مى سمير تكتب: الوصايا العشر من الكونجرس لـ"ترامب" لتحسين العلاقات مع مصر
تجاهل تحريض خبراء إدارة أوباما ضد القاهرة
■ يجب على الإدارة الأمريكية تقديم مساعدات مشروطة بشكل أكبر لمصر
شغل خبر شهادة فريق من الخبراء فى العلاقات بين مصر والولايات المتحدة، أمام الكونجرس، لإعادة النظر فى حزمة المساعدات السنوية إلى القاهرة والبالغة 1.5 مليار دولار، مساحة واسعة من الاهتمام الإعلامى، رغم أن هذه التوصيات غير ملزمة، وتأتى من مصادر يمكن وصفها بـ«المتحيزة»، رغم أن مجلس الشيوخ الذى استمع لهذه الشهادات أوصى فى تقرير بضرورة تحسين العلاقات مع مصر ودعمها فى مكافحة الإرهاب، وإصلاح الاقتصاد.
وقال الخبراء فى جلسة استماع أخيرة أمام لجنة الاعتمادات بمجلس الشيوخ، إن مصر، تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى، دولة يديرها الجيش، دون احترام لحقوق الإنسان، ولكن فى المقابل تقدم عدد من أعضاء الكونجرس بمشروع قرار من الحزبين الجمهورى والديمقراطى، يؤكد مجدداً التزام واشنطن بالشراكة الأمريكية- المصرية، وبين توصيات الخبراء ومشروع القرار، فروق كبيرة.
1- الخبراء يعملون فى مراكز أبحاث مدعومة من قطر
توصيات لجنة الخبراء فى العلاقات المصرية- الأمريكية، أمام لجنة الاعتمادات، كانت تضم شهادة ميشيل دان، مديرة برنامج الشرق الأوسط بمؤسسة كارنيجى للسلام الدولى، ومن المعروف أن مؤسسة كارنيجى مشهورة بانحيازها ضد مصر واقترابها من التنظيم الدولى لجماعة الإخوان وكانت جريدة نيويورك تايمز قد نشرت تقريراً عن تلقى هذه المؤسسة تمويلات من قطر تؤثر على موضوعية الأبحاث والدراسات التى تنشرها.
وقالت دان "إن مصر تواجه تهديداً خطيراً من الإرهاب لكن انتهاكات حقوق الإنسان والقمع السياسى الذى تمارسه الحكومة منذ عام 2013، لم يسبق له مثيل والولايات المتحدة، فى هذه المرحلة، ليس لديها طريقة لضمان أن مساعدتها لا تجعل المشكلة أسوأ بدلاً من المساعدة فى تحسينها"، مشيدةً بتردد الرئيس دونالد ترامب الواضح فى إعطاء القاهرة ما تريده».
أما توم مالينوسكى، مساعد وزير الخارجية لشئون حقوق الإنسان فى إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، فأشار فى شهادته إلى وجود قمع مستمر فى مصر.
يذكر أن إدارة أوباما كانت تتخذ مواقف منحازة إلى جماعة الإخوان، وارتبطت الأخيرة بعلاقات وطيدة بإدارة الرئيس الأمريكى السابق.
وقال مالينوفسكى: «على مدى العامين أو الثلاث سنوات الماضية لم تكن أولوية الجيش المصرى والسيسى مكافحة الإرهاب أو تحسين الحكم وإنما التأكد من أن ثورة 25 يناير لا يمكن أن تحدث مرة أخرى، وأن سلطة الجيش على السياسة والاقتصاد فى البلاد ليست موضع انتقاد».
وقال مالينوفسكى، إنه تم التركيز على مضايقة المعارضين والمحتجين والمنظمات غير الحكومية، رغم أن الأخيرة تندد بالإرهابيين والمتطرفين، منتقداً مصر بسبب التضييق على المنظمات التى تمولها الولايات المتحدة، وحث ترامب على تبنى سياسة "أمريكية أولاً" لحقوق الإنسان، حيث تدعو هذه السياسة إلى الإفراج عن السجناء السياسيين المصريين الأمريكيين، على غرار ما حدث مع المصرية الأمريكية، آية حجازى، مديرة مؤسسة بلادى، لتأهيل أطفال الشوارع.
وحث إليوت أبرامز، وهو زميل بارز فى دراسات الشرق الأوسط فى مجلس العلاقات الخارجية، الكونجرس على ربط 25 % من حزمة المساعدة العسكرية السنوية البالغة 1.3 مليار دولار، بالتقدم فى مجال حقوق الإنسان، حيث يربط القانون الحالى 15% من المساعدات بهذه القضية.
