بعد تصديق السيسي على قانون الهيئات القضائية.. نرصد تفاصيل صراع الأربعة أشهر بين البرلمان والقضاة

تقارير وحوارات

عبد الفتاح السيسي-
عبد الفتاح السيسي- رئيس الجمهورية


بعد أربعة شهور من الصراع بين السلطتين التشريعية والقضائية، حسم الرئيس عبد الفتاح السيسي، الأمر لصالح مجلس النواب، بالموافقة على قانون "السلطة القضائية" محل الصراع، الأمر الذي أشاط غضب القضاة الذي لوّح البعض منهم بتدويل القضية، مهددين بالامتناع عن تغطية الانتخابات البرلمانية.

من جانبها قامت "الفجر" برصد قصة صراع  السلطتين "التشريعية والقضائية" من بدايتها وحتى الآن.

بداية الصراع

الحكاية بدأت حينما قدم النائب أحمد حلمي الشريف، وكيل لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب ورئيس الهيئة البرلمانية لحزب المؤتمر، مشروعا لقانون السلطة القضائية في 23 ديسمبر عام 2016، تضمن تعديل لقوانين السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972، وقانون هيئة النيابة الإدارية رقم 117 لسنة 1958، وقانون هيئة قضايا الدولة رقم 75 لسنة 1963 وقانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972، والخاص بكيفية تعيين رؤساء الهيئات القضائية، قبل أن يحيله رئيس مجلس النواب الدكتور علي عبدالعال، بعدها بثلاثة أيام، إلى كل الهيئات القضائية لأخذ الرأي فيه.

وتقضى التعديلات بأن يعين رؤساء الهيئات القضائية، فى القضاء العادى والنيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة ومجلس الدولة، بقرار من رئيس الجمهورية ويتم اختيار رئيس كل هيئة قضائية من بين 3 من نوابه، يرشحهم المجلس الأعلى للهيئة من بين أقدم 7 نواب لرئيس الهيئة، وذلك لمدة 4 سنوات أو المدة الباقية، حتى بلوغه سن التقاعد أيهما أٌقرب ولمرة واحدة طوال مدة عمله.

رفض الهيئات القضائية

عُرض مشروع القانون على الهيئات القضائية في 26 ديسمبر عام 2016، وأعلنوا غضبهم رافضينه، باعتبار أنه يخالف الدستور ويمثل تدخلا من السلطة التنفيذية في شؤون السلطة القضائية، وظهر ذلك الرفض في بيان لنادي القضاة، رفض فيه مشروع القانون المقدَّم إلى مجلس النواب لتعديل نص المادة 44 من قانون السلطة القضائية الخاصة بتعيين رئيس محكمة النقض، واصفًا تعيين رئيس الجمهورية لرئيس محكمة النقض، رئيس المجلس الأعلى للقضاء، ومشروع القانون بأنه "اعتداء على استقلال القضاء".

رفض قضاة مجلس الدولة

في فبراير الماضي، أرسل مجلس الدولة خطابا لمجلس النواب أعلن فيه رفضه التام لمشروع قانون تعديل طريقة اختيار رؤساء الهيئات القضائية، وتمسك القضاة بمبدأ الأقدمية في اختيار رؤساء الهيئات القضائية، مؤكدين أن المقترح يتعارض مع مبدأ استقلال الهيئات القضائية وقانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 ولائحته التنفيذية.

النواب يرد على مجلس الدولة

رد النواب على خطاب مجلس الدولة أن رأى مجلس الدولة الرافض لمشروع قانون الهيئات القضائية، ليس إلزاميًا على اللجنة التشريعية بالبرلمان للأخذ به، مشيرين أن رأيها استشارى يمكن الأخذ به أو عدم الأخذ به خلال مناقشة القانون.

مجلس القضاء الأعلى يعلن رفضه

في 12 مارس الجاري، رفض مجلس القضاء الأعلى مشروع قانون اختيار رؤساء الهيئات القضائية، بالإجماع، مؤكدا أن القضاة متمسكون بطريقة اختيار رؤساء الهيئات القضائية الواردة في قانون السلطة القضائية الحالي، التي تنص على مبدأ الأقدمية في اختيار رؤساء الهيئات.

النواب يحسم ويصدر القرار النهائي

قبل أن يرسل "القضاء الأعلى" إلى مجلس النواب، يخطره رسميًا عن رأيه برفضه مشروع القانون، وافق البرلمان نهائيا على قانون تعيين رؤساء الهيئات القضائية.

