بعد اكتشافات شرق البحر المتوسط.. مصر مركز إقليمي للطاقة قريبًا

الاقتصاد

بنك بى إن بى باريبا
بنك "بى إن بى باريبا"

قال بنك بى إن بى باريبا، إن مصر تضع رؤية لتصبح مركزاً إقليمياً للطاقة، بعد اكتشاف احتياطيات كبيرة من الغاز البحرى فى شرق البحر الأبيض المتوسط. 

وقال يوسف بشاى وباسكال ديفو، المصرفيان بالبنك، إن رؤية مصر حاسمة فى ظل استمرار قطاع الطاقة المحرك الرئيسى لميزان المدفوعات.

وأضافا أن التطورات الأخيرة تشير إلى أن مصر لديها قدرة واضحة على أن تصبح مركزاً للتجارة والتصدير، ولا سيما بالنسبة للغاز الطبيعي.

وقال التقرير، إن تحول البلاد إلى مركز إقليمى للطاقة يعتمد على قدرة البلد على التخفيف من المخاطر الجيوسياسية والمالية والتنظيمية، فضلاً عن تنويع مصادر الطاقة للحد من الاعتماد على الغاز والحفاظ على الصادرات المتوقعة.

وذكر أن محاولة مصر تستند إلى ثلاث ركائز وهى: الموقع الاستراتيجى على الطرق التجارية الرئيسية، والقرب من البلدان الغنية بالموارد والبنية التحتية التصديرية المتقدمة، والتى تعد الركيزة الأساسية لاستراتيجية المركز الإقليمى.

وأضاف أن مصر من بين أكبر 16 بلداً تمتلك احتياطيات للغاز على الصعيد العالمى وثانى أكبر منتج للغاز فى أفريقيا، بجانب النظر إليها على أنها منطقة هيدروكربونية ذات مستوى عالمى، وتمثل أربع آبار مكتشفة فى البحر المتوسط نسبة 65% من إجمالى احتياطى الغاز فى البلاد.

وقال المصرفيان فى بى إن بى باريبا، إن هناك ثلاثة قيود لتطوير مركز الغاز المصري، متمثلة فى صعوبة تكامل الغاز فى الشرق الأوسط والحساسية الجيوسياسية بين مصر وإسرائيل من ناحية وقبرص وتركيا من ناحية أخرى، ومحدودية القدرة المالية على الاستثمار فى استراتيجية مركزية إقليمية، حيث إن تعزيز إنتاج الغاز المصرى وإدماج الغاز القبرصى الإسرائيلى فى البنية التحتية للغاز الطبيعى المسال يتطلبان استثمارات عامة كبيرة، والعقبة الثالثة أمام التكامل الإقليمى للطاقة هى عدم اليقين التنظيمى فى البلدان المضيفة.

وأعطى التقرير بعض الأمثلة للبلدان التى لديها اكتشافات غازية مماثلة لمصر فى منطقة الشرق الأوسط، لمقارنة قدرتها بالتنافس مع مصر.

وقال إن إسرائيل أصبحت غنية بالغاز نتيجة اكتشافات حقلى "تمار" و"ليفياثان" فى عامى 2009 و2010، حيث إن احتياطى حقل تمار 10 تريليونان قدم مكعبة، وليفياثان 22 تريليون قدم مكعبة، ما يعادل احتياطى حقل "ظهر"، والذى سيتم تسويق إنتاجه بحلول عام 2020.

وأضاف أن الحقلين الإسرائيليين معاً يمكنهما إنتاج 2.5 مليار قدم مكعبة يومياً، ووقعت شركة مسئولة عن تطوير ليفياثان عقداً مع شركة الكهرباء الوطنية الأردنية لتوريد 45 مليار متر مكعب من الغاز على مدى 15 عاماً، يعنى استكمال المرحلة الأولى من المشروع.

وذكر "بى إن بى باريبا"، أنه فى "قبرص" تم اكتشاف حقل أفروديت باحتياطيات تصل 4.5 تريليون قدم مكعبة فى عام 2011، ولكن لم يتم بعد إدخال مفهوم التنمية، ومع ذلك، لا يوجد جدول زمنى واضح للمشروع، وقد تؤدى الخصائص السياسية لقبرص إلى إبطاء تطور المشروع.