وقال إبرامز، إن العديد من الصفقات الكبيرة التى تشتريها مصر بمساعدة أمريكية، مثل الطائرات المقاتلة، لا طائل منها لمقاومة التهديدات الإرهابية مثل تنظيم داعش، متهماً القاهرة بخلق مزيد من الإرهابيين بسبب طريق مكافحتها للإرهاب فى سيناء، موضحاً أنه: «إذا أخذت 60 ألف سجين، وأشخاصًا لم يرتكبوا أعمال عنف، وتم ضربهم، وسجنهم سنوات مع الإرهابيين الحقيقيين، فالناتج سيكون مزيداً من الإرهابيين» مشيراً إلى أن مصر فقدت النفوذ الإقليمى الذى كانت عليه عندما حثتها الولايات المتحدة على تحقيق السلام مع إسرائيل فى أواخر السبعينيات، وحث هؤلاء الخبراء الكونجرس على الاستمرار فى استخدام خطة إدارة أوباما، لإنهاء المساعدات المالية لمصر.
من جانبه قال السيناتور ليندسى جراهام، رئيس لجنة الاعتمادات فى مجلس الشيوخ فى نهاية الجلسة: «نحن بحاجة إلى إعادة تشكيل العلاقة بطريقة مستدامة، وما أراه مثيراً للإحباط، وبالنسبة لدافعى الضرائب لدينا، أعتقد أننا ملزمون بإنفاقه بحكمة، بما يتفق مع قيمنا».
كانت إدارة ترامب قد اقترحت استبدال منح المساعدات العسكرية بقروض لجميع الدول باستثناء إسرائيل، وتسعى وزارة الخارجية إلى خفض المساعدات الاقتصادية لمصر بنسبة 42٪، من 143 مليون دولار إلى 75 مليون دولار، وفقاً لما ورد فى وثائق الموازنة التى حصلت عليها مجلة فورين بوليسى.
2- قرار من النواب الجمهوريين والديمقراطيين لدعم الشراكة المصرية- الأمريكية
قبل تقديم هذه الشهادة، كان هناك مشروع قرار أمام الكونجرس، يتحدث أيضاً عن أهمية تحسين مصر سجل حقوق الإنسان ولكنه فى الوقت نفسه يؤكد أهمية الشراكة المصرية- الأمريكية ويدعو لمزيد من الدعم والتعزيز لها.
فى نهاية الشهر الماضى أعلن عضو مجلس الشيوخ الأمريكى بن كاردين، عضو لجنة الشيوخ للعلاقات الخارجية، عن تقديمه قراراً من الحزبين الجمهورى والديمقراطى، يؤكد مجدداً التزام الولايات المتحدة بالشراكة الأمريكية- المصرية، وانضم إليه أعضاء المجلس ماركو روبيو، تيم كاين، تود يونج، وبوب مينينديز، ويشير القرار إلى التاريخ الطويل والعلاقات الدائمة بين واشنطن والقاهرة ويقدم الدعم للجهود المصرية لمواجهة التهديدات المشروعة وتحقيق الاستقرار فى الاقتصاد، ويدعو قادة مصر لاتخاذ خطوات نحو إصلاحات سياسية وحقوقية ذات مغزى.
وبحسب موقع الكونجرس، يشير هذا القرار إلى الأمل بأن تفتح زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى لواشنطن، فصلاً جديداً من الشراكة مع مصر، حيث يجب على الولايات المتحدة أن تدعم مصر لأنها تعالج التهديدات الأمنية والنمو الاقتصادى، وقال السيناتور كاردين: إن الإصلاح الحقيقى وفتح المجال أمام المعارضة السياسية السلمية ونشاط المجتمع المدنى هو جزء لا يتجزأ من استقرار مصر وأمنها.
وقال السيناتور روبيو إن "مصر تلعب دوراً حاسماً فى الشرق الأوسط، وهى شريك حيوى لمكافحة الإرهاب"، كما أن "الشراكة الأمريكية- المصرية مبنية على عقود من التعاون للنهوض بمصالحنا المشتركة"، مشيراً إلى ثقته فى إمكانية مواصلة العمل بين البلدين لتحقيق الأمن والازدهار والحريات التى يستحقها شعب مصر والمنطقة، وأن حماية حقوق الإنسان وسيادة القانون أمر بالغ الأهمية لاستقرار مصر وأساسى للقوة الدائمة والعلاقات الأمريكية- المصرية.
