سلفيون يكافحون النيران بكتب مكافحة الأرواح الشريرة في أسيوط

العدد الأسبوعي

حريق في أسيوط - أرشيفية
حريق في أسيوط - أرشيفية


■ الأهالى يحذرون من فتنة بسبب شائعات عن غضب الجن من التنقيب عن الآثار


عاشت عزبة «الجمايلة» التابعة لقرية العفادرة بمركز ساحل سليم بمحافظة أسيوط، أياما من الحياة فى الجحيم، حيث انتشرت الحرائق فى عدد من منازل القرية، لأسباب مجهولة، ثم اختفت دون أن يعلم أحد لماذا رحلت النار عن القرية وهل تعود إليهم، ومتى.

وسط هذا الرعب الذى فجر الأسئلة دون أن يمنح إجابات، لم يجد أهالى القرية الذين بات عدد منهم فى الشوارع خوفاً من البقاء فى منازل تشتعل فها الحرائق دون إنذار، سوى اتهام الجن مرة، أو اتهام المنقبين عن الآثار، بأنهم السبب فى ظهور النيران الملعونة، وبينما يمثل السبب الأول إجابة لا تؤذى سوى الجن والعفاريت، إلا أن الاتهام الثانى للباحثين عن الآثار، قد يفجر صراعات وينذر بإسالة الدم، واندلاع موجات ثأر فى حال تهور أحد الأهالى وانتقم من جيرانه الباحثين عن الثراء فى باطن الأرض.

فى «الجمايلة»، لا تزال آثار الحريق على حوائط المنازل، التى خرجت منها النيران الغامضة، وفى بقايا الأثاث المتفحم، فضلاً عن الأساطير التى أطلقها الأعداد الكبيرة من الدجالين ومشايخ السلفيين الذين توافدوا على القرية، ومنها أن النيران رد على اختطاف إحدى بنات ملك الجان، وهو أمر أقرب إلى حواديت ألف ليلة وليلة، وفى النهاية رحلت النيران كما جاءت دون أن يجد مسئول أو خبير إجابة عن سبب قدومها، أما الأهالى المتضررون فقد أنقذتهم سيارات القوات المسلحة خصوصاً أنهم سكنوا الشوارع بدلاً من بيوتهم المسكونة بالنار.

محمد معروف إبراهيم، أحد المتضررين، رأى النيران مشتعلة فى 4 غرف بشقته رغم أنه لم يكد يغادرها، ويقول: «النار كانت موجودة فى أطراف الأثاث، ولم تمتد لبقية محتويات الغرف على مدار ثلاثة أيام، دون معرفة السبب وكانت ألسنة اللهب تنطلق من منتصف الحوائط، رغم عدم وجود أى مواد قابلة للاشتعال هناك وكان شكل النيران غريباً ومخيفاً جداً فتركنا المنزل وأقمنا فى الشارع خاصة بعد انتشار الحرائق بصفة يومية فى المنازل حتى انتاب الأطفال حالة من الرعب».

أما مرسى محمد على، أحد المتضررين، فقال إن أهالى العزبة يعيشون فى ذعر منذ الخميس الماضى، حيث كانت النيران تبدأ من الساعة 2 ظهراً حتى 9 مساء يومياً وجميع المشايخ أجمعوا أن الجن هم السبب بسبب التنقيب عن الآثار فى أحد المنازل، وأول حريق كان فى عشة طيور أعلى أحد المنازل، وذهب رجال القرية وأطفأوها وبعدها بنصف ساعة اشتعلت النيران فى منزل أشقاء مرسى، فأطفأوها أيضاً ولكن فى اليوم التالى ظهرت النيران فى منزل أحد الجيران ومع المساء اشتعلت النيران فى منزل آخر مجاور، وبعدها بدقائق اشتعلت النيران فى منزل مرسى نفسه وحرقت الأثاث فأخرج أسرته إلى الشارع حيث باتوا، وفى اليوم التالى اشتعلت النيران فى منزل أحد الجيران وجميع الحوادث فى أوقات متقاربة، ما جعل الأهالى يستعينون بماكينات رش المبيدات لتكون جاهزة لمواجهة أى نيران جديدة، إذ إن أقرب وحدة إطفاء توجد على بعد 7 كيلومترات من العزبة. وسط الرعب المنتشر فى القرية بشكل أسرع من انتشار النيران نفسها، وصل إلى العزبة، عشرات الدجالين، لفك لغز النيران، واستدعى أحد أعضاء مجلس النواب صديقا له من مشاهير الدجالين بمحافظة المنيا، كما حضر عشرات من مشايخ الدعوة السلفية إلى المنازل المحترقة وقاموا بتلاوة القرآن ووزعوا كتيبات صغيرة لمكافحة الجن بالقرآن، منهم أحد مشايخ مركز منفلوط، والذى قام بما يسمى بـ«تحصينات» لمنع تكرار الحرائق بالقرية.

رفعت تمام، مهندس زراعى مقيم بالعزبة، قال إن ترويج السلفيين بأن البحث عن الآثار هو سبب ظهور الحرائق قد يفجر فتنة بين الأهالى، بجانب أن الدجالين يستنزفون أموال الأهالى بزعم حمايتهم من النيران خصوصاً مع اقتناع عدد كبير منهم بأن الجن هو السبب فى ظهور النيران، ما دعاهم إلى الرحيل عن القرية والإقامة لدى أقاربهم فى مناطق مجاورة. العميد عمر تاج، أحد أبناء مركز ساحل سليم، قال إنه بعد انتشار خبر ظهور النيران بالعزبة، تحركت سيارات القوات المسلحة محملة بمئات الكراتين لإعانة الأهالى الذين افترشوا شوارعها، بعد أن عاشوا 3 ليالى من الرعب، حيث كانت القرية تصدح بأصوات تلاوة القرآن بكل المنازل التى شهدت الحرائق.