 القضاة تتواصل مع الرئاسة

وبعدها أصدر نادى القضاة برئاسة المستشار محمد عبد المحسن بيانا بعد موافقة البرلمان، أكد فيه أنه فى حالة انعقاد دائم وعلى تواصل مع مجلس القضاء الأعلى لحل الأزمة ومع مؤسسة الرئاسة، إعمالاً للمادتين ٥ ،   وأنه فى سبيل استقلال القضاء فإن جميع الخيارات مطروحة بما لا يمس استقرار الوطن.

البرلمان وتصعيد خطير

وفي خطوة تصعيدية خطيرة، قام مجلس النواب، منذ يومين، بالموافقة بشكل نهائى على مشروع قانون الهيئات القضائية بشأن تعديل بعض أحكام قانون السلطة القضائية رقم "46" لسنة 1972، وقانون مجلس الدولة رقم "47" لسنة 1972، وقانون هيئة قضايا الدولة رقم "75" لسنة 1963، وقانون هيئة النيابة الإدارية رقم "117" لسنة 1958، حيث رأى المجلس أن مشروع القانون جاء داعما لاستقلالية تلك الجهات والهيئات القضائية، نهائياً.

 القضاة يلجئون للرئيس ويلوحون بالطعون والاحتجاجات

وحول تصعيد مجلس النواب الأخير، أصدر نادي القضاة، بيانًا له طالب فيه الرئيس عبد الفتاح السيسي بعدم التصديق على قانون الهيئات القضائية لمخالفته للدستور.

وطالب النادي، المستشار رئيس محكمة النقض، بالدعوة لعقد جمعية عمومية غير عادية، لمحكمة النقض يوم الثلاثاء الموافق 2/5/2017، تنفيذًا لطلبات السادة أعضاء المحكمة والبالغ عددهم 436 عضو، وإلا تعتبر الدعوة للجمعية قائمة للسادة أعضاء المحكمة بذات التاريخ الساعة 12 ظهرًا لتسمية رئيسها.

وطالب النادي مجلس القضاء الأعلى بالثبات على موقفه، داعيًا القضاة بإثبات اعتراضهم على القانون بمحاضر الجلسات لمخالفته أحكام الدستور، وانتهاك استقلال القضاء.

ولوّح البيان إلى الطرق التي سيطعن بها القضاة على التعديلات، حيث طالب نادي القضاة أن يقوم كل قضاة مصر بإرسال رسائل احتجاج لصالح صندوق تحيا مصر، ليعربوا عن أن اعتراضهم على القانون من أجل شعب مصر، وأن يطعنوا على التعديلات بكل السبل الممكنة".

السيسي يحسم الخلاف لصالح "البرلمان"

وبعد ساعات من موافقة البرلمان صدّق الرئيس على تعديلات قانون السلطة القضائية، ونشر القانون في الجريدة الرسمية.


غضب بين القضاة والتلويح بتدويل القضية

وفور إعلان موافقة الرئيس على القرار شهد الوسط القضائي غضب عارم، تداولت بعده أخبار عن تدويل القضية، والامتناع عن تغطية الانتخابات البرلمانية، ولكن قال المستشار محمد عبد المحسين، رئيس نادي قضاة مصر، إن الحديث على تدويل أزمة القضاة غير مقبول، لأن القضاة مع استقرار الوطن في المقام الأول.

وأضاف "عبد المحسين"، خلال حواره ببرنامج "كلام تاني"، المذاع على فضائية "دريم"، أن هناك عدة آليات للتعامل مع الأزمات منها الدعوة لجمعية عمومية، والتعامل مع هذه الأزمة.

وأشار إلى أن القضاة يثقون في الرئيس قبل الدعوة في الجمعية العمودية خاصة أن هناك عضب بين صفوف القضاء، وما زلنا نحاول أن نسيطر على عضبهم.

فيما أكد المستشار سمير البهي، رئيس نادي قضاة مجلس الدولة، قرار تصديق الرئيس عبد الفتاح السيسي، على قانون السلطة القضائية،   هو إعلان بوفاة استقلال القضاء في مصر وانتهاء الحريات .

وأضاف البهي  في مداخلة هاتفية لبرنامج "كلام تاني" المذاع عبر فضائية "دريم"، أن القضاة لديهم كافة القنوات الشرعية والأساليب القانونية المتاحة لمواجهة الحملة الشرسة التي يتعرضون لها.

وأوضح أن القانون به عوار دستوري، لافتا: "من المعروف في الأمور الثابتة أنه لا يوجد شخص محايد، وأن العالم سيعلم اليوم أنه لم يعد هناك قضاء مستقل في مصر، ولا تنتظروا كرامة أو استثمار في مصر".