من جانبه قال سيناتور كاين، إنه من المهم أن تقدم مصر الإصلاحات السياسية والاقتصادية المهمة اللازمة لتدعيم دورها الأمنى وقيمتها التاريخية فى الشرق الأوسط، فيما قال السيناتور يونج: إن وجود علاقة قوية بين الولايات المتحدة ومصر أمر حيوى لتحقيق الاستقرار فى المنطقة، وأنه يجب على واشنطن السعى لتعميق هذه العلاقات بشكل أكبر، مع العمل مع شركائنا المصريين من أجل حماية حقوق الإنسان بشكل أفضل.
وقال السيناتور مينينديز إن «مصر تلعب دوراً حاسماً فى الشرق الأوسط وتعتبر شريكاً مهماً للولايات المتحدة فى تعزيز مصالحنا الأمنية الوطنية المشتركة، وبينما نتطلع إلى مستقبل علاقتنا، من المهم أن تعزز واشنطن قيم حقوق الإنسان والديمقراطية، التى تسهم فى نهاية المطاف فى بناء مجتمعات أكثر استقراراً ومرونة»، داعياً مصر لإجراء «إصلاحات تضمن حرية التعبير والدين والمساواة فى الحقوق والفرص لجميع مواطنيها ووقف قمع الصحافة والمجتمع المدنى وإطلاق سراح السجناء السياسيين بمن فيهم المواطنون الأمريكيون».
3- القرار يسجل جميع الانتقادات لكنه يرى ضرورة تقوية العلاقات مع القاهرة
وفيما يلى نص القرار والذى حمل عنوان "قرار يؤكد مجددا التزام الولايات المتحدة بالشراكة الأمريكية- المصرية"، منذ ما يقرب من أربعة عقود من التعاون الوثيق، بنيت الشراكة الأمريكية- المصرية على الأهداف المشتركة والمصالح فى ظل دعم دائم من الحزبين فى الكونجرس.
فى حين تلعب مصر حكومة وشعباً دورا حاسما فى السياسة العالمية والإقليمية، وفى حين أن الشراكة الأمريكية - المصرية حيوية للسلام والاستقرار والازدهار فى الشرق الأوسط، فى حين أن مصر كانت مركزا فكريا وثقافيا فى العالم العربى، ولا تزال دولة مهمة على أساس جغرافيتها وديموغرافيتها وموقفها الدبلوماسى، فى حين أن مصر لا تزال واحدة من أكبر المستفيدين من المساعدات الخارجية الأمريكية فى جميع أنحاء العالم، حيث تلقت 77 مليار دولار من المساعدات الخارجية الثنائية، بما فى ذلك 1.3 مليار دولار سنوياً فى المساعدات العسكرية، وفى حين أن معاهدة السلام فى مصر عام 1979 مع إسرائيل لا تزال واحدة من أهم الإنجازات الدبلوماسية لتعزيز السلام العربى- الإسرائيلى، فبينما تعاونت كل من مصر وإسرائيل والولايات المتحدة منذ ما يقرب من أربعين عاما فى مكافحة الإرهاب ومنع التهريب غير المشروع وتعزيز الاستقرار الإقليمي.
فى حين رحبت الولايات المتحدة بمشاركة مصر فى التحالف العالمى لمكافحة داعش. فى حين عقدت مصر والولايات المتحدة حواراً استراتيجيا فى 2 أغسطس 2015، فى القاهرة على أساس الالتزام المشترك لتعميق العلاقة الثنائية، فى حين أن مصر يمكن أن تلعب دوراً مهماً فى تسهيل التسويات التفاوضية لإنهاء الصراعات فى ليبيا وسوريا واليمن، وكذلك إعادة بدء عملية السلام فى الشرق الأوسط وهزيمة داعش.
فى حين أن الشعب المصرى لا يزال ضحية للهجمات الإرهابية الشنيعة، بما فى ذلك تفجير داعش فى ديسمبر 2016 لكاتدرائية القديس مرقس القبطية الأرثوذكسية، ما أسفر عن مقتل 28 شخصا من بينهم نساء وأطفال.
وفى حين توصلت حكومة مصر إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولى فى نوفمبر 2016 لاتخاذ خطوات مهمة نحو تحقيق الاستقرار الاقتصادى، مثل تحرير نظام النقد الأجنبى وخفض الدعم المكلف للوقود، فى حين قال الرئيس السيسى فى مقابلة تليفزيونية فى 16 سبتمبر 2016 إنه ملتزم جدا بالحفاظ على حقوق الإنسان فى مصر وأن مصر لن تعود إلى الطغيان.
