاق عليها.

وزارة المالية اقترحت كذلك، أن يتم تعديل الرسم المفروض على الشركات الصناعية بالنسبة لصارداتها إلى الخارج ليصبح 1% من الإيرادات بدلًا عن 1% من القيمة المضافة فى الوضع الحالى، وتعديل رسم شركات الخدمات والشركات الصناعية من صارداتها إلى داخل البلاد لتصبح 2% من الإيرادات.

كما اقترحت إلزام الشركات المقامة في المناطق الحرة بتقديم ميزانيات سنوية معتمدة لوحدة المناطق الحرة بوزارة المالية، مع إعادة النظر في الرسوم المقررة خلال 3 سنوات، وفي ضوء تحقيق الأهداف المرجوة من هذه المناطق مع اقتراح أن يشترط لاستمرار تراخيص هذه المناطق ألا يقل حجم صادراتها عن 75% من جملة إيراداتها.