وأوضح أن هناك إمكانات أخرى لاستكشاف "ذيل" فى قبرص والتى سيتم حفره فى المياه القبرصية فى منتصف عام 2017، والذى يطل على بعد بضعة كيلومترات شمال غرب تشكيل حقل «ظهر» المصري.

وذكر أن لدى لبنان احتياطيات غازية فى الخارج، ولكن تطورها لا يزال فى مرحلة مبكرة، ويعتمد على العملية السياسية المحلية، مشيراً إلى أن هناك إمكانات عالية للاكتشافات الجديدة فى مصر وإسرائيل ولبنان وقبرص، الأمر الذى لا يخلق فرصة تكامل فحسب، بل يمتد أيضاً إلى خطط التنمية تحسباً لموقع وحجم الغاز القادم.
وذكر «بى إن بى باريبا»، أن قطاع الاستكشاف والإنتاج فى مصر يمثل عنصراً مهماً بالنسبة لميزان المدفوعات، وأنه يسهم بثلثى الاستثمارات الأجنبية المباشرة الوافدة من أربع شركات نفطية على الأقل من بين أكبر 10 مستثمرين أجانب فى مصر.

وأوضح البنك، أن قطاع الطاقة المصري، يعتبر أكبر مصدر لضرائب الشركات، ما يعزز الاستقرار المالى.
وقال التقرير، إن مصر فى العام المالى 2015- 2016، أصبحت مستورداً صافياً للغاز بعجز خارجى بلغ 3.6 مليار دولار، مقارنة بفائض قدره 5.1 مليار دولار أمريكى فى السنة المالية 2008- 2009.

وأضاف أن العجز فى الحساب الجارى المصرى خلال السنوات الماضية كان مدفوعاً إلى حد كبير بتراجع الصادرات الهيدروكربونية أكثر من الانخفاض فى السياحة، كما تأثر النشاط الاقتصادى الحقيقى وعانت الأسر والصناعات كثيفة الاستخدام للطاقة من نقص الوقود والطاقة فى بعض الأحيان.

وأوضح أن الحكومة اتخذت سلسلة من تدابير السياسة العامة لإعادة التوازن فى قطاع الطاقة، وعلى المدى القصير، قامت بتأمين اتفاقيات توريد الوقود بشروط ميسرة مع دول مجلس التعاون الخليجي، والاتفاق على استيراد نحو 25% من احتياجات البلاد من الغاز الطبيعى المسال.

وقال «بى إن بى باريبا»، إن مصر تقوم حالياً بتجديد معظم إنتاجها من الغاز، فى ظل اكتشافات جديدة، ومن المرجح أن تحقق الاكتفاء الذاتى بحلول عام 2019.

وأضاف أن اكتشاف حقل «ظُهر» من قبل شركة إينى الإيطالية فى أغسطس 2015، كان بمثابة نقطة التحول بالنسبة لمصر، باحتياطيات تصل 22 تريليون قدم مكعبة.

وذكر التقرير، أن مصر تواجه تحديات فى إدارة إمدادات الغاز، وتعانى من انخفاض إنتاج حقول الغاز القديمة بنحو 12% فى المتوسط سنوياً، وهو ما يستدعى الاستعاضة عن الإنتاج البحرى المتدنى بالمزيد من الاستثمارات الاستكشافية من أجل استدامة إنتاج الصحراء الغربية، والذى من المتوقع أن يبدأ فى الانخفاض بشكل طبيعى خلال فترة تتراوح بين عامين و3 أعوام.

وقال إن على مصر تنويع مزيج الطاقة بعيداً عن الوقود الأحفوري، حيث شكلت الهيدروكربونات أكثر من 95% من استهلاك الطاقة الأولية فى عام 2015.

وأضاف أنه على الرغم من أن مصر أطلقت استراتيجية طموحة للطاقة المتجددة تهدف إلى زيادة مساهمة موارد الطاقة الشمسية والرياح بنسبة 20% من إنتاج الطاقة بحلول عام 2022، فإن التقدم كان بطيئاً نوعاً ما واقتصر على المشاريع العامة بدلاً من منتجى الطاقة المستقلين، ولم تشكل مصادر الطاقة المتجددة سوى 0.5% من مزيج توليد الطاقة وسيستغرق تقليل الاعتماد على الغاز لتوليد الطاقة وقتاً طويلاً.