وفى حين أن الرئيس السيسى أصدر فى مارس 2017 عفوا عن 203 سجناء تم سجن العديد منهم بسبب مشاركتهم فى الاحتجاج، وفى حين أن إقرار البرلمان المصرى للتشريعات التى تقيد عمل المنظمات غير الحكومية يقوض التزام مصر المعلن بحماية الحقوق المكفولة دستوريا وتعزيز التحول الديمقراطى فى مصر، وفى حين أن وسائل الإعلام تتعرض للمضايقة بانتظام من قبل السلطات، ومصر هى ثالث أعلى الدول التى بها صحفيون سجناء فى العالم فى عام 2016، وفقاً للجنة حماية الصحفيين.
فى حين أن احترام الديمقراطية والحكم الشامل وحقوق الإنسان والحريات المدنية كانت من الدعائم الأساسية للسياسة الخارجية الأمريكية منذ السبعينيات على الأقل. فى حين أن مصر تضمن أمنها وازدهارها الاقتصادى والانتقال إلى الديمقراطية من خلال حماية الحقوق المكفولة دستورياً لجميع المصريين فى حين أن آخر زيارة رسمية قام بها رئيس دولة مصرية إلى الولايات المتحدة فى أغسطس 2009.
4- توصيات "الشيوخ" الأمريكى
فى ضوء كل ما سبق قرر مجلس الشيوخ، أنه يرحب بالرئيس عبد الفتاح السيسى فى الولايات المتحدة، ويعرب عن أمله فى أن تفتح زيارته صفحة جديدة فى العلاقات الأمريكية- المصرية، حيث يتعهد الجانبان بالعمل من أجل تعاون أكبر يقوم على المصالح والقيم المشتركة، ويعترف المجلس بالأهمية المركزية والتاريخية للشراكة الأمريكية- المصرية فى النهوض بالمصالح المشتركة لكلا البلدين، ويأمل أن يبرز الرئيس السيسى فى التصريحات العلنية قيمة هذه العلاقات، وأن يسلم بأن مصر تواجه تهديدات أمنية مشروعة، ويعرب المجلس عن تعازيه للخسائر فى الأرواح التى يعانى منها الشعب المصرى فى هجمات المنظمات المتطرفة العنيفة، وأنه يقف مع الشعب المصرى فى مواجهة التطرف العنيف والتهديدات على الحدود البرية والبحرية، كما يعرب عن تقديره لدور مصر الإقليمى كشريك للسلام.
يسلم المجلس بضرورة قيام قادة مصر باتخاذ خطوات نحو إصلاح سياسى حقيقى يعطى الأولوية لحقوق الإنسان والحريات الأساسية وسيادة القانون، ويطالب بالإفراج الفورى عن المواطنين الأمريكيين المسجونين ظلماً، كما يطالب بوضع حد فورى للمضايقة والتدخل فى عمليات منظمات المجتمع المدنى ووسائل الإعلام المستقلة فى مصر، بما فى ذلك إغلاق القضية رقم 173 وتنقيح قانون المنظمات غير الحكومية فى مصر وفقا لأفضل الممارسات الدولية.
ويشجع المجلس الولايات المتحدة ومصر على زيادة التعاون فى مجالات، مكافحة الإرهاب على نحو يتسق مع القانون الدولى لحقوق الإنسان، وتعزيز مبادئ الحكم الصالح، وضمان احترام الحقوق العالمية للشعب المصرى، مؤكداً مجدداً التزام الولايات المتحدة بدعم الحكومة المصرية بالمساعدة والتدريب والموارد الأخرى فى مكافحتها للإرهاب، بما يعالج الأمن فى سيناء، ويعزز أمن الحدود والأمن البحرى فى مصر، مع الاعتراف بالحاجة إلى مراقبة الأمن والمساعدة فى ضمان المساءلة والإجراءات القانونية الواجبة.
يوضح المجلس أن أى إعادة هيكلة مقترحة للمساعدة الأمريكية لمصر، التى تخضع لموافقة الكونجرس، ستأخذ بعين الاعتبار التقدم المحرز فى الإصلاح السياسى الهادف، وحقوق الإنسان، والحريات الأساسية، ويحث المجلس رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ووزير الخارجية على إشراك مصر فى سبل جديدة للنهوض بالعلاقات الثنائية اقتصادياً وعسكرياً ودبلوماسياً ومن خلال التبادلات الثقافية مع ضمان احترام الحقوق العالمية للشعب المصرى.
ويهنئ المجلس مصر على مشاركتها مع صندوق النقد الدولى وخطواتها الصعبة ولكنها ضرورية لتحقيق الاستقرار فى الاقتصاد، مؤكداً دعم جهود الإصلاح الاقتصادى فى مصر، داعياً واشنطن لوضع استراتيجية جديدة للجهود المشتركة فى تعزيز التجارة والاستثمار بين مصر والولايات المتحدة فى القطاع الخاص المصرى، ومكافحة الفساد وتعزيز التعليم